بعد نظارات الواقع المعزز.. ميتا تضع أنظارها على عالم الروبوتات الذكية
تاريخ النشر: 10th, October 2025 GMT
في خطوة جديدة تكشف طموحاتها المستقبلية، يبدو أن شركة ميتا تخطط لدخول عالم الروبوتات، بعد أن قطعت شوطًا كبيرًا في تطوير نظارات الواقع المعزز ضمن مشروعها الشهير "أوريون".
ووفقًا لتقرير نشره الصحفي أليكس هيث في موقع "ذا فيرج"، فإن الشركة التي أسسها مارك زوكربيرج بدأت بالفعل في أبحاث متقدمة لتطوير تقنيات وبرمجيات خاصة بالروبوتات، لتصبح منافسًا جديدًا في هذا المجال إلى جانب عمالقة مثل آبل وجوجل وتيسلا.
أندرو بوسورث، المدير التقني في ميتا وأحد أبرز العقول في فريقها الهندسي، كشف أن الشركة لا تسعى إلى تصنيع أجهزة روبوت لمنافسة تلك الشركات مباشرة، بل تركز على جانب البرمجيات، معتبرًا أن "البرمجيات هي العقبة الحقيقية" أمام تطور الروبوتات الذكية.
وبحسب تصريحه، فإن ميتا تطمح إلى تطوير نظام برمجي يمكن للشركات الأخرى ترخيصه واستخدامه، على غرار ما فعلته جوجل مع نظام التشغيل أندرويد، الذي أصبح لاحقًا العمود الفقري للهواتف الذكية حول العالم.
ويبدو أن هذه الرؤية الطموحة بدأت بالفعل داخل ميتا من خلال مشروع يُعرف باسم "ميتابوت"، وهو روبوت تجريبي تعمل عليه الشركة حاليًا.
الهدف الأساسي من المشروع ليس بناء روبوت تجاري جاهز، بل تطوير نموذج عالمي يعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكنه إجراء محاكاة دقيقة للحركات البشرية — مثل تحريك اليدين والتعامل مع الأشياء بمهارة — تمهيدًا لتطبيقها على روبوتات أكثر تطورًا مستقبلًا.
ويتولى قيادة هذا التوجه الجديد في ميتا مارك ويتن، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "كروز" المتخصصة في السيارات ذاتية القيادة. ويتعاون ويتن مع فريق مختبرات الذكاء الخارق التابع لميتا، وهو القسم الذي يحظى باهتمام إعلامي واسع نظرًا لتقدمه في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على محاكاة السلوك البشري المعقد.
ورغم أن المشروع لا يزال في مراحله الأولى، فإن مؤشرات عديدة تشير إلى أن ميتا تُخطط لجعل الروبوتات جزءًا أساسيًا من منظومتها المستقبلية. ففي فبراير 2025، تحدثت تقارير عن نية الشركة بناء روبوت منزلي قادر على أداء مهام بسيطة مثل التنظيف أو طيّ الملابس. ومع أن هذه الفكرة لا تزال بعيدة المنال في الوقت الراهن، إلا أنها تُمثل مؤشرًا واضحًا على الاتجاه الذي تسير فيه الشركة.
ولا تُعد ميتا وحدها في هذا السباق. فشركة آبل تعمل حاليًا على تطوير روبوت منزلي خاص بها، يقال إنه يعتمد على ذراع ميكانيكية مثبتة على طاولة، مزودة بشاشة عرض ذكية.
أما شركة تيسلا، فتواصل استعراض تقدمها في مشروع "أوبتيموس"، الروبوت البشري الذي قدمه إيلون ماسك في أكثر من عرض تجريبي. ومع ذلك، تُشير أغلب التقارير إلى أن تلك العروض لا تزال في نطاق التجارب المحدودة والمراقبة الشديدة، بعيدًا عن الواقع العملي اليومي.
من جانب آخر، يبدو أن دخول ميتا إلى عالم الروبوتات يأتي في وقت تواجه فيه الشركة تحديات في تحقيق هدفها الأصلي بالسيطرة على سوق الأجهزة الذكية من خلال نظارات الواقع المعزز.
فمشروع "أوريون" الذي تطوره الشركة منذ سنوات لم يصل بعد إلى مرحلة الطرح التجاري، رغم الوعود المتكررة بإطلاقه قريبًا.
ومع ذلك، فإن ميتا تملك ما يكفي من الموارد والخبرة لتمويل مثل هذه المغامرات التقنية. فبفضل منصاتها الاجتماعية العملاقة مثل فيسبوك وإنستجرام وواتساب، ومشروعاتها المتواصلة في ميتافيرس، تمتلك الشركة قاعدة بيانات ضخمة يمكن أن تُساعدها على تدريب نماذج ذكاء اصطناعي متطورة لدعم مشروع الروبوتات الجديد.
