مقومات بناء مجتمعات عادلة على طاولة القمة العالمية للتنمية في الدوحة
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
الدوحة – أكد مسؤولون مشاركون في القمة العالمية للتنمية الاجتماعية التي تستضيفها الدوحة، على أهمية تعزيز ركائز التنمية الاجتماعية الثلاث المتمثلة في القضاء على الفقر، وتوفير العمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق للجميع، وتحقيق الإدماج الاجتماعي، باعتبارها الأساس لبناء مجتمعات مزدهرة وعادلة وشاملة.
وقالوا خلال مائدة مستديرة رفيعة المستوى ناقشت هذه الركائز، إن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العالم اليوم تفرض ضرورة تكثيف الجهود الدولية وتعزيز الشراكات بين الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، من أجل تسريع وتيرة التنمية المستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وجاءت الجلسة، التي حملت عنوان "تعزيز ركائز التنمية الاجتماعية الثلاث"، ضمن أعمال اليوم الأول من القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي تستمر خلال الفترة من 4 إلى 6 نوفمبر/تشرين الثاني، بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات، وكبار المسؤولين الأمميين، وممثلين عن المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص.
وأكد المتحدثون أن الركائز الثلاث للتنمية الاجتماعية ليست أهدافا نظرية، بل أولويات عملية تشكل جوهر البرامج الوطنية للدول، مشددين على أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب الاستثمار في الإنسان من خلال التعليم والحماية الاجتماعية، والاستثمار في الازدهار الاقتصادي عبر الابتكار والتحول الرقمي، والاستثمار في كوكب الأرض من خلال سياسات التحول الأخضر وأجندة التنمية البيئية.
وشدد المتحدثون على أن التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة تتطلب مجموعة متكاملة من السياسات تشمل:
تعزيز الركائز الثلاث للتنمية الاجتماعية. الالتزام السياسي. التمويل العادل. الشراكات الدولية. بناء القدرات. محاربة الفقر واللامساواة. ضمان حقوق العمال. إعلانكما أكدوا أن السلام واستقرار المجتمعات شرط أساسي لتحقيق التنمية الحقيقية، وأن معالجة الفجوات الاقتصادية والاجتماعية هي السبيل لضمان مستقبل أكثر عدلا واستدامة للجميع.
تصحيح المسارودعا رئيس اللجنة التحضيرية لقمة كوبنهاغن لعام 1995، خوان سومافيا، خلال مداخلة له بالجلسة، إلى تصحيح مسار التنمية الاجتماعية من خلال 3 خطوات رئيسية تشمل تحقيق التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة، وتعزيز التنفيذ الفعلي للأهداف المتفق عليها، من خلال دراسة العقبات قبل وضع الخطط.
كما تتضمن الخطوات تقريب منظومة الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية من الواقع الميداني على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية، لضمان أن تكون القرارات أكثر التصاقا بالاحتياجات الحقيقية للمجتمعات.
واقترح سومافيا تخصيص عام 2026 لإعادة تنظيم العمل داخل منظومة الأمم المتحدة تمهيدا لبداية مرحلة جديدة بقيادة الأمين العام المقبل عام 2027، مشددا على أن مستقبل المنظمة يعتمد على مدى قربها من المواطنين والمجتمعات المحلية.
أما وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في مملكة هولندا ماريا بول، فركزت على الترابط الوثيق بين الركائز الثلاث، مؤكدة أن العمل اللائق هو المدخل الرئيس للخروج من الفقر وتعزيز الإدماج الاجتماعي، إذ يمنح الأفراد دخلا واستقلالية وثقة بالنفس وروابط مجتمعية.
ودعت إلى ضمان أجور عادلة، ومحاربة الاستغلال، وتعزيز بيئات عمل آمنة وخالية من التمييز والعنف والتحرش، مؤكدة أن هذه القيم تمثل الأساس لبناء مجتمعات أكثر عدلا وإنصافا.
بدوره أكد المدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام الدولية، المعنية بمجابهة الفقر حول العالم، أميتاب بيهار، أن أزمة التفاوت الاقتصادي العالمي هي نتيجة اختيارات سياسية وسياسات متعمدة، مشيرا إلى أنه منذ عام 2015 أضاف المليارديرات 34 تريليون دولار إلى ثرواتهم، بينما 3.7 مليارات من البشر يعيشون تحت خط الفقر، و725 مليون شخص يعانون من الجوع.
