هل السودان قريب من السلام فعلاً بواسطة الرباعية؟
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
رشا عوض
لو كانت الرباعية جادة فعلا في فرض السلام، فمن الراجح أنها ستنجح في ذلك، فهناك تحركات على الأرض تعزز هذه الفرضية، فمن المؤكد أن أي عاقل وصاحب ضمير حي لا يمكن أن يعارض السلام! نتمنى النجاح لأي جهد إقليمي ودولي يدفع نحو إطفاء هذا الحريق المشتعل في بلادنا منذ أكثر من عامين.
مؤكد لو نجحت مساعي الرباعية (أمريكا، السعودية، مصر، الإمارات) ستتوقف الحرب على أساس تسوية سياسية، السؤال هو هل ستضع التسوية المخطط لها السودان في مسار التحول الديمقراطي، وفي حالة “القابلية للتغيير” نحو مدنية الدولة بالكامل وإعادة بناء المنظومة العسكرية والأمنية على أسس جديدة وحل معضلة تعدد المليشيات واحتكار العنف بواسطة جيش مهني قومي واحد يلتزم باحترام سلطة حكومة مدنية منتخبة ديمقراطي؟ أم سترهن التسوية المرتقبة السودان لثنائية عسكرية تقسم السلطة بين طرفي الحرب أو أحادية عسكرية تحت هيمنة الجيش وهو الخيار الذي تستميت مصر في فرضه على الرباعية؟
جرب السودان الثنائية العسكرية التي هيمنت على الانتقال، وانتهت بالانقلاب في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١! وجرب الهيمنة الأحادية للجيش، ومن ورائه الكيزان على البلاد بعد الانقلاب، وانتهى ذلك بالحرب المدمرة الراهنة!
السلام المستدام يقتضي وضع البلاد في معادلة سياسية لا يهيمن عليها العسكر، ولا تهيمن عليها الحركة الاسلامية التي كان وما زال وسيظل رهانها السياسي هو الحكم بالقوة العسكرية والقمع بواسطة الأجهزة الأمنية وعدم التردد في إشعال الحروب وتأجيج الفتن القبلية والجهوية لو فقدت ما تظنه حقها المكتسب غير القابل للنقاش وهو احتكار السلطة!
ربما يكون السودان قريبا من إيقاف الحرب عبر ترتيبات ستقودها الرباعية دوافعها الأمن والسلم الإقليمي والدولي!
ولكن هل السودان قريب من السلام المستدام وطي صفحة الحروب بشكل حاسم؟
هذا سؤال لن يجيب عنه سوى القوى الحية في الشعب السوداني، حتى الآن السودان بعيد من استيفاء شروط السلام المستدام؛ لأن المشهد محتشد بالمليشيات المتعددة والمتنافسة على حيازة السلطة بالقوة! والسبب الأهم هو أن من يمتلكون القوة العسكرية لم يصدر منهم أي خطاب سياسي فيه نبرة اعتراف بالأزمة وإبداء الاستعداد لمعالجتها أو حتى مجرد فتح الطريق لمعالجتها في المستقبل بمساومة تاريخية:
البرهان يتحدث عن أن القوات المسلحة قومية ومهنية ولا غبار عليها ويراها جديرة بأن تفرض وصايتها على السياسة والاقتصاد وطبعا يطابق البرهان بين وصاية القوات المسلحة ووصايته هو شخصيا كحاكم بأمره على السودان!
الكيزان كل يوم يزدادون بجاحة وفجورا في إنكار دورهم في حريق البلاد، بل يطالبون الشعب السوداني بالاعتذار لهم عن الثورة وإعادة تتويجهم ملوكا؛ بسبب حربهم على ألد.
الد. عم السريع يتحدث عن الحكم المدني والديمقراطية بلسان المقال الذي يكذبه لسان الحال على الأرض من انتهاكات! وعلى الأرض هو مستميت في تثبيت أقدامه عسكريا في كردفان ودارفور لفرض نفسه على المشهد السياسي الذي يطبخ الآن، ولو وجد نفسه خارجه تماما سيتجه إلى مزيد من التصعيد!
