الاحتلال التركي العسكري والمائي للعراق…وسقوط السيادة
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
آخر تحديث: 27 أكتوبر 2025 - 9:35 ص بقلم:سعد الكناني في ظل الغياب التام لأي موقف وطني أو قانوني من حكومة السوداني، تحولت تركيا من جارٍ متجاوز إلى قوة محتلة فعلياً في شمال العراق. فالقوات التركية تتوسع يوماً بعد آخر تحت ذريعة ملاحقة حزب العمال الكردستاني الذي وافق على السلام والاستسلام، بينما البرلمان التركي يجدد تفويضه العسكري وكأن شمال العراق جزء من الأمن القومي التركي.
الأخطر أن هذا التمدد العسكري ترافق مع حرب مائية تمارسها أنقرة ضد العراق، إذ عمدت إلى خفض الإطلاقات المائية في نهري دجلة والفرات إلى أدنى المستويات خلافا للقوانين الدولية وعلاقات دول الجوار، ما جعل ملايين العراقيين يواجهون أزمة العطش وزراعية خانقة. ورغم هذا العدوان المزدوج ” العسكري والمائي” تلتزم حكومة السوداني الصمت التام، في موقف يُترجم حالة الارتهان الكامل للنظام الإيراني الذي لا يرغب في أي مواجهة حقيقية مع تركيا، حفاظاً على توازنات النفوذ بين القوتين الإقليميتين داخل العراق. لقد أصبح العراق اليوم ساحة مفتوحة لتقاسم النفوذ بين قوتين إقليميتين؛ إيران تهيمن على القرار السياسي والأمني عبر ميليشياتها وأحزابها، وتركيا تُحكم قبضتها على الشمال عبر قواتها وقواعدها العسكرية ومياهها المحتجزة. وبين الاحتلالين ضاعت هوية الدولة العراقية وسيادتها، وغابت إرادة القرار الوطني المستقل. إن تصويت البرلمان التركي يوم 21/10/2025 على تمديد بقاء القوات التركية داخل الأراضي العراقية لا يستند إلى أي أساس قانوني، وهو تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للعراق، وخلافا لميثاق الأمم المتحدة (المادة 2/4)، يُحظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد سيادة ووحدة أراضي أي دولة لها عضوية في الأمم المتحدة.وهو ما يفتح المجال أمام العراق للجوء إلى مجلس الأمن الدولي والمحاكم الدولية لمطالبة تركيا بسحب قواتها بشكل كامل ، وعلى القوى السياسية عليها اتخاذ موقف وطني موحد تجاه هذه الانتهاكات، يتماشى مع ما تطرحه في برامجها الانتخابية بشأن حماية السيادة ومواجهة التدخلات الخارجية. تصويت البرلمان التركي يعني أن أنقرة تتعامل مع الأراضي العراقية كمنطقة نفوذ أمني دائم، وليس كدولة ذات سيادة.وهو تكرار لنموذج “الاحتلال التدريجي” الذي تستخدمه دول أخرى، عبر تبرير التواجد العسكري لـ “محاربة الإرهاب” ثم تحويله إلى واقع جغرافي وسياسي دائم. الأخطر أن هذا الإجراء قد يشجع دولاً أخرى (خصوصاً إيران) على تقنين وجودها العسكري أو الميليشياوي داخل العراق بذريعة مماثلة.ورغم هذا العدوان المزدوج “العسكري والمائي” تلتزم حكومة السوداني الصمت التام، وكأنها تتعامل مع الملف كقضية ثانوية. إن صمت الحكومة هنا ليس مجرد ضعفٍ سياسي، بل تخلٍّ عن السيادة وموتٌ للإرادة الوطنية. إن صمت حكومة السوداني أمام الاحتلال التركي، كما صمتها أمام الهيمنة الإيرانية، يؤكد أن العراق لم يعد يمتلك حكومة، بل إدارة تدير مصالح الخارج. وهكذا تُختزل مأساة العراق اليوم في معادلة مريرة: إيران تتحكم في السياسة، وتركيا تتحكم في الماء والأرض، والشعب يواجه العطش والخراب بصمت إجباري.الاحتلال التركي المائي والعسكري ليس مجرد خرقٍ للسيادة، بل مشروع لتفكيك العراق جغرافياً وإنسانياً، وأن صمت الحكومة جريمة تواطؤ لا عجز، النتيجة: عراق محاصر بالماء والنار من الشرق والشمال.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: حکومة السودانی
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية التركي يحذر من مخطط إسرائيلي لإفراغ قطاع غزة من سكانه
حذر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان من خطة إسرائيلية تهدف لإفراغ قطاع غزة من سكانه الفلسطينيين، مؤكدا أن السبيل الوحيد لمنع ذلك يتمثل في نشر قوة دولية في القطاع تتولى ضمان أمن الطرفين وترسيخ حالة من الهدوء.
