في الوقت الذي تتحول فيها مدينة الفاشر إلى بؤرة جديدة للأزمة السودانية، وسط تصاعد غير مسبوق في حدة العنف والانهيار الإنساني، تلوح في الأفق مخاوف من انزلاق الإقليم نحو مرحلة كوارثية تهدد بتغيير خريطة دارفور سياسيًا وجغرافيًا.

فمع استمرار الحصار ونقص المساعدات وتفشي الانتهاكات ضد المدنيين، باتت الفاشر بحسب مراقبين  على أعتاب واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخ السودان الحديث.

وفي هذا السياق، حذر أستاذ السياسة الدكتور سعيد الزغبي من أن ما تشهده المدينة اليوم يتجاوز مجرد صراع مسلح، ليصبح نقطة تحول خطيرة قد تؤسس لانقسامات إثنية وجغرافية عميقة، مشيرًا إلى مجموعة من السيناريوهات المحتملة لمستقبل الإقليم في ظل غياب ردع فعال وتراجع الاهتمام الدولي.

سعيد الزغبي: الفاشر دخلت مرحلة كوارثية.. والخطر تجاوز حدود العنف العابر إلى انقسام إثني وجغرافي

قال أستاذ السياسة سعيد الزغبي إن مدينة الفاشر دخلت مرحلة كوارثية غير مسبوقة، بعدما خضعت لحصار طويل انتهى بسيطرة مسلحة، وسط تقارير مروعة عن عمليات قتل واسعة واغتصاب واستهداف للمرافق الصحية، إلى جانب انهيار شبه كامل للخدمات الإنسانية، في وقت يواجه فيه مئات الآلاف من المدنيين مصيرًا غامضًا بين الحصار والنزوح القسري.

وأكد الزغبي أن هذا النوع من الانهيار لا يمثل مجرد تصاعد للعنف، بل يغير قواعد اللعبة بالكامل، إذ ينذر بتحول الصراع إلى عنف مؤسس لتقسيمات إثنية وجغرافية قد تولد أزمات إنسانية مستمرة يصعب احتواؤها.

وأوضح الزغبي أن هناك خمسة سيناريوهات محتملة لمستقبل هذا الوضع المأساوي في دارفور:

السيناريو الأول: الانزلاق إلى الإبادة

قال الزغبي إن “السيناريو الأقصى” يتمثل في استمرار الانحدار نحو إبادة أو تطهير عرقي، عبر موجات قتل منتظمة، وتطهير مناطق سكانية تابعة لمجموعات محددة، وإحراق مخيمات النزوح، وانهيار كامل لمؤسسات الدولة المحلية.

وأشار إلى أن هذا السيناريو تغذيه إيديولوجيا الإقصاء والقتل، مع غياب أي رادع خارجي فعال، وقدرة الفاعلين المسلحين على السيطرة على الموارد والطرق، وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية.

السيناريو الثاني: التجميد والتقسيم

أضاف الزغبي أن هذا السيناريو يقوم على تجميد الصراع مع تفكك إداري طويل الأمد، من خلال سيطرة فصائل مسلحة على مناطق واسعة وظهور سلطات موازية، إلى جانب نزوح دائم وعنف دوري دون الوصول إلى مستوى الإبادة اليومية.

ويرى أن هذا الوضع قد ينتج عن استنزاف الأطراف المتحاربة، ووجود توازن قوى محلي أو إقليمي يمنع هجمات شاملة، مع تراجع الاهتمام الدولي تدريجيًا.

السيناريو الثالث: التفاوض الإنساني

وأوضح الزغبي أن هناك احتمالًا لظهور اتفاق محلي مؤقت يفتح ممرات إنسانية، نتيجة ضغوط دولية وإقليمية تفرض هدنة محدودة تشمل تبادل أسرى وتوثيق الانتهاكات وتحسينًا محدودًا في السلامة المدنية.

وقال إن هذا السيناريو يعتمد على دور فاعل للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وعلى قدرة المنظمات الإنسانية على التفاوض واهتمام دولي مفاجئ بالملف السوداني.

السيناريو الرابع: التدخل والضغط الدولي

وأشار الزغبي إلى أن هذا المسار يقوم على تحرك دولي واسع يشمل إجراءات دبلوماسية واقتصادية وعقوبات وإحالات للمحكمة الجنائية الدولية، وربما تدابير عسكرية محدودة من قبل تحالف إقليمي.

وأكد أن هذا السيناريو قد يؤدي إلى تراجع قدرة الجماعات المسلحة على الإفلات من العقاب، خاصة في حال توثيق جرائم حرب وإبادة بشكل رسمي.

السيناريو الخامس: إعادة البناء المشروط بالسلام

واعتبر الزغبي أن الحل الطويل المدى يتمثل في هدنة شاملة تترافق مع عملية سياسية وطنية تفتح الطريق نحو إعادة بناء مؤسسات محلية وعودة تدريجية للنازحين، بدعم من برامج عدالة انتقالية ومصالحة مجتمعية.

وأشار إلى أن تحقيق هذا السيناريو ممكن عبر وساطة وإرادة مصرية، إذا توفرت بيئة إقليمية داعمة ومسار سياسي شامل.

