التنوع البيولوجي في البحر الأبيض المتوسط تحت التهديد
تاريخ النشر: 27th, November 2025 GMT
تحت مياه البحر الأبيض المتوسط اللازوردية، يتكشف غزو صامت. قد تبدو سمكة الأسد، بخطوطها الآسرة وزعانفها الأنيقة، وكأنها تنتمي إلى حوض أسماك، لكنها تُعيد صياغة قواعد الحياة البحرية في المتوسط، بحسب دراسة جديدة.
كان البحر الأبيض المتوسط لآلاف السنين موطنا لأكثر من 11 ألف نوع من الكائنات، مشكلا واحدا من أكثر النظم البيئية البحرية تنوعا وثراء في العالم، لكن هذا التوازن القديم يواجه الآن اختلالا من مصدر غير متوقع.
أبحر الغازي الجديد الذي يعيش غالبا في المحيطين الهندي والهادي عبر قناة السويس، ووجد جنة في البحر الأبيض المتوسط. ويعتقد العلماء أن هذه الأسماك المفترسة دخلت من البحر الأحمر، وتكاثرت، وما زالت تتوسع بسرعة في الحوض المتوسطي.
وتشير الأرقام إلى واقع صادم، ففي المناطق التي تستوطن فيها أسماك الأسد، تنخفض أعداد الأسماك المحلية بنسبة 80%. وتمتلك أسماك الأسد أشواكا سامة تُبعد الحيوانات المفترسة، وشهية هائلة تُمكّنها من التهام فرائس يصل حجمها إلى نصف حجم جسمها.
ويُمثل غزو سمكة الأسد، حسب الدراسة، أسرع غزو بحري مُوثّق على الإطلاق في البحر الأبيض المتوسط. فبين عامي 2018 و2020 فقط، ازدادت أعداد سمكة الأسد بنسبة 400% في بعض المناطق.
ولعلّ أكثر ما يثير القلق هو ما اكتشفه الباحثون في جامعة "فاغينينن" للأبحاث في هولندا حول سلوك أسماك البحر الأبيض المتوسط، فالأنواع المحلية لا تملك ذاكرة تطورية لهذا المفترس، وبالتالي لا تعتبره عدوا.
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة ديفيد بوتاتشيني: "لا تعتبر أسماك البحر الأبيض المتوسط المحلية سمك الأسد تهديدا، فهي ببساطة لا تهرب من هذا المفترس الغريب، وهو ما يجعلها فريسة سهلة".
وحسب الأبحاث، لا يُظهر هذا الغزو أي علامات على التباطؤ، مع ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات نتيجة تغير المناخ. وتشهد المناطق التي كانت تُعتبر باردة جدا بالنسبة للأنواع الاستوائية الآن ازدهارا في أعداد أسماك الأسد.
إعلانوارتفعت درجات حرارة مياه البحر الأبيض المتوسط بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى 1.3 درجة مئوية بين عامي 1982 و2019. ويزيد معدل الاحترار هذا على ضعف متوسط المحيط العالمي.
وثّق العلماء وجود أسماك الأسد في أقصى الغرب حتى جزيرة صقلية في إيطاليا، وشمالا حتى البحر الأدرياتيكي قرب كرواتيا. ولعلّ توسعة قناة السويس عام 2015 بحسب الخبراء قد سرّعت من غزوها، إذ سهّلت مرور أنواع البحر الأحمر إلى البحر المتوسط.
ويعمل علماء الأحياء البحرية جاهدين لفهم هذا التهديد واحتوائه. ويستعين العلماء بالغواصين والصيادين والمجتمعات الساحلية للإبلاغ عن مشاهدات أسماك الأسد، واصطيادها.
وقد اصطاد غواصون مُدرَّبون في قبرص ما بين 35 و119 سمكة أسد يوميا في مناطق مُستهدفة. كما تُطوّر بعض دول البحر الأبيض المتوسط مصايد أسماك الأسد للمساعدة في السيطرة على أعدادها.
ويُذكر غزو سمكة الأسد المتوسطي بآثار النشاط البشري على النظم البيئية البحرية. ومع خلق تغير المناخ مسارات جديدة للأنواع الغازية، قد لا تُمثل سمكة الأسد سوى البداية، بحسب الخبراء.
ويؤكد الخبراء أن مستقبل البحر الأبيض المتوسط يعتمد على العمل الجماعي اليوم، فكل جهد يُبذل لرصد الغزوات والسيطرة عليها ومنعها يُسهم في حماية هذا النظام البيئي البحري الذي لا غنى عنه من الانضمام إلى القائمة المتنامية من المناطق المحيطية التي تأثرت بتغير المناخ.
وكانت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي قد أشارت إلى أنه "منذ ثمانينيات القرن الـ20، حدث تغيير جذري في النظم البيئية البحرية في البحر المتوسط، مع انخفاض التنوع الحيوي وتكاثر الأنواع الغازية".
وأثناء موجات الحر البحرية بين عامي 2015 و2019 في البحر المتوسط، شهد نحو 50 نوعا -بينها الشعاب المرجانية وقنافذ البحر والرخويات وذوات الصدفتين ونبتة بوسيدون، وغيرها- نفوقا هائلا بين السطح وعلى عمق 45 مترا، بحسب دراسة نُشرت في يوليو/تموز 2022 بمجلة "غلوبال تشانج بيولوجي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات تغي ر المناخ البحر الأبیض المتوسط البحر المتوسط فی البحر
إقرأ أيضاً: