لبنان – حذر رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام من أن المنطقة العربية تمر بلحظة فارقة في تاريخها الحديث، تحتم إعادة بناء مفهوم الأمن القومي العربي في ظل تحديات صعبة تواجهها الدول العربية.

وأكد سلام أن العامين الماضيين شهدا “تصعيدا مجنونا” في فلسطين، واهتزازات أمنية في الخليج والبحر الأحمر، إلى جانب دورات عنف وأزمات سياسية واقتصادية وبيئية واجتماعية خانقة في المشرق والمغرب العربي، ناهيك عن الحرب في لبنان.

وأوضح أن هذه التحديات كشفت عن الحاجة الملحة إلى إعادة بناء مفهوم الأمن القومي العربي على أسس حديثة، لا يختزل في البعد العسكري وحده – مهما كانت أهميته – بل يشمل الأبعاد الاقتصادية والتعليمية والتكنولوجية والاجتماعية.

جاء ذلك في كلمة ألقاها رئيس الوزراء اللبناني أمام اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، الذي دعت إليه الجامعة تزامنا مع زيارته إلى مصر للمشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير، رسم فيها سلام خارطة طريق شاملة لمواجهة التحديات العربية المتشابكة.

وأوضح رئيس الوزراء اللبناني أن الأمن العسكري ركن أساسي، لكنه شرط غير كافٍ ما لم يدعم بالأمن الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي، مشددا على أن “البنادق لا تحمي وطنا جائعا ولا مجتمعا منقسما على ذاته، ولا دولة عاجزة عن إنتاج المعرفة”.

وفي قلب هذه التحديات، وضع سلام قضية فلسطين “كاختصار للغياب العربي في ظلمها، وللأمل العربي في صمودها” وأشار إلى أن إسرائيل زادت من فائض قوتها وسعت لتوظيفه في تكريس واقع جديد على الأرض، لكن الرأي العام العالمي تغير، حيث بدأ الضمير الإنساني يعي عمق المأساة الفلسطينية، وصار مطلب العدالة يعبر عنه في الشوارع والجامعات ووسائل الإعلام الكبرى حول العالم.

وشدد سلام على أن رهان العرب اليوم “أصبح على إنهاء الاحتلال، ووقف الاستيطان” وحماية المدنيين، ودعم مسار الاعتراف بدولة فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002، و”إعلان نيويورك” لحل الدولتين الذي رعته السعودية وفرنسا.

وطالب سلام برؤية متكاملة للأمن الإقليمي من الأطلسي إلى الخليج والبحر الأحمر، تشمل أمن الممرات البحرية، وتكامل سلاسل الإمداد، وتطوير القدرات السيبرانية، وصون البنية الرقمية كخط دفاع أول.

وأكد أن الأمن العربي يمتد إلى أحواض الأنهار، من مياه النيل إلى القرن الإفريقي، معتبرا الأمن المائي جزءا من الأمن القومي الاستراتيجي، وداعيا إلى دبلوماسية مائية قائمة على التعاون والمصالح المشتركة بدلاً من الصراع.

وفي دعوة للوحدة أعلن سلام أن “ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا” وأن المصلحة المشتركة يجب أن تتحول من خيار سياسي إلى قاعدة وجودية، تبنى بالثقة والإرادة، وتختبر في الشدائد، داعيا إلى تحويل الأزمات إلى فرص للابتكار والتكامل، مشدداً على أن ازدهار دولة عربية ضمانة لجاراتها.

أما على الصعيد اللبناني فقد أعلن سلام أن بلاده افتتحت صفحة جديدة بالإصلاح والسيادة، ملتزمة باتفاق الطائف وقرار 1701، وبسط السلطة على كامل أراضيها، وإعادة الإعمار في الجنوب.

ودعا العرب إلى الضغط الدولي لإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى، مع التأكيد على سياسة خارجية غير تدخلية وبناء شراكات عربية.

المصدر: RT

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الأمن القومی

إقرأ أيضاً:

الرئيس نواف سلام يزور مقر الأمانة العامة للجامعة العربية ويلقي كلمة أمام المندوبين الدائمين

زار دولة الرئيس نواف سلام رئيس مجلس الوزراء اللبناني اليوم الأحد الموافق ٢ نوفمبر مقر الأمانة العامة على رأس وفد رسمي رفيع المستوى، وذلك خلال زيارته الرسمية إلى القاهرة.

