(1)
وطن يشع كشمس شارقة، يكتب ملحمة من نور، يرسل سلامه للعالم، ويحمل البشارات، والحياة لمن فيه، ولمن حوله، وطنٌ لا تغيب عنه شمس المنجزات، يهب للكون شعاعه، ويعيد كتابة التاريخ من جديد، يتعاظم كل يوم، وينشر حمائم السلام لكل هذا العالم، ويسافر في قلب محبيه أينما ذهبوا، يحملونه في خزائن قلوبهم، وينشده الشعراء قصائدهم، ويتغنى به الركبان، ويعشق ثراه من سكن فيه، ويرسمه الفنانون لوحات من المستحيل، ولا يوفيه العاشق حقه.
(2)
اليوم، وُلدت سلطنة عمان من جديد، اليوم فتح التاريخ ذراعه ليحتضن بلادا خرجت من رحم النور، وُلدت كبيرة، وعظيمة، وسارت في مسارات من الإعجاز، وسمت كنجمة الصباح، لتنير للكون عبارات الجمال، حملت سفنها الخير والسلام لأولئك العطشى للحياة، وُلدت لتبني الحضارة، وتعيد تشكيل المدنية، وتستعيد مجدا ما أفل يوما، ولا خفت بريقه، وتحمل راية الإسلام خفاقة في كبد السماء، وتسمو كروح شفيفة تبارك الإنسان، وتشعل الخيال، وتعيد كتابة المجد من جديد.
(3)
دولة غرست بيرقها قبل 281 عاما في أرض الأمجاد، وما زال علمها يرفرف عاليا، يخفق كقلب يتدفق بالحب، والشموخ، يهب الحياة لأولئك الباحثين عن الخلود، وينحت في صخر الزمان نقشا من عظمة، وهيبة، يستظل تحت رايتها السائرون إلى الضوء، وتفتح أبوابها للعابرين لنهر العزة، ومدن الكبرياء، حاملين معهم كنوز المعرفة، ومفاتيح العلم، ومشاعل الحرف، وأسفار الحكمة.
(4)
في مثل هذا اليوم، قامت دولة البوسعيد لتعيد كتابة التاريخ، وتسرج خيل الشموخ، وترفع قيمة الإنسان، وتشكّل ثقافة فتح جديدة، تستمد عروقها من الدين، والقيم، والحضارات التي نشأت على هذه الأرض، وكبرت عليها، وتمسكت بمبادئ السلام، والمحبة، ورفعت قيم التسامح، والإخاء بين أفراد شعب واحد، وقلب واحد، ومصير واحد، يحملون مشاعل النور، يسلّمون رايات الشموخ من جيل إلى جيل، ويسعون في الأرض بسلام العارفين، وعلامات السائرين نحو الغد المشرق -بإذن الله-.
(5)
هذه هي المرة الأولى التي تحتفل فيها سلطنة عمان بذكرى تأسيس الدولة البوسعيدية، رغم مضي ما يقارب من قرنين ونيف من الزمن، ولعل في هذا التاريخ المجيد ما يجعل الاحتفال أكثر وضوحا، وفهما، ورسوخا فيما يلي من زمن، فهذه الدولة كتبت مجدها بيدها، وبيد سلاطينها العظام، وعبر امتداد تاريخها المشرق بالعطاء، والحياة، والتدفق المستمر كنهر جارٍ لا ينقطع ماؤه، ولا يجف حبره.
(6)
هنيئا لهذا الوطن إنجازاته، وهنيئًا للسلطان هيثم بن طارق سليل السلاطين العظماء -حفظه الله- هذا اليوم المبارك، وهنيئًا للشعب العماني استقراره، وأمنه وسلامه، فالدول تصنع مستقبلها، وها هم أجيال يتلون أجيالا، وإرث يسافر عبر الزمان، وتاريخ ضارب بجذوره في عمق المكان، فهنيئا لهذا الوطن يومه العظيم، و(دمتَ سالما يا وطني العزيز).
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
التاريخ يدعو ألمانيا للتفاؤل بالتأهل المتأخر إلى «المونديال»
عمرو عبيد (القاهرة)
انتظر منتخب ألمانيا حتى الجولة الأخيرة من التصفيات المونديالية، ليحجز مقعداً أوروبياً في كأس العالم 2026، وهو حدث لم يتكرر كثيراً في مسيرة «الماكينات» التاريخية، بعدما تسببت هزيمته الافتتاحية «المفاجئة» في التصفيات، بنتيجة 0-2 أمام سلوفاكيا، في تأخير حسم تأهله المُعتاد إلى «المونديال»، لكن «الألمان» ردّوا الدين لـ «الصقور» في الجولة الأخيرة، بالفوز 6-0.
ويحمل التأهل الألماني «المتأخر» إلى كأس العالم، في شهر نوفمبر، ذكريات جيدة وفألاً سعيداً في العصر الحديث، حيث احتاج «الماكينات» إلى خوض كل مباريات تصفيات «مونديال 1990»، وكان مُطالباً بالفوز في الجولة الأخيرة من مواجهات المجموعة الرابعة، لكي يُنقذ فُرصته ويجد مقعداً ضمن «أفضل الثواني» في المجموعات التي تضم 4 منتخبات فقط، ومرت ألمانيا بصعوبة بعد جمع 9 نقاط، منحتها البطاقة مع إنجلترا، بفارق نقطة وحيدة عن الدنمارك، وصيف المجموعة الأولى آنذاك.
وبعدما تأخر المنتخب الألماني أمام نظيره الويلزي، بهدف مُبكر في الجولة الأخيرة، عاد بسرعة ليُحوّل النتيجة إلى الفوز 2-1، ويقتنص بطاقة الصعود المونديالية، لكنه انطلق إلى إيطاليا ليبلغ المباراة النهائية، ويحصد لقب كأس العالم للمرة الثالثة، بعد انتصاره على الأرجنتين بهدف وحيد.
وفي تصفيات أوروبا الخاصة بـ «مونديال 2002»، كان الأمر أكثر تعقيداً، إذ اكتفت ألمانيا بمقعد «الوصافة» في المجموعة التاسعة خلف إنجلترا، بفارق الأهداف، بعدما أخفقت في تحقيق الفوز على فنلندا في الجولة الأخيرة من مرحلة المجموعات، وتعادلت مع «ضيفها» آنذاك بنتيجة 0-0، لتتحول إلى «المُلحق» وتخوض مباراتيه أمام أوكرانيا في نوفمبر 2001، ونجحت في الحصول على التأهل بعد التعادل ذهاباً 1-1 والفوز إياباً 4-1، ومع ذلك، نجح «الماكينات» أيضاً في الوصول إلى نهائي كأس العالم «الآسيوي» التاريخي، لكنه خسر اللقب بنتيجة 0-2 أمام البرازيل.
المنتخب الألماني يأمل في السير على نفس الخطوات التاريخية، التي تحمل تلك المفارقة الغريبة، بوصوله إلى المباراة النهائية في المرتين السابقتين، بعد التأخر في التأهل، باستثناء نُسخة 1998، التي كاد ينتظر خلالها حتى مباريات «المُلحق» أيضاً، لولا فوزه الصعب على ألبانيا في الجولة الأخيرة، 4-3، بهدف قاتل لأوليفر بيرهوف في الدقيقة الأخيرة، وبعدها اكتفى «الماكينات» بالوصول إلى رُبع نهائي النُسخة الفرنسية، حيث خسر 0-3 على يد كرواتيا.
ولم يعهد منتخب ألمانيا ذلك الأمر في أغلب النُسخ الأخيرة من «المونديال» بالعصر الحديث، إذ أنه كان أول المتأهلين إلى كأس العالم 1994، كونه حامل اللقب، لكنه خرج من رُبع نهائي «المونديال الأميركي» على يد بلغاريا، وكان ضامناً للعب في كأس العالم 2006، لأنه المُستضيف، لكنه خسر أمام إيطاليا في نصف النهائي المونديالي بعدها.
واعتاد «الألمان» حسم بطاقة التأهل المونديالية في الجولة قبل الأخيرة من التصفيات الأوروبية، مثلما حدث في تصفيات 2010, 2014 و2018، وكان قد خسر في نصف نهائي الأول أمام إسبانيا، ثم فاز بلقب الثاني على حساب الأرجنتين في النهائي، قبل أن يُغادر من مرحلة المجموعات في المونديال الثالث عام 2018، بل إنه كان أول المتأهلين إلى كأس العالم الماضية، 2022، بعد قطر «المُنظم»، حيث حسم البطاقة قبل جولتين من نهاية التصفيات الأوروبية، إلا أنه واجه نفس «الخروج الصاعق» من الدور الأول مرة أخرى.