أكد وكيل الأزهر الشريف الدكتور محمد الضويني أهمية العلم والمعرفة، وقال إن العلم سلاح والمعرفة قوة، وأن المجتمعات والشعوب إذا لم تتسلح بالعلم والمعرفة فلن يكون لها أثر في العالم الذي ربما تتوقف أحداثه سياسة واقتصادا واستقرارا وأمنا على معلومة، ناهيك عن أثر العلوم والمعارف في مسار الدول والأوطان.

وأضاف وكيل الأزهر: أنه إذا كان العصر الحاضر ثريا بالمعرفة ومصادرها فإن هذا في ذاته تحد كبير يوجب علي الشباب أن ينتبهوا لمصادر تكوين عقولهم، ومنابع بناء قناعاتهم، فكثير من المصادر موجهة، تدس السم في العسل .

. وأن الحماية من تلك الأخطار تحتاج إلى يقظة كبيرة ووعي تام، وجهد متواصل مع فهم عميق، وإدراك وروية.

وذكر وكيل الأزهر، الشباب، خلال كلمة الخميس، في افتتاح الملتقى التاسع الذي يعقده مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي بمصر بعنوان: «الشباب والمعرفة» بمشاركة 22 دولة- أن تراثنا وعلومنا وتاريخنا وحضارتنا محل عناية واهتمام لدى الغرب، لذلك لا ينبغي أن ينخدع الشباب بما يُروج من أفكار تدور حول رفض الماضي بالكلية، فعلى الشباب ألا يردد مع من يردد: «ما جدوى البحث في كتب قديمة؟ وما فائدة هذه الجهود التي تبذل في رصد الكتب والمخطوطات والعمل عليها فهرسة وتحقيقا وتحليلا؟. 

وأضاف: إذا كان اقتحام علوم العصر ضرورة، فلا بد أن تكون أقدام الشباب ثابتة على أرض صلبة من حضارتنا وتاريخنا وقيمنا؛ فإن الاستغراق فيما يطرحه العصر، والاستجابة غير المشروطة لعطائه المتقلب لا يدع فرصة لليقظة، ويظل ينقل الإنسان خطوة بعد خطوة بعيدا عن هويته وقيمه حتى تملكه حالة من الاغتراب، أو بالأحرى التغريب المتعمد.

ودعا وكيل الأزهر الشباب أن يتذكروا أن العلم لا يستغني عنه مجتمع ولا وطن ولا أمة، وأننا إذا كنا أمة العلم، وأمة «اقرأ» وإذا كنا أمة «أخرجت للناس»؛ فلا يليق بنا أن نخرج للناس بلا علم يرشد حركتنا في الحياة، ويقوم سيرنا فيها! والواجب ونحن نسعى لامتلاك علوم العصر ألا يكون بيننا وبين تراثنا قطيعة معرفية، أو غربة علمية تجعلنا على هامش التاريخ، وكل واحد فينا عليه واجب علمي لا يتعداه إلى غيره.

ولفت إلى أن الجرائم التي ترتكب في حق الإنسانية لم تتوقف عند قطاع غزة فحسب، مشيرا إلى أن السودان يباد أهله، ولا ألم من قلب، مستشهدًا بما تضمنته كلمة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب هذا الأسبوع في إيطاليا، حيث أكد أن مشهد غزة الذي يجثم على الصدور منذ أكثر من عامين ليكشف عن خلل خطير في بنية النظام الدولي، واضطراب بالغ في سياساته، وأن «السلام الدولي» بات أمره رهنا بموازين القوة وعنفوانها، وتجارة الأسلحة ومكاسبها، والحروب واقتصاداتها.

ونبه وكيل الأزهر إلى أن الواقع يفرض علينا سلوكًا نوعيا، فنحن نعيش في عالم مضطرب لا يسمع فيه إلا للأقوى، لافتا إلى أن هذا الملتقى يأتي على درجة كبيرة من الأهمية؛ في ظل ما نعيش صداه من عالم مشحون باشتباكات فكرية، واستقطاب حاد، ومحاولات مستميتة لتدمير دول وشعوب باستخدام أساليب متنوعة، تستهدف المادة الصلبة للوطن، وهم الشباب، وتسعى إلى قطع الشباب عن تراثهم وعلومهم، وتزييف وعيهم وفكرهم.

وتابع وكيل الأزهر خلال كلمته: أن «الشباب والمعرفة» كلاهما قوة لا يستغني عنها وطن ولا أمة، وإذا كان لكل أمة ثروة تعتز بها، ورصيد تدخره لمستقبلها وقوة تبني عليها مجدها ونهضتها، فإن في مقدمة هذه الثروة الشباب الذي يعد الدعامة الأساسية في المجتمع، والثروة الحية الحقيقية فيه، والأمل المرتجى على الدوام.. وإن من مظاهر التحضر والرقي لدى الأمم أن تعنى بالشباب، وأن تهيئ لهم ما يجعلهم رجالا أكفاء أقوياء تقوم الأوطان على سواعدهم.

واستطرد: إن الشباب هم القوة الأكثر تأثيرا في الحاضر وهم المحرك الأهم في المستقبل؛ وجاء الإسلام بمنهج يعلي من قيمة الشباب، ويعمل على تربية نفوسهم، وتوجيه قلوبهم وأفكارهم ومشاعرهم، ويراعي طاقاتهم وقدراتهم الكامنة، ويضع السبل التي تعينهم على تسخير تلك الطاقة في الخير والمعروف، وبما يعود عليهم بالفائدة في أنفسهم وأوطانهم، وبما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
 

طباعة شارك محمد الضويني الأزهر العالم

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: محمد الضويني الأزهر العالم وکیل الأزهر إلى أن

إقرأ أيضاً:

مفترق الطريق.. شهادة ترامب وعودة فرعون العصر

 

 

 

زاهر بن سيف بن سلطان المسكري

 

في عالمٍ مضطربٍ تتنازع فيه الروايات والمصالح، جاءت كلمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كصفعةٍ على وجه النفاق السياسي.

قال الرجل بوضوح مذهل: “لقد واجهتُ صعوبةً كبيرة في جلب الدعم لإسرائيل، ولا أفهم ذلك، لأنني نشأتُ في عالمٍ يدور كلّه حول إسرائيل. كانت قوةً مذهلةً سياسيًا!

كلمةٌ واحدةٌ سيئة عن إسرائيل كانت تُبعدك تمامًا عن عالم السياسة، أما اليوم فكلمةٌ واحدةٌ جيدةٌ عن إسرائيل تُبعدك تمامًا عن عالم السياسة!”

أيُّ انقلابٍ هذا؟!

هل تغيّرت المعايير؟ أم أن الحقائق كانت مختبئة خلف ستار الإعلام والسيطرة والنفوذ؟

ترامب نفسه، وهو من صُنّاع القرار في قلب أمريكا، يعترف بأن الزمن تبدّل، وأنَّ تلك الهالة الحديدية التي كانت تحيط بإسرائيل بدأت تتآكل من الداخل.

لقد هزّ السابع من أكتوبر العالم، لا لأنه يوم حربٍ فقط، بل لأنه زلزال وعيٍ كوني أعاد ترتيب العقول والمفاهيم.

العالم الذي كان يصفق للغطرسة بدأ اليوم يرى المشهد بعيون الضمير الإنساني: أطفالٌ يُقتلون، مدنٌ تُهدم، شعوبٌ تُحاصر، بينما الإعلام المزيّف يحاول تجميل الجريمة.

من ذا الذي لم يسمع بقصة فرعون الطاغية الجبار، وموسى نبي الله المختار؟ قصةٌ خلدها القرآن لتكون مرآةً لكل زمن، وحُجةً على كل سلطانٍ متجبر.

قال فرعون لقومه متباهيًا: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ﴾

كان يملك النهر والجيش والهيبة، لكنه فقد الإيمان.

ظنّ أنه يهب الحياة ويمنح الموت، حتى بلغ به الغرور أن يقتل أطفال بني إسرائيل خوفًا من زوال عرشه. لكن الله، العزيز الحكيم، أخرج من رحم الخوف نبيًا سيقلب الموازين.

تربى موسى في بيت فرعون نفسه، في القصر الذي أراد له أن يكون وريثًا، فإذا بالقدر الإلهي يصنع منه نقيضه: رسولًا يواجهه، لا تابعًا له.

خرج موسى خائفًا يترقّب، مطاردًا، حتى أواه الله إلى مدين، فتعلم من نبي الله شعيب معنى القيادة بالتقوى والصبر. ثم عاد بآياتٍ بيّنات: عصا تتحول إلى حيّةٍ عظيمة، ويدٌ تخرج بيضاء من غير سوء، تحمل معاني النور والهداية.

