انطلقت القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى محافظتي (القليوبية والدقهلية)، اليوم الجمعة الموافق 1/ 9، وتضم (عشرة علماء): خمسة من علماء الأزهر الشريف، وخمسة من علماء وزارة الأوقاف، ليتحدثوا جميعًا بصوت واحد حول موضوع: "النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه".

في إطار التعاون المشترك والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، وبرعاية من الإمام الأكبر أ.

د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر، ووزير الأوقاف د/ محمد مختار جمعة.


وقد أكد علماء القافلة: أن من أعظم النعم التي امتنَّ الله (عز وجل) بها علينا أمةَ الإسلام أنْ بعثَ فينا خيرَ خلقه وخاتم أنبيائه ورسله سيدَنا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، حيث يقول الحق سبحانه: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.


والمتأمل في السنة النبوية الشريفة يجد نبيَّنا (صلى الله عليه وسلم) قد حدثنا عن نفسه، حديثًا كاشفًا عن منزلته، وصفاء نسبه (صلى الله عليه وسلم)، حيث يقول (عليه الصلاة والسلام): (إِنَّ اللهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (أَنَا دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ بَشَّرَ بِي عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ)،  ويقول (صلوات ربي وسلامه عليه): (إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةً مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قال: (فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (أَنَا أَوْلَى بِالمُؤْمنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ).
وها هو المصطفى (صلى الله عليه وسلم) يحدثنا عن طيب أخلاقه وعظيم شمائله، فيقول (عليه الصلاة والسلام): (إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ)، ويقول (صلوات ربي وسلامه عليه): (إِنِّي لَمْ أُبَعْثَ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّــتًا وَلَا مُتَعَنِّــتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّـرًا)، ولم لا! وقد وصفه ربه (عز وجل) في القرآن الكريم بقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنََاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، ويقول سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.
مؤكدين أن نبينا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) يشهد على الناس جميعًا يوم القيامة بأعمالهم، وأحوالهم مع رسلهم، حيث يقول الحق سبحانه: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}.
وقد حدَّثنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) عن عظيم حاله يوم القيامة، وشفاعته لأمته، وأنه أول من تُفتح له أبواب الجنة، حيث يقول (عليه الصلاة والسلام): (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ).
ويقول (صلى الله عليه وسلم) في حديث الشفاعة الطويل: (...فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا، لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ)، ويقول (صلوات ربي وسلامه عليه): (آتي بابَ الجَنَّةِ يَومَ القِيامَةِ فأسْتفْتِحُ، فيَقولُ الخازِنُ: مَن أنْتَ؟ فأقُولُ: مُحَمَّدٌ، فيَقولُ: بكَ أُمِرْتُ، لا أفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ).


