لجريدة عمان:
2025-10-29@18:45:36 GMT

عن رحيل صعلوك القدس

تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT

عن رحيل صعلوك القدس

من أين يأتي حزننا الكبير على رحيل الشاعر المقدسي فوزي البكري صعلوك القدس؟ ما هذا الشعور باليتم الذي يلفنا جميعا لرحيله؟ رغم ابتعاده عن المشهد الشعري لعقود، بسبب مرضه، ظل فوزي البكري شاعرا وإنسانا حديث الشعراء المقاومين وشاغل الحركة الثقافية، وملهم الشعراء الساخطين، إذ كيف تغيب منارة عقد الثمانينيات في القدس وفلسطين؟ وكيف تخبو دروسه الأخلاقية ومعالم طريقه عن حياتنا؟.

سماه سميح القاسم (صعلوك القدس،) كان شاعرا متجولا خارجا عن تقاليد النص والمجاملات والصداقات المصلحية، في الثمانينيات عاشت القدس أزهى عصورها الثقافية، كان دور النشر تتسابق على طبع الدواوين والروايات والقصص، كانت الفرق المسرحية نشيطة جدا والمقاهي الثقافية كانت تعج بالنقاشات الأدبية ذات الفضاء الوطني النضالي، وكان فوزي البكري ( أبو إسلام) ظاهرة شعرية وإنسانية، شديدة الوضوح، خفة ظل ممزوجة بجرأة كبيرة في قول الحقيقة، وفضح الفاسدين من الشعراء المرتزقة، ولصوص الثورة.

سماه إيميل حبيبي كاشف اهتراء الشعراء،ونابش فضائح الكذابين من مثقفي المناصب، لم ينج من صراحته وغضبه كل من ثبت عليه بيع موقف أو الرخص أمام مثقف متنفذ، عشرات الحكايات لا يعرفها المعظم عن توبيخه لكثير من الفاسدين ثقافيا أمام جمهور مسرح أو أمسية. غياب فوزي خسارة كبرى لنهج المحاسبة والكشف الثقافي الذي كان هو أحد أهم فرسانه، الآن، لا أحد سيغضب ويصرخ، لا أحد سيحتج، على كل تفاصيل البشاعة الثقافية في فلسطين، حتى في غيابه كمريض عن الساحة الثقافية كان فوزي مرعب السيئين، والمنافقين، أقسم لي أحدهم أنه كان لا يجرؤ على المرور من أمام بيته، وحين سألته لماذا، اعترف لي بأنه اشتغل بوزارة الثقافة فترة من حياته، (أول مجيء السلطة) دون أن يداوم يوما واحدا فيها وأنه كان محسوبا على وزارة السياحة، وهذا فساد صريح جدا، وأضاف: كلما مررت من أمام بيته، أشعر أنه يراني ، وأنه سيطل من النافذة الآن، ليمسح بي الأرض. كان هذا الفاسد يضحك، وكنت أنا موشكا على البكاء.

علينا أن لا ننسى من أين أتى فوزي، من أي بيت، في كنف أي أب، فوالده المجاهد ياسين البكري الذي انخرط في النشاط السياسي والوطني واشترك في ثورة عام 1936م.

ألقت سلطة الانتداب البريطاني القبض عليه في أثناء الثورة وأودعته السجن الشهير بـ ِ "سجن المزرعة" بالقرب من مدينة عكا، فلبث في ذلك السجن ثلاثين شهراً.

عندما اندلعت الحرب عام 1948 تداعى الغيورون من الرجال الأحرار فشكلوا حركة "الجهاد المقدس"، وكان الشيخ ياسين من ضمنهم.

كلَّفته حركة "الجهاد المقدس" بقيادة فريق من المجاهدين كانت مهمتهم الدفاع عن البلدة القديمة من القدس.

في خضم الدفاع عن المدينة خاض عدة معارك على أسوارها وحول الأسوار، فضلاً عن المعارك الهجومية التي خاضها مع المجاهدين في مواجهة العصابات الصهيونية في الأحياء الغربية من القدس، ومن أشهرها معركة القطمون ومعركة البقعة ومعركة المونتفيوري.

من ذلك البيت المناضل جاء فوزي وجاءت نصوصه سريعة وثاقبة كالرصاص، وجاءت أخلاقه وكبرياءه، وعزة نفسه هادرة مثل بحر البلاد.

ربما تكون أشعاره واضحة ومباشرة، لكن فيها كل وفاء البلاد وكل انتماء ابن البلد. يكتب عنه صديقه الكاتب جميل السلحوت :( يلاحظ القارئ لأشعار فوزي البكري النّبرة "النّوابيّة" فيها، فالشّاعر لا يناور ولا يهادن في القضايا المصيريّة. وفوزي البكري شاعر هجّاء أيضا، كتب عشرات قصائد الهجاء التي لا تخلو من السّخرية التي تتميّز بها شخصيته، فهو ساخر بطبعه، وقد هجا العديد من المتسلّقين والنّفعيّين والمتاجرين بقضايا الشّعب والأمّة. غير أنّه لم ينشر قصائده في الهجاء، وإن كان يلقيها على مسامع أصدقائه، وقد وصلت قصائد هجائه إلى من هجاهم).

صدر ديوانه الشّعري الأوّل "صعلوك من القدس القديمة" في أواسط ثمانينات القرن العشرين عن دار الصّوت في الناصرة.

وأصدرت له جمعيّة الدّراسات العربية عام 1987 كرّاسة شعريّة تضمّ ثلاث قصائد للقدس بعنوان (شدِّي حيلك يا بلد)

أما ديوانه الشّعري الثالث: (قناديل على السّور الحزين) فقد صدر في القدس عام 1997...

رحمه الله.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

رحيل إيغور تودور عن يوفنتوس.. من سيتولى تدريب الفريق؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أعلن نادي يوفنتوس الإيطالي عبر حساباته في منصات التواصل الاجتماعي، الاثنين، إعفاء المدير الفني إيغور تودور وأعضاء جهازه المعاون من مهامهم.

وقال فريق "السيدة العجوز": "يتقدم النادي بالشكر إلى إيغور تودور وكامل طاقمه، على احترافيتهم وتفانيهم خلال الأشهر القليلة الماضية، ويتمنى لهم كل التوفيق في حياتهم المهنية المستقبلية".

وافترق نادي يوفنتوس عن المدرب الكرواتي، البالغ من العمر 47 عامًا، بسبب سوء نتائج الفريق خلال الآونة الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • محمود فوزي: منظومة مكافحة الفساد تقوم على تكامل السلطتَين التشريعية والتنفيذية
  • الشاعر فوزي إبراهيم يعاتب عمرو أديب: تجاهل أسماء صنّاع الأغاني في الحكاية أمر مؤسف
  • رحيل الطفلة وئام بعد صراع مع المرض جراء خطأ طبي في تعز
  • قنا تودع أيقونة العمل الإنساني.. رحيل "شيماء القوصي" فارسة الخير التي لا تُنسى
  • البكري يبحث برامج تأهيل شباب الضالع ويؤكد دعم الوزارة لنادي عرفان أبين
  • رحيل إيغور تودور عن يوفنتوس.. من سيتولى تدريب الفريق؟
  • فوزي: الاستماع لمقترحات الفلاحين يمثل الضمانة الحقيقية لإخراج قانون تعاونيات زراعية متوازن
  • دلالات تصدّر القضية الفلسطينية خطاب ملك الأردن أمام البرلمان
  • فوزي لقجع: الرؤية الملكية وراء النهضة الكروية المغربية