تقرير صادم من السودان.. انعدام «الغذاء والخدمات» يهدد الملايين!
تاريخ النشر: 4th, December 2025 GMT
كشف تقييم جديد أجرته منظمتان دوليتان عن أوضاع مأساوية في ولاية الخرطوم، حيث يعاني 97% من الأسر من انعدام الأمن الغذائي، ما يضطرهم إلى اتخاذ تكيفات سلبية تشمل عمالة الأطفال والزواج المبكر، ويضع حياتهم اليومية في مواجهة تحديات قاسية.
وأجرت منظمة “المساعدات الكنسية النرويجية” ومنظمة “الفرق الطبية الدولية” التقييم في 70 مرفقًا صحيًا، شمل مقابلات مع 1250 أسرة وملاحظات ميدانية ومجموعات نقاش.
وأوضح التقرير أن الأسر تتلقى نحو 1800 سعرة حرارية في 74% منها، وتضطر إلى اقتراض الطعام، اختصار الوجبات، التسول، والعمل، مع اعتماد الأغلبية على أعمال يومية غير مستقرة وبيع الممتلكات والتحويلات الخارجية والدعم الاجتماعي، بينما تمتلك 16% فقط دخلًا ثابتًا.
وأشار التقرير إلى أن 35% من الأسر في الخرطوم تعيلها نساء، وأن زواج الأطفال ارتفع من 9% قبل اندلاع الصراع إلى 24%، فيما أفادت 17% منهن بممارسة الجنس مقابل المال أو الغذاء أو أشكال مساعدة أخرى كآلية تكيف قسرية مرتبطة بانعدام الأمن الغذائي.
وعلى صعيد الخدمات الصحية، تعمل 43% من المرافق من أصل 70 مرفقًا، بينما تقدم 13% خدمات تنويم و14% خدمات ولادة آمنة. وانخفض عدد العاملين في المرافق الصحية من 11.2 إلى 7.8 عامل لكل مرفق، منهم 62% يعملون دون رواتب، في حين يغطي التمويل الحكومي أقل من 10% من التكلفة التشغيلية، والبقية يأتي من المتطوعين والمجتمعات المحلية، بحسب موقع “سودان تربيون”.
وسجل التقرير نقصًا حادًا في الأدوية، حيث لا تحتوي 70% من المرافق الصحية على مضادات حيوية، ويعاني 85% منها نقصًا في أدوية الملاريا، كما أن 15% فقط تمتلك تبريدًا فعالًا للقاحات، مع إتلاف 23% من اللقاحات.
وأوضح التقرير أن 45% فقط من المرافق لديها مصدر مياه، ويستمر التزويد الفعلي عند 27% منها، فيما ترتفع معدلات الإصابة بالكوليرا في المرافق التي لا تملك مياه جارية بمقدار 2.8 مرة.
وأكد التقييم أن 80% من الأسر تستخدم مصادر مياه محسّنة، لكن 48% من هذه المصادر ملوثة، ويزداد الوضع سوءًا في شرق النيل حيث تعتمد 80% من الأسر على مياه الآبار الضحلة غير الآمنة. كما أن 18% فقط من الأسر تستخدم مراحيض محسّنة، بينما تمارس 31% التبرز في العراء، وترتفع النسبة إلى 46% في أطراف أمبدة، فيما انخفضت نسبة جمع النفايات من 68% قبل الحرب إلى 9% حاليًا، ما ساهم في انتشار الأوبئة والتلوث.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من مليون شخص عادوا إلى الخرطوم من أصل 3.7 مليون غادروا منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، إلا أن العودة تحمل تحديات كبيرة بسبب استمرار العمليات العسكرية، وتدهور الوضع الاقتصادي، ونقص الخدمات الأساسية، ما يجعل كلفة العودة عالية على المستويين المعنوي والمادي.
وتأتي عودة الحكومة إلى الخرطوم في ظل تباطؤ اللجنة المكلفة بتهيئة البيئة للعودة، مع استمرار عدم توفر خدمات المياه والكهرباء للعديد من المواطنين.
