نظّمت سفارة جمهورية السودان في باكو صباح السبت مؤتمراً صحفياً تناول تطورات الأوضاع في السودان، حيث قدّم السفير أنس الطيب الجيلاني، سفير السودان لدى جمهورية أذربيجان، عرضاً شاملاً للأوضاع الإنسانية المأساوية التي تشهدها مدينة الفاشر وعدد من مناطق إقليم دارفور، في أعقاب الجرائم البشعة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع المتمردة بحق المدنيين العزّل، والتي وصفها بأنها تمثل “تطهيراً عرقياً وإبادةً جماعيةً مكتملة الأركان”.

وأوضح السفير أن مدينة الفاشر تواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث تتعرض التجمعات السكانية لانتهاكات جسيمة ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، تشمل القتل العشوائي والاستهداف على أساس الهوية والتهجير القسري واسع النطاق. وأكد أن ما يجري يمثل وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي يقف عاجزاً ومتقاعساً عن أداء مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه حماية المدنيين، مشيراً إلى أن ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع الأزمات الإنسانية تقوّض الثقة في منظومة الأمن والسلم الدوليين، وتمنح منتهكي القانون الدولي مساحة أكبر للإفلات من العقاب.وفي السياق نفسه، بيّن السفير الجيلاني أن المليشيا المتمردة فرضت حصاراً خانقاً على مدينة الفاشر استمر لما يقارب خمسمائة يوم، رغم صدور قرار مجلس الأمن رقم (2736) لعام 2024م الداعي إلى رفع الحصار فوراً، إلا أن غياب الإرادة الدولية مكّن المتمردين من الاستمرار في جرائمهم. كما أشار إلى أن بعض دول الجوار وقوى إقليمية قدّمت دعماً لوجستياً ومادياً للمليشيا الإرهابية، مؤكداً امتلاك الأجهزة الاستخباراتية السودانية أدلة دامغة على ذلك.كما كشف خلال حديثه عن تقارير نشرتها صحف دولية مرموقة، من بينها الغارديان البريطانية ووول ستريت جورنال وواشنطن بوست الأمريكيتان، أثبتت حصول المليشيا الإرهابية على أسلحة أمريكية وبريطانية وقعت لاحقاً في أيدي القوات المسلحة السودانية. وأضاف أن هذا الدعم الخارجي أسهم في تمكين المليشيا من ارتكاب مجازر مروعة راح ضحيتها أكثر من ألفي شهيد وآلاف الجرحى، إلى جانب استهداف الكوادر الطبية والعاملين في المجال الإنساني وملاحقة الأسر والنساء والأطفال الهاربين من مناطق القتال وقتلهم بدم بارد، حيثُ أفادت تقارير رسمية بمقتل أكثر من 450 مريض بالمستشفي السعودي بالفاشر.واختتم السفير حديثه في المؤتمر مشدداً على التزام القيادة السودانية باستعادة الفاشر وتطهير البلاد من المليشيا المتمردة. كما دعا مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى تصنيف مليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية ومحاكمة قادتها ومن يدعمهم، مؤكداً في الوقت نفسه تمسك الحكومة السودانية بالحل السياسي وبجهود تحقيق السلام الشامل رغم التحديات التي تفرضها المليشيا وداعموها الإقليميون وصمت المجتمع الدولي.هذا وقد حضر المؤتمر الصحفي عدد من ممثلي وكالات الأنباء الأذربيجانية، إلى جانب مجموعة من الصحفيين والإعلاميين المحليين الذين تناولوا تصريحات السفير باهتمام واسع لما تضمنته من مواقف واضحة تجاه تطورات الأوضاع في السودان.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

غارديان: مجزرة الفاشر السودانية نموذج مألوف من العنف المتوقع

كانت مجزرة الفاشر، التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، متوقعة منذ وقت طويل. فالأحداث التي شهدتها المدينة بعد سقوطها في أيدي هذه القوات تتبع نمطا مألوفا سبق أن ظهر في السودان ودول أفريقية أخرى مثل رواندا وليبيريا، حيث تُرتكب مجازر منظمة، مستهدفة مجموعات عرقية معينة، مع توثيق الجناة للعنف الذي يمارسونه بأنفسهم.

ذكر ذلك تقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية كتبه كارلوس موريثي وراشيل سافدج، لفتا فيه الانتباه إلى أنه وفي عام 2023، قُتل نحو 15 ألف مدني في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، معظمهم من جماعة المساليت غير العربية، عندما سيطرت قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها على المدينة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: جماعات إسلامية تقترب من باماكو فهل تنجح في تحويل مالي للحكم الإسلامي؟list 2 of 2صحف عالمية: خيبة لدى الغزيين وفظاعات الفاشر أدخلت حرب السودان أحلك فصولهاend of list

وأشار الكاتبان إلى أن المقاتلين جابوا البيوت في الجنينة بيتا بيتا، وأحرقوا المنازل ومخيمات النازحين بالكامل. وفي أبريل/نيسان 2025، قتلت قوات الدعم السريع أكثر من 1500 مدني في غضون 72 ساعة داخل مخيم زمزم للنازحين، جنوب مدينة الفاشر. وقد أدى ذلك إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين، في حين بقي كثيرون في عداد المفقودين.

