غلاء الألبان يكشف كذب التجار وغياب الرقابة
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
«المعبأة» تتخطى حاجز الخمسين جنيهاً.. والجبن الأبيض الطبيعى يسجل 180 جنيهاً
رغم أن الألبان ومشتقاتها تعد من السلع الأساسية وعنصراً رئيسياً فى طعام المصريين، فإن أسعارها تواصل الارتفاع دون توقف لتكشف عن أزمة أعمق من مجرد تقلبات فى السوق. فخلف كوب اللبن الذى يصل إلى مائدة المستهلك، تمتد سلسلة طويلة من الحلقات غير المتوازنة تبدأ من المربيين مروراً بالوسطاء والمصانع وحتى منافذ البيع.
ورغم انخفاض أسعار الأعلاف فى الفترة الماضية والتى كان التجار يزعمون أنها السبب الرئيسى فى ارتفاع أسعار اللحوم والألبان ومنتجاتها، إلا أن الواقع يشير إلى خلل واضح فى منظومة الإنتاج والتوزيع، حيث تضيع القيمة المضافة بين أطراف متعددة، ويبقى المستهلك هو الخاسر الأكبر.
لوحظ أنه خلال الفترة الماضية ارتفعت أسعار الألبان ليتخطى سعر اللبن المعلب 50 جنيهاً، وتراوح سعر اللبن السائب بين 38 و40، جنيها بينما وصل سعر كيلو الجبن الأبيض الطبيعى إلى 180 و200 جنيه فى بعض المناطق، بينما زادت أسعار الأجبان المطبوخة والرومى وكافة الأصناف الأخرى، ما زاد الأعباء على كثير من الأسر المصرية التى تعانى من ارتفاع أسعار كل شىء، والتى لا تستطيع الاستغناء عن الألبان ومنتجاتها فهى ضرورية لنمو الأطفال، وهى طعام أساسى للإفطار والعشاء أيضاً.
وعن أسباب هذا الارتفاع فى أسعار الألبان ومنتجاتها قال الدكتور على ابراهيم أستاذ الاقتصاد الزراعى المتفرغ بجامعة الزقازيق: إن أزمة ارتفاع أسعار الألبان لا يمكن فصلها عن خلل كبير فيما يسمى بسلسلة القيمة لمنتجات الألبان، موضحاً أن هذه السلسلة تبدأ من الأعلاف وتنتهى عند المستهلك مروراً بالمربين والوسطاء والمصانع.
وأوضح «إبراهيم» أن أولى الحلقات تتمثل فى الأعلاف الخضراء، مثل البرسيم والدراوة والبرسيم الحجازى، والتى تعتمد عليها «الأبقار الحلابّة» بالدرجة الأولى، حيث توجد علاقة طردية مباشرة بين كمية العلف الأخضر ونسبة إنتاج اللبن. أما الأعلاف المصنعة أو المركزة فهى تؤدى دوراً مساعداً، لكنها لا تُعد المصدر الأساسى لإنتاج اللبن.
وأضاف أستاذ الاقتصاد الزراعى أن هناك حلقة ثانية تضم المربين وصغار المنتجين الذين يمثلون نحو 85% من إنتاج الألبان فى مصر، وغالبيتهم من المزارعين فى الريف والمناطق القروية. يليهم الوسطاء أو ما يعرف بـ«جامعى الألبان»، الذين يقومون بجمع اللبن من صغار المربين ونقله إلى المصانع أو التجار، ثم تأتى مرحلة المصانع الكبرى التى تقوم بتصنيع منتجات الألبان المختلفة، وفى النهاية مرحلة البيع للمستهلك سواء فى الأسواق أو محال التجزئة.
