رعى صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد أمس احتفال البحرية السلطانية العمانية بمناسبة يومها السنوي الذي يصادف الثالث من نوفمبر من كل عام. ووقف سموه يستعرض طابور الضباط الخريجين في قاعدة سعيد بن سلطان فيما كانت أمواج بحر عُمان تكتب صفحة جديدة من صفحات تاريخ عُمان البحري الممتد إلى قرون بعيدة، قبل أن يكرس أمجاده الخالدة سلاطين آل بوسعيد الذين أولوا عناية كبيرة ببناء قوة عمان البحرية، وراكمت عُمان عبر البحر قوتها العسكرية والاقتصادية؛ فكانت قوة بحرية ضاربة استطاعت في فترات طويلة من التاريخ بسط نفوذها على المحيط الهندي سواء عند ضفته الأفريقية أو الآسيوية أو الضفاف المجاورة للجزيرة العربية.
بنت عُمان مسارات اقتصادية فوق أمواج البحر العاتية؛ فكان اقتصادها بحريا أكثر منه بريا في إشارة إلى القدرة على التفاعل مع مختلف الحضارات. لكن التواصل الذي مارسه العمانيون لم يتوقف عند فكرة البيع والشراء، رغم بقائه مرتكزا أساسيا، وتحول الأمر إلى بناء علاقات ثقافية واجتماعية ونشر الدين الإسلامي في المحطات التي وصلها العمانيون في عمق أفريقيا وأقاصي آسيا.. فكانت الأساطيل العمانية ترفع راية التنوير وتنقل على سواريها مفردات الحضارة والقيم الإسلامية والصفات الحقيقية للعربي. بهذا المعنى كانت الحضارة العمانية حضارة بحرية أكثر منها حضارة برية؛ وربما هذا الذي يفسر انفتاح العمانيين على الآخر وقدرتهم على تقبل الاختلاف والاندماج الثقافي؛ حيث لم يبقوا عبر التاريخ أسرى للتضاريس الجغرافية مهما بدت أنها قاسية وتملك الكثير من السطوة على السكان.
وفي كل قواعد عمان البحرية جزء من قصة تاريخ عُمان وبيرق شاهد على مجد سطره العمانيون عبر تاريخهم الطويل، وفيها أو إلى جوارها كتب التاريخ العماني الكثير من فصوله وأصاخت القلاع والحصون العمانية المحتضنة للبحر لحكايات أمجاده وتحدياته، وربما ساهمت بشكل حقيقي في كتابة أجزاء من تاريخه.
ولعلّ من أقدار العمانيين أن يرتبطوا في كل شيء بالتاريخ، فلا يمشون إلا إلى جواره، ولا يتنفسون إلا عبقه، ولا يرون مستقبلهم إلا على صفحته المشرقة. ورغم هذا الحضور الطاغي إلا أنهم لم يكونوا في يوم من الأيام أسرى له، فجذورهم النابتة فيه تحميهم ولكنها في الوقت نفسه تحلق بهم نحو فضاءات المستقبل ومساراته الجديدة بشكل أكثر ثباتا ورسوخا.
وقدرهم اليوم أن يبقوا حماة للبحر، لمضائقه وممراته الاقتصادية في لحظة يشهد فيها العالم صراعا كبيرا لإعادة رسم مناطق النفوذ على الممرات المائية وحماية الملاحة وسلاسل الإمداد من خطر القرصنة المتزايد.
وكان قدر صاحب السمو السيد ذي يزن أن يقف أمس في ميدان كل ما حوله مرتبط بتاريخ عُمان وأمجادها البحرية. وقدره أن يلتفت فيرى على صفحة بحر عُمان الصافية تاريخا عظيما سطره أجداده الكرام.. فلا مفرّ من التاريخ وعظمته وعظمة رجاله الأوفياء إلا إليه.
فأي مجد هذا الذي أنجزه الأسلاف ورسخوا به اسم عُمان، أي مجد هذا الذي يسع العمانيين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مكة.. حرس الحدود ينقذ مواطنًا تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر
أنقذت فرق البحث والإنقاذ بحرس الحدود في محافظة رابغ بمنطقة مكة المكرمة مواطنًا تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر، وتم تقديم المساعدة له.
وأهابت المديرية العامة لحرس الحدود بالالتزام بإرشادات السلامة البحرية والتأكد من سلامة الوسائط البحرية قبل الإبحار، والاتصال بالرقمين «911» في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والشرقية، و«994» في بقية مناطق المملكة لطلب المساعدة في الحالات الطارئة.
أخبار متعلقة الضمان الاجتماعي.. ما مهلة تقديم الاعتراض على نتيجة الأهلية؟"تعليم تبوك" يعلن موعد الدوام الشتوي في مدارس المنطقة