وأضاف ريكارد أن تركيز الثروة يرافقه تركيز للسلطة، وأن معالجة الفقر واللامساواة لا يمكن أن تتم دون معالجة البنية الهيكلية للاقتصاد العالمي، وضمان توزيع أكثر عدالة للأرباح، وتمكين العمال من الحصول على حقوقهم ومستحقاتهم.
قال هاولينغ زو، وكيل الأمين العام ونائب المدير العام لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن الاجتماع يشكل فرصة مهمة لمناقشة القضايا الجوهرية التي تواجه المجتمعات حول العالم، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت أن كل قضية من هذه القضايا تمثل حجر أساس للتنمية المستدامة.
وأضاف أن الركيزة الأولى تتمثل في إخراج الناس من دائرة الفقر، مشيرا إلى أن هذه المسألة ضرورية وأساسية للغاية، لكنها بمفردها لا تكفي لضمان تحقيق التنمية الشاملة واستقرار المجتمع.
وبين أن الركيزة الثانية تتعلق بالوظائف، أي توفير فرص العمل للجميع، حيث إن وجود وظائف مناسبة يُبقي الناس بعيدين عن دائرة الفقر، ويعزز قدرتهم على الصمود، ويمكنهم من إعالة أسرهم والإسهام في مجتمعاتهم بشكل فعال -حسب المسؤول الأممي- الذي أشار إلى أن الركيزة الثالثة هي الإدماج الاجتماعي وترتبط مباشرة بمعالجة عدم المساواة في المجتمعات.
إعلانوأشار هاولينغ زو إلى أن المجتمعات التي تعاني من تفاوتات كبيرة لا يمكن أن تكون مستقرة، حيث شهد العالم العديد من الاضطرابات الاجتماعية نتيجة هذا الوضع، مثل ما حدث في بنغلاديش ومدغشقر وتنزانيا وغيرها، إذ تظاهر الطلاب الشباب للمطالبة بالتغيير، وكل ذلك يعكس جوهر مشكلة عدم المساواة الاجتماعية.
وأكد المسؤول الأممي أن الوضع العالمي للفقر لا يزال مقلقا للغاية، حيث إن حوالي 10% من سكان العالم ما زالوا يعيشون في فقر مدقع، أي بأقل من 3 دولارات يوميا، بينما يعيش 15% من السكان في فقر متعدد الأبعاد، لافتا إلى أن الفقر يشمل عدم الوصول للخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.
مبينا أن نحو 50% من سكان العالم لا يتمتعون بأي نوع من الحماية الاجتماعية، أي ما يقارب 4 مليارات شخص، موضحا أن هذا يجعل هؤلاء الأشخاص عرضة للخطر عند حدوث أي صدمات، سواء كانت طبيعية أو صحية أو ناتجة عن نزاعات.
وشدد المسؤول الأممي على أن القمة مهمة جدا، لأن التنمية المستدامة بشكل عام لا تتقدم كما كان يأمل الناس، فحتى الآن، لا يتجاوز عدد أهداف التنمية المستدامة التي تسير على المسار الصحيح أو تحقق تقدما متواضعا نسبة 35%، ولذلك، تُعد هذه القمة فرصة أمام الحكومات وأصحاب المصلحة المختلفين للاجتماع معا من جديد، وتجديد التزامهم بأهداف التنمية، والقيام بخطوات عملية لتحقيقها.
وقال رئيس الاتحاد التعاوني المركزي في بلغاريا، بيتر ستيفانوف، إن الركائز الثلاث للتنمية الاجتماعية ليست مجرد شعارات أو أهداف نظرية تُطرح في المؤتمرات، بل هي أساس عملي لأي إستراتيجية وطنية أو دولية تسعى إلى بناء مجتمع عادل ومتوازن.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن الركيزة الأولى وهي القضاء على الفقر تعد نقطة البداية لكل إصلاح اجتماعي حقيقي، فمكافحة الفقر ليست عملا خيريا، بل هي واجب سياسي وأخلاقي واقتصادي في آن واحد، لأنها تفتح الباب أمام استقرار المجتمع ونموه المستدام.
