يحل اليوم الاثنين ذكرى وفاة الشاعر علي محمود طه، أحد أبرز رموز الشعر العربي الحديث، وأحد أعلام التيار الرومانسي، وركيزة أساسية في مدرسة أبولو الشعرية التي أسسها الشاعر أحمد زكي أبوشادي، ويعد طه من أكثر الأصوات الشعرية تأثيرا في النصف الأول من القرن العشرين، حيث جمع في تجربته بين الرومانسية والخيال والتجريب الوجداني، إلى جانب حضور لافت في القضايا القومية والوطنية.


وُلد علي محمود طه في 3 أغسطس عام 1901 بمدينة المنصورة لأسرة من الطبقة المتوسطة، وقضى معظم شبابه فيها، التحق بالكتَّاب وحفظ بعضا من سور القرآن الكريم، ثم انتقل إلى المدرسة الابتدائية، ومنها إلى مدرسة الفنون والصناعات التطبيقية، وتخرج عام 1924 مساعد مهندس معماري، قبل أن يعمل في هندسة المباني بالمنصورة، ثم ينتقل للعمل في سكرتارية مجلس النواب، وأصبح وكيلاً لدار الكتب المصرية، إلا أنه فضّل التفرغ للأدب والشعر والإبداع.


انشغل طه بالأدب منذ سنواته الأولى، واتصل ببعض رجال السياسة والأدب، وكتب في مختلف أغراض الشعر من غزل ورثاء ومديح وحكمة وتأمل وفلسفة وجمال، وتميزت قصائده بصور حسية رشيقة، ونزعة رومانسية واضحة ظهرت بقوة في ديوانه الأول "الملاح التائه" الصادر في عام 1934، وهو الديوان الذي كشف تأثره بالشعراء الرومانسيين الفرنسيين، خصوصا لامارتين، وقد أصدر بعده دواوين أخرى مثل "أرواح وأشباح"، و"شرق وغرب"، و"زهرة وخمر"، و"الشوق العائد"، و"أفراح الوادي".


عُرف طه بلقب "شاعر الجندول" عقب زيارته لمدينة فينيسيا (البندقية) عام 1938، حيث شارك في الاحتفال السنوي ومهرجان الكرنفال، وهناك أعد قصيدته الشهيرة "أغنية الجندول" التي غناها الموسيقار محمد عبدالوهاب، كما غنى له "كليوباترا" و"فلسطين"، وتميز شعره بالرشاقة اللغوية، والتمرد على القافية الواحدة، وبالنزوع إلى الغنائية والرومانسية والإعلاء من شأن الجمال والخيال.


وقال عنه الأديب أحمد حسن الزيات: "كان شابًا منضور الطلعة، مسجور العاطفة، مسحور المخيلة، لا يُبصر غير الجمال، ولا ينشد غير الحب، ولا يحسب الوجود إلا قصيدة من الغزل السماوي ينشدها الدهر ويرقص عليها الفلك". كما قال عنه النقاد إنه لم يكن رومانسيًا خالصًا كأبي القاسم الشابي، إذ جمع في شعره بين الصور الحسية الصاخبة، والإيقاعات الكلاسيكية، والنزعات الرومانسية، فتنقل بين الكلاسيكية والرومانسية في أعماله.


وأصدر طه إلى جانب شعره كتابا نثريا بعنوان "أرواح شاردة" عام 1941، وكتب مسرحية غنائية بعنوان "أغنية الرياح الأربع" عام 1944، وصدر عنه عدد من الدراسات، أبرزها كتاب أنور المعداوي "علي محمود طه: الشاعر والإنسان"، وكتاب تقي الدين "علي محمود طه، حياته وشعره".


وكان للشاعر حضور بارز في القضايا القومية، فقد كان من أوائل الشعراء الذين رصدوا بدايات القضية الفلسطينية، ونشرت له جريدة "الأهرام" في 2 ديسمبر 1947 قصيدته الشهيرة "أخى جاوز الظالمون المدى"، التي غناها لاحقا محمد عبدالوهاب، وهي من أقوى القصائد التي تستدعى عند كل عدوان على فلسطين.

 كما كتب قصيدة "فلسطين" التي أصبحت نشيدا قوميا عربيا عقب إعلان قيام إسرائيل عام 1948، إضافة إلى قصائد في رثاء شخصيات عربية مثل سيد درويش والملك فيصل الأول وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وعدلي يكن وأمين المعلوف وشكيب أرسلان وغيرهم.


