المتحف المصري الكبير.. الأزهري: الصحابة زاروا الإهرامات وكانت نظرتهم إعجابًا لا هدمًا
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
مع افتتاح المتحف المصري الكبير، وبين إعجاب العالم بالحضارة المصرية وفخر المصريين بها من جانب، وتشكيك المتشددين ممن يضعوا الأثار المصرية القديمة في كفة ميزان واحدة مع عبادة الأوثان في الإسلام، نتذكر كلمات الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف عن نظرة علماء المسلمين والصحابة للأهرامات وإجلالهم لها الذي وصل إلى حد نقش أسماءهم عليها، ليكن رد قاطع وقوي أمام من يتهمون حضارة المصري القديم بالتكفير والبعد عن أصل الشريعة الإسلامية.
حيث قال الأزهري خلال أحدى حلقات برنامجه السابق «تجارب حياة»، إن علماء الأمة الإسلامية نظروا إلى الأهرامات والآثار المصرية نظرة إعجاب وإكبار، باعتبارها رمزًا لعبقرية الإنسان المصري وإبداعه في عمارة الأرض، مشيرًا إلى أن هذا الإعجاب تجلى في كتابات العلماء المسلمين منذ قرون طويلة.
وأوضح الأزهري أن الإمام عبداللطيف بن يوسف البغدادي، أحد كبار علماء الإسلام، سجّل مشاهداته للهرم الأكبر في عبارات دقيقة ومليئة بالإعجاب والانبهار ببراعة البناء ودقته الهندسية، مشيرًا إلى أن هذه الكتابات تمثل وثيقة حضارية مهمة تكشف احترام العلماء المسلمين للمنجز الإنساني على أرض مصر.
الصحابة زاروا الأهرامات ونقشوا أسماءهم عليها تمجيدًا لله
وأضاف الأزهري أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم عندما دخلوا أرض مصر، زاروا الأهرامات وتأملوا هذا البناء المهيب، وسجّل بعضهم أسماءهم على جدرانها، وكتبوا عليها عبارات التوحيد مثل: «يوحّد الله فلان»، كما نقل الإمام أبو جعفر الإدريسي في كتابه «أنوار علوي الأجرام في بيان خبر الأهرام».\
وأكد الأزهري أن هذه الواقعة التاريخية تُظهر أن نظرة الصحابة كانت قائمة على التفكر والتأمل في عظمة الخلق، لا على الرفض أو التحريم أو الهدم كما يدّعي البعض اليوم.
سعد بن أبي وقاص صلّى في قصر كسرى بين التماثيل ولم يأمر بإزالتها
وتابع الأزهري موضحًا أن التاريخ الإسلامي يحمل شواهد قوية على تعامل الصحابة مع الآثار القديمة بوعي ديني وحضاري رفيع، قائلًا:«لما دخل سيدنا سعد بن أبي وقاص، أحد العشرة المبشرين بالجنة، إلى إيوان كسرى، قرأ قول الله تعالى: (( كم تركوا من جنات وعيون ( 25 ) وزروع ومقام كريم ( 26 ) ونعمة كانوا فيها فاكهين ( 27 ) كذلك وأورثناها قوما آخرين ( 28 ))، ثم صلى فيه صلاة الفتح ثماني ركعات لا يفصل بينهن، واتخذه مسجدًا، رغم أن القاعة كانت تحتوي على تماثيل من الجصّ لرجال وخيل، ولم يمتنع هو ولا المسلمون عن الصلاة فيها، بل تركوها على حالها».
وأشار الأزهري إلى أن هذا الخبر نقله عدد من كبار العلماء، منهم الإمام الطبري في «تاريخ الرسل والملوك»، والإمام أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي في كتابه «الاكتفاء بما تضمنه مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم والثلاثة الخلفاء»، حيث أكدا أن الصحابة لم يروا في هذه التماثيل ما يمنع العبادة، لأنهم فهموا أن حرمة التماثيل تكون عند عبادتها، لا عند وجودها الأثري والتاريخي.