وفي الوقت نفسه، رفض رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان أي مبادرة سياسية لا تشمل تفكيك قوات “الدعم السريع” وتجريدها من السلاح، مؤكدًا أن الحل الوحيد هو تفكيك هذه القوات رغم إعلانها هدنة مؤقتة مدتها ثلاثة أشهر.
واتهمت “قوات الدعم السريع” الجيش السوداني بخرق الهدنة ثماني مرات خلال ستة أيام، مع استمرار تنفيذ اعتداءات على مواقعها وعلى المدنيين، واستخدام الطيران الحربي والطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة، فيما التزمت قوات الدعم السريع بالدفاع المشروع فقط، داعية المجتمع الدولي والآلية الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، مصر) لضمان احترام الهدنة وفتح ممرات إنسانية آمنة وحماية المدنيين.
ويشكل انعدام الأمن الغذائي وتدهور الخدمات الأساسية في الخرطوم تهديدًا مباشرًا للحياة اليومية لملايين السودانيين، كما يؤدي إلى زيادة اللجوء إلى تكيفات قسرية مثل زواج الأطفال وعمالة الأطفال، ويضع المجتمع أمام تحديات إنسانية واقتصادية جسيمة، ما يستدعي تدخل المجتمع الدولي لتخفيف الأزمة.
وتفاقمت الأوضاع الإنسانية في السودان منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، مع نزوح جماعي للسكان وتدمير البنية التحتية، حيث أدت الحروب الداخلية والصراعات بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” إلى انهيار الخدمات الأساسية مثل الصحة والمياه والصرف الصحي، ما زاد من تفاقم الأزمات الغذائية والصحية في الخرطوم والولايات المجاورة.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الاقتصاد السوداني الجوع في السودان الحرب السودانية الدعم السریع من الأسر
إقرأ أيضاً:
هل وافقت حكومة الخرطوم على إنشاء روسيا قاعدة بحرية في بورتسودان؟
تناول تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أعده بينوا فوكون ونيكولاس باريو قالافيه المشهد في السودان وسط الحديث عن إنشاء قاعدة روسية هناك.
وقالت الصحيفة إن السودان عرض على روسيا إنشاء قاعدة عسكرية في ميناء استراتيجي على البحر الأحمر، حيث يعتبر عرض الحكومة العسكرية السودانية أول قاعدة عسكرية حيوية لروسيا في أفريقيا وخطوة غير مسبوقة حيث ستقام في منطقة مهمة لخطوط التجارة العالمية.
ولو تم تحقيق الصفقة فإنها ستعطي موسكو موقعا استراتيجيا في القارة الأفريقية التي كافحت فيها لبناء موطئ قدم وتأثير بحسب التقرير.
وأضافت أن القاعدة ستمثل مشكلة إضافية للولايات المتحدة التي كافحت للحد من التأثير الصيني والروسي ومنع سيطرتهما على الموانئ الأفريقية التي قد تتحول إلى مراكز لإعادة تسليح وصيانة البوارج البحرية وخنق طرق التجارة الدولية.
وعرضت الحكومة السودانية الصفقة على روسيا في تشرين الأول/أكتوبر وتعطي لروسيا الحق في نشر 300 من قواتها على القاعدة البحرية في بورت سودان، أو أي منشآة بحرية أخرى على البحر الأحمر، وعدد من البوارج الحربية قد تصل إلى أربع ولمدة 25 عاما؟
وسيحصل الكرملين على معاملة تفضيلية في مجال التعدين، حيث يعد السودان من أكبر منتجي الذهب في أفريقيا.
وستمنح القاعدة البحرية في بورت سودان، روسيا الفرصة لمراقبة حركة الملاحة البحرية من وإلى قناة السويس، وهي الممر البحري الذي تعبر منها نسبة 12% من التجارة العالمية.
ومقابل فتح الأراضي السودانية للقوات الروسية، ستحصل الحكومة المحاصرة والتي تقاتل ميليشيا شبه عسكرية منذ أكثر من عامين على أنظمة متقدمة مضادة للطائرات ومعدات عسكرية بأسعار مخفضة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سوداني قوله بأن السودان بحاجة إلى معدات عسكرية، ولكنه اعترف أن عقد صفقة مع روسيا قد يؤدي إلى مشاكل مع أمريكا والإتحاد الأوروبي. ولم ترد الحكومة السودانية ولا القوات المسلحة على أسئلة الصحيفة للتعليق.