وختم الزغبي تصريحاته مؤكدًا أن المشهد في دارفور قابل لمزيد من التصعيد والانتهاكات إذا استمر الفراغ الأمني وغياب الردع الفعال، لكنه شدد على أن هناك مسارات بديلة يمكن أن تفتح أفقًا للأمل، مثل تجميد الصراع، أو هدنة إنسانية، أو ضغوط دولية متسقة.

وقال إن أي تغيير جوهري في المسار الحالي يتطلب إما ضغطًا خارجيًا منسقًا، أو تحولًا داخليًا سريعًا في توازن القوى، أو حلولًا محلية تضمن حماية المدنيين وفتح ممرات الإغاثة.

طباعة شارك الفاشر دارفور السودان الإبادة الجماعية حرب السودان مدينة الفاشر

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الفاشر دارفور السودان الإبادة الجماعية حرب السودان مدينة الفاشر هذا السیناریو سعید الزغبی ا السیناریو أن هذا

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تدعو إلى هدنة إنسانية في السودان

طالبت الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، أطراف النزاع في السودان بحماية المدنيين.

ودعت الأمم المتحدة للسماح بتسليم المساعدات للمواطنين في الفاشر.

ودعت الأمم المتحدة إلى هدنة إنسانية في السودان.

اقرأ أيضاً.. صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة

اقرأ أيضاً.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يحذر من فظائع الدعم السريع في الفاشر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني: نعيش لحظة صعبة لكنها ليست نهاية الطريق

وقال مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، إن ما يمر به السودان هو لحظة صعبة لكنها ليست نهاية الطريق.

واضاف :"نتعهد للشعب ببذل كل الجهود لتجاوز هذه المحنة".

وأكمل قائلاً :"تراجع الجيش في القتال بالفاشر يدعونا جميعا إلى التماسك".

ودعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، اليوم الثلاثاء، إلى وقف فوري لإطلاق النار في مدينة الفاشر شمال دارفور، وإتاحة وصول إنساني آمن ودون عوائق إلى جميع السكان المتضررين.

وحذرت المنظمة من أن أعمال العنف المتصاعدة في المدينة تشكل خطرا بالغاً على حياة نحو 130 ألف طفل ما زالوا محاصرين في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية.

وأكدت يونيسف على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات ضد المدنيين دون استثناء، مشددة على أن حماية الأطفال يجب أن تبقى أولوية قصوى في أي جهود إنسانية أو سياسية تُبذل لإنهاء الصراع في السودان.

قال الاتحاد الأفريقي إنه يندد بالفظاعات وجرائم الحرب المفترضة بالفاشر في السودان.

وقالت شبكة أطباء السودان، اليوم الثلاثاء، إن قوات الدعم السريع اختطفت 6 من الكوادر الطبية في الفاشر.

وفي هذا السياق، قالت القوة المشتركة لحماية المدنيين بإقليم دارفور إن ميليشيات الدعم السريع قتلت أكثر من ألفي مواطن بالفاشر يومي الأحد والاثنين.

ويأتي ذلك في ضوء استمرار الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وتواصل قوات الدعم السريع عرقلة إدخال المساعدات الإنسانية إلى السودان.

اقرأ أيضاً.. صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة

اقرأ أيضاً.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يحذر من فظائع الدعم السريع في الفاشر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني: نعيش لحظة صعبة لكنها ليست نهاية الطريق

ويأتي ذلك في إطار مُواصلة قوات الدعم السريع انتهاكاته تجاه أبناء الشعب السوداني

وفي وقت سابق، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الفاشر، ويستهدف الجيش السوداني قوات الدعم السريع من كل الاتجاهات في الفاشر.

 ويأتي ذلك في إطار تصدي الجيش السوداني لعناصر من قوات الدعم السريع تسللوا لمدينة الفاشر.

وفي وقت سابق، حذّرت منظمات أممية من تدهورٍ إنساني خطير في مدينة الفاشر غربي السودان، داعيةً إلى وقفٍ فوريٍ للأعمال العدائية وحماية المدنيين، خصوصًا الأطفال الذين يواجهون أوضاعًا كارثية.

 وأوضحت المنظمات في بيان مشترك أن المرافق الصحية في المدينة انهارت بالكامل، فيما يواجه آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية خطر الموت في ظل نقص الإمدادات الطبية والغذائية.

مقالات مشابهة

  • عبدالمنعم سعيد: البحث عن حل سياسي شامل ضرورة ملحّة لإنهاء أزمة غزة
  • لتدهور الأوضاع.. رئيس حكومة دارفور يدعو المنظمات الإنسانية للتدخل العاجل بالفاشر
  • نشأت الديهي يُحذّر من تصاعد العنف في السودان ويدعو إلى عدم التدخل الأجنبي
  • نشأت الديهي يُحذّر من تصاعد العنف في السودان ويدعو لعدم التدخل الأجنبي
  • اعتكاف في الرياض و300 مليون دولار معلقة.. بن بريك على حافة الانهيار
  • هيئة محامو دارفور: ما يجري في الفاشر يرقى إلي جرائم إبادة جماعية
  • الأمم المتحدة تدعو إلى هدنة إنسانية في السودان
  • مجدلاوي .. أطفال غزة يعيشون على حافة الفناء الإنساني وسط انهيار صحي ومعيشي شامل
  • مناوي .. سقوط مدينة الفاشر لا يعني التفريط بمستقبل دارفور