لا تكن مهذبا مع الذكاء الاصطناعي: دراسة تكشف سر الإجابات الأدق
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
وأوضحت حلقة (2025/10/29) من برنامج "حياة ذكية" أن دراسة علمية حديثة تشير إلى أن استخدام لهجة حادة وجافة مع الذكاء الاصطناعي قد يكون المفتاح للحصول على إجابات أكثر دقة وذكاء.
واختبر باحثون في جامعة ولاية بنسلفانيا تأثير أساليب الحوار المختلفة على جودة إجابات نماذج الذكاء الاصطناعي، وخاصة "شات جي بي تي".
وفاجأت النتائج المنشورة على موقع "ديجيتال تريندز" التوقعات السائدة حول كيفية التعامل الأمثل مع هذه الأنظمة الذكية.
حيث أظهرت النتائج تباينا ملحوظا في دقة الإجابات بحسب أسلوب الحوار المستخدم.
فعند اعتماد ردود شديدة التهذيب والمجاملة، وصلت دقة الإجابات إلى 80%، لكن هذه النسبة ارتفعت تدريجيا مع ازدياد حدة اللهجة في الحديث.
بينما رفع الأسلوب المحايد في الحوار -الذي لا يتضمن مجاملات مفرطة أو حدة واضحة- رفع دقة الإجابات إلى 82.2%.
لكن المفاجأة الحقيقية جاءت عند استخدام لهجة أكثر حدة و"وقاحة"، حيث قفزت النسبة إلى 84.4%، بل وصلت أحيانا إلى 86%.
وهذا يعني أن الفارق بين الأسلوب المهذب جدا والأسلوب الوقح قد يصل إلى 6% في دقة الإجابات.
أسئلة متعددة
وتزيد طبيعة الاختبارات التي أجريت من أهمية هذه النتائج، حيث كانت جميع الأسئلة المطروحة على النموذج أسئلة اختبارات متعددة الخيارات، وليست مجرد أسئلة روتينية معتادة، ما يعني أن الدراسة اختبرت قدرة النموذج على التعامل مع مهام تتطلب دقة ومعرفة متخصصة.
وقدم الباحثون تفسيرا يستند إلى طبيعة برمجة هذه النماذج، وأوضحوا أن الذكاء الاصطناعي لا يفهم المشاعر فعليا، لكنه تمت برمجته ليستجيب بفاعلية أكبر عندما يستشعر أن المستخدم مستاء أو غير راض.
ويشبه هذا السلوك تماما طريقة تعامل موظفي خدمة العملاء الذين يتفاعلون بسرعة أكبر وبتركيز أعلى مع الشكاوى الحادة مقارنة بالاستفسارات العادية.
إعلانورغم هذه النتائج، أشارت الدراسة إلى أن الفارق بين جودة الردود في كلتا الحالتين لا يتجاوز 4% في بعض الحالات، ما دفع البعض للتشكيك في الأهمية العملية لهذا الاكتشاف.
كما أثارت الدراسة ردود فعل متباينة حول قدرة النموذج الفعلية على فهم الأحاديث واستيعاب الفروق الدقيقة في أسلوب الحوار.
وتطرح هذه النتائج تساؤلات أعمق حول طبيعة استجابة نماذج الذكاء الاصطناعي وكيفية تدريبها.
هل تم تعليم هذه النماذج أن الاستفسارات الحادة تستحق إجابات أكثر دقة؟ أم أن هناك آليات داخلية في البرمجة تجعلها تخصص موارد حوسبية أكبر عند استشعار عدم رضا المستخدم؟
Published On 29/10/202529/10/2025|آخر تحديث: 20:10 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:10 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني الذكاء الاصطناعي للنمو والوظائف؟
فيليب أجيون - سيمون بونيل - زافييه جارافيل -
مع بدء أعداد أكبر من الشركات في تجريب الذكاء الاصطناعي ودراسة كيفية تحسين ربحيتها، احتدمت المناقشات حول التأثيرات التي سيخلفها ذلك على العمال.
في الولايات المتحدة، أدى الانفصال الواضح بين تقييمات سوق الأسهم شديدة الارتفاع وتراجع إجمالي فرص العمل (غير الزراعية) بشدة إلى تغذية روايات إعلامية حول تدمير الوظائف بفعل التكنولوجيا.
فلا يكاد يمر أسبوع دون أن تتصدر عناوين رئيسية جديدة الأخبار حول شركات تستخدم الذكاء الاصطناعي لأداء الوظائف الإدارية، خاصة تلك التي يشغلها عادة الخريجون الجدد ومن هم في أسفل السلم الوظيفي.
وفقًا لتقرير صادر عن لجنة الصحة، والتعليم، والعمل، ومعاشات التقاعد في مجلس الشيوخ الأمريكي في وقت سابق من هذا الشهر، قد يتسبب الذكاء الاصطناعي والأتمتة (التشغيل الآلي) في تدمير ما يقرب من 100 مليون وظيفة في الولايات المتحدة خلال العقد القادم. وقد يستشهد أولئك الذين يعربون عن مثل هذه المخاوف باقتصاديين بارزين يزعمون أن ثورة الذكاء الاصطناعي لن تخلف سوى تأثيرات معتدلة على نمو الإنتاجية، ولكن سيكون لها تأثيرات سلبية لا لبس فيها على التوظيف، بسبب أتمتة عدد كبير من المهام والوظائف. نحن نختلف معهم في كلا الأمرين.
إذ يُظهر عملنا الأخير أن الوضع أكثر تعقيدا بأشواط، وليس رهيبًا بالقدر الذي توحي به هذه الروايات المتشائمة. فعندما يتعلق الأمر بنمو الإنتاجية، من الممكن أن يعمل الذكاء الاصطناعي من خلال قناتين متميزتين: أتمتة المهام في إنتاج السلع والخدمات، وأتمتة المهام في إنتاج أفكار جديدة.
عندما فحص إريك برينجولفسون وزملاؤه مؤخرا تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على وكلاء خدمة العملاء في إحدى شركات البرمجيات في الولايات المتحدة، وجدوا أن الإنتاجية بين العمال القادرين على الوصول إلى مساعدي الذكاء الاصطناعي ازدادت بنسبة 14% تقريبا في الشهر الأول من الاستخدام، ثم استقرت عند مستوى أعلى بنسبة 25% تقريبا بعد ثلاثة أشهر.
وجدت دراسة أخرى مكاسب قوية مماثلة في الإنتاجية بين أفراد مجموعة متنوعة من العاملين في مجال المعرفة، حيث شهد العمال الأقل إنتاجية أقوى التأثيرات الأولية، الأمر الذي أدى إلى تضييق فجوات التفاوت داخل الشركات. بالانتقال من المستوى الجزئي إلى المستوى الكلي، في ورقة بحثية صادرة عام 2024، نظرنا (أغيون وبونيل) في بديلين لتقدير تأثير الذكاء الاصطناعي على النمو المحتمل على مدار العقد القادم.
يستغل النهج الأول التوازي بين ثورة الذكاء الاصطناعي والثورات التكنولوجية السابقة، بينما يتبع النهج الثاني إطار عمل دارون عاصم أوغلو القائم على المهام، والذي ندرسه في ضوء البيانات المتاحة من دراسات تجريبية قائمة. استنادا إلى النهج الأول، تشير تقديراتنا إلى أن ثورة الذكاء الاصطناعي يجب أن تزيد من نمو الإنتاجية الكلية بمقدار 0.8 إلى 1.3 نقطة مئوية سنويا على مدار العقد المقبل. على نحو مماثل، باستخدام صيغة عاصم أوغلو القائمة على المهام، ولكن بالاستعانة بقراءتنا الخاصة للأدبيات التجريبية الحديثة، تشير تقديراتنا إلى أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يزيد من نمو الإنتاجية الكلية بما يتراوح بين 0.07 من النقطة المئوية و1.24 نقطة مئوية سنويا، ويبلغ التقدير المتوسط 0.68 من النقطة المئوية. بالمقارنة، يتوقع عاصم أوغلو زيادة قدرها 0.07 من النقطة المئوية فقط.
علاوة على ذلك، يجب أن يُنظر إلى متوسط تقديراتنا على أنه حد أدنى، لأنه لا يضع في الحسبان قدرة الذكاء الاصطناعي على أتمتة إنتاج الأفكار. من ناحية أخرى، لا تأخذ تقديراتنا في الحسبان العقبات المحتملة التي قد تحول دون تحقيق النمو، وخاصة نقص المنافسة في مختلف قطاعات سلسلة قيمة الذكاء الاصطناعي، والتي تسيطر عليها بالفعل شركات الثورة الرقمية الخارقة.
ولكن ماذا عن انعكاسات الذكاء الاصطناعي على تشغيل العمالة في عموم الأمر؟ في دراسة جديدة لبيانات جرى تجميعها على مستوى الشركات الفرنسية بين عامي 2018 و2020، نوضح أن تبني الذكاء الاصطناعي يرتبط إيجابيا بزيادة إجمالي تشغيل العمالة والمبيعات على مستوى الشركات.
تتفق هذه النتيجة مع معظم الدراسات الحديثة للتأثيرات التي تخلفها الأتمتة على مستوى الشركات على الطلب على العمالة، وهي تدعم وجهة نظر مفادها أن تبني الذكاء الاصطناعي يحفز مكاسب الإنتاجية من خلال مساعدة الشركات على توسيع نطاق أعمالها. ويبدو أن تأثير الإنتاجية على هذا النحو أقوى من تأثيرات الإزاحة التي قد يخلفها الذكاء الاصطناعي (حيث يتولى الذكاء الاصطناعي المهام المرتبطة بأنواع معينة من الوظائف والعمال، وبالتالي يقلل من الطلب على العمالة).
وقد وجدنا أن تأثير الذكاء الاصطناعي على الطلب على العمالة إيجابي حتى مع المهن التي تُصنف غالبا على أنها عُـرضة للأتمتة، مثل المحاسبة، والتسويق عن بُـعد، وأعمال السكرتارية. من المؤكد أنه في حين تؤدي بعض استخدامات الذكاء الاصطناعي (مثل الأمن الرقمي) إلى نمو تشغيل العمالة، فإن استخدامات أخرى (في العمليات الإدارية) تميل إلى ترك تأثيرات سلبية بسيطة.
ولكن يبدو أن هذه الاختلافات تنبع من الاستخدامات المختلفة للذكاء الاصطناعي، وليس من الخصائص المتأصلة في المهن المتأثرة. في الإجمال، يتمثل الخطر الرئيسي الذي يهدد العمال في احتمال إزاحتهم من قِـبَـل عمال في شركات أخرى تستخدم الذكاء الاصطناعي، وليس بسبب الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر. ومن المرجح أن يشكل إبطاء وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي هزيمة ذاتية للعمالة المحلية، لأن شركات عديدة ستتنافس على المستوى الدولي مع الشركات التي تتبنى الذكاء الاصطناعي.
في حين يُـظـهِـر تفسيرنا للبيانات أن الذكاء الاصطناعي من الممكن أن يدفع النمو وتشغيل العمالة، فإن تحقيق هذه الإمكانية يتطلب إصلاحات مناسبة في السياسات. على سبيل المثال، يجب أن تضمن سياسة المنافسة ألا تتسبب الشركات الضخمة التي تهيمن على الشرائح العليا من سلسلة القيمة في خنق دخول مبدعين جدد.
وقد وجدت دراستنا أن الشركات التي تتبنى الذكاء الاصطناعي هي في الغالب أكبر كثيرا وأكثر إنتاجية من تلك التي لا تتبناه، وهذا يشير إلى أن الشركات التي تتصدر بالفعل هي في وضع يسمح لها بأن تكون أكبر الرابحين من ثورة الذكاء الاصطناعي. لتجنب تزايد تركز السوق والقوة السوقية الراسخة، يجب أن نشجع الشركات الصغيرة على تبني الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال مزيج من سياسة المنافسة والسياسة الصناعية المناسبة التي تعمل على تحسين القدرة على الوصول إلى البيانات والقدرة الحاسوبية.
ولتعزيز إمكانات تشغيل العمالة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي وتقليل تأثيراته السلبية على العمال إلى الحد الأدنى، سيكون من الضروري توفير فرص الحصول على التعليم العالي الجودة على نطاق واسع، إلى جانب برامج التدريب وسياسات سوق العمل النشطة. إن الثورة التكنولوجية القادمة جارية بالفعل. وسوف يتوقف مستقبل بلدان واقتصادات بأكملها على مدى استعدادها وقدرتها على التكيف معها.
فيليب أجيون حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2025، وهو أستاذ في كلية فرنسا وكلية لندن للاقتصاد، ومشارك في مركز الأداء الاقتصادي.
سيمون بونيل خبير اقتصادي في بنك فرنسا.
زافييه جارافيل أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للاقتصاد.
خدمة بروجيكت سنديكيت