وأشارت الصحيفة إلى أن احتمال إنشاء قاعدة روسية علىالبحر الأحمر يثير قلق مسؤولي الأمن الأمريكيين، الذينيتنافسون مع بيجين وموسكو منذ سنوات في أفريقيا.
وتعد الأنشطة البحرية الروسية محدودة حاليا بسببنقص موانئ المياه الدافئة حيث يمكن للسفن إعادةالإمداد أو الخضوع للإصلاحات. على سبيل المثال، ستسمح قاعدة في ليبيا أو البحر الأحمر للسفن الروسية بالإبحار في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهنديلفترات أطول مما هو متوفر لها الآن.
وعلق مسؤول أمريكي بارز قائلا إن وجود قاعدة روسيةفي ليبيا أو في بورتسودان يمكن أن يعزز قدرات روسياعلى إبراز قوتها ويسمح لها بالعمل دون عقاب. وتوفر القاعدة فوائد أقل وضوحا لاستعراض النفوذ العالمي.
ويرى الجنرال المتقاعد في القوات الجوية مارك هيكس،الذي قاد وحدات العمليات الخاصة الأمريكية في أفريقيا، إن وجود قاعدة في أفريقيا "يزيد من نفوذ روسيامن خلال منحها المزيد من المكانة والنفوذ الدوليين".
وتتوزع القوات الروسية وجماعات المرتزقة التابعة لها في عدة مناطق بأفريقيا، من غينيا بيساو إلى جمهورية أفريقيا الوسطى.
ولم يرد الكرملين على عدة أسئلة للإستسفار طرحتها الصحيفة، إلا أن موسكو تحاول الحصول على قاعدة بحرية في بورت سودان منذ خمسة أعوام.
وقال الجنرال هيكس إن موافقة السودان على القاعدة، سيكون مفيدا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقد شجعت السلطات السودانية موسكو في طموحها للقاعدة، لكنها ظلت مترددة في إكمال الصفقة.
وقد أقامت الصين عددا من الموانيء التجارية في أفريقيا، كجزء حملة إعمار البنى التحتية. وفي عام 2017 أكملت الصين بناء أول قاعدة عسكرية بحرية في جمهورية جيبوتي المطلة على مضيق باب المندب، والرصيف كاف بدرجة استقبال طائرة حربية.
وتقع القاعدة الصينيةعلى بعد 6 أميال من أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فيأفريقيا، معسكر ليمونيه. ويضم المعسكر، الذي يدعم العمليات الأمريكية وحلفائها في الصومال، قوة رد فعلسريع للرد على التهديدات التي تواجه السفاراتالأمريكية في المنطقة، يعمل فيها حوالي 4,000 عنصرا.
كما تنشر الولايات المتحدة قوات كوماندوز وقوات أخرىفي الصومال نفسها، حيث تساعد قوات النخبة المحليةالتي تقاتل حركة الشباب المتمردة التابعة لتنظيم القاعدة، والفرع الصومالي لتنظيم الدولة الإسلامية.وتأتي الصفقة السودانية الروسية في الوقت الذي فقدت فيه موسكو بعضا من فرصها في أفريقيا.
وقبل عامين فقط، كانت دول مثل مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى تستأجر مرتزقة من مجموعة فاغنر المتحالفة مع الكرملين لحماية قادتها ومحاربة أعدائها.
وتفككت بعض مشاريع فاغنر في القارة منذ عام 2023 عندما تمرد مؤسسها، يفغيني بريغوحين، على بوتين، راعيه السابق.
وقتل بعد ذلك بوقت قصير، عندما انفجر جهاز جناح طائرته وهي على ارتفاع 28,000 قدم وحتى الآن، فشلت القوةالعسكرية الرسمية الجديدة للكرملين، التي تعتمد على المرتزقة، في تكرار نجاح فاغنر المالي ونفوذها السياسي في أفريقيا.
وتشير الصحيفة إلى أن الحرب التي اندلعت بين الجنرال عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، قائد الدعم السريع في نيسان/أبريل 2023 تمثل فرصة، وتستغلها القوى الإقