لجريدة عمان:
2025-11-04@20:30:16 GMT

تحقيق.. في مقابرغزة...حياة بين الموتى

تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT

تحقيق.. في مقابرغزة...حياة بين الموتى

خان يونس (غزة) د أ ب": أصبحت الهياكل العظمية جيرانا لبعض الفلسطينيين في غزة الذين لم يجدوا مكانا يلجأون إليه سوى المقابر للاحتماء من ويلات الحرب.

وتحولت شواهد القبور إلى مقاعد وطاولات لعائلات مثل عائلة ميساء بريكة، التي تعيش مع أبنائها منذ خمسة أشهر في مقبرة متربة تحت شمس خانقة في مدينة خان يونس جنوب القطاع.

ويقيم في هذه المقبرة نحو 30 عائلة.

خارج إحدى الخيام، يجلس طفل أشقر الشعر يلعب بالرمل بين أصابعه، بينما يطل طفل آخر بخفة ظل من وراء قطعة قماش معلقة.لكن الليل يروي حكاية أخرى.

تقول بريكة: "عندما تغيب الشمس، يخاف الأطفال ولا يريدون الخروج، ولدي أربعة صغار. إنهم يخافون من الكلاب في الليل.. ومن الأموات".

لقد نزح الغالبية العظمى من سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، بسبب الحرب المستمرة منذ عامين بين حماس وإسرائيل. ومع وقف إطلاق النار الذي بدأ في 10 أكتوبر، عاد بعضهم إلى ما تبقى من منازلهم، بينما لا يزال آخرون محشورين في رقعة الأرض القليلة التي لا تسيطر عليها القوات الإسرائيلية.

هنا، وفي مقابر أخرى في غزة، تنبض الحياة بين الموتى. سجادة صلاة تتدلى على حبل غسيل، وطفل يدفع جالون ماء فوق كرسي متحرك بين القبور، ودخان يتصاعد من نار طهي.

أحد أقرب جيران بريكة هو أحمد أبو سعيد، الذي توفي عام 1991 عن عمر18 عاما، بحسب ما نقش على شاهد قبره الذي يبدأ بآيات من القرآن الكريم. هناك شعور بعدم الارتياح وإحساس بالانتهاك، لأنهم اضطروا لنصب خيامهم هنا، لكن لا خيار آخر أمامهم. تقول بريكة إن منزل عائلتها في منطقة أخرى من خان يونس دمر بالكامل، وإنهم لا يستطيعون العودة إليه لأن القوات الإسرائيلية تحتل حيهم.

يأتي سكان آخرون ممن لجأوا إلى هذه المقبرة من شمال غزة، وغالبا ما يكونون بعيدين عن الأرض التي دفن فيها أحباؤهم.

يقول محمد شما، الذي يعيش هنا منذ ثلاثة أشهر، إن منزله هو الآخر تعرض للتدمير.

ويضيف: "أنا رجل بالغ، ومع ذلك أشعر بالخوف من القبور ليلا .. أختبئ في خيمتي".

جلس شما على شاهد قبر مكسور وهو يحدق في الشمس قائلا إن كل ما كان يملكه عند وصوله إلى هنا هو 200 شيكل (نحو 60 دولارا)، وقد أخذها صديق ليساعده في نقل عائلته إلى المقبرة.

تقول حنان شما، زوجته، إن قلة المال وعدم القدرة على إيجاد مأوى آخر هما السبب الذي يجعلهم يعيشون بين القبور. وبينما كانت تغسل الأطباق في وعاء صغير بحجم صحن فطيرة، قالت وهي تحافظ على كل قطرة ماء: "بالطبع، الحياة في المقبرة مليئة بالخوف والرعب والقلق، ولا نستطيع النوم فوق كل الضغوط التي نعيشها".

لكن حتى بين الأموات لا يوجد ضمان للأمان. فقد قصفت القوات الإسرائيلية مقابر خلال الحرب، بحسب الأمم المتحدة وجهات مراقبة أخرى. وتقول إسرائيل إن حماس تستخدم بعض المقابر كغطاء، وتزعم أن هذه المواقع "تفقد حمايتها" عندما تستغل لأغراض عسكرية.

وخلال الحرب، دفنت الجثث في أي مكان متاح، بما في ذلك في ساحات المستشفيات. ووفقا للتقاليد، تدفن العائلات الفلسطينية قرب أحبائها، لكن القتال عطل هذا العرف.

ومع وقف إطلاق النار، بدأت رحلة البحث عن الموتى. تضغط إسرائيل على حركة حماس لتسليم رفات الرهائن، بينما تنشر السلطات الصحية الفلسطينية صورا مروعة لجثث أعادتها إسرائيل على أمل أن تتعرف العائلات عليها. وهناك من لا يزال ينقب بين الركام الهائل في غزة بحثا عن جثامين أحبائه الذين لم يتمكن من دفنهم أثناء القتال.

