عربي21:
2025-11-04@23:58:04 GMT

هل انتهى زمن الدبلوماسية بين طهران وواشنطن؟

تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT

هل انتهى زمن الدبلوماسية بين طهران وواشنطن؟

في خطاب حاد ألقاه يوم 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، بمناسبة الذكرى السنوية لاحتلال السفارة الأمريكية في طهران عام 1979، أكد المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، أن الصراع بين إيران والولايات المتحدة "جوهري وأصيل" ولا يمكن حله عبر المفاوضات في الظروف الحالية.

وأشار إلى أن أي تعاون مستقبلي مع واشنطن لن يكون قابلا للنظر إلا إذا سحبت الولايات المتحدة وجودها العسكري بالكامل من الشرق الأوسط وأوقفت دعمها لإسرائيل.



وقال خامنئي، إن التعاون بين طهران وواشنطن "غير ممكن" ما دامت الولايات المتحدة تواصل دعمها لإسرائيل، وتحتفظ بقواعد عسكرية في الشرق الأوسط، وتتدخل في شؤون المنطقة.

وخلال لقائه آلاف الطلاب في طهران، أوضح خامنئي أن العداء بين إيران والولايات المتحدة "بدأ قبل الثورة الإسلامية واستمر بعدها"، مضيفا أن واشنطن "كانت ترى في إيران قبل الثورة طُعمة حلوة انتُزعت من فمها، بعدما فقدت هيمنتها على ثرواتها ومقدّراتها".

على أعتاب اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار واليوم الوطني للتلميذ، المصادف لـ«13 آبان» (4 تشرين الثاني/ نوفمبر)، التقى طلاب المدارس والجامعات، صباح اليوم (الإثنين)، قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، في حسينية الإمام الخميني (قده). pic.twitter.com/Ypaou15aUF — موقع الإمام الخامنئي (@site_khamenei) November 3, 2025
وجاءت هذه التصريحات بينما تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى زيادة الضغط على إيران، ونقلت وسائل إعلام رسمية عن خامنئي قوله إن "الأمريكيين يعلنون أحيانا رغبتهم في التعاون مع إيران، لكن ذلك غير ممكن طالما استمر دعمهم للنظام الصهيوني واحتفاظهم بقواعد عسكرية وتدخلهم في شؤون المنطقة".

وجاء هذا الموقف المتشدد في وقت تشهد فيه إيران أزمات داخلية حادة وانتقادات علنية من مسؤولين سابقين في النظام.

من جانب آخر، تواجه إيران انهيارا اقتصاديا حادا منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة، إذ فقد التومان الإيراني نحو 75 بالمئة من قيمته خلال عام واحد ليصل إلى 920 ألفا مقابل الدولار، وارتفع التضخم إلى أكثر من 40 بالمئة، مع انخفاض دخل الفرد إلى 4500 دولار سنويا.

ونتيجة للعقوبات الأمريكية المشددة، خسر قطاع النفط مليارات الدولارات، وتفاقمت الأزمات الاجتماعية مع بطالة بلغت 34.9 بالمئة بين الشباب وخروج 41 مليون إيراني من سوق العمل، هذا الانهيار الشامل، رغم الخطاب المتشدد، قد يدفع طهران نحو المفاوضات أملا في تخفيف الضغط الاقتصادي الخانق.


في مشهد غير مسبوق، فجّر متظاهرون جداري للمرشد الإيراني علي خامنئي وسط العاصمة طهران، إيذانا ببدء انتفاضة شعبية ضد القمع السياسي والضغوط المعيشية التي يفرضها نظام الملالي في قم وطهران pic.twitter.com/NUESqYzlOK — HELENA (@AngelHelena86) November 3, 2025

وحدد خامنئي في خطابه ثلاثة شروط غير قابلة للتفاوض لأي تعاون محتمل مع واشنطن: إنهاء كل الدعم لإسرائيل، إزالة جميع القواعد العسكرية الأمريكية من المنطقة، ووقف كل التدخلات في الشؤون الإقليمية، وأضاف أن هذه الشروط مصممة للمستقبل البعيد وليست "للمدى القريب"، مما يعني رفضًا قاطعًا للدبلوماسية في الوقت الراهن.

وقال ترامب الشهر المنصرم، إن الولايات المتحدة مستعدة لعقد اتفاق مع إيران "حين تكون طهران مستعدة لذلك"، مؤكدا أن "يد الصداقة والتعاون ممدودة".

وكان البلدان قد عقدا خمس جولات من المحادثات النووية قبل الحرب التي استمرت 12 يوما بين إيران وإسرائيل في حزيران/يونيو، والتي شاركت فيها واشنطن عبر استهداف مواقع نووية إيرانية رئيسية.



ورغم تلك الجولات، واجهت المفاوضات بين الجانبين عقبات كبيرة، خصوصاً ما يتعلق بعمليات تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية، إذ تطالب القوى الغربية بخفضها إلى الصفر لتقليل خطر التسلح النووي، في حين ترفض طهران ذلك.

وفي 20 تشرين الأول/أكتوبر، رفض خامنئي عرضا جديدا من ترامب لإجراء محادثات، نافيا تصريحات لترامب قال فيها إن الولايات المتحدة "دمرت قدرات إيران النووية"، كما نقلت وسائل إعلام رسمية عن خامنئي قوله: "ترامب يقول إنه صانع صفقات، لكن إذا جاءت الصفقة مصحوبة بالإكراه ونتيجتها محددة مسبقا، فهي ليست صفقة بل فرض واستقواء".

كما قال في وقت سابق، إن "المفاوضات مع واشنطن لن تخدم مصالح طهران".

التحول في النهج الأمريكي تجاه إيران
تُعدّ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 نقطة التحول الأساسية في السياسة الأمريكية تجاه طهران، إذ تأزمت العلاقات بين البلدين منذ ذلك الوقت، وبعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، طرحت مبادرة أمريكية لفتح قنوات حوار مع بعض الدول المعارضة لسياسة واشنطن، ومنها إيران.

وفي عام 2004، طرحت الولايات المتحدة ما عرف بـ"مشروع الشرق الأوسط الكبير"، الذي تضمن مجموعة من المقترحات السياسية والاقتصادية والثقافية، صبت في مجملها في مصلحة الولايات المتحدة و"إسرائيل"، وهو ما عارضته إيران بشدة.



ومع تعثر المشاريع الأمريكية في المنطقة، لجأت واشنطن إلى الاتفاق مع طهران حول الملف النووي، لكن في 8 أيار/مايو 2018 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميا انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، وأعقب ذلك في 5 تشرين الثاني/نوفمبر فرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية على إيران. وقد رفضت غالبية دول العالم هذه الخطوة، معتبرة أن سياسة "الاحتواء الأمريكي" تجاه إيران ستستمر رغم الاعتراضات الدولية.

العلاقات الثنائية وتأثيرها على الشرق الأوسط
أوضح المركز الديمقراطي العربي في دراسة تحليلية بعنوان "العلاقات الأمريكية-الإيرانية خلال الفترة 2016 – 2025 وتأثيرها على استقرار الشرق الأوسط" أن العلاقات بين واشنطن وطهران شهدت خلال العقد الأخير تحولات حادة، إذ انتقلت من مرحلة التفاهم النسبي في عهد الرئيس باراك أوباما إلى التصعيد في عهد دونالد ترامب، مرورا بمحاولات التهدئة المشروطة في عهد جو بايدن.

وبينت الدراسة أن هذه التحولات انعكست بشكل مباشر على استقرار الشرق الأوسط، حيث أدت العقوبات الأمريكية وردود الفعل الإيرانية إلى تأجيج التوترات الإقليمية وزيادة هشاشة الأمن في دول المنطقة.

الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي
أشار التقرير الصادر عن المركز إلى أن قرار إدارة ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني مثل نقطة تحول جوهرية في مسار العلاقات الثنائية، فقد أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية صارمة دفعت إيران إلى تقليص التزاماتها بالاتفاق واستئناف أنشطة نووية مثيرة للجدل.

ورأت الدراسة أن هذا الانسحاب أضعف الثقة المتبادلة بين الطرفين، وقلص فرص التوصل إلى حل دبلوماسي دائم، في ظل تصاعد الخطاب العدائي والتهديدات المتبادلة بين واشنطن وطهران.

التباين بين ترامب وبايدن
أوضح المركز الديمقراطي العربي أن السياسة الأمريكية تجاه إيران تباينت بوضوح بين إدارتي ترامب وبايدن، ففي حين تبنى ترامب سياسة "الضغط الأقصى" القائمة على فرض العقوبات الاقتصادية والعزل السياسي، حاول بايدن اتباع مسار أكثر دبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي، مع الإبقاء على أدوات الضغط ذاتها.

وأكد التحليل أن هذا التباين لم يؤد إلى انفراج حقيقي في العلاقات، إذ ظلت العلاقة بين الجانبين محكومة بالحذر وانعدام الثقة، رغم محاولات التفاوض المتكررة التي لم تثمر عن نتائج ملموسة.
النفوذ الإيراني في المنطقة وانعكاسات السياسة الأمريكية

وبحسب الدراسة، فإن العقوبات الأمريكية لم تُضعف النفوذ الإيراني الإقليمي، بل دفعت طهران إلى توسيع وجودها في مناطق النزاع عبر دعم جماعات مسلحة وفصائل موالية لها في العراق وسوريا واليمن ولبنان. وأشارت إلى أن هذا التمدد الإيراني شكّل عامل توتر إضافياً في الشرق الأوسط، إذ زادت حدة الصراع بين القوى الإقليمية، وتعمّقت حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في الدول المتأثرة.