وأكد أن المشكلة الأساسية تكمن فى غياب التنسيق بين هذه الحلقات، ما يؤدى إلى عدم التناسب بين حجم القيمة المضافة التى تقدمها كل حلقة والربح الذى تحصل عليه. فمثلاً، المربون الذين يبذلون الجهد الأكبر فى التربية والإنتاج يحققون قيمة مضافة عالية لكن أرباحهم محدودة، بينما الوسطاء الذين يضيفون قيمة بسيطة من خلال النقل أو التبريد يحصلون على أرباح مرتفعة للغاية.
وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أن انخفاض أسعار الأعلاف خلال الفترة الأخيرة كان جزئياً، واقتصر على بعض مكونات الأعلاف المصنعة، فى حين أن الأعلاف الخضراء التى يعتمد عليها إنتاج اللبن لم تنخفض أسعارها. فالمساحات المزروعة بالبرسيم أو الأعلاف الصيفية، مثل الدراوة والبرسيم الحجازى محدودة، وهو ما جعل تكلفتها ثابتة أو مرتفعة. لذلك فإن انخفاض الأعلاف المركزة انعكس بشكل طفيف فقط على أسعار اللحوم، لأنها تعتمد أكثر على العلف الجاف والمركز، بينما ظل تأثيره ضعيفاً على الألبان.
وأضاف أن اللبن يعد سلعة سريعة التلف، مما يجعل المربيين تحت ضغط دائم لتسويقه بسرعة قبل فساده، وبالتالى يخضعون لجشع بعض التجار الذين يشترون منهم بأسعار منخفضة، خصوصاً فى فصل الصيف. وأوضح أن بعض التجار يلجأون إلى إضافة مواد غير صحية لإطالة عمر اللبن خلال النقل أو التخزين، وهو ما يمثل خطراً مباشراً على صحة المستهلك.
واختتم استاذ الاقتصاد الزراعى حديثه بالتأكيد على أن تحسين سلسلة القيمة وضبط العلاقة بين الحلقات المختلفة ضرورة ملحّة، لضمان عدالة توزيع الأرباح وحماية كلٍّ من المنتج والمستهلك فى أن واحد.
أزمة دائمة
واستكمل الحديث الدكتور حمدى الحبشى، خبير قطاع الزراعة والإنتاج الحيوانى، وأكد: أن ظاهرة ارتفاع أسعار الألبان ومنتجاتها رغم انخفاض أسعار بعض الأعلاف ليست أزمة عابرة، بل هى مشكلة أصيلة فى السوق المصرى منذ عشرات السنين.
وأوضح أن الانخفاض الذى شهدته بعض خامات الأعلاف مؤخراً لا يمثل قاعدة عامة، بل يقتصر على أنواع محدودة مثل كسب العباد وكسب الصويا والجلوتين، بنسبة تتراوح بين 7 و16% فقط. بينما يظل سعر طن علف الماشية فى مصر يتراوح بين 14.700 و16.900 جنيه للعلف تركيز 14-16% بروتين، بخلاف تكاليف النقل، وهى أسعار لا تزال مرتفعة بالنسبة للمربين.
وأشار إلى أن الأعلاف الخضراء والمالئة كذلك شهدت زيادات كبيرة، إذ وصل سعر قيراط البرسيم فى الموسم الماضى إلى 1100 جنيه، وقفز سعر حمل التبن (250 كجم) إلى 1500 جنيه، بينما بلغ سعر طن قش الأرز 1900 جنيه، وسعر طن البرسيم الحجازى 7500 جنيه. وهو ما يعكس أن انخفاض بعض الخامات لا يمثل مؤشراً كافياً لانخفاض أسعار الأعلاف ككل.
وأضاف أن هذه الزيادات انعكست على قطاع الإنتاج الحيوانى، حيث ارتفعت أسعار العجول الحية بنسبة تتراوح بين 7% و11% مقارنة بالعام الماضى، فى حين زادت أسعار الخراف بنسبة 22%، وهو ما ساهم بدوره فى استمرار موجة الغلاء.