وقد ارتفع عدد القتلى في غزة، الذي تجاوز 68 ألفا و800، بمئات أخرى منذ بدء الهدنة، بسبب انتشال هذه الجثث فقط.

شهدت العائلات المقيمة في هذه المقبرة في خان يونس وصول جثامين جديدة، تدفن غالبا تحت الرمل لا تحت ألواح حجرية، وتعلم فقط بأحجار بسيطة.

أما التعافي وإعادة الإعمار والعودة، فتبقى جميعها بعيدة المنال.

يقول محمد شما في ختام حديثه: "بعد الهدنة، حياتي ما زالت كما هي داخل المقبرة .. لم أكسب شيئا".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: خان یونس فی غزة

إقرأ أيضاً:

المكسيك.. فعاليات يوم الموتى تجذب الملايين وانفجار مروّع يفسد الفرحة

في يوم تحتفي فيه المكسيك بالحياة عبر تذكّر الموتى، شهدت العاصمة مكسيكو سيتي -أمس السبت- فعاليات مهرجان "يوم الموتى" بمشاركة واسعة من السكان والسياح، في حين ألغيت بعض الاحتفالات في شمال البلاد بعد انفجارٍ في أحد المتاجر بولاية سونورا أسفر عن مقتل 23 شخصا على الأقل وإصابة آخرين.

وكانت الأجواء في مكسيكو سيتي احتفالية مبهجة، إذ خرجت مواكب ضخمة إلى الشوارع في إطار مهرجان "يوم الموتى"، الذي يُعد أحد أبرز رموز الثقافة المكسيكية. المشاركون ارتدوا أزياء تحاكي هياكل عظمية وأقنعة ملوّنة تمثّل الأرواح التي يُعتقد أنها تعود إلى الأرض في هذا الوقت من كل عام -حسب المعتقدات الشعبية المحلية- في حين تدفقت الحشود لمشاهدة الاستعراضات المبهجة التي رافقها الرقص والموسيقى الشعبية والعروض المسرحية في الشوارع والساحات الكبرى.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بعد ساعات من حادث اللوفر.. سرقة ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي آخرlist 2 of 2أحدهما حاول الفرار إلى الجزائر.. القبض على مشتبهين في "سرقة القرن" من اللوفرend of list

ويندرج المهرجان ضمن تقليد عريق يعبّر عن رؤية المكسيكيين للموت بوصفه جزءا من الحياة وليس نهايتها، حيث يؤمنون بأن أرواح الموتى تهبط إلى الأرض مرة في السنة لزيارة ذويهم، فيقوم الأحياء بتكريمهم بإضاءة الشموع وتقديم الأطعمة المفضلة لديهم، إلى جانب وضع أكاليل الزهور فوق القبور. كما تُنظَّم خلال المناسبة مواكب رمزية تجسّد الجنائز القديمة وتمثّل علاقة الشعب بأجداده وتراثه الشعبي الذي يُورّث من جيل إلى آخر.

حشود غير مسبوقة

أعلنت سلطات مكسيكو سيتي أن أكثر من 1.5 مليون شخص تابعوا المواكب الملونة التي جابت شوارع العاصمة في النسخة التاسعة من الاستعراض الضخم. وأضافت أن نحو 8 آلاف مؤدٍ شاركوا في المسيرات مرتدين أزياء تنكرية تمثل الأرواح والهياكل العظمية المصنوعة من الورق المقوّى، بينما امتلأت الشوارع بالعربات المزينة والموسيقى الحية.

وأوضحت الإدارة أن تنظيم هذا الاستعراض في شكله الحالي يعد "تقليدا حديثا نسبيا"، إذ بدأ عام 2016 بعد أن استلهم القائمون على المهرجان الفكرة من مشهد الافتتاح في فيلم جيمس بوند "سبكتر" (Spectre) الذي صُوّر في شوارع مكسيكو سيتي، وأظهر موكبا خياليا ضخما للاحتفال بيوم الموتى. ومنذ ذلك الحين، تحوّل المشهد السينمائي إلى احتفال واقعي أصبح جزءا من هوية العاصمة.

إعلان

ويخصص المكسيكيون الأول من نوفمبر/تشرين الثاني لاستقبال أرواح الأطفال الذين رحلوا، والثاني من الشهر نفسه لاستقبال أرواح الكبار. وخلال هذه الأيام، تتوجه الأسر إلى المقابر لتناول الطعام والشراب والغناء عند قبور أحبائهم، كما يضعون الشموع والأطعمة في منازلهم لإحياء ذكراهم. وحسب التقاليد، يعتقد الناس أن الأرواح تجد طريقها إلى الأرض عبر رائحة البخور والزهور وضوء الشموع الذي يرشدها إلى بيوت ذويها.

