أكد الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن ما يحدث في السودان بات يتطلب رسم خط أحمر جديد لحماية الأمن الإقليمي، محذرًا من أن سقوط مدينة الفاشر يمثل تطورًا بالغ الخطورة على وحدة الدولة السودانية.
وأوضح "عكاشة" خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج "المشهد" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء الأربعاء،  أن الفاشر تُعد آخر نقطة كانت تمارس فيها الدولة السودانية سيادتها داخل إقليم دارفور، الذي وصفه بأنه مساحة هائلة تعادل نصف مساحة مصر تقريبًا، وتاريخيًا هو مركز للصراعات المسلحة وعدم الاستقرار.


وأشار إلى أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ارتكب مجازر في دارفور خلال فترة حكم البشير، وهو ما يعكس استمرار دوامة العنف التي لم تنجح الدولة السودانية في احتوائها.
وقال: “دارفور لم تمتد إليها يد الدولة لتحديثها أو تطويرها بسبب ضعف الإمكانيات، وهو ما شجع الميليشيات على التمرد والانقضاض على مؤسسات الدولة”.
وأضاف أن إقليم دارفور يعيش ما يمكن تسميته باللعنة الجغرافية، إذ تحيط به دول هشة تعاني من سيولة سياسية وأمنية، مما جعل الإقليم ساحة مفتوحة للصراعات والتدخلات الإقليمية.
وأوضح أن هذه العوامل “حولت دارفور إلى بؤرة توتر مزمنة يصعب السيطرة عليها دون تدخل إقليمي منظم ورسم خطوط واضحة تحمي الأمن القومي العربي والإفريقي”.

اقرأ المزيد..

ما اضطراب ثنائي القطب.. أستاذ نفسي يكشف معلومة صادمة (فيديو) أمين الفتوى: افتتاح المتحف المصري الكبير يوم من أيام الله ورسالة روحانية إلى العالم زاهي حواس: المتحف المصري الكبير أيقونة وعي أثري جديد في المجتمع "حميدتي" يتفاخر بعمليته الإرهابية في الفاشر.. "عمل يُدرّس بجامعات المكر والعنصرية" زاهي حواس: المتحف المصري الكبير يحظى بأكبر دعاية عالمية في التاريخ الحديث المتحف المصري الكبير.. هوس أجنبي بحاكم مصر العظيم في البهو الكبير (فيديو) فاروق حسني: استفزاز إيطالي سبب فكرة إنشاء المتحف الكبير.. وهذا دور مبارك والمشير السفير الفرنسي بالقاهرة يزور مصابي غزة بالعريش ويشيد بشجاعة سيدة فلسطينية.. فيديو تتر مسلسل ولد وبنت وشايب يشعل مواقع التواصل.. ومؤلفه يكشف سر الإبهار (فيديو) المتحف المصري الكبير.. هدية مصر للعالم وقاطرة جديدة للتنمية السياحية (فيديو)

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدكتور خالد عكاشة المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية خط أحمر جديد حماية الأمن الإقليمي الدولة السودانية الإعلامي نشات الديهي نشأت الديهي المتحف المصری الکبیر

إقرأ أيضاً:

دارفور.. ستغيّر المشهد

 

دارفور.. ستغيّر المشهد

احمد عثمان جبريل

في التاريخ محطات لا تُقاس بعدد القتلى ولا بحجم المدن، بل بما تسقطه من المعاني في قلوب الناس.. وسقوط الفاشر لم يكن حدثًا عسكريًا فحسب، بل جرحًا مفتوحًا في ضمير الوطن كلّه.

قال الفيلسوف العربي عبد الرحمن الكواكبي:
“الاستبداد يقلب القيم فيجعل الأمة تكره الحرية وتحب العبودية، حتى إذا خُيّرت بين الطغيان والفوضى اختارت الطغيان.”

