أولاً، من حيث الهيكل التنظيمي تكشف المعطيات أن غرفة العمليات المشتركة التي تمّ تحديدها مقرّاً في الأراضي السعودية كانت مركزاً لتفعيل شبكة متعددة الخلايا، صغيرة العدد ومنفصلة في الأداء، لكنها مرتبطة بشبكة أكبر تمتدّ عبر مساعدات تقنية، تدريب مباشر، وتوجيه إحداثيات تنفيذية.

 هذه الخلايا صُمّمت للعمل داخل اليمن، مستغلة ثغرات الميدان والأحياء المدنية إلى جانب المواقع العسكرية، ما يعني أن العدو اعتمد أسلوب التجزئة التنظيمية لزيادة المرونة وتقليل احتمال الكشف، وفي الوقت نفسه لخلق ما يشبه «حرب ظل» سياسية - استخباراتية تُمارَس من داخل الداخل اليمني.

ثانياً، من حيث المنظور التكتيكي – الاستراتيجي ما تمّ رصده من جمع الإحداثيات، ومن استهداف البنى التحتية والعسكرية يشير إلى أن الهدف لم يكن فقط التجسس المعلوماتي، بقدر ماكان عمليّات تحضير معلومات استهداف عميقة يشمل تحديد مواقع التصنيع، محطات الإطلاق، البنية الخلفية للقوة اليمنية، وكذلك متابعة القيادات المدنية والعسكرية.

في ما يتعلق بوسائل التدريب والدعم الإعلان يتضمّن إشارة واضحة إلى تدريب عناصر الشبكة على أيدي ضباط أميركيين وإسرائيليين وسعوديين، وتسليم أجهزة تجسس متقدمة، وتعليم تقنيات التمويه والمراقبة ورفع الإحداثيات مايعني أن الملف جاء ضمن استثمار استخباراتي واسع الأمد، وأن اليمن أصبح هدفاً ضمن مشروع أوسع لتجميع بيانات استخبارية وتوجيه ضربات دقيقة وليس فقط ضمن إطار المواجهة التقليدية...

فوجود محطات تدريب خارجية يعني إنشاء «قاعدة خلفية» للعمليات ضد اليمن، وهي إشارة لامتداد جغرافي واستراتيجي يتجاوز حدود الساحة اليمنية.

 الإعلان يؤكد أن الشبكة شاركت في «سفك دماء المدنيين» عبر تزويد العدو بإحداثيات مساكن وأسواق، وأن منشآت خدمية استُهدفت لإحداث ضرر بالشعب اليمني وهنا يتضح أن المهمة الاستخباراتية تقود إلى ضرب مدني واستنزاف إرادة شعب، أي أن البُعد العسكري يتداخل مع بُعد النفس القومي والسياسي – الاجتماعي. وفي سياق التضامن اليمني مع ­غزة، يبدو أن هذه العمليات تأتي في إطار محاولات لكسر الزخم اليمني ودوره الإقليمي، عبر ضرب الداخل من الداخل، وتقويض الاستقرار والمناعة الوطنية.

الإنجاز الأمني اليمني يشكل ضربة استخباراتية قاصمة تكشف هشاشة المنظومة المعادية التي كانت تراهن على اختراق الداخل كما أنه من الواضح أن توقيت الكشف عن الشبكة لم يكن صدفة... فهو يأتي في ذروة التوتر الإقليمي المرتبط بالحرب على غزة،  بالتالي فإن واشنطن وتل أبيب والرياض تدرك أن أي اختراقٍ للداخل اليمني يعني خنق جبهة البحر الأحمر وإضعاف أثر العمليات البحرية الداعمة لغزة.

من الناحية الاستخباراتية، تكشف هذه العملية أن العدو فشل في بناء واجهة بشرية قادرة على التغلغل في المجتمع اليمني بعد انهيار منظوماته السابقة، فحاول إعادة صياغة العمل التجسسي عبر إنشاء خلايا تقنية تعتمد على الأجهزة الحديثة، وتقنيات الإخفاء والتمويه، وإرسال البيانات عبر بروتوكولات مشفّرة.

 إلا أن الرصد الأمني اليمني، الذي بات يمتلك أدوات متقدمة في تحليل الإشارات وتعقّب الاتصالات، استطاع تحديد مسارات التواصل وعلاقات التمويل، ما أدى إلى تفكيك السلسلة الكاملة وإسقاطها في توقيتٍ حساس.

ومن منظور أمني تشير أيضاً فان انتقال الأجهزة الأمنية اليمنية من مرحلة الدفاع الاستخباراتي إلى مرحلة الهجوم المضاد؛ فبدلاً من الاكتفاء بإحباط محاولات الاختراق، باتت الأجهزة قادرة على تتبع مصادر التمويل، وطبيعة التدريب، بل والوصول إلى مراكز القيادة خارج الحدود. هذا المستوى من الوعي الأمني يعكس تراكماً مهنياً وخبرة عملياتية راكمتها الأجهزة اليمنية خلال سنوات الحرب، مستفيدةً من الخبرات التقنية التي طورتها في مواجهة الطائرات المسيرة وحرب الاتصالات.