ووسط العاصمة، ارتدى آلاف الأطفال وجوه الموتى المزيّفة وشاركوا في المواكب، في حين زيّنت واجهات المباني بألوان الزهور والرسوم والجداريات التي تمزج بين الفرح والفقدان.

يؤمن مكسيكيون بأن أرواح الموتى تهبط إلى الأرض مرة في السنة لزيارة ذويهم فيقوم الأحياء بتكريمهم خلال المهرجان (غيتي إيميجز)انفجار يهز ولاية سونورا

غير أن بهجة العاصمة لم تكتمل. ففي الوقت الذي كانت فيه الجماهير ترقص على أنغام الطبول في مكسيكو سيتي، هزّ انفجار قويّ أحد المتاجر في ولاية سونورا شمال البلاد، مخلّفا ما لا يقل عن 23 قتيلا و12 جريحا.

وقال حاكم الولاية ألفونسو دورازو -في مقطع فيديو نشره على حساباته الرسمية- "للأسف، عدد من الضحايا الذين عُثر عليهم كانوا من القاصرين". وأوضح أن السلطات أمرت بفتح تحقيق واسع وشفاف لتحديد أسباب الحادث ومعرفة المسؤولين عنه.

من جانبه، أكد النائب العام لولاية سونورا، غوستافو سالاس، أن معظم الضحايا لقوا حتفهم نتيجة استنشاق الغاز السام الناتج عن الحريق الذي أعقب الانفجار، مشيرا إلى أن "الافتراض العملي" هو أن ما حصل كان حادثا عرضيا ناجما عن عطل في محوّل كهربائي كان داخل المتجر. وأوضح أن التحقيقات لا تزال مفتوحة "ولا تستبعد أي مسار"، لكن حتى الآن لا توجد مؤشرات على عمل متعمّد أو هجوم إرهابي.

وأشارت السلطات إلى أن الانفجار وقع في متجر تابع لسلسلة "والدو" وسط مدينة هيرموسيلو، عاصمة الولاية، وأن واجهة المبنى احترقت بالكامل، في حين أظهرت الصور التي بثتها وسائل الإعلام المحلية نوافذ مهشّمة وجدرانا سوداء من أثر النيران.

وأكد مكتب النيابة العامة -في بيان- أن التحقيق يركّز على المحوّل الكهربائي الذي يُعتقد أنه كان سبب الحريق. في المقابل، أصدر المتجر بيانا أعرب فيه عن "حزنه العميق لسقوط هذا العدد من الضحايا"، وتعهد "بالتعاون الكامل والشفاف مع السلطات المختصة" لكشف ملابسات ما جرى.

حزن رسمي وإلغاء الاحتفالات

من جهتها، قدّمت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم تعازيها -عبر منصة إكس- لأسر القتلى والمصابين، قائلة إنها "تتابع عن قرب التحقيقات الجارية لمعرفة أسباب الانفجار". كما أعلنت السلطات المحلية إلغاء جميع احتفالات يوم الموتى التي كانت مقررة في هيرموسيلو والمناطق المجاورة، ودعت السكان إلى تجنّب موقع الانفجار لحين انتهاء أعمال الإنقاذ.

وأوردت صحيفة "إل يونيفرسال" المحلية أن الانفجار وقع نحو الساعة الثانية بعد الظهر بالتوقيت المحلي، أي في أثناء ازدحام المتجر بالزبائن، مما جعل أعداد الضحايا مرتفعة.

وقال شهود عيان إن "الناس هرعوا للاحتماء داخل المتجر لحظة سماع الانفجار، لكن النيران سرعان ما حاصرتهم".

إعلان

مقالات مشابهة

  • تحقيق.. في مقابر غزة...حياة بين الموتى
  • الطفل الذي غير وجه التاريخ.. القصة الحقيقية لحسين عبد الرسول مكتشف مقبرة توت عنخ آمون
  • ما تفسير حلم «الصلاة عند القبور» في المنام؟
  • درس غريب فى الخلود
  • الوادى الجديد تنقل رفات 8500 جثة من إحدى المقابر.. تفاصيل
  • تحقيق بلجيكي بعد رصد مسيّرة تحلّق فوق قاعدة عسكرية
  • دعوت الله بالقبول.. من هو إيهاب يونس الذي شارك في افتتاح المتحف الكبير؟
  • المكسيك.. فعاليات يوم الموتى تجذب الملايين وانفجار مروّع يفسد الفرحة
  • من هو المنشد إيهاب يونس الذي شارك في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير؟