التصحيح القانوني ذريعة حوثية لتكميم المنظمات الأممية والدولية
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
أطلقت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران تهديدات مباشرة باقتحام مقرات المنظمات الأممية والدولية العاملة في مناطق سيطرتها، في خطوة تُعدّ الأخطر منذ بداية الصراع ضد العمل الإنساني في اليمن.
هذا التصعيد يعكس حالة من الذعر والتخبط داخل الجماعة بعد تزايد الضغوط الدولية عليها، ويفضح سعيها إلى تحويل النشاط الإنساني إلى رهينة سياسية وأمنية تستخدمها كورقة ابتزاز في وجه المجتمع الدولي.
فبينما يعيش أكثر من 21 مليون يمني على المساعدات التي توفرها هذه المنظمات، تختار الميليشيا مجددًا التصعيد ضد شركاء الإغاثة، متذرعةً باتهامات باطلة تتعلق بـ"التجسس" و"العمل غير المرخص"، لتُغلق آخر نوافذ الأمل أمام ملايين المدنيين الذين يواجهون المجاعة والمرض والنزوح.
وزارة الخارجية التابعة لحكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا، وجهت تعميمًا رسميًا إلى جميع المنظمات الأممية والدولية العاملة في مناطق سيطرتها، تطالبها بتسليم الأجهزة التقنية ووسائل الاتصال التي تستخدمها في أنشطتها الميدانية، تحت مبرر "تصحيح الأوضاع القانونية ومنح التصاريح الرسمية".
وحذّرت الميليشيا في تعميمها من أنها ستتخذ إجراءات ضد المنظمات التي لا تلتزم بالتعليمات الجديدة، ملوّحة بإمكانية مداهمة المقرات والمكاتب "للعثور على أجهزة غير مصرح بها"، في ما يعدّ تهديدًا مباشرًا لأمن وسلامة العاملين في القطاع الإنساني.
وتأتي هذه التهديدات في ظل تصاعد غير مسبوق للانتهاكات الحوثية ضد العاملين في المجال الإغاثي، إذ ما تزال الميليشيا تحتجز نحو 59 موظفًا أمميًا، بحسب ما أكدت منظمة الأمم المتحدة في بياناتها الأخيرة.
ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات الجديدة تمثل مرحلة متقدمة من السيطرة الأمنية الحوثية على القطاع الإنساني، تهدف إلى إحكام القبضة على المعلومات وعرقلة أي نشاط لا يخضع لإشرافها المباشر، وهو ما يهدد بشلّ عمل الإغاثة الإنسانية في مناطق واسعة من البلاد.
وحذّرت مصادر دبلوماسية وإنسانية من أن التهديد الحوثي باقتحام المقرات الأممية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعرض آلاف الموظفين الدوليين والمحليين للخطر، خصوصًا في ظل غياب أي ضمانات أمنية من جانب الميليشيا.
وأكدت المصادر أن هذا النهج ينسجم مع سياسة التجويع والترهيب التي تنتهجها الجماعة منذ سنوات، من خلال نهب المساعدات، وفرض الجبايات، وتقييد حركة المنظمات الدولية، بهدف تحويل المساعدات إلى أداة ضغط سياسي ومالي تخدم أجندتها.
ويأتي هذا التصعيد الحوثي الجديد ليؤكد أن الجماعة تمضي في توسيع دائرة القمع لتشمل حتى المنظمات الإنسانية التي تمثل شريان الحياة لملايين اليمنيين، في تحدٍّ صارخ للإرادة الدولية ولقرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
هذه التطورات تستدعي تحركًا عاجلًا من الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإجبار الميليشيا على وقف انتهاكاتها وضمان حماية العاملين الإنسانيين، باعتبار أن استمرار هذا الوضع يهدد بانهيار منظومة الإغاثة بأكملها في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
هيئة مكافحة الفساد: الانقسامات ليست ذريعة والتحديات لن توقف العمل
مستشار هيئة مكافحة الفساد: تراجع ليبيا بالمؤشرات الدولية سببه التعدّي على الصلاحيات لا غياب الجهود
ليبيا – تحدّث مستشار الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد جمال عبد الحكيم عن واقع مكافحة الفساد والدور الذي تضطلع به الهيئة في ظل تصاعد معدلات الفساد وتراجع ليبيا في المؤشرات الدولية، موضحًا أن هذا التراجع يعود إلى جملة من الظروف، من بينها التعدّي على الصلاحيات، خاصة في الجانب الدولي، إلى جانب تغوّل صلاحيات بعض المؤسسات على الاختصاصات الدولية للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
اتفاقية الأمم المتحدة ورمزية الاحتفال
وخلال مشاركته في برنامج “حوارية الليلة” الذي يُبث على قناة “ليبيا الأحرار” من تركيا وتابعته صحيفة المرصد، شدد عبد الحكيم على أن ليبيا كانت من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مشيرًا إلى أن الاحتفالية التي نظمتها الهيئة بهذه المناسبة جاءت بشكل غير تقليدي، بعيدًا عن مظاهر الترف والاحتفالات الشكلية، إذ تمثلت في اختتام ورشة عمل حول معايير الشفافية في المنافذ البحرية، في خطوة تحمل دلالة واضحة على محاربة الفساد.
تصاعد غير عادي لشبهات الفساد
وأشار عبد الحكيم إلى أن المصطلحات المرتبطة بالفساد داخل المؤسسات باتت متفاوتة، وأن وتيرة شبهات وجرائم الفساد تشهد تصاعدًا غير عادي، ما يعكس تعقّد المشهد المؤسسي والرقابي.
استمرار عمل لجان المتابعة رغم الصعوبات
وأكد أنه رغم الظروف الصعبة والحرجة التي تواجه الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، فإن لجان المتابعة، سواء المعنية بالقطاع المالي أو بالقطاعين العام والخاص، إضافة إلى الإدارة العامة لاسترداد الأموال، تواصل عملها بمهنية عالية رغم كل التحديات.
تآكل استحقاقات ليبيا الدولية
وأوضح أن استحقاقات الدولة الليبية المرتبطة باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بدأت تتلاشى نتيجة التعدّي على هذه الصلاحيات، لافتًا إلى أن فريق العمل الحكومي المكلف بتنفيذ الاتفاقية، والذي كان يضم المؤسسات الرقابية ووزارة الخارجية، تم التعدّي على كامل اختصاصاته خلال السنتين الماضيتين.
إحالة النتائج للجهات المختصة
وبيّن عبد الحكيم أن الهيئة منحت لجان المتابعة الإذن بمواصلة أعمالها داخل بعض المؤسسات رغم الظروف الحرجة، مشيرًا إلى أن هذه اللجان والإدارات المختصة تواصل عملها وتحيل نتائجها إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
تحديات لوجستية وإصرار على الاستمرار
وقال إن الصعوبات الكبيرة، لا سيما اللوجستية ونقص الكوادر، لم تمنع الهيئة من الوصول إلى العديد من الملفات المتعلقة بشبهات وجرائم الفساد في مختلف المجالات، مؤكدًا أن الانقسامات والتعدّي على الاختصاصات ليست ذريعة للتقاعس، وأن الهيئة عازمة على مواصلة عملها والمضي قدمًا رغم كل الظروف.