صعدت الأطراف المتحاربة في السودان مواقفها، لتنتقل من غبار المعارك إلى ساحات المحاكم، حيث يسارع كل طرف على مقاضاة الآخر دوليا.

فبينما كشفت مصادر دبلوماسية وقانونية في لاهاي عن أن مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية تسلم مؤخرا ملفا يحمل الجيش مسؤولية انتهاكات جسيمة وتلقي دعم خارجي من دول في الإقليم، أبدت شخصيات قانونية استعدادا لتقديم العون إلى ضحايا الانتهاكات التي ارتكبت في الفاشر بولاية شمال دارفور لملاحقة قوات الدعم السريع.

وقالت مجموعة "السودانية" للدفاع عن الحقوق والحريات وهيئة محامي دارفور في بيان مشترك، إن "الفاشر ظلت محاصرة بواسطة قوات الدعم السريع لأكثر من 500 يوم، حيث شهدت خلال هذه الفترة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التجويع والتعذيب والاختطاف، كما أُجبر المدنيون على أكل علف الحيوانات وأوراق الأشجار وبقايا الحيوانات النافقة".

وأضاف البيان أن "الاستفادة من العون القانوني تتطلب إعداد ملفات لقضايا ببيانات مبدئية كافية، تصلح لمباشرة إجراءات المقاضاة بالدول التي تعمل بأنظمة الولاية القضائية الممتدة"، داعيا أسر ضحايا الفاشر إلى التواصل مع المجموعة والهيئة للحصول على المشورة القانونية حول كيفية حفظ الأدلة والشهادات المتعلقة بالانتهاكات التي تعرضوا لها.

ووفق موقع "سودان تريبيون"، فقد "ارتكبت قوات الدعم السريع، وفقا للأمم المتحدة ومنظمات حقوقية، انتهاكات، شملت القتل الجماعي وتصفية المرضى واحتجاز الأشخاص بغرض الحصول على فدى مالية واغتصاب النساء، بعد سيطرتها على الفاشر في 26 أكتوبر الماضي".

وأشار إلى أن المحكمة الجنائية تملك ولاية قضائية على الجرائم المرتكبة في سياق النزاع الدائر في دارفور، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي الذي أحال إليها الوضع في الإقليم عام 2005.

وأشارت صحيفة "السودانية نيوز" إلى أن تحالفا من خبراء قانونيين ومنظمات حقوقية دولية أعد ملفا وصل إلى مكتب الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، حول دور الجيش السوداني في "ارتكاب انتهاكات واسعة النطاق ضد المدنيين منذ اندلاع الحرب".

وأفادت الصحيفة أن "الملف يضع قيادة الجيش والسلطة القائمة في بورتسودان في دائرة الاتهام المباشر، ويشير إلى تلقي دعم خارجي من دول في الإقليم ومنظمات غير حكومية مسلحة ساعدت في تعزيز قدراته العسكرية خلال الحرب".

وتقول مصادر دبلوماسية وقانونية إن الملف يوفر أساسا قانونيا يسمح للمدعي العام بالتحرك بموجب المادة 15 من نظام روما الأساسي، وبالنظر في فتح تحقيق رسمي ضد القيادات الأكثر مسؤولية.

ويتزامن ذلك مع إعلان وزير العدل السوداني عبد الله درف، الأحد، تمسك بلاده برفض إحالة التحقيق في الجرائم المرتكبة في الفاشر بولاية شمال دارفور إلى بعثة تقصي حقائق، معلنا عدم السماح لها بدخول السودان.

والجمعة طلب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من بعثة تقصي الحقائق التي أنشأها في 11 أكتوبر 2023، إجراء تحقيق عاجل حول الانتهاكات التي ارتكبت في الفاشر، وتحديد هوية المسؤولين عنها.

وقال درف لموقع "المحقق" الاخباري، الأحد، إن "السودان يرفض إحالة التحقيق في جرائم الدعم السريع في الفاشر إلى لجنة تقصي الحقائق"، مشيرا إلى أن بلاده في الأساس تعترض على هذه اللجنة وغير معترفة بها منذ تشكيلها، و"لن نسمح لها بالدخول".

وأوضح أن ما يقوم به مجلس حقوق الإنسان "غير ملزم"، وأنه درج الأمر في مثل هذه المسائل أن تستشار الدولة فيما يتعلق بعمل مثل هذه اللجان، لأنه يتعلق بسيادتها، مضيفا: "لدينا آليات تحقيق وطنية يمكن أن تقوم بذلك".