من الواضح أن ميتا تُدرك أن المستقبل لن يُبنى فقط على الشاشات أو التطبيقات، بل على التفاعل الحقيقي بين الإنسان والآلة. وإذا نجحت في تحويل رؤيتها إلى واقع ملموس، فقد تكون بصدد إطلاق حقبة جديدة من الأجهزة الذكية، حيث تصبح الروبوتات جزءًا من الحياة اليومية، تمامًا كما أصبحت الهواتف الذكية اليوم.
بهذه الخطوة الجريئة، تُثبت ميتا مرة أخرى أنها لا تكتفي بدور المتفرج في سباق التكنولوجيا، بل تُعيد رسم حدود ما هو ممكن، مدفوعةً برغبتها في أن تكون الشركة التي تُحدد شكل المستقبل بدلًا من أن تُفاجأ به.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: میتا ت
إقرأ أيضاً:
فلنغير العيون التي ترى الواقع
كل مرة تخرج أحاديثنا مأزومة وقلقة وموتورة، مشحونة عن سبق إصرار وترصد بالسخط والتذمر، نرفض أن نخلع عنا عباءة التشاؤم، أينما نُولي نتقصّى أثر الحكايات شديدة السُمية، تلك الغارقة في البؤس والسوداوية.
في الأماكن التي ننشُد لقاءت متخففة من صداع الحياة، نُصر على تصفح سجل النكبات من «الجِلدة للجِلدة»، فلا نترك هنّة ولا زلة ولا انتهاكًا لمسؤول إلا استعرضناه، ولا معاناة لمريض نعرفه أو سمعنا عنه إلا تذكرنا تفاصيلها، ولا هالِكِ تحت الأرض اندرس أثره ونُسي اسمه إلا بعثناه من مرقده، ولا مصيبة لم تحلُ بأحد بعد إلا وتنبأنا بكارثيتها.
ولأننا اعتدنا افتتاح صباحاتنا باجترار المآسي، بات حتى من لا يعرف معنىً للمعاناة، يستمتع بالخوض في هذا الاتجاه فيتحدث عما يسميه بـ«الوضع العام» -ماذا يقصد مثله بالوضع العام؟- يتباكى على حال أبناء الفقراء الباحثين عن عمل، وتأثير أوضاعهم المادية على سلوكهم الاجتماعي، وصعوبة امتلاك فئة الشباب للسكن، وأثره على استقرارهم الأُسري، وما يكابده قاطني الجبال والصحراء وأعالي البحار!
نتعمد أن نُسقط عن حواراتنا، ونحن نلوك هذه القصص الرتيبة، جزئية أنه كما يعيش وسط أي مجتمع فقراء ومعوزون، هناك أيضًا أثرياء وميسورون، وكما توجد قضايا حقيقية تستعصي على الحلول الجذرية، نُصِبت جهات وأشخاص، مهمتهم البحث عن مخارج مستدامة لهذه القضايا، والمساعدة على طي سجلاتها للأبد.
يغيب عن أذهاننا أنه لا مُتسع من الوقت للمُضي أكثر في هذا المسار الزلِق، وأن سُنة الحياة هي «التفاوت» ومفهوم السعادة لا يشير قطعًا إلى الغِنى أو السُلطة أو الوجاهة، إنما يمكن أن يُفهم منه أيضًا «العيش بقناعة» و«الرضى بما نملك».
السعادة مساحة نحن من يصنعها «كيفما تأتى ذلك»، عندما نستوعب أننا نعيش لمرة واحدة فقط، والحياة بكل مُنغصاتها جميلة، تستحق أن نحيا تفاصيلها بمحبة وهي لن تتوقف عند تذمر أحد.
أليس من باب الشفقة بأنفسنا وعجزنا عن تغيير الواقع، أن نرى بقلوبنا وبصائرنا وليس بعيوننا فقط؟ أن خارج الصندوق توجد عوالم جميلة ومضيئة؟ ، أنه وبرغم التجارب الفاشلة والأزمات ما زلنا نحتكم على أحبة جميلين يحبوننا ولم يغيرهم الزمن؟ يعيش بين ظهرانينا شرفاء، يعملون بإخلاص ليل نهار، أقوياء إذا ضعُف غيرهم أمام بريق السلطة وقوة النفوذ؟
النقطة الأخيرة
يقول الروائي والفيلسوف اليوناني نيكوس كازنتزاكس: «طالما أننا لا نستطيع أن نغير الواقع، فلنغير العيون التي ترى الواقع».
عُمر العبري كاتب عُماني