زار الشاعر عددا من البلدان الأوروبية، وكان كثير الأسفار، ما فتح أمامه آفاقا شعرية واسعة، وعمّق تجربته الفنية التي اتسمت بالإعلاء من القيم الجمالية وإنشاد الشعر من أجل الإنسان والحرية والسلام، وقد وصفه البعض بـ"الملاح الثائر" نسبة إلى ديوانه الشهير "الملاح التائه"، لما تميز به من مواقف ضد الظلم والعدوان والاستعمار.


وفي صيف عام 1949 أصيب علي محمود طه بشلل نصفي ودخل المستشفى لشهور، وفي اليوم المقرر لخروجه، الموافق 17 نوفمبر 1949، توفي عن ثمانية وأربعين عاما، ودُفن بمسقط رأسه في مدينة المنصورة، ورغم رحيله المبكر، لا يزال علي محمود طه حاضرًا في الوجدان الأدبي العربي، بما تركه من دواوين خالدة أسهمت في تشكيل ملامح الشعر الحديث.
 

طباعة شارك ذكرى وفاة الشاعر الكبير علي محمود طه أبرز رموز الشعر العربي الحديث أحد أعلام التيار الرومانسي الشاعر أحمد زكي أبوشادي القضايا القومية والوطنية دار الكتب المصرية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الكتب المصرية

إقرأ أيضاً:

مهرجان القاهرة السينمائي 46.. محمود عبد السميع: «لم أكن المرشح الأول لفيلم التعويذة»

أقام مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 46، اليوم الجمعة، ندوة صناعة السينما تحت عنوان «حرفية الصورة السينمائية» ضمن فعاليات المهرجان، والتي شهدت مدير التصوير محمود عبد السميع الذي كشف خلالها الكثير من التفاصيل والأسرار حول حياته، وكذلك علاقته بالسينما.

وقال محمود عبد السميع، على هامش ندوة صناعة السينما بمهرجان القاهرة السينمائي 46: إنه استخدم كاميرا السينما لأول مرة في 1961، مشيرا إلى أن ما يساعد المصور الشاطر في أداء مهام عمله هو التعلم المستمر بدارسة التقنيات، ففي الماضي كانت كاميرات السينما تعمل بالأشرطة والتي تحتاج إلى معاملة خاصة حتى لا يتسرب إليها الضوء.

ندوة مدير التصوير محمود عبد السميع

وتناولت المحاضرة الأسس الإبداعية والمهنية لتشكيل الصورة السينمائية، بدءًا من دور مدير التصوير في صياغة اللغة البصرية للفيلم، وصولًا إلى كيفية تحقيق التوازن بين الرؤية الفنية والتقنيات الحديثة في صناعة السينما.

وأشار محمود عبد السميع، إلى أنه لم يكن المرشح الأول لفيلم التعويذة، موضحا أن محسن أحمد كان مرشحا لتصوير فيلم التعويذة وحين قام بقراءة السيناريو رشحني لتصويره.

وعن علاقته بالفنان حسين فهمي، أضاف محمود عبد السميع: «ألتقى الفنان حسين فهمى كل أسبوعين، ومنذ عام 1968 كلمنى واقترح أن نصوّر فيلمًا قصيرًا معًا، قال لى وقتها إنه سيقوم بالتمثيل فقط، رغم أنه فى الأساس مخرج، وهو ما أكسبه رؤية فنية ووعياً كبيراً بالمادة التى يقدمها».

اقرأ أيضا:

«مش لاقي ياكل».. إدوارد يكشف تعرضه لعملية نصب باسم الفنان شادي خفاجة

هل عاد الفنان محمد صحبي لوعيه من جديد؟.. متحدث الصحة يكشف آخر التطورات

بمشاركة فنانين عالميين.. انطلاق النسخة الخامسة من معرض «الأبد هو الآن»

مقالات مشابهة

  • الهباش: إسرائيل تسعى لإفراغ فلسطين من سكانها.. والشعب متمسك بأرضه بدعم عربي
  • بعد الهزة الارضية التي ضربت لبنان.. هذا ما أعلنه مركز بحنس
  • الشهادات الإبداعية للشعراء في «الشارقة للكتاب»
  • «مثلث الحب» يسجّل عرضه العالمي الأول في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
  • فلسطين: سنرسل وفداً رفيع المستوى لإجراء مباحثات مع اليونسكو بشأن المناهج الدراسية
  • بدور القاسمي تفتتح معرض «لاعب النرد: محمود درويش» في بيت الحكمة
  • مهرجان القاهرة السينمائي 46.. محمود عبد السميع: «لم أكن المرشح الأول لفيلم التعويذة»
  • محمود عبد السميع: لم أكن المرشح الأول لفيلم التعويذة
  • حرائق تيبازة.. الوزير الأول يزور العائلات التي تم إجلاؤها