وفي يوم الزينة، جمع فرعون الناس كما يُجمع الجمهور في نهائي كأس العالم؛ سحرةٌ، ضجيجٌ، أبّهةٌ، وكاميرات ذاك الزمن. لكن الحق لا يُخدع. ألقى موسى عصاه، فإذا هي تلقف كل ما صنعوا، فخرّ السحرة سُجّدًا قائلين: ﴿آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى﴾.

ذلك المشهد الخالد يتكرر اليوم في غزة، حين تواجه الحقيقة المجردة آلة الباطل المزيّفة، فينكشف الوهم أمام عيون الملايين.

فرعون اليوم ليس شخصًا واحدًا، بل منظومة كاملة من المال والإعلام والهيمنة. كيانٌ زُرع قسرًا في أرضٍ لا يملكها، وقام على أنقاض شعبٍ طُرد من وطنه.

احتلّ باسم الحماية، وقتل باسم الاصطفاء، وسمّى الظلم “دفاعًا عن النفس”. سحر فرعون العصر لم يكن عصًا تتحرك، بل شاشةً تُضلّل، ومراسلًا يُكذّب، ومنصةً تُجمّل الدماء بلغةٍ ناعمة. لكن الله لا يُخدع.

وما نراه اليوم هو تكرارٌ لمشهد الزينة القديم: تسقط أدوات السحر الإعلامي واحدةً تلو الأخرى، وتنكشف الأكاذيب أمام الشعوب.

لقد بدأ العالم يرى الحقيقة، وبدأت الشعوب الحرة- بما فيها شعوب الغرب- تُعلن رفضها للقتل والحصار والتجويع.

انكشفت الأقنعة، وسقطت الهالة التي طالما أخفت خلفها مشروعًا يقوم على الخداع والتضليل.

إنّ الغرور السياسي والإعلامي الذي صنع هيبة إسرائيل بدأ ينهار كما انهار فرعون في النيل.

لن تنقذهم ترساناتهم، ولا تحالفاتهم، ولا فيتوهم في مجلس الأمن، كما لم تُنقذ فرعون جنوده ولا سحرته.

ستظهر الحيّة من جديد؛ حيّة موسى، لا من خشبٍ هذه المرة؛ بل من أرواح غزة الصامدة التي تبتلع الزيف وتُظهر النور. وحينها سيسجد الأحرار في كل أمة، مؤمنين بأن الحق لا يموت.

سيقول التاريخ مجددًا: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾، وليعلم الطغاة والمنافقون أن الله إذا أراد أن يُظهر الحق، لا تُغلق أمامه أبواب الإعلام ولا أسوار القصور.

رسالة إلى اليهود الشرفاء الذين يرفضون القتل باسم الدين، وإلى المسيحيين الذين يرون في العدالة طريق الخلاص، وإلى المسلمين الذين ابتُلوا بالمنافقين بين صفوفهم، وإلى كل إنسانٍ لم يبع ضميره: إن الحق لا يُقاس بالانتماء، بل بالفعل. ومن يقف اليوم ضد القهر والقتل فهو مع موسى لا مع فرعون، مع الإنسان لا مع الأصنام.

وختامًا. ستبتلع الحية ما تبقى من الظلمة، وسينتصر النور كما انتصر في القديم، وسينجو أهل الإيمان كما نجا موسى ومن معه.

"وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا" (الإسراء: 81).

والحمد لله رب العالمين.

مقالات مشابهة

  • جريمة إنسانية.. وكيل الأزهر: السودان يباد أهله بلا وخز من ضمير
  • رئيس جامعة الأزهر يشارك في "ملتقي الشباب والمعرفة"
  • الأزهر يشارك في ملتقى الشباب العالمي التاسع تحت شعار “الشباب والمعرفة”
  • ميليشيا آل دقلو.. مغول العصر
  • «معرض الشارقة الدولي للكتاب» يجمع ثقافات العالم ويهدي جمهوره 12 يوماً من الإلهام والمعرفة
  • صناعة الوعي.. الأوقاف تنظم 1010 قافلات دعوية بمراكز الشباب
  • رئيس جامعة الأزهر: زكاة العلم إنفاقه ونشره بين الناس
  • رئيس جامعة الأزهر: زكاة العلم إنفاقه ونشره بين الناس وتعليم العلم يزيده ولا ينقصه
  • مفترق الطريق.. شهادة ترامب وعودة فرعون العصر