هذا وقد شارك في القافلة كل من:
أولًا: مديرية أوقاف القليوبية (شبين القناطر):
١- الدكتور/ عبد الرحمن رضوان عبد الرحمن مدير الدعوة - الشاملة - شبين القناطر غرب.
2- الشيخ/ أحمد سعيد أبو المعاطي مجمع البحوث الإسلامية - التوحيد - كفر الشوبك - شبين القناطر غرب.
3- الشيخ/ رضا عواد السيد سطيحة إمام وخطيب الكبير - الشوبك - شبين القناطر غرب 
٤- الشيخ/ عبد الهادي سعيد عبد الهادي مجمع البحوث الإسلامية - الخلفاء الراشدين - شبين القناطر غرب.
٥- الشيخ/ عماد رزق محمد سالم إمام وخطيب - الكبير - شبين القناطر شرق.
٦- الشيخ/ مجدي موسى عبد ربه مجمع البحوث الإسلامية - النور المحمدي - شبين القناطر غرب.
7- الشيخ/ عبد المنعم عبد العزيز علي إمام وخطيب - سيدي ابن عطاء الله - شبين القناطر شرق.
٨- الشيخ/ محمد صبحي السيد علي مجمع البحوث الإسلامية - الجمعية الزراعية - شبين القناطر شرق.
9. الشيخ/ هيثم سعيد عبد العزيز مطر إمام وخطيب - الطناني - شبين القناطر شرق.
10- الشيخ/ قاسم محمد يونس قاسم مجمع البحوث الإسلامية - المعلاويين - شبين القناطر شرق.
ثانيًا: مديرية أوقاف الدقهلية (الجمالية):
١- الدكتور/ صفوت نظير المرسي عبد العزيز وكيل الوزارة - الكبير - الجمالية.
2- الشيخ/ نسيم نسيم إبراهيم خضر مجمع البحوث الإسلامية الكبير - ميت مرجا سلسيل الجمالي
3- الشيخ/ جابر عبد اللطيف عطوة أبو العينين إمام وخطيب - عبد اللطيف - شارع البوستة - الجمالية.
٤- الشيخ/ محمد صلاح عبد الرؤوف مجمع البحوث الإسلامية - مصطفى شعبان - ميت مرجا سلسيل - الجمالية.
5- الشيخ/ محمد حلمي أحمد محمد إمام وخطيب - بركات - شارع الترعة - الجمالية.
٦- الشيخ/ عبد الله أحمد حسن علي مجمع البحوث الإسلامية عامر - العطيوي - سوق السمك - الجمالية.
٧- الشيخ/ تامر نجاح محمد عبد الرحمن إمام وخطيب - قشطة - شارع طريق دمياط الجمالية.
٨- الشيخ/ عبد السيد محمد حسن مجمع البحوث الإسلامية - الكبير - عزبة عبده - الجمالية.
٩- الشيخ/ علي أحمد محمد أحمد سالم إمام وخطيب - التوحيد - ميدان المحطة - الجمالية.
١٠- الشيخ/ محمود أحمد عبد الغفور مجمع البحوث الإسلامية - راشد - عزبة راشد - الجمالية.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: أعضاء القافلة الدعوية المشتركة النبي صلى الله عليه علماء الأزهر الشريف من الامام المشتركة لجمال القافلة الدعوية د أحمد الطيب ووزير الأوقاف بين الأزهر أحمد الطيب شيخ موضوع مجمع البحوث الإسلامیة إمام وخطیب حیث یقول

إقرأ أيضاً:

العام الهجري الجديد .. دعوة للتغيير واليقظة

يطلّ علينا العام الهجري الجديد والعالم يمرّ بمتغيرات كبيرة وأحداث عظيمة، فما أحرى بالمسلم أن يلتفت إلى رمزية الهجرة النبوية، ويسقطها على المتغيرات الحالية ويستلهم منها ما يصلح أمر دينه ودنياه، لكي لا يمرّ هذا الحدث العظيم، وكأنه حدث عابر، ففـي كل عام هجري، تُعاد هذه الرسالة الرمزية إلى الواجهة، فالهجرة تمثل الانتقال من مرحلة الاستضعاف إلى التمكين، ومن السكون إلى الحركة الواعية، فهي رسالة لكل مسلم فـي زمن التحولات والمتغيرات الحاصلة فـي العالم أن لا يكتفـي بالمراقبة، بل يُبادر إلى مراجعة موقعه ودوره ومقاصده فـي الحياة.

والمتأمل فـي الهجرة النبوية والانتقال الجغرافـي للرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه من مكة إلى المدينة، والتحول الذي صاحب هذه الهجرة فـي مختلف مفاصل الحياة الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبداية لتأسيس كيان إسلامي ودولة إسلامية يديرها الرسول صلى الله عليه وسلم وفق الشريعة الإسلامية، وبتنظيم دقيق كان أحد نتاجاته صحيفة المدينة التي نظمت علاقة المسلمين بغيرهم فـي ظل الدولة الإسلامية.

كما أن المتتبع للأحداث الحالية يدرك أن العالم فـي هذه السنوات يشهد تسارعًا فـي الأزمات والتغيرات، فالحروب تشتعل فـي أكثر من قطر إسلامي، والأزمات الاقتصادية تُلقي بظلالها على المجتمعات، والانقسامات الفكرية والثقافـية باتت تهدد وحدة الأمة وهويتها، فكل هذه الأحداث تحتم على المسلم أن يبدأ عامه الجديد فـي وعي، وألا يتجاهل السياق العالمي للأحداث، وألا ينكفئ على شأنه الشخصي الضيق، بل ينبغي عليه أن يكون فاعلًا ومتفاعلًا مع الأحداث والمواقف، ويكون له دور فـي تشكيل الوعي المجتمعي، وأن يُعزّز مسؤوليته فـي الإصلاح المجتمعي ابتداء من بيته ومحيطه ومجتمعه وأمته والعالم أجمع.

وأول هذه الخطوات التي ينبغي أن يبدأ بها المسلم هو تقييم علاقته بالله تعالى، ومراقبة هذه العلاقة، ومعرفة الثغرات التي تكتنفها وسدّ هذه الثغرات وترميمها، ويتمثل محور هذه العلاقة فـي الصلاة، فـينبغي أن يواجه المسلم ذاته ويطرح عليها أسئلة صريحة، وألا يتجاهل أو يتغافل هذه الأسئلة الملحّة التي تطرق ذهنه بين حين وآخر فـي هذه الحياة، فالصلاة عمود الدين، فـينبغي عليه أن يسأل نفسه، هل أدّى هذه الصلاة على أكمل وجه، كما شرعها الله وأمرنا بتأديتها، أم أنه أداها بالطريقة التي تريحه، وهل كان حريصًا أن تنال هذه الصلاة مرضاة الله، وأن يتقبلها، أم أنه اتخذ من هذه العبادة عادة يؤديها على هواه كيفما اتفق، وهل حافظ عليها فـي وقتها، واستشعرت كل خلية فـي جسده لحظة السجود والتصاق الجبهة بالأرض فـي مشهد عبودية مطلقة لله عز وجل، أم أن عقله كان سابحًا فـي التخيلات والسرحان والجولان، غير مستشعر لمعاني هذه العبادة العظيمة.

وهل أعمل جهده وذهنه فـي استحضار القلب والخشوع فـي الصلاة وطبّق الأساليب والطرق المعينة له فـي الخشوع، وحاول أن يُنقّي قلبه من الرياء، أم أنه أشرك فـي صلاته مراقبة العباد والغفلة عن الخالق العظيم الذي يقف بين يديه؟ كل هذه المعاني العظيمة يجب عليه أن يقف أمامها ويحاسب نفسه محاسبة دقيقة، ليكون هذا الأمر هو الخطوة الأولى فـي سبيل إصلاح ذاته.

ومن أبرز معاني الهجرة النبوية الجانب الجماعي فـيها، حيث تلاحم المهاجرون والأنصار فـي مشهد فريد من التضامن والتكافل، رسّخ لبنية مجتمعية متماسكة رغم اختلاف الانتماءات القبلية والاجتماعية، واليوم تعاني الأمة من انقسامات خطيرة، ليس فقط بين الدول، بل داخل النسيج الاجتماعي الواحد، فـينبغي أن تُستعاد روح الهجرة من حيث كونها بناء للجماعة، وتأسيسًا لأخوة إيمانية تتجاوز المصالح الضيقة، فكل مسلم يستطيع أن يبدأ عامه الجديد بإحياء هذه الروح عبر تعزيز العلاقات الرحمية، وتقوية الروابط المجتمعية، والمشاركة فـي مبادرات الإصلاح والدعم والتكافل، على مستوى الأسرة والمجتمع المحلي.

كما عليه أن يغسل قلبه من الأمراض والأدران القلبية التي تسبب الفجوة بين أفراد المجتمع، من أمثال الحقد والغلّ والبغض والحسد، التي تؤدي إلى المعاصي المشتتة لأبناء المجتمع مثل الكذب والغيبة والنميمة وشهادة الزور، وغيرها من المعاصي التي تهدم المجتمعات، وتُقوّض فـيها كل مظاهر الحب والعطف والرحمة والتلاحم الاجتماعي، وقد سهلت وسائل التواصل الاجتماعي هذه المعاصي فأصبحت أداة للتفرقة الاجتماعية لما يتم فـيها من تداول لأحوال الناس وأخبارهم وتفاصيل حياتهم.

