الكرة تبتلع الدعم
تاريخ النشر: 3rd, November 2025 GMT
جابر حسين العُماني **
jaber.alomani14@gmail.com
هل تحظى ابتكارات العلماء في العالم العربي بدعم حقيقي وسخي من قبل الحكومات، كما يحظى به لاعبو كرة القدم المتميزون؟
والعديد من بلادنا العربية والإسلامية تمنح لاعب كرة القدم الكثير من المميزات، فضلا عن الأجور المرتفعة التي يتقاضاها في بعض الأندية، بينما يبحث العالم والمفكر العربي عمن يدعم ابتكاره حتى في تلك الدول، فلا يجد من يدعمه إلا من رحم ربي.
                
      
				
فهل نحن العرب فعلا نذبح العلم على أعتاب الشهرة؟
لماذا يحظى اللاعب المتميز بدعم معنوي ومادي سخي من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة، بينما لا يحظى العلماء والمبتكرون بنفس ذلك الدعم الذي يتقاضاه بعض اللاعبين من رواتب ضخمة، وهدايا قيمة، ومكافآت فورية بعد كل مباراة يلعبونها، فضلاً عن التغطيات الإعلامية والتجارية، والإقامة الفندقية التي يحظون بها في أفضل الأمكنة التي تعزز من نفسيتهم كلاعبين محترفين خصوصا أثناء سفرهم إلى الخارج؟
نحن هنا لا ننكر أن كرة القدم هي من أهم الصناعات الجماهيرية المحببة في المجتمعات العربية والإسلامية، فهي تجذب اهتمام الجميع وتعزز الكثير من فرص الاستثمار، ومع ذلك لا ينبغي أن يقتصر تركيزنا عليها وحدها، ونغفل عن دعم العلم والعلماء في أوطاننا العربية والإسلامية.
اليوم عندما نتأمل أحوالنا العربية نجد هناك انخفاضا واضحا في حجم الإنفاق على البحث العلمي والابتكار.
وبالتالي فنحن بحاجة ماسة إلى وجود سياسات واضحة المعالم ومحددة الأهداف، تصب في اتجاه دعم نتاجات البحث العلمي للعلماء والمبتكرين والمخترعين، وإظهارها بما يليق بالمواطن العربي العالم والمبتكر والمخترع.
مؤسف جدًا ونحن في زمن التقدم والتحضر والذكاء الاصطناعي، نجد الشاب العربي المتفوق يبيع الشاي على أرصفة الطرقات، لأنه لم يجد من يهتم بإمكانياته وطاقاته وابتكاراته، وكم هو مؤسف أن نرى الطبيب القدير الذي لم يجد الاهتمام والتقدير في بلاده العربية، أصبح يقدم علمه وإمكانياته لصالح البلاد الغربية، وقس على ذلك الكثير من الشخصيات العربية المبدعة التي لم تحظ بالدعم المادي والمعنوي من حكوماتها.
اليوم وعلى رغم وجود بعض المبادرات العربية في دولنا العربية والإسلامية للاهتمام بالمبتكرين والمخترعين إلّا أن الدعم الذي يتلقاه العلماء والمبتكرين العرب يبقى محدودا جدا مقارنة بالدعم الذي يتلقاه لاعبي الرياضات المختلفة في الوطن العربي.
إن مجتمعنا العربي والإسلامي بحاجة ماسة إلى دعم العلماء والمبتكرين والاهتمام بهم، فذلك واجب قومي ووطني ومسؤولية أخلاقية عظيمة تقع على عاتق الجميع، ولا سيما الحكومات العربية والإسلامية، لذا ينبغي الاهتمام البالغ بما يلي:
أولا: تخصيص ميزانيات لدعم الأبحاث العلمية والابتكارات، ويأتي ذلك من خلال إنشاء صناديق تمويل للمجالات العلمية المختلفة في البلاد مثل مشاريع الطاقة، والذكاء الاصطناعي، والطب، وغيرها من التخصصات العلمية.
ثانيا: سن التشريعات المناسبة التي تصب في حماية ودعم الملكية الفكرية للمخترعين والمبتكرين، وتسجيل اختراعاتهم وابتكاراتهم في الوطن العربي وخارجه.
ثالثا: احترام العلماء والمبتكرين والمخترعين وتقديرهم اجتماعيا وماديا، وذلك من خلال تخصيص ميزانيات كافية، وجوائز وطنية، ورواتب شهرية تليق بمكانتهم العلمية، إضافة إلى منحهم التفرغ اللازم لأداء مهامهم البحثية وتسويق ابتكاراتهم وتحويلها إلى منتجات وسلع.
رابعا: دعم وتشجيع النشر العلمي، بما يضمن وصول جهود الباحثين والمبتكرين إلى الجمهور بشكل أفضل وأجمل، دون أي حواجز أو عوائق تذكر.