التحليل الأمني يقودنا إلى أن اختيار العدو تشكيل غرفة العمليات في الأراضي السعودية ثم توزيع خلايا صغيرة متعددة مرتبطة بها، يعبّر عن تصميم استخباراتي عالي المستوى... شبكة كهذه، تُدرّب على استخدام أجهزة تجسس متطورة، وتمتلك القدرة على تحديد مواقع البنى التحتية، مصانع التصنيع العسكري، ومنصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، تثبت أن الهدف لم يكن مجرد مراقبة وتأطير، بقدر ما كان توجيه ضربات شاملة تستهدف القلب المحرك للدولة.

---عرب جورنال

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

إقرأ أيضاً:

اليمن,, ضبط أكثر من طن ونصف من المخدرات و803 متهمين خلال تسعة أشهر

كشف تقرير رسمي عن ضبط أكثر من طن ونصف من المخدرات ونحو 803 متهما خلال تسعة أشهر في اليمن.

 

وقالت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، في تقرير لها إنها نفذت سلسلة من العمليات النوعية خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2025م، أسفرت عن ضبط 803 متهمين في قضايا تعاطٍ وترويج وتهريب المخدرات، إضافة إلى مصادرة طن و660 كيلوجراماً من الحشيش والهيروين والشبو، و248,910 حبة كبتاجون وحبوب مخدرة، و234 أمبولة أفيون.

 

وحسب التقرير فإن إجمالي القضايا المسجلة بلغ 411 قضية، وتنوّعت مصادر المواد المهربة بين إيران، وباكستان، وأفغانستان، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية نفذت عدداً من العمليات النوعية في عدد من المحافظات اليمنية.

 

وأبرز تلك العمليات وفق التقرير كانت في محافظة المهرة، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط مصنع متكامل لإنتاج مادتي الكبتاجون والشبو، في واحدة من أكبر الضبطيات خلال العام الجاري.

 

وفي العاصمة المؤقتة عدن، تم ضبط شحنة ضخمة من الكوكايين تزن 599 كيلوجراماً كانت مخبأة داخل حاوية سكر قادمة من البرازيل، إضافة إلى 646,290 حبة من مادة البريجابالين تم العثور عليها داخل أحد المخازن في المدينة.

 

أما في سواحل محافظة لحج، فقد نفذت قوة من مكافحة المخدرات عملية بحرية نوعية عقب اشتباك مباشر مع المهربين في عرض البحر، أسفرت عن ضبط 314 كيلوجراماً من مادة الشبو، و25 كيلوجراماً من الهيروين، و108 كيلوجرامات من الحشيش، كانت في طريقها إلى جمهورية مصر.

 

وأشار التقرير إلى أن القوات البحرية، بالتنسيق مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، ضبطت 432 كيلوجراماً من مادة الشبو في البحر الأحمر، كما تم في منطقة باب المندب كشف وكر لتهريب المخدرات وضبط 28,500 قرص بريجابالين، إضافة إلى قارب يحمل 150,000 حبة كبتاجون.

 

وذكرت أن الأجهزة الأمنية ضبطت محاولة تهريب 13,750 قرص كبتاجون عبر منفذ الوديعة الحدودي.

 

وأوضح التقرير أن عملية بحرية أخرى نُفذت في سواحل لحج، أسفرت عن ضبط قارب بطول 12 متراً محمّل بطن من المواد المخدرة، بينها 536 طرداً من الشبو، و100 طرد من الحشيش، و10 طرود من الهيروين.

 


مقالات مشابهة

  • «القصير» يجتمع بغرفة العمليات المركزية لحزب الجبهة الوطنية استعدادًا لانتخابات الداخل
  • السعودية في قلب المؤامرة .. مخطط استخباري ضد اليمن يكشف الوجه العدائي الخبيث
  • الإنجاز الأمني اليمني الكبير .. عملية ’’ومكر أولئك هو يبور’’ تكشف أخطر شبكات التجسس المشتركة ضد اليمن
  • شاهد.. أول صورة جماعية لشبكة التجسس التابعة لغرفة العمليات المشتركة للعدو
  • حرب على الوعي تُموَّل بالملايين .. سرّ خوف العدو من ذكرى الشهيد في اليمن
  • قائد الثورة: دور اليمن في إسناد غزة كان مميزا وكبيرا
  • قائد الثورة: دور اليمن في إسناد غزة كان مميزا وكبيرا في مختلف المجالات وفي مقدمتها المجال العسكري
  • إطلالة السيد القائد أمام المؤتمر القومي العربي: توضيح الدور اليمني في جبهات الإسناد لغزة
  • اليمن,, ضبط أكثر من طن ونصف من المخدرات و803 متهمين خلال تسعة أشهر