في ظل الأزمات المتتالية التي تعصف بالعالم العربي، يستميت الإعلام الخليجي في الدفاع عن المشروع الصهيوني، مدعياً أن مقاومته ليست سوى عبث لن يؤدي إلا إلى الويلات على دول التطبيع. وقد أصبح من الواضح أن هذه الرؤية تروج لفكرة الاستسلام، حيث يُدعى العرب إلى ترك الصهاينة يعبثون بأمن الشعوب وثرواتهم دونما حسيب أو رادع.
كلما فشلت محاولات الإعلام الخليجي في إقناع الشعوب العربية بجدوى الاستسلام، بادروا إلى طرح بدائل جديدة لنصرة الكيان المؤقت، في محاولة يائسة لإظهار المقاومة كمشروع ميؤوس منه. لكن الحقيقة أن هذه المحاولات ليست إلا جزءاً من الدعاية الحربية للعدو الصهيوني، الذي اعترف منظروه بأن الإعلام الخليجي يعمل لصالحهم من داخل الصف العربي.
إن تجاهل مزاعم الإعلام الخليجي وعدم الانجرار وراء تلك الأفكار المثبطة هو الموقف الأنسب في هذه المرحلة. فالمقاومة ليست مجرد خيار، بل هي مشروع حياة يتجسد في إرادة الشعوب الحرة التي تسعى للعيش بكرامة وحرية. لقد أثبتت العديد من التجارب التاريخية أن المقاومة كانت دوماً الطريق نحو التحرر والانعتاق من الظلم والاحتلال.
يمكننا النظر إلى تجارب الشعب الفلسطيني الذي واجه الاحتلال الصهيوني لعقود طويلة، ورغم كل التحديات والضغوط، لم تنطفئ جذوة المقاومة في قلوب أبنائه. كما أن تجربة حزب الله في لبنان تثبت قدرة المقاومة على تحقيق الانتصارات وتحرير الأرض، مما يعكس قوة الإرادة الشعبية في مواجهة الاحتلال.
إن مشروع المقاومة هو تجسيد للأمل والتحدي، وهو يمثل صوت الأحرار الذين يرفضون الاستسلام ويؤمنون بأن الحرية لا تأتي إلا من خلال الكفاح المستمر. لذا، فإن الإيمان بمشروع المقاومة هو إيمان بالمستقبل وبقدرة الشعوب على استعادة حقوقها وحريتها.
تعتبر المقاومة رمزاً من رموز الكرامة والشجاعة في مواجهة الظلم والاحتلال. فهي ليست مجرد رد فعل على الاعتداءات، بل هي فلسفة حياة تتجذر في قلوب الشعوب التي تعاني من الظلم وتبحث عن الحرية. تاريخياً، شهدت العديد من الدول حركات مقاومة نجحت في تحطيم قيود الاحتلال واستعادة السيادة. فالمقاومة ليست حكراً على منطقة معينة أو شعب بعينه، بل هي ظاهرة إنسانية عالمية تتكرر في مختلف الأزمنة والأمكنة. ومن خلال هذه التجارب، يتضح أن الأمل في التحرر لا يموت، بل يتجدد مع كل جيل يرفع راية الكفاح ضد الظلم.
علاوة على ذلك، فإن المقاومة تساهم في بناء الهوية الوطنية وتعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع. فعندما يتوحد الشعب حول قضية واحدة، تتشكل قوة جماعية قادرة على مواجهة التحديات. إن الفخر بالانتماء إلى حركة مقاومة يعزز من روح التضامن والتعاون بين الأفراد، مما يؤدي إلى تعزيز النسيج الاجتماعي وتقوية القيم الإنسانية. وهذا ما شهدناه في العديد من الحركات التحررية التي نجحت في تحقيق أهدافها بفضل الوحدة والتكافل بين أعضائها.
وأخيراً، يجب أن نتذكر أن المقاومة ليست فقط سلاحاً في الميدان، بل تشمل أيضاً المقاومة الثقافية والفكرية. إذ تلعب الثقافة والفنون دوراً مهماً في تعزيز الوعي الجماهيري ونشر قيم الحرية والعدالة. من خلال الأدب والفن، يمكن للشعوب التعبير عن آمالها وآلامها، مما يسهم في تشكيل وعي جديد يدعم فكرة المقاومة ويحفز الأجيال القادمة على الاستمرار في الكفاح.
إن هذه الأبعاد المتعددة للمقاومة تجعل منها مشروعاً حيوياً يستمر ويتطور، مهما كانت التحديات التي تواجهه، ويؤكد أن الإرادة الإنسانية قادرة على تغيير الواقع وتحقيق العدالة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ألبانيزي .. الهدنة في غزة بأنها غير كافية في مواجهة “إبادة”
#سواليف
اعتبرت المقرّرة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة #فرانشيسكا_ألبانيزي -الأربعاء- أن وقف إطلاق النار في #غزة غير كاف في مواجهة ” #إبادة ” يتعرض لها #الشعب_الفلسطيني من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقالت ألبانيزي، وهي مفوّضة من الأمم المتحدة لكنها لا تتحدّث باسم المنظمة، إنّ “هذه ليست حربا، بل إبادة، إذ هناك نية للقضاء على شعب”.
وجاء تصريح ألبانيزي بينما تسري في غزة هدنة هشة في إطار اتفاق تم التوصل إليه برعاية أميركية، لوضع حد لحرب استمرت سنتين، ويشمل استعادة جثامين أسرى وإدخال مزيد من المساعدات إلى القطاع الفلسطيني، ولاحقا إعادة إعماره.
مقالات ذات صلة نتنياهو يرفض نشر قوات تركية في غزة 2025/10/23وقالت ألبانيزي إن الخطة “غير كافية على الإطلاق وغير متوافقة مع القانون الدولي”، مشددة على وجوب الالتزام بـ “إنهاء #الاحتلال، وإنهاء استغلال الموارد الفلسطينية، وإنهاء الاستعمار”.
وتسيطر قوات الاحتلال الإسرائيلي حاليا على نحو نصف أراضي القطاع الفلسطيني.
تاريخ من التواطؤ
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يتّهم محقّقون أمميون ومنظمات حقوقية عدة، بينها “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش”، إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وهو ما تنفيه الدولة العبرية التي تصف الاتهامات بأنها “مشوّهة وكاذبة”، متّهمة مطلقيها بمعاداة السامية.
وأدلت ألبانيزي بتصريحاتها الأخيرة خلال وجودها في جنوب أفريقيا، البلد الذي تقدّم بشكوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية يتّهم فيها الدولة العبرية بارتكاب “إبادة” في غزة، وذلك لإلقاء “محاضرة نيلسون مانديلا” السنوية يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر.
وتخضع ألبانيزي لعقوبات أميركية منذ يوليو/تموز على خلفية انتقاداتها العلنية لإسرائيل.
وستقدّم المقررة الأممية تقريرها الجديد للمنظمة الدولية الأيام المقبلة، وتقول فيه -وفقا للنسخة التي نشرتها الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني- إن الدعم الغربي لإسرائيل في حربها مع حماس “يتوّج تاريخا طويلا من التواطؤ”.