(1)
صمدت الفرقة السادسة في الفاشر أكثر من أربعة أشهر، تقاتل وهي محاصرة من كل الجهات بلا طعام ولا دواء ولا إمداد.. رجالها كانوا يقاتلون من بقايا قوتهم، والمدينة من حولهم تختنق تحت الحصار، بينما السماء تُمطر نارًا والأرض تُنزف دمًا.. قائدها ظلّ ثابتًا، مؤمنًا بأن الفاشر ليست مجرد موقع بل آخر ما تبقى من شرف الجندية السودانية.. كان يمكن له أن يصمد أكثر، لو جاءته المعينات، أو لو كفّ عنه القتل بقرار سياسي حكيم.. لكنه واجه المصير ذاته الذي واجهه سابقا قائد مدني من قبل، حين أمرته القيادة أن “ينتحر في موقعه”، ليُترك بعدها الجنجويد يعيثون في الجزيرة وسنار حتى تخوم القضارف.. هكذا يُكتب مصير المدن في هذا الوطن: “لا بالرصاص، بل بقرارات مرتبكة من فوق”.

(2)
بسقوط الفاشر، لم يسقط جدار عسكري فحسب، بل سقطت آخر نقطة توازن في جسد الدولة.. هذا السقوط كشف هشاشة القيادة وعمق التواطؤ، وفتح الباب أمام سيناريو كان الجميع يخشونه: “أن ينقسم السودان فعليًا إلى شرق وغرب” وأن يُعاد رسمه ليس بالاتفاقات، بل بالدماء.. فبعد الفاشر، لن يكون الطريق إلى الأبيض إلا امتدادًا لخرابٍ متسلسل، وسينكشف الغرب أمام واقعٍ جديدٍ يهدد معنى الدولة نفسها.. نعم الدولة السودانية كلها.

(3)
ولأن القيادة لا تتعلم من التاريخ، خرج البرهان ببيان متهالك يبرّر فيه الانسحاب من المدينة بأنه “إعادة تموضع وتأمين للقوات”.. أيّ تأمين هذا الذي يترك المدنيين نهبًا للموت والجوع والاغتصاب؟ يا ليته صمت.. وأيّ قائدٍ هذا الذي يتحدث عن حماية جنوده بينما شعبه يُباد أمام عينيه؟ هذه ليست كلمات قائد، بل اعتراف بالعجز.. فحين يتخلّى القائد عن واجبه الأخلاقي، تسقط معه هيبة الدولة، ويصبح الوطن بلا درع ولا بوصلة.. لا أدري ربما كان هناك بيان غير الذي قاله البرهان وتراجع عنه في آخر لحظة.

(4)
البرهان اليوم لا يقود جيشًا، بل يُقاد من وراء ستارٍ كثيف تمسك بخيوطه الحركة الإسلامية التي أضاعت البوصلة منذ زمن.. نعم هذه الحركة التي تحوّلت من مشروعٍ حضاري كما ادعت إلى شبكة مصالحٍ ودماء، تُمسك برقبة الجيش وتوجّهه كما تشاء، يمينًا ويسارًا، وفق حساباتٍ لا علاقة لها بالوطن ولا بإنسانه.. وهذا الذي يعرفه كل الشعب السوداني، لقد جعلوا من الحرب وسيلة لاستعادة نفوذٍ سياسي مفقود، حتى لو كان الثمن دماء الأبرياء في دارفور والجزيرة وكل بقاع السودان.

(5)
ولأنهم لا يرون في السلام إلا تهديدًا لمصالحهم، رفض البرهان الهدنة التي طرحتها واشنطن لثلاثة أشهر.. رفضها وهو يعلم أن القبول بها كان سينقذ مئات الأرواح، ويمنح مدنه المحاصرة متنفسًا إنسانيًا.. لكنه لم يملك قرار نفسه، فالتعليمات تأتيه من “الظل” لا من الضمير. وهكذا اختار العناد على الحكمة، وفضّل أن يُقاتل حتى آخر مدني، لا حتى آخر جندي.

(6)
وفي خضم هذا الانهيار، جاء صوت المبعوث الأميركي مسعد بولس محذرًا: “سنعطي طرفي النزاع فرصة أخيرة للتجاوب مع التهدئة، وإلا سنضطر لاتخاذ إجراءات”. لكنها عبارة سمعها السودانيون من قبل في أزمنة مشابهة، ولم يروا بعدها سوى صمتٍ دولي أطال أمد المأساة. فالعقوبات والبيانات لا تُسكت المدافع، ولا تحمي النساء من الاغتصاب، ولا تطعم الجياع في معسكرات النزوح.. العالم يهدد دائمًا بعد فوات الأوان، ثم يعود إلى متابعة نشراته المسائية وكأن شيئًا لم يكن.

(7)
الأمم المتحدة اعربت عن قلقها، والاتحاد الإفريقي منشغل بالبيانات، والعواصم الكبرى ستمارس كذلك إنسانيتها بعباراتٍ باردة.. لكن دارفور تشتعل، والفاشر تنزف من المذابح والتطهير العرقي، وأهلها يدفنون أبناءهم بأيديهم.. لا يحتاج السودان إلى مزيد من القلق، بل إلى شجاعة دولية تضع حدًا للقتل المنهجي الذي تمارسه قوات الدعم السريع ضد مكوناتٍ بعينها.. ما يحدث ليس حربًا أهلية، بل إبادة عرقية منظمة يعرف مرتكبوها أنهم في مأمن من العقاب.

(8)
الفاشر ليست مدينة فقط، بل مرآة لما وصل إليه حال السودان.. فالحرب التي قيل إنها لحماية الدولة، دمّرت الدولة. والجيش الذي قيل إنه يقاتل لاستعادة الوطن، خسر الوطن في سبيل سلطةٍ ضيقة.. لم تعد هناك قضية سوى قضية الإنسان السوداني الذي صار وقودًا لمعارك لا تخصه.. وما لم يتوقف هذا الجنون، فإن السودان يسير بخطى ثابتة نحو ظلامٍ لا عودة منه.. نعم، نحن متجهون نحو (هيتو وهتسو جديد) ودولة على غرار ما يجرى في ليبيا.

(9)
نعم، الفاشر ستغيّر المشهد، لكنها قد تغيّره نحو الهاوية إن لم يستيقظ الضمير الجمعي للسودانيين قبل فوات الأوان.. ايها السودانيون هبوا لنجدة ما تبقى من وطن فما حدث هناك ليس نهاية الحرب، بل بداية لتفككٍ كامل، سيبتلع الجميع بلا استثناء.. لن يوقف هذا النزيف إلا موقف وطني صادق يقطع الصلة بين السلاح والسياسة، ويعيد الجيش إلى مكانه الطبيعي كحامٍ للوطن لا كأداةٍ لحركةٍ أيديولوجيةٍ عمياء.. فالسودان لا يحتاج إلى قائدٍ جديد، بل إلى ضميرٍ جديد، يعيد للوطن ما فقده من معنى، وللإنسان ما فقده من أمل.
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد..
إنا لله ياخ.. الله غالب.

الوسومأحمد عثمان جبريل اعتراف بالعجز تبرير الانسحاب تغيّر المشهد دارفور سقوط الفاشر

مقالات مشابهة

  • خبير استراتيجي يحذر: ما يحدث في دارفور مؤامرة دولية لتقسيم السودان إلى ثلاث دول
  • خالد عكاشة: ما يحدث في السودان بات يتطلب رسم خط أحمر جديد لحماية الأمن الإقليمي
  • الصحة العالمية: مقتل أكثر من 460 شخصا في أحد مستشفيات الفاشر السودانية
  • تحذيرات بخطورة الوضع الإنساني في مدينة الفاشر السودانية
  • الدعم السريع تسيطر على دارفور وتقسم السودان: هل قلبت الإمارات ميزان الأمن القومي المصري؟
  • الدعم السريع تسيطر على دارفور ويقسم السودان: هل قلبت الإمارات ميزان الأمن القومي المصري؟
  • الدعم السريع يسيطر على دارفور ويقسم السودان: هل قلبت الإمارات ميزان الأمن القومي المصري؟
  • خبير عسكري: سقوط الفاشر تحول بمعارك السودان لكنه لن ينهي الحرب
  • دارفور.. ستغيّر المشهد