التصعيد المحتمل

من جانبه، يرى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن إيران تتبع "استراتيجية تحوط نووي" منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث اختارت وقف أو عكس أجزاء من برنامجها النووي عندما اعتقدت أن هذه الأنشطة تهدد مصالح أخرى مهمة، هذه الاستراتيجية الغامضة قد توفر فرصًا للسياسة الأمريكية لإقناع طهران بأن السعي نحو تراكم المواد الانشطارية أو الاختراق النووي سيستتبع مخاطر وتكاليف كبيرة.

وفي توقعها للمستقبل، توقعت دراسة المركز الديمقراطي العربي أن تشهد العلاقات الأمريكية-الإيرانية تصعيدا جديدا في حال عودة النهج المتشدد الذي مثلته إدارة ترامب، ورجحت أن أي تصعيد، سواء عبر فرض عقوبات جديدة أو مواجهات غير مباشرة، سيؤدي إلى تفاقم التوترات في المنطقة، ويزيد احتمالات المواجهة بين إيران من جهة، وإسرائيل ودول الخليج من جهة أخرى، مما يجعل الشرق الأوسط مقبلاً على مرحلة أكثر تعقيداً واضطراباً.

وخَلصت الدراسة إلى أن العلاقات بين طهران وواشنطن تظل محكومة بعوامل متشابكة تتجاوز الملف النووي، لتشمل صراع النفوذ الإقليمي والمصالح الاستراتيجية في الخليج والأمن الإسرائيلي، مؤكدة أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي عام 2018 أعاد العلاقات إلى مربع التوتر، وعمّق الانقسام الدولي بشأن الموقف من إيران، وقلص فرص التوصل إلى حلول دبلوماسية طويلة الأمد.

خطاب خامنئي الأخير يبدو أنه يرسل رسالة واضحة أن إيران لن تخضع للشروط الأمريكية، وأن الصراع بينهما "أصيل ودائم" ما لم تتغير السياسة الأمريكية بشكل جذري، لكن وراء هذا الخطاب الصلب، تواجه إيران أزمات داخلية واستراتيجية غير مسبوقة قد تدفعها في النهاية نحو المفاوضات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الإيراني خامنئي الولايات المتحدة إسرائيل إيران إسرائيل الولايات المتحدة خامنئي أخبار المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیاسة الأمریکیة من الاتفاق النووی الولایات المتحدة الشرق الأوسط دونالد ترامب بین إیران إلى أن

إقرأ أيضاً:

إيران: تلقينا رسالة من واشنطن بشأن استئناف المفاوضات

قالت الحكومة الإيرانية اليوم الأحد، إن وزارة الخارجية تلقت رسالة من الولايات المتحدة الأمريكية بشأن استئناف المفاوضات بين البلدين، على أن يتم كشف التفاصيل في وقت لاحق.

 

وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، في تصريحات صحافية، إن "وزارة الخارجية تلقت رسائل لاستئناف المفاوضات مع أمريكا وسيتم الحديث عن التفاصيل في وقت لاحق".

 

يأتي ذلك، بعدما أعلن وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي في تصريحات له أمس السبت، أن "هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق عادل"، لكنه لفت إلى أن "واشنطن وضعت شروطا تعجيزية وغير مقبولة".

 

وشدد عراقجي على أن "لا رغبة لإيران في مفاوضات مباشرة مع واشنطن"، مبينا أن "بإمكاننا التوصل إلى اتفاق عبر مفاوضات غير مباشرة".

 

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دعا في كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي منتصف أكتوبر 2025، إلى إبرام اتفاق سلام مع إيران، مؤكدا أن واشنطن جاهزة للتوصل لاتفاق حينما تكون طهران مستعدة لذلك. ووصف ترامب التوصل إلى اتفاق بأنه "سيكون رائعا ويحقق الاستقرار"، وأضاف أنه يعتقد أن الإيرانيين يرغبون بذلك أيضاً، مؤكدا "نحن مستعدون عندما تكونون مستعدين".​

 

 

مقالات مشابهة

  • 46 عامًا على أزمة الرهائن.. إيران تُحيي ذكرى اقتحام السفارة الأمريكية في طهران
  • تفاصيل الخطة الأمريكية لتشكيل قوة دولية واسعة الصلاحيات في غزة
  • رغم الرسائل المتبادلة.. بقائي: لا تفاوض حالياً بين طهران وواشنطن
  • خامنئي: طهران لن تتعاون مع الولايات المتحدة الا إذا غيرت واشنطن سياستها بالمنطقة
  • بزشكيان: إيران ستعيد بناء ما تضرر من منشآتها النووية
  • إيران بين الانسحاب من الاتفاق النووي والدخول في حرب جديدة
  • إيران تتلقى رسالة من أمريكا لاستئناف المفاوضات
  • إيران: تلقينا رسالة من واشنطن بشأن استئناف المفاوضات
  • الخارجية الأمريكية: لا استقرار للعراق دون تحرره من إيران وحشدها الشعبي