في مستهل زيارته، التقى الرئيس سلام والوفد المرافق الأمين العام، حيث تم التباحث في مستجدات الأوضاع على الساحتين اللبنانية والاقليمية، لاسيما جهود الحكومة اللبنانية في استعادة سيادة الدولة وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وكذلك الاصلاحات المالية والادارية التي تعمل على انجازها.

كما ألقى الرئيس سلام كلمة أمام المندوبين الدائمين للدول الأعضاء، حيث أكد على أهمية إحياء وتعزيز مشروع التكامل العربي المشترك، وتحويل الجامعة العربية من رمز للوحدة العربية إلى أداة استراتيجية لمواجهة تحديات المرحلة والمساهمة في صنع القرار الدولي.

وأكد الرئيس سلام أن الجامعة العربية، والتي تُعتبر أقدم منظمة دولية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تجسد الذاكرة المؤسسية للعرب وإرادتهم في صنع المستقبل من خلال العمل الجماعي. وأشار إلى أنّ العالم تغير، وتغيّرت معه أدوار المنظمات الإقليمية، مما يفرض على الجامعة العربية ودولها الأعضاء أن تكون حاضنة فعلية للتكامل العربي في مجالات الأمن والاقتصاد والمعرفة والتكنولوجيا والتنمية المستدامة.

تطرق الرئيس سلام في كلمته إلى تطورات القضية الفلسطينية، حيث شدّد على أن القضية الفلسطينية تظل جوهر الضمير العربي والقضية الأم، داعيًا إلى ضرورة العمل الجاد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ورفض التهجير أو التوطين، والتأكيد على ضرورة دعم وكالة الأونروا كرافعة للاستقرار والعدالة.

أما على الصعيد الاقليمي، فقد دعا الرئيس سلام إلى مقاربة شاملة لا تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل تشمل الأمن الغذائي والمائي والسيبراني والبيئي، مشددًا على ضرورة اعتماد الدبلوماسية المائية كركن أساسي من أركان الأمن القومي العربي.

وفي الشأن اللبناني، عرض الرئيس مسار الإصلاح والسيادة الذي تنتهجه الدولة، مذكّرًا بالتزام لبنان باتفاق الطائف وقرار مجلس الأمن 1701، وبسعيه لاستعادة سيادته ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، ومؤكداً على تمسك لبنان بانتهاج سياسة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ورفضه لأي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية، مع الحرص على بناء علاقات استراتيجية مع الدول العربية.

واختتم الرئيس سلام كلمته بالتأكيد على أن العالم العربي لا ينقصه الموارد بل الإرادة المشتركة، داعيًا إلى تحويل التحديات إلى فرص، وبناء شراكات مستدامة من خلال تفعيل المؤسسات العربية القائمة وربطها بمشاريع استراتيجية، معتبراً أن المصلحة العربية المشتركة هي الطريق نحو نهضة عربية شاملة تعيد للعرب دورهم الحضاري العالمي.

وفي ختام الزيارة، اصطحب  الأمين العام الرئيس سلام والوفد المرافق في جولة داخل المعرض المتحفي الذي تنظمه الأمانة العامة بمناسبة ذكرى مرور ثمانين عاماً على تأسيس الجامعة العربية.

مقالات مشابهة

  • الرئيس نواف سلام يزور مقر الأمانة العامة للجامعة العربية ويلقي كلمة أمام المندوبين الدائمين
  • رئيس وزراء لبنان: ندعو المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل من أراضينا ووقف اعتداءاتها
  • رئيس الوزراء اللبناني: منطقتنا تمر بلحظةٍ فارقة ونقدر تضامن الدول العربية
  • رئيس وزراء لبنان: التطورات الراهنه تستوجب إعاده مفهوم الأمن القومي العربي
  • رئيس وزراء لبنان: الدبلوماسية المائية أحد أهم أركان الأمن العربي
  • رئيس الوزراء اللبناني: لبنان يُقدر الدور الرائد الذي تضطلع به مصر بقيادة الرئيس السيسي في دعم الاستقرار الإقليمي وفي الدفاع عن القضايا العربية
  • رئيس الوزراء يستقبل نظيره اللبناني بمطار القاهرة الدولي على رأس وفد رسمي رفيع المستوى
  • رئيس الوزراء يستقبل نظيره اللبناني بمطار القاهرة الدولي
  • الرئيس محمود عباس يقلد أبو الغيط أمين عام الجامعة العربية الوشاح الأكبر من وسام دولة فلسطين