كما انتقد رئيس بعثة السودان لدى الاتحاد الأوروبي عبد الباقي كبير، موقف الاتحاد تجاه أحداث الفاشر، قائلا إنه "لم يرق حتى الآن لمستوى الفظائع والجرائم التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع، ولا يتناسب وحجم الجرم المرتكب ضد المواطنين"، مطالبا إياه بـ"إعلان إدانة صريحة للانتهاكات وداعميها".

وتتزايد الشكوك بشأن فرص نجاح المبادرات الدولية لوقف الحرب، خاصة مع تأكيد مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية السبت، أن "لا الجيش السوداني ولا قوات الدعم السريع قدما أي مؤشرات جدية على الاستعداد لتحقيق سلام حقيقي في الوقت الراهن".

ويشهد السودان منذ أبريل 2023 صراعا مسلحا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدى إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد ملايين المدنيين داخل البلاد وخارجها.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الفاشر قوات الدعم السريع علف الحيوانات القتل الجماعي دارفور بورتسودان السودان مجلس حقوق الإنسان وزارة الخارجية الأميركية السودان حرب السودان الجيش السوداني قوات الدعم السريع الفاشر قوات الدعم السريع علف الحيوانات القتل الجماعي دارفور بورتسودان السودان مجلس حقوق الإنسان وزارة الخارجية الأميركية أخبار السودان قوات الدعم السریع فی الفاشر

إقرأ أيضاً:

بعثة الأمم المتحدة المستقلة بالسودان: الدعم السريع أنشأ خنادق حول الفاشر

أكدت منى رشماوي، عضو بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، أن معظم الفارين من الفاشر يضطرون للسير على الأقدام لمسافة تقارب 60 كيلومترا، لافتة إلى لأن قوات الدعم السريع حفرت خنادق حول المدينة، تجعل خروج السيارات شبه مستحيل لأنها قد تقع في تلك الحفر.

وأضافت رشماوي، خلال مداخلة مع الإعلامي محمد رضا، على قناة «القاهرة الإخبارية»، أنه لم يتبقَّ سوى مخرج أو مخرجين تسيطر عليهما القوات، مما يدفع الناس إلى الهروب مشيا على الأقدام.

وأشارت إلى أن موجات النزوح الحالية تتجه إلى منطقة تُسمّى الطويلة، وهي بلدة سبق لها أن زارتها، موضحة أن الطويلة باتت تضم اليوم أكثر من نصف مليون إنسان، على الرغم من كونها بلدة بسيطة، لكنها توفر قدرًا من المأوى للنازحين.

وأوضحت: «إذا تمكن الناس من الخروج، يصلون إلى الطويلة وهم في حالة إنهاك شديد، وللأسف علمنا من عدة مصادر أن البعض يصل في وضع صحي حرج للغاية، وبعضهم يتوفى فور وصوله أو يحتاج إلى النقل مباشرة إلى المستشفى».

كما أشارت إلى أن منظمة أطباء بلا حدود أبلغت البعثة بأن عياداتها في الطويلة تعاني من ضغط شديد، إذ تستقبل أعدادًا كبيرة من النازحين في حالة طوارئ، ولا تستطيع تلبية الاحتياجات الطبية المتزايدة، مختتمة بالقول إن الوضع هناك مأساوي للغاية.

اقرأ أيضاًكامل الوزير يؤكد حرص الدولة المصرية على دعم جهود التنمية والبنية التحتية في السودان

مجلس حقوق الإنسان الأممي يعلن وجود مجاعة في الفاشر وكادوقلي

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يطالب العالم بوقف تدفق السلاح للدعم السريع
  • شبكة أطباء السودان توثق 32 حالة اغتصاب في الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم السريع
  • آخر الأوضاع بالسودان: اشتباكات مشتعلة بين الجيش السوداني والدعم السريع
  • شبكة طبية توثق 32 حالة اغتصاب بالفاشر بعد اجتياح الدعم السريع
  • قتل وتعذيب واغتصاب جماعي.. جرائم فظيعة ارتكبها «الدعم السريع» في الفاشر
  • المعارك تتمدد في كردفان ودارفور.. الجيش السوداني يستعيد كازقيل
  • سفير السودان بالاتحاد الأوروبي: ميليشيا الدعم السريع ارتكبت جرائم عديدة في الفاشر
  • بعثة أممية للتحقيق في انتهاكات الفاشر.. والبرهان يعلن التعبئة العامة لمواجهة الدعم السريع
  • بعثة الأمم المتحدة المستقلة بالسودان: الدعم السريع أنشأ خنادق حول الفاشر