وفيما يتعلق بمنتجات الألبان، أوضح «الحبشى» أن الشركات والتجار رفعوا الأسعار مؤخراً بنسبة 12.5% نتيجة تراجع إنتاج الألبان مع ارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب غياب سلالات عالية الإنتاج بمصر، وضعف برامج الرعاية البيطرية، وسوء تداول الألبان بالأسواق، حيث ما زالت تجمع وتنقل بطرق بدائية كالحلب اليدوى والتعبئة فى عبوات ألومنيوم غير صحية، أو نقلها فى سيارات مكشوفة بدلاً من المبردة.
وأشار إلى أن هذه العوامل انعكست مباشرة على الأسعار، حيث يتراوح سعر كيلو اللبن السائب البقرى بين 32 و40 جنيهاً، والجاموسى بين 35 و45 جنيهاً، بينما اللبن المعبأ يباع بين 49 و59 جنيهاً. أما الجبن الأبيض فسعره يتراوح بين 120 و135 جنيهاً، والجبن الرومى بين 250 و290 جنيهاً، فيما يصل سعر السمن البلدى إلى 360 جنيهاً للكيلو.
واختتم خبير الزراعة الحديث مؤكداً: أن استمرار هذه الأزمة يرجع إلى غياب آليات ضبط السوق أو وجود تسعيرة استرشادية عادلة كما هى الحال فى الدول الأوروبية، ما يجعل المواطن هو الضحية الأولى لغياب الرقابة وترك الأسعار بلا ضوابط للمضاربة والاحتكار.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: منافذ البيع ارتفاع أسعار اللحوم انخفاض اسعار الاعلاف ارتفعت أسعار الألبان الألبان ومنتجاتها أسعار الألبان ارتفاع أسعار انخفاض أسعار وهو ما
إقرأ أيضاً:
تحريك أسعار الوقود.. محافظ الإسكندرية يوجه بتكثيف الرقابة لمنع استغلال المواطنين
أعلنت محافظة الإسكندرية، تعديل أسعار بيع المواد البترولية والغاز الطبيعي، وذلك تنفيذًا لقرارات لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بوزارة البترول والثروة المعدنية، والتي أقرت تحريك أسعار بعض المنتجات اعتبارًا من صباح اليوم.
وأوضح أحمد خالد حسن سعيد محافظ الإسكندرية، أن القرار جاء في ضوء المتغيرات العالمية في أسعار خام برنت وسعر الصرف، مشددًا على أهمية الالتزام الكامل بالأسعار الجديدة في جميع محطات الوقود ومنافذ توزيع الغاز.
ووجّه المحافظ الأجهزة التنفيذية المعنية ومديرية التموين بضرورة تكثيف الرقابة الميدانية على محطات الوقود ومحلات بيع أسطوانات البوتاجاز؛ للتأكد من التزام جميع الجهات بالأسعار المحددة ومنع أي محاولات للتلاعب أو استغلال المواطنين.
وشدد المحافظ على ضرورة الإعلان الواضح عن التعريفة الجديدة في جميع المواقف والمحطات، مع إلزام السائقين بوضع ملصقات رسمية تتضمن خط السير والأجرة المقررة لكل وسيلة نقل، منعًا لأي تلاعب أو تقسيم غير قانوني لخطوط السير.
كما أكد المحافظ على سرعة إعلان الأسعار الجديدة بشكل واضح في المحطات، مع تلقي غرفة العمليات الرئيسية بالمحافظة البلاغات والشكاوى المتعلقة بالتسعيرة على مدار الساعة.
وأكد محافظ الإسكندرية أن غرفة العمليات الرئيسية لمركز السيطرة بالمحافظة منعقدة على مدار الساعة بحضور جميع الجهات المختصة، مشيرًا إلى أن أرقام الطوارئ التالية متاحة لتلقي أية بلاغات تخص الأسعار الجديدة:
???? (114 - 4234131 - 4234132 - 4234133 - 4234134).