وقال فيدان، في لقاء متلفز بثته قناة "تي في نت" المحلية، أن تركيا تبذل جهودا متواصلة لوقف الإبادة الجماعية في غزة، والعمل على إرساء وقف إطلاق نار دائم يفضي إلى اتفاق سلام شامل.
وأشار إلى أن جميع مؤسسات الدولة التركية، وفي مقدمتها الرئيس رجب طيب أردوغان، كثفت تحركاتها الدبلوماسية والسياسية المتعلقة بالوضع في غزة، قائلا: "الحمد لله تم التوصل إلى وقف إطلاق النار، لكن كما نرى اليوم، فإن هذا الوقف يتعرض لانتهاكات متكررة، ما يجعل بيئته هشة".
وأكد فيدان أن الرئيس أردوغان أبدى إرادة سياسية كاملة في دعم القضية الفلسطينية، كما أن أنقرة شاركت بفاعلية في مختلف الجهود الدولية والثنائية المرتبطة بقطاع غزة.
وبيّن الوزير التركي أن تفاصيل تشكيل قوة الاستقرار الدولية المزمع نشرها في غزة، بما في ذلك عدد الدول المشاركة وحجم القوات ومواقع انتشارها ومهامها الأساسية، لا تزال قيد البحث والنقاش، وذلك في إطار قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.
ولفت إلى أن مجلس الأمن اعتمد في 18 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بأغلبية الأصوات، مشروع قرار أمريكي بشأن إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، يقضي بإنشاء قوة دولية مؤقتة تستمر حتى نهاية عام 2027.
كما شدد فيدان على أن المهمة الأساسية لقوة الاستقرار الدولية تتمثل في إنشاء خط فاصل بين دولة الاحتلال والفلسطينيين، لمنع وقوع هجمات متبادلة، معتبرا أن عدم تحقيق ذلك سيجعل من الصعب على القوة أداء دورها الأساسي.
وأرف أن حكومة الاحتلال، باعتبارها طرفا في النزاع، تمتلك حق اختيار القوات التي ستشارك في هذه القوة، تماما كما هو الحال بالنسبة للفلسطينيين، مشيرا إلى أن تل أبيب تمارس هذا الحق عبر الولايات المتحدة.
ومضى قائلا إن إسرائيل تبدي تحفظات تجاه مشاركة تركيا، نظرا لكون أنقرة كانت الدولة الأكثر انتقادا وضغطا على تل أبيب طوال فترة الحرب.
وأضاف فيدان: "سواء شاركنا في هذه القوة أم لا، فإن مطلبنا واضح، وهو أن تصل قوة تضع حدا للاحتلال الإسرائيلي والظلم الواقع على غزة، وتضمن دخول المساعدات الإنسانية، وتحمي بقاء الفلسطينيين وسلامتهم في القطاع، في أسرع وقت ممكن".
وأكد أن أهمية هذه القوة تنبع من كون الخطة الإسرائيلية الحالية، بحسب وصفه، تقوم على إفراغ غزة من سكانها الفلسطينيين، موضحا أن وجود قوة دولية على الأرض هو ما يمكن أن يمنع تنفيذ هذه الخطة عبر ضمان الأمن وتهيئة مناخ من الهدوء.
وأسفرت الإبادة الجماعية التي شنتها دولة الاحتلال في قطاع غزة منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023 واستمرت لعامين، عن أكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني، إلى جانب ما يزيد على 171 ألف مصاب، قبل أن تنتهي باتفاق وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، غير أن دولة الاحتلال خرقته مئات المرات، ما أدى إلى سقوط مئات الشهداء والجرحى من الفلسطينيين.