خامسا: إنشاء مؤسسات متخصصة تقودها كوادر واعية تهتم بتشجيع ومتابعة المشاريع البحثية للمبتكرين، وذلك من خلال توفير الإمكانيات التقنية والإدارية والمالية الكافية والوافية بهدف تحويل أفكار المبتكرين إلى منتجات وطنية واجتماعية لها الأثر البالغ على المجتمع وأفراده.
وأخيرا.. إن احترام وتقدير أهل العلم يعد واجبا شرعيا وأخلاقيا يجب أن يتحمله الجميع، لذا ينبغي ألا نغفل عنهم، بل يجب احتواءهم ودعمهم بكل عزم وقوة وشموخ وذلك لتحقيق ازدهار وتقدم ونجاح أوطاننا العربية والإسلامية. يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: "اَلْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ اَلدَّهْرُ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَأَمْثَالُهُمْ فِي اَلْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ".
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لبنان يطالب الدول العربية بتحركات فاعلة لحماية الأمن القومي العربي
لبنان – حذر رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام من أن المنطقة العربية تمر بلحظة فارقة في تاريخها الحديث، تحتم إعادة بناء مفهوم الأمن القومي العربي في ظل تحديات صعبة تواجهها الدول العربية.
وأكد سلام أن العامين الماضيين شهدا “تصعيدا مجنونا” في فلسطين، واهتزازات أمنية في الخليج والبحر الأحمر، إلى جانب دورات عنف وأزمات سياسية واقتصادية وبيئية واجتماعية خانقة في المشرق والمغرب العربي، ناهيك عن الحرب في لبنان.
وأوضح أن هذه التحديات كشفت عن الحاجة الملحة إلى إعادة بناء مفهوم الأمن القومي العربي على أسس حديثة، لا يختزل في البعد العسكري وحده – مهما كانت أهميته – بل يشمل الأبعاد الاقتصادية والتعليمية والتكنولوجية والاجتماعية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها رئيس الوزراء اللبناني أمام اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، الذي دعت إليه الجامعة تزامنا مع زيارته إلى مصر للمشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير، رسم فيها سلام خارطة طريق شاملة لمواجهة التحديات العربية المتشابكة.
وأوضح رئيس الوزراء اللبناني أن الأمن العسكري ركن أساسي، لكنه شرط غير كافٍ ما لم يدعم بالأمن الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي، مشددا على أن “البنادق لا تحمي وطنا جائعا ولا مجتمعا منقسما على ذاته، ولا دولة عاجزة عن إنتاج المعرفة”.
وفي قلب هذه التحديات، وضع سلام قضية فلسطين “كاختصار للغياب العربي في ظلمها، وللأمل العربي في صمودها” وأشار إلى أن إسرائيل زادت من فائض قوتها وسعت لتوظيفه في تكريس واقع جديد على الأرض، لكن الرأي العام العالمي تغير، حيث بدأ الضمير الإنساني يعي عمق المأساة الفلسطينية، وصار مطلب العدالة يعبر عنه في الشوارع والجامعات ووسائل الإعلام الكبرى حول العالم.
وشدد سلام على أن رهان العرب اليوم “أصبح على إنهاء الاحتلال، ووقف الاستيطان” وحماية المدنيين، ودعم مسار الاعتراف بدولة فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002، و”إعلان نيويورك” لحل الدولتين الذي رعته السعودية وفرنسا.
وطالب سلام برؤية متكاملة للأمن الإقليمي من الأطلسي إلى الخليج والبحر الأحمر، تشمل أمن الممرات البحرية، وتكامل سلاسل الإمداد، وتطوير القدرات السيبرانية، وصون البنية الرقمية كخط دفاع أول.
وأكد أن الأمن العربي يمتد إلى أحواض الأنهار، من مياه النيل إلى القرن الإفريقي، معتبرا الأمن المائي جزءا من الأمن القومي الاستراتيجي، وداعيا إلى دبلوماسية مائية قائمة على التعاون والمصالح المشتركة بدلاً من الصراع.
وفي دعوة للوحدة أعلن سلام أن “ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا” وأن المصلحة المشتركة يجب أن تتحول من خيار سياسي إلى قاعدة وجودية، تبنى بالثقة والإرادة، وتختبر في الشدائد، داعيا إلى تحويل الأزمات إلى فرص للابتكار والتكامل، مشدداً على أن ازدهار دولة عربية ضمانة لجاراتها.
أما على الصعيد اللبناني فقد أعلن سلام أن بلاده افتتحت صفحة جديدة بالإصلاح والسيادة، ملتزمة باتفاق الطائف وقرار 1701، وبسط السلطة على كامل أراضيها، وإعادة الإعمار في الجنوب.
ودعا العرب إلى الضغط الدولي لإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى، مع التأكيد على سياسة خارجية غير تدخلية وبناء شراكات عربية.
المصدر: RT