ومن مشاهد الهجرة النبوية توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه وتأديبه لهم، وتبيانه لهم أن كل فرد فـي هذا المجتمع المسلم هو راعٍ ومسؤول عن رعيّته، فقال: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإِمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ فـي أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية فـي بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ فـي مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته»؛ فنجد هذا الحديث يرشد إلى أن كل فرد فـي هذا المجتمع مسؤول، وأنه يمثل ثغرة يقف على مراقبتها والعناية بها وسدّها فـي هذا المجتمع، فعلى المسلم أن يبذل كل وسعه فـي تأدية هذه الأمانة التي أوكلت إليه، فـيؤدب أبناءه، ويفتح لهم أبواب الخير ليلجوا منها، وذلك من خلال أمرهم بعبادة الله، وتربيتهم على الأخلاق الحميدة، وربطهم بالقرآن الكريم، وأن يُثقّف نفسه وأهل بيته، ويوسّع مداركهم، وأن يقرأ الواقع بعين ناقدة، أن يسهم فـي مجاله، أن يكون صوته هادئًا لكن مؤثرًا، وأن يعيد تعريف الدين فـي سلوكه اليومي، لا بالشعارات، بل بالقيم الحية، ليكون قدوة أمام من يرعاهم.

وينبغي على المسلم كذلك أن يستلهم من الهجرة النبوية معاني النصر بعد الصبر، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم فـي موضع ضعف وقلة وخوف فـي مكة المكرمة، ولكنهم صبروا على البلاء والعذاب، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعرضون لأنواع من العذاب، كما فُعل ببلال بن رباح، وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم، وبعضهم تعرض للقتل، كما حدث لياسر بن عامر وزوجته سمية اللذين قُتلا بعد أن ذاقا أصنافًا من العذاب، وهو ما يتعرض له إخواننا المجاهدون فـي غزة وفلسطين، على أيدي اليهود الغاصبين، وما تتعرض له مجموعة من الأقطار الإسلامية التي تعاني من ويلات الحروب، كما أن أذى قريش امتد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد حاصروهم فـي شِعْب أبي طالب، وكتبوا صحيفة علّقوها داخل الكعبة، وكتبوا فـي هذه الصحيفة أنهم يمنعون البيع والشراء من المسلمين، وألا يزوّجوهم ولا يتزوجون منهم، وغيرها من البنود التي تمثل قطيعة مع الرسول وأصحابه، فأصبح المسلمون فـي ضائقة، حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط الحجارة على بطنه الشريف من شدة الجوع، وهذه الحالة تتجسد الآن فـيما يمر به أبناء غزة المحاصرين، الذين لا يجدون ما يسدّون به جوعهم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم صبر على كل تلك الابتلاءات، وقد أكلت الأرض تلك الصحيفة ونقضتها بأمر الله، قبل أن تأخذ الحمية فتيان من قريش لنقض تلك الصحيفة، فوجدوا أن الأرضة قد أكلتها، فكانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم تمثل نصرًا للإسلام والمسلمين نتيجة صبرهم وتمسكهم بدينهم وصدق إيمانهم وثقتهم بربهم، فأنالهم الله بعد العسر يسرًا، وبعد الذلة عزًّا، فبداية هذا العام الهجري الجديد تمثل فرصة لتثبيت القلوب، بأن بعد العسر يسرًا، وبعد الشدة فرجًا.

مقالات مشابهة

  • دعاء الاستفتاح في الصلاة.. اعرف ما ورد عنه في السنة النبوية
  • وزير العمل يلتقي محافظ كفر الشيخ لبحث التعاون في الملفات المشتركة
  • الصفحة الرسمية لوزارة الأوقاف تحيي ذكرى وفاة الشيخ المنشاوي
  • الصفحة الرسمية للأوقاف تحيي ذكرى وفاة الشيخ محمد صديق المنشاوي
  • القافلة الدعوية للأئمة والواعظات تواصل فعالياتها بمرسى حميرة لليوم الرابع
  • الصفحة الرسمية لوزارة الأوقاف تحيي ذكرى وفاة الشيخ محمد صديق المنشاوي
  • آداب دخول المسجد يوم الجمعة وأهم السنن فيه
  • ما فضل المحافظة على السنن الرواتب والحث على أدائها؟
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • العام الهجري الجديد .. دعوة للتغيير واليقظة