أما الركيزة الثانية -بحسب ستيفانوف- فهي التي تمنح التنمية معناها الحقيقي، معتبرا أن تكافؤ الفرص ليس مطلبا فئويا، بل هو حجر الزاوية في مجتمع منتج يتيح لكل فرد أن يسهم في بناء المستقبل.
مع انطلاقها في #الدوحة.. تعرّف على أهداف وأجندة القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية#الجزيرة_ألبوم pic.twitter.com/12u9YpLQNa
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 3, 2025
وتمثل الركيزة الثالثة، الإدماج الاجتماعي، وفق المتحدث ذاته، الرابط الذي يوحد المجتمع ويمنحه مناعته في وجه التهميش والانقسام حيث نحتاج إلى سياسات تحمي الفئات الأكثر ضعفا من العمال ذوي الدخل المحدود إلى الأشخاص ذوي الإعاقة والمهاجرين والشباب الباحثين عن فرص عمل.
وأكد أهمية أن تُترجم هذه المبادئ إلى سياسات وطنية واضحة واستثمارات طويلة الأمد تركز على الإنسان، وعلى بناء قدراته ومهاراته، وعلى خلق بيئة عمل تضمن الكرامة والعدالة والأمان المهني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات التنمیة الاجتماعیة الإدماج الاجتماعی القمة العالمیة بناء مجتمع من خلال على أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية تنعقد في الدوحة 4 نوفمبر الجاري
تنعقد القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية (WSSD2) في الدوحة قطر، في الفترة من 4 إلى 6 نوفمبر الجاري،وستؤكد القمة من جديد الالتزامات المشتركة لإعلان كوبنهاجن بشأن التنمية الاجتماعية وبرنامج عمله، مع تركيز على سد فجوات التنفيذ لتحقيق خطة عام 2030، وذلك في ظل اتساع فجوة التفاوت والتحولات الديموغرافية والمناخية والتكنولوجية الكبرى .
وأوضح البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ،في بيان له اليوم الأحد، أن إعلان الدوحة السياسي، الذي سيُعتمد رسميًا في القمة، سيؤكد على اتباع نهج متكامل للتنمية الاجتماعية يضع العدالة الاجتماعية والشمول في صميم السلام والأمن والتنمية المستدامة، ويدعو إلى تعزيز التعاون الدولي بين الحكومات واللجان الإقليمية وكيانات الأمم المتحدة والمؤسسات المالية، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة أصحاب المصلحة مع المجتمع المدني والشركاء الاجتماعيين والشباب والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص لدعم تنفيذه .
ويتماشى الإعلان السياسي بشكل وثيق مع الخطة الاستراتيجية الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2026-2029)، التي تُركز على الانتقال من الفقر إلى الرخاء من خلال 4 أهداف مترابطة: الرخاء للجميع، والحوكمة الفعّالة، وكوكب سليم، والقدرة على الصمود في وجه الأزمات؛ مدعومةً بثلاثة مُسرّعات رئيسية: التحوّل الرقمي والذكاء الاصطناعي، والمساواة بين الجنسين، والتمويل المستدام، ومدعومة بالتزام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بحقوق الإنسان وعدم إغفال أحد .
وعلى مدى 6 عقود، قاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التنمية التي تتمحور حول الإنسان في أكثر من 170 دولة ومنطقة، من أصغر الدول الجزرية إلى أكبر الاقتصادات، في مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية المستدامة، سيستفيد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من هذه المنصة لتعميق الشراكات، ومشاركة الحلول التحويلية، ودفع العمل الجماعي للانتقال من القضاء على الفقر إلى الرخاء .
وسيُركز برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تعزيز العمالة الكاملة والمنتجة، لا سيما للشباب والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة، والحد من عدم المساواة، وتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية، وتعزيز الحوكمة الفعّالة، ودفع عجلة التحوّل الرقمي، ودعم اقتصاد رعاية مُراعي لمنظور النوع الاجتماعي ، وتعبئة التمويل من أجل التنمية المستدامة.