نازحون من مخيم زمزم انتقل كثيرون منهم إلى الفاشر في أبريل/نيسان الماضي 2025 (رويترز)تحذيرات سابقة

وأورد التقرير أن المنظمات الإنسانية والمراقبين الدوليين حذروا من حمام دم وشيك قبل 18 شهرا، مشيرا إلى أن التحليلات لم تكن تركز على إن كانت المجزرة ستحدث أم لا، بل متى تحدث.

ومع ذلك، يقول الكاتبان، لم يتخذ المجتمع الدولي أي إجراءات رادعة، وبقيت التحذيرات مجرد بيانات شكلية بلا تنفيذ فعلي، سواء عبر عقوبات أم ضغط سياسي حقيقي.

وأشار التقرير إلى أن الحرب الأهلية في السودان، التي اندلعت من الصراع على السلطة بين الجيش النظامي بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع المتمردة على الجيش بقيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ حميدتي، أدت إلى نزوح 13 مليون شخص بحلول الذكرى الثانية للصراع، نصفهم بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، لتتحول الأزمة إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم حالياً.

يقول الخبراء إن الحل لإيقاف الدعم السريع يتطلب ضغطاً دولياً حقيقياً على الدول الداعمة لها، ويظل المجتمع الدولي، بما فيه الولايات المتحدة، عاجزا عن التحرك عدا الإدانات الشكلية. وكذلك الجيش

وأضاف أنه من اللافت أن الجيش السوداني نفسه، وإن كان بحجم أقل، كرر سلوك قوات الدعم السريع بعدم حماية المدنيين وتركهم عرضة للقتل.

إعلان

فقد انسحب الجيش من قبْل من مدن مثل الفاشر والجنينة، تاركاً السكان لمصيرهم، وهو ما أدى إلى تسهيل عمليات القتل الجماعي والنهب والاختطاف التي نفذها الدعم السريع.

وأكد الكاتبان أن قوات الدعم السريع وثقت مقاطع الفيديو كأداة للحرب النفسية، في حين استخدم الخبراء والمحللون صور الأقمار الصناعية واللقطات الأرشيفية لتأكيد وقوع عمليات قتل جماعي في مستشفيات وأحياء سكنية ومخيمات للنازحين، في ظل انقطاع شبه كامل للاتصالات، ما جعل تقدير عدد الضحايا أمراً صعباً، مع وجود نحو 260 ألف شخص داخل الفاشر عند سقوطها تحت سيطرة الدعم السريع، وأكثر من 35 ألف نازح من المناطق المجاورة.

لا بد من ضغط دولي حقيقي

ونسب الكاتبان إلى الخبراء أيضا قولهم، إن الحل لإيقاف الدعم السريع يتطلب ضغطاً دولياً حقيقياً على الدول الداعمة لها، التي تزود الجماعة بالأسلحة والدعم اللوجيستي، في وقت يظل المجتمع الدولي، بما فيه الولايات المتحدة، عاجزا عن التحرك عدا الإدانات الشكلية.

واختتم كوريثي وراشيل تقريرهما "إن ما جرى في الفاشر اليوم يعكس تكرار دورة العنف المألوفة في السودان، مع تقاعس واضح للمجتمع الدولي، وتكرار الجيش نفسه لسلوك قوات الدعم السريع، ما يجعل المدنيين أكثر عرضة للقتل ويؤكد أن هذه المجازر كانت متوقعة بشكل كامل".

مقالات مشابهة

  • بولس ومسؤول قطري يبحثان صراع السودان والعنف بالفاشر
  • إدريس يدعو لملاحقة أعمال العنف بالفاشر
  • غارديان: مجزرة الفاشر السودانية نموذج مألوف من العنف المتوقع
  • واشنطن تدين "فظائع الدعم السريع" بحق المدنيين في الفاشر السودانية
  • السودان.. الدعم السريع تعترف بارتكاب انتهاكات بالفاشر
  • الأمم المتحدة: فرار آلاف الأسر السودانية التي تعاني الجوع وسوء التغذية
  • قوات الدعم السريع السودانية تعلن توقيف عدد من مقاتليها يشتبه بارتكابهم انتهاكات في الفاشر
  • مجلس الأمن الدولي يندد بهجوم قوات الدعم السريع على الفاشر السودانية
  • آلاف النازحين بشمال كردفان والدعم السريع يوقف مقاتلين ارتكبوا انتهاكات بالفاشر