الشارقة (الاتحاد) ناقش شعراء ونقاد في معرض الشارقة الدولي للكتاب دور «الشهادة الإبداعية» في قراءة مسيرة الشاعر، وكيف يمكن لهذا النوع من الكتابة أن يفتح نافذة على ما قبل النص، وأن يكشف ملامح التكوين الشخصي والجمالي للأدباء. شارك في الجلسة التي حملت عنوان «الشهادات الإبداعية للشعراء بين سؤال الذات والرصد النقدي»، الشاعر والكاتب الإماراتي علي سيف الشعالي، والناقد والأكاديمي الدكتور نزار قبيلات من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وأدارتها الدكتورة سعاد راشد، وسط حضور أدبي لافت.

استعاد علي الشعالي بداياته الأولى، حين أكتشف الشعر في البيت ومن جلسات البحر والحكايات الشعبية، قبل أن تتوسع تجربته في الجامعة عبر أساتذة ومشاركات ومسابقات خليجية شكّلت مرحلة مبكرة في وعيه الإبداعي، وقدّم الشاعر نبذة عن دواوينه الأولى مثل «نحلة وربابة»، «للأرض روح واحدة»، «وجوه أخرى متعبة»، و«دلوني على الكهف»، وصولاً إلى دواوينه الأخيرة ومنها «يا ليل أعدني طفلاً»، و«العشب يشبهنا هنا».
وأشار الشعالي إلى أن دخوله عالم السرد لم يكن خروجاً من الشعر، بل محاولة «للتخفيف من حمله»، موضحاً أن رواية «الحيّ الحيّ» استغرقت منه ثلاث سنوات من البحث والبناء والتجريب، وأن كتاباته القصصية مثل «حيوات بنكهة الرمان» جاءت لإتاحة فضاء أوسع لمعالجة قضايا لا تحتملها القصيدة، وقال إن الكاتب حين ينضج يدرك أن الكتابة «سبب وجود لا هواية»، وإنه شخصياً وضع الكتابة في مركز حياته، معتبراً أن لكل معنى جنسه الأدبي الذي يناسبه، وأن التنقل بين الشعر والرواية والقصة «ليس ترفاً… بل ضرورة يفرضها الصوت الداخلي للنص». وقدّم الدكتور نزار قبيلات قراءة نقدية في تجربة الشعالي، مشيراً إلى أن رواية «الحيّ الحيّ» تمثل نموذجاً لجرأة التجريب في الأدب الإماراتي، عبر مزج الفانتازيا بالخيال العلمي، والسؤال الفلسفي بالبعد الواقعي، كما توقّف عند مجموعة «حيوات بنكهة الرمان» بوصفها عملاً يرصد توتر القيم الحديثة وتحولات العالم، عبر لغة شاعر يحاور الواقع دون مبالغة أو تجميل.
وأشار قبيلات إلى أن «الشهادة الإبداعية» تتيح للنقاد والقراء فهم الظروف التي يتشكّل فيها النص، دون أن تُلغي استقلاليته الجمالية، وقال: «إن تعدد الأجناس في تجربة الشعالي يكشف رغبة في اختبار الأسلوب واللغة، وفي التخفّف من ثقل القوالب الجاهزة».
وتناولت الجلسة أثر الفضاء الرقمي في حضور الشعراء اليوم، حيث أكد الشعالي أن موجة «شعراء إنستغرام» ليست محلية، بل ظاهرة عالمية فرضتها طبيعة النشر السريع، لكن الزمن - كما قال - «يمتلك غربالاً قاسياً يُبقي الجيد ويسقط السطحي»، وشدد على أن الكاتب مسؤول أمام لغته وقارئه، مهما تغيرت وسائل النشر، موضحاً أن الذكاء الاصطناعي والمنصّات الرقمية قد تؤثر في شكل الكتابة، لكنها لا تستطيع أن تصنع شاعراً حقيقياً. وفي ختام الجلسة، اتفق المتحدثون على أن الشهادة الإبداعية ليست سيرة ذاتية، بل محاولة لإضاءة اللحظات التي تُولد فيها الأعمال الأدبية، وأنها تساعد على قراءة النصوص من زاوية أعمق، تجمع بين التجربة الشخصية والرؤية الفنية، وتكشف التطور الطبيعي للكاتب بين الشعر والسرد وفنون الكتابة المختلفة.

أخبار ذات صلة مترجمون وأدباء: سرّ نجاح الترجمة في نقل روح النص ويل سميث في «الشارقة للكتاب»: الكتابة غيرت مجرى حياتي

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: معرض الشارقة الدولي للكتاب الشارقة

إقرأ أيضاً:

الأطفال يصمِّمون غواصاتهم في «الشارقة الدولي للكتاب 2025»

الشارقة (الاتحاد) 
في أجواء مفعمة بالخيال والاكتشاف، خاض نحو 30 طفلاً تجربة تعليمية فريدة خلال ورشة تفاعلية بعنوان «مهمة تحت الماء»، أقيمت ضمن فعاليات الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025.
تعرّف المشاركون، خلال الورشة، على آلية عمل الغواصات ومبادئها العلمية، ثم انطلقوا لتصميم غواصاتهم الخاصة باستخدام مكعبات «ليغو»، وبرمجتها وتشغيلها عبر أنظمة الروبوتات وأجهزة التحكم عن بُعد، في تجربة جمعت بين التعلم والمرح والتفكير الإبداعي.
وقال عكرمة الجلجولي، مشرف الورشة، إن النشاط يهدف إلى تحفيز طاقات الأطفال الابتكارية وتنمية مهاراتهم العلمية من خلال الدمج بين التطبيق العملي والمعرفة التقنية، مشيراً إلى أن التفاعل الكبير الذي أبداه الأطفال والأسئلة التي طرحوها تعكس شغفهم بالعلوم والرغبة في الاستكشاف.
وأكد الجلجولي أن مثل هذه التجارب العملية تمثل أحد أنجح أساليب التعلم الحديثة، لأنها تتيح للطفل توظيف خياله في فهم الظواهر العلمية وتحويل الأفكار إلى تجارب واقعية، ما يسهم في بناء جيل مفكر ومبدع يمتلك رؤية نقدية تجاه العالم من حوله.

أخبار ذات صلة «انشر» يعرض تأثير مساراته في دعم وتطوير ناشرين محليين أمل السهلاوي: الشِّعر مساحة عبور نحو الذات

مقالات مشابهة

  • كتّاب إماراتيون: الذكاء الاصطناعي لا يستطيع الكتابة بعاطفة الإنسان
  • توقيع «المقاصدية الشنقيطية» في «الشارقة للكتاب»
  • الأطفال يصمِّمون غواصاتهم في «الشارقة الدولي للكتاب 2025»
  • إنعام كجه جي: الكتابة بالنسبة لي فعلٌ للاحتفاء بالذاكرة
  • «جَوَلان» يتناول الشعر النبطي وتحولات المشهد الثقافي الخليجي
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد لقاء «بودكاست أسمار» الأدبي
  • 8 باحثين يكشفون أسرار القصيدة الأندلسية في «تأليف الحديقة»
  • «صيدلية الشعر».. التشافي بالكلمات في «الشارقة الدولي للكتاب»
  • «أبوظبي للتراث» تستعرض إصداراتها الأدبية في «الشارقة للكتاب»