هناك مجهودات جبارة في فرض دكتاتورية عسكرية تقليدية على السودان في حين أن السودان غير مستوف لأهم شرط من شروط الدكتاتورية العسكرية الناجحة وهو احتكار العنف المسلح بواسطة جيش واحد ملتف حول دكتاتور واحد!
الوسومرشا عوضالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: رشا عوض
إقرأ أيضاً:
قلق دولي.. الاتحاد الأفريقي يعلق عضوية مدغشقر بعد انقلاب عسكري
أعلن الاتحاد الإفريقي، مساء الأربعاء، تعليق عضوية مدغشقر في جميع مؤسساته وهيئاته، وذلك غداة استيلاء وحدة عسكرية خاصة على السلطة عقب إطاحتها بالرئيس أندري راجولينا، وتعهدها بتنظيم انتخابات خلال فترة انتقالية محددة.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف في تصريح لوكالة فرانس برس إن “عضوية مدغشقر عُلّقت بأثر فوري”، مؤكداً أن القرار جاء انسجاماً مع اللوائح الإفريقية الرافضة لأي تغيير غير دستوري للحكم.
وجاءت الخطوة بعد أن أعلنت وحدة "كابسات" العسكرية، الثلاثاء، استيلاءها الكامل على السلطة في البلاد، فور تصويت الجمعية الوطنية على عزل الرئيس راجولينا، الذي أفادت تقارير بأنه فرّ من البلاد.
وكانت احتجاجات شعبية قد انطلقت في 25 سبتمبر الماضي ضد حكمه، وانضم إليها عدد من العسكريين قبل تنفيذ الانقلاب.
وأعلن قائد الوحدة، الكولونيل ميكايل راندريانيرينا، الذي أصبح الرئيس الفعلي للبلاد، أن المرحلة الانتقالية ستستمر من 18 إلى 24 شهراً، وتشمل إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتعيين حكومة جديدة عبر مشاورات وطنية.
وصادقت المحكمة الدستورية على توليه السلطة رسمياً بعد قبولها قرار عزل الرئيس السابق.
ومن المقرر أن تشرف على المرحلة الانتقالية لجنة عليا تضم ممثلين عن الجيش والدرك والشرطة، في خطوة تهدف ـ وفق الانقلابيين ـ إلى "ضمان الاستقرار وإعادة الثقة بالمؤسسات". ويُتوقع أن يؤدي راندريانيرينا اليمين الدستورية خلال أيام تمهيداً لتشكيل حكومة انتقالية.
وأثارت التطورات في الجزيرة الواقعة بالمحيط الهندي موجة قلق دولية واسعة، حيث دعت كل من فرنسا وألمانيا وروسيا والأمم المتحدة إلى ضبط النفس واحترام الدستور وحقوق الإنسان. وقالت باريس في بيان رسمي إن “الالتزام بالديمقراطية وسيادة القانون أمر غير قابل للتفاوض”، بينما طالبت برلين جميع الأطراف بـ"التحلي بالحذر في هذا الوضع المربك"، ودعت موسكو إلى "تجنب العنف وإراقة الدماء".
كما أعربت منظمة هيومن رايتس ووتش عن خشيتها من انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان في ظل الحكم العسكري، داعية القادة الجدد إلى “احترام وحماية حقوق جميع سكان مدغشقر”.
وأبدت الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي (سادك)، التي كانت مدغشقر ترأسها سابقاً، قلقها من "تكرار سيناريوهات الانقلابات العسكرية" في المنطقة.
ويرى محللون أن ما حدث في مدغشقر يضيفها إلى قائمة الدول الإفريقية التي شهدت انقلابات متتالية منذ عام 2020، مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو والغابون وغينيا، ما يعكس تراجعاً واضحاً في المسار الديمقراطي الإفريقي وسط تزايد الإحباط الشعبي من الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
ويحذر خبراء من أن عزلة مدغشقر الإقليمية والدولية قد تتعمق في حال استمرار الحكم العسكري، ما قد يؤدي إلى تجميد المساعدات الدولية وعرقلة الاستثمارات، خاصة أن البلاد تعاني من فقر مزمن وأزمات غذائية متفاقمة، تجعل الاستقرار السياسي شرطاً أساسياً لبقائها ضمن دائرة الاهتمام الدولي.