الوعي الديني لا ينفصل عن الوعي الحضاري
وختم الأزهري حديثه بالتأكيد على أن الإسلام دين علمٍ وتأمل، لا جهلٍ ولا هدم، قائلاً:«حين نفهم كيف تعامل الصحابة والعلماء مع آثار الأمم السابقة، ندرك أن الحفاظ على التراث الإنساني لا يتعارض مع الإيمان، بل هو من شكر النعمة وإحياء الوعي الحضاري».
وأكد أن المتحف المصري الكبير يمثل امتدادًا لهذه الروح الإسلامية الحضارية التي ترى في حفظ الآثار تكريمًا للعقل والذاكرة، وليس تعارضًا مع العقيدة، داعيًا إلى إعادة قراءة التاريخ الإسلامي بعيون منصفة بعيدة عن التطرف.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهرى الأهرامات الصحابة أسامة الأزهري وزير الأوقاف المتحف المصري المتحف المصري الكبير
إقرأ أيضاً:
هل يجب قراءة سورة البقرة من جلسة واحدة لتحصيل فضلها .. رأي العلماء
يتداول المسلمون دوما الحديث عن مكانة سورة البقرة وفضائلها، لما ثبت في السنة من أثرها العظيم في طرد الشياطين والتحصين من السحر والحسد، حتى أصبحت من أكثر السور حرصًا على قراءتها داخل البيوت.
ومع انتشار التساؤلات حول كيفية الحصول على هذه البركة، اتجه الكثيرون لمعرفة هل يشترط قراءتها كاملة في جلسة واحدة، أم أن قراءتها على مراحل كافية لذلك.
وقد أوضح العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بفضل السورة كاملة، إضافةً إلى فضائل خاصة ببعض آياتها مثل آية الكرسي وخواتيم السورة، ومن الأحاديث الصحيحة المشهورة في هذا الباب حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة رواه مسلم برقم 780.
وبيّن أهل العلم أن الإمام النووي رحمه الله ذكر أن رواية الحديث وردت بلفظين ينفر ويفر، وكلا اللفظين صحيح، ويلتقيان في المعنى الذي يدل على أن الشياطين تبتعد عن البيت الذي تُتلى فيه هذه السورة المباركة.
كما ورد حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، يقول فيه إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة رواه مسلم برقم 804.
واشتهر عند العلماء تفسير البطلة بأنهم السحرة، أي أن السحرة لا يقدرون على معارضة أثرها أو إبطال ما فيها من خير.
هل يجب قرائتها من مرة واحدة لتحصيل فضلها
وتحدث العلماء عن مسألة قراءة السورة في جلسة واحدة أو بصوت مرتفع، فأوضحوا أن هذه الأمور ليست شرطًا لنيل فضلها، فلو قُرئت على مراحل، أو قُرئت بصوت منخفض، حصل الخير بإذن الله، إذ إن المقصود هو تحقق القراءة في البيت، سواء كانت من شخص واحد أو من أفراد عدة، وإن كان الأفضل أن تكون كاملة بصوت قارئ واحد.
أما فيما يخص الاكتفاء بتشغيل السورة من المسجل أو الإذاعة، فذكر العلماء أن قراءة التسجيل لا يُعتد بها في الحكم الشرعي للقراءة؛ لأن الصوت الصادر من الجهاز ليس قراءة حقيقية، بل هو استماع إلى قارئ سابق.
ولهذا قال أهل العلم إن صوت الشريط لا يصح أن يسمى قراءة، مثلما لا تُحتسب خطبة الجمعة أو الأذان من جهاز تسجيل.
ورغم ذلك، أوضح العلماء أن هناك رجاء في حصول نوع من الخير عند تشغيل السورة في البيوت إذا لم يكن فيها من يقرأ، وخاصة إذا وجد في المنزل من يستمع ويتدبر، وهو ما ذهب إليه الشيخ ابن باز رحمه الله، حيث قال إن الأظهر أن فرار الشيطان يحصل عند سماع السورة من المسجل أو الإذاعة، لكن هذا لا يعني امتناع رجوعه بعد انتهاء التشغيل.
وفي ختام أقوالهم أكد العلماء أن الشيطان قد يعود بعد الابتعاد، تمامًا كما يحدث في حالة الأذان، ولذلك نصحوا بالمداومة على قراءة القرآن، وكثرة ذكر الله، والمحافظة على التعوذ من الشيطان، لتظل البيوت محصنة بذكر الله وكتابه الكريم.