تنتشر مقامات أولياء الله الصالحين في مركز الشهداء في محافظة المنوفية، ومنها حسب بعض الروايات، جاءت تسمية المركز باسم واحد من هؤلاء، هو «سيدى شبل الأسود»، أهم مقام تتميز به مدينة الشهداء، حيث توارث الأهالى عن جدودهم ومشايخهم أن المدفون داخل المقام هو سيدنا محمد بن الفضل بن العباس، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إلى جوار مقام «شبل الأسود» مجموعة أخرى من مقامات أولياء الله الصالحين، من مساعدى «سيدى شبل» الذين جاءوا معه إلى مصر واستقروا بهذا المكان، أما مسجد «شبل الأسود» بهيئته الحالية فقد قامت ببنائه وزارة الأوقاف فى القرن العشرين، ويشبه فى تخطيطه العام المساجد العثمانية.

و ذكرت عدة مجلدات مصرية أن محمد شبل جاء إلى مصر على رأس جيش لمحاربة الكفار وأنه مات شهيدًا سنة 40 هـ في المنوفية في المنطقة التي عرفت باسم الشهداء نسبة إلى من استشهد في تلك المعركة، ولكن ام يوجد دليل واحد على صحة تلك الرواية،  وإذا فرضنا جدلا أن محمد شبل حضر إلى مصر محاربًا في أيام فتحها أي عام 21 هـ فمعنى هذا أنه كان في الثانية عشرة من عمره، وبذلك يستبعد حضوره وقت الفتح، واما عن حدوث معارك في منطقة المنوفية بين أنصار عبدالله بن الزبير وبين جنود مروان بن الحكم فهذا ثابت في جميع المراجع التاريخية ولذلك فمن المرجح أن يكون حضور محمد شبل كان سنة 64 هـ وأنه استشهد في تلك المعركة ومات سنة 65 هـ ودفن في مقابر الشهداء.

وذادت أقاويل كثيرة حول الشخصية التي تسمى بها مسجد "سيدي شبل" بمركز الشهداء في محافظة المنوفية، وسطرت حول كراماته أساطير، وللناس عند عتباته وضريحه أفانين وأشكال، ما بين متمسح وراكع، وطائف وداع، وناذر مالًا، وطالب شفاعة ومددا، ومستغيث به دون الواحد الأحد، وما بين معتقد فيه أنه من آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنه ابن الفضل ابن عم رسول الله، فأقيمت لذلك الموالد، وانتشرت البدع العوائد، وأقيمت سرادقات الطعام في الجُمَع والموالد، بل عند بعض المريدين في سائر الأيام، واعتقد فيه عدد من العوام أن صلاة الجمعة في مسجده بأضعاف الأجر عن سائر المساجد، بل غلا بعضهم أن جعلها مساوية للعمرة وزيارة بيت الله الحرام!

هذه أقوال العلماء مرتبة حسب الوفيات أن المدعو "سيدي شبل" لا حقيقة له، ولا نسب له، ليثبت الحق لكل باحث بدلائله الواضحة:
قال الإمام ابن سعد (المتوفى: 230هـ): "فولدَ الفضلُ بْن الْعَبَّاس أمَّ كلثوم ولم يلد غيرها وأمها صفية بِنْت مَحمِيَة بْن جزء بْن الْحَارِث بْن عريج بْن عَمْرو الزُّبَيْديّ من سعد العشيرة من مَذحِج". [الطبقات الكبرى (4/ 54- ط: صادر)].


وقال الإمام مصعب الزبيري (المتوفى: 236 هـ): "ولم يترك ولدًا إلا أم كلثوم تزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب؛ ثم فارقها؛ فتزوجها بعده أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري؛ فولدت له موسى؛ ثم خلف عليها عمران بن طلحة بن عبيد الله، حين مات عنها أبو موسى". [نسب قريش (ص: 25)].


وقال الإمام البخاري (المتوفى: 256هـ): "وَلم يُولد للفضل بْن عَبَّاس إِلَّا أم كُلْثُوم". [التاريخ الأوسط (1/ 423- ط: الرشد)].
وقال الإمام الزبير بن بكار (المتوفى: 256هـ): "الفضل بن عبّاس كان يكنى أبا العبّاس، مات بطاعون عمواس سنة ثمان عشرة، ولم يترك ولدا ذكرا". [تاريخ مدينة دمشق (48/ 334)].


وكان يجيء إلى مصر في كل عام مرة، يجلس أحيانًا بالجامع الأزهر، وأحيانًا بمدرسة السيوفية، وأحيانًا بمدرسة الحطابية، والناس يزدحمون عليه، ويلتمسون أدعيته الصالحة، ثم يعود إلى مسجده، ولم يزل كذلك إلى أن توفي سنة ثلاث وأربعين وألف، ودفن بخلوته التي بمسجده، وضريحه ظاهر يزار -رحمه الله تعالى-".


فهذا نص أن المسجد المقام هو مسجد بناه الشيخ السحيمي لنفسه ليقوم بالوعظ وإقراء القرآن للناس، ثم تطور الأمر بلا سبب معروف ليقال عنه في وقت ما أن هذا مسجد سيدي شبل.

 

ويعد مسجد سيدى شبل الأسود مقصد الطرق الصوفية من جميع المراكز لاحتوائه علي ضريح محمد بن الفضل العباسي بن المطلب، والذى تم بناءه في بداية القرن الحادى عشر الهجرى علي يد الشيخ احمد الاحمدى السحيمي.

والجدير بالذكر أن مسجد الموجود حاليا قد قامت ببنائه وزارة الأوقاف فى القرن العشرين، وهو يشبه فى تخطيطه العام المساجد العثمانية إذ أنه يتكون من مربعين أحدهما يشمل صحن الجامع وهو مكشوف، وتحيط به الأروقة من جميع الجهات، أما المربع الثانى فهو عبارة عن إيوان القبلة ويتكون من صفوف من الأعمدة موازية لحائط القبلة مغطاة بسقف مسطح وفى وسطه ثمانية أعمدة تقوم عليها رقبة ثمانية بكل ضلع منها فتحة للإضاءة وهى أشبه بالشخشيخة وفى الضلع الغربى من إيوان القبلة يوجد ضريح سيدى محمد بن شبل الأسود، وتتكون واجهة المسجد من مدخلين رئيسيين أحدهما يؤدى إلى إيوان القبلة والثانى يؤدى إلى صحن الجامع، يتقدم الواجهة ردهة بطول الواجهة تقريبا صدرها محجوز بسور مزخرف وينتهى طرفاها بسلمين لارتفاع المسجد عن مستوى الشارع بمقدر سبعة أمتار

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وزارة الأوقاف محافظة المنوفية مقابر الشهداء رسول الله صلى الله عليه وسلم شبل الأسود رسول الله سیدی شبل إلى مصر

إقرأ أيضاً:

سيدي إبراهيم الدسوقي.. وليّ الله جامع الملايين بكفر الشيخ

في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، تتجدد كل عام مظاهر البهجة والإيمان مع انطلاق فعاليات مولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، أحد كبار أولياء الله الصالحين في مصر، حيث تتوافد الجموع من مختلف المحافظات، ليملأ الذكر والإنشاد الصوفي ساحات المسجد الكبير وميدان الدسوقي في مشهد يفيض بالمحبة والوحدة الروحية.

وليّ وعالم.. سيرة زهد وورع

وُلد إبراهيم بن عبد العزيز الدسوقي عام 653 هـ "1255 م" بمدينة دسوق، وينتهي نسبه من جهة الأب إلى الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما. درس علوم الشريعة والفقه على المذهب الشافعي، وتفرغ منذ شبابه للعبادة والتعليم، فذاع صيته بين العلماء والمريدين حتى عُرف بلقب العارف بالله.

أسّس طريقته الصوفية المعروفة بـ الطريقة الدسوقية، التي جمعت بين الالتزام بالشريعة والسلوك الروحي القائم على صفاء النفس وخدمة الخلق، وأصبحت لاحقًا إحدى أهم الطرق الصوفية في مصر والعالم العربي.

المسجد والضريح.. منارة في قلب الدلتا

يقع مسجد وضريح سيدي إبراهيم الدسوقي في قلب مدينة دسوق، ويُعدّ من أكبر وأهم المساجد في دلتا مصر. يتكوّن من قبة ضخمة وصحن فسيح وأروقة متعددة، إضافة إلى مكتبة دينية ومركز لتحفيظ القرآن الكريم، ويُعدّ من أبرز معالم كفر الشيخ الروحية والسياحية.

ويشهد المسجد على مدار العام زيارات متواصلة من المريدين والباحثين عن السكينة، فيما يتحول خلال أسبوع المولد إلى مركز احتفالي وروحي ضخم يجمع مئات الآلاف من الزائرين من داخل مصر وخارجها.

الاهتمام الرسمي من محافظة كفر الشيخ

وفي إطار الدعم الرسمي للاحتفال، أعلنت محافظة كفر الشيخ حالة الاستعداد القصوى لاستقبال زوار المولد هذا العام.

وأكد رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة دسوق جمال ساطور، أن الأجهزة التنفيذية بالمحافظة تعمل على تهيئة المدينة لاستقبال الزائرين، من خلال رفع كفاءة الميادين والشوارع المحيطة بالمسجد، وتكثيف أعمال النظافة والإنارة، وتوفير خدمات الأمن والإسعاف والمرور على مدار الساعة.

وأضاف أن المولد يمثل قيمة روحية وتراثية كبيرة، ويُعدّ حدثًا وطنيًا وثقافيًا يبرز الوجه المتسامح لمصر، مؤكدة حرص المحافظة على الحفاظ على الطابع الديني الصحيح للاحتفال، بالتنسيق الكامل مع وزارة الأوقاف والطريقة الدسوقية.

وعقد الشيخ معين رمضان يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ، اجتماعًا طارئًا بجميع العاملين بمسجد ومقام سيدي إبراهيم الدسوقي، وذلك لمناقشة خطة العمل والتنظيم خلال فترة المولد، المقرر إقامته خلال الأسبوع المقبل.

يأتي هذا في إطار الاستعدادات المكثفة لاستقبال مولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي بمدينة دسوق.

وخلال الاجتماع، شدد وكيل الوزارة، على ضرورة الالتزام التام بالضوابط المنظمة لشؤون المساجد، وحُسن استقبال زوار المسجد والمقام، بما يعكس الصورة المشرفة لوزارة الأوقاف وجهودها في خدمة بيوت الله تعالى.

كما دعا وكيل وزارة الأوقاف، الجميع إلى بذل أقصى الجهود لضمان راحة الزائرين، والحفاظ على نظافة المسجد وقدسيته، سائلًا المولى عز وجل أن يحفظ مصر وأهلها، وأن يجعلها دائمًا واحةً للأمن والأمان والاستقرار.

قال الشيخ معين رمضان يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ ، إن الاحتفال بمولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي يُجسد المعاني الحقيقية للتصوف المصري القائم على المحبة والوسطية.

وأوضح أن الوزارة تُشرف على تنظيم الدروس والندوات داخل المسجد خلال أيام المولد، لإحياء السيرة العطرة للوليّ الجليل، وتأكيد القيم الأخلاقية التي دعا إليها الإسلام.

من جانبه، أشار جمال ساطور، رئيس مدينة دسوق، إلى أن المولد ليس مجرد مناسبة دينية، بل حدث اجتماعي وسياحي ضخم يُنعش الحركة الاقتصادية بالمدينة، مشيدًا بتعاون الأجهزة التنفيذية لتوفير الخدمات للزائرين، بما يليق بمكانة دسوق الروحية والتاريخية.

ويقول الحاج عبد المنعم السيد، أحد أقدم سكان المدينة، إن أهالي دسوق يعتبرون المولد “عيدًا سنويًا للمحبة”، مضيفًا أن استقبال الزائرين وإكرامهم عادة توارثها الأبناء عن الأجداد.

أما فاطمة عبد الحميد، مدرسة من محافظة البحيرة، فتؤكد أنها تحرص على حضور المولد كل عام لما فيه من أجواء روحانية تملأ القلب بالطمأنينة، قائلة  "زيارة ضريح سيدي إبراهيم الدسوقي تجدد فينا الإيمان والأمل".

ويرى أحمد صبري، أحد شباب دسوق، أن المولد فرصة لتعريف الأجيال الجديدة بالتصوف الصحيح، بعيدًا عن المبالغات، مشيرًا إلى أن سيرة الوليّ العارف بالله تمثل نموذجًا للعالم العامل والزاهد الحقيقي.

المولد الكبير.. موسم المحبة والإنشاد

تستمر فعاليات المولد الكبير على مدار أسبوع، وتشمل حلقات الذكر، والمدائح النبوية، والإنشاد الصوفي، إلى جانب الأسواق الشعبية التي تمتد على ضفاف النيل، في أجواء تجمع بين التراث الشعبي والروح الدينية.

ويؤكد المشاركون أن ما يميز مولد الدسوقي هو التوازن بين الروحانية والفرح الشعبي، فهو مناسبة يجتمع فيها القلب والعقل، الإيمان والتراث، في لوحة مصرية خالصة تعبّر عن وحدة الشعب حول رموزه الدينية الأصيلة.

رسالة العارف بالله

تُختصر رسالة سيدي إبراهيم الدسوقي في كلماته التي كان يرددها لتلاميذه «من أراد الطريق إلى الله، فليكن رفيقًا للخلق، صادقًا مع نفسه، مخلصًا في عمله.»

ومع مرور أكثر من سبعة قرون على رحيله، ما زالت سيرته تلهم أتباعه، ويظل مسجده في دسوق منارة للذكر والعلم، ومكانًا يجمع القلوب على حب الله ورسوله وأوليائه الصالحين.

مقالات مشابهة

  • سيدي إبراهيم الدسوقي.. وليّ الله جامع الملايين بكفر الشيخ
  • الإفتاء توضح حقيقة سيدي أحمد البدوي وبيان مكانته
  • الرئيس السيسي: ما تحقق في حرب أكتوبر فضل من الله ويدُه كانت مع مصر
  • دعاء كفارة المجلس.. كلمات بسيطة تمحي ذنوبك
  • محمد صبحي: التليفزيون المصري صاحب الفضل في تقديم نجوم الفن
  • 7 فضائل لإطعام الطعام .. تعرف عليها
  • الزميل عبد الفتاح البعجاوي ينعى ابن خاله
  • مسيرات جماهيرية في البيضاء تحت شعار “عامان من العطاء ووفاء لدماء الشهداء”
  • علي جمعة: الله تولّى حفظَ دينه بحفظ نبيه .. ولم تُحفَظ سيرة أحد كما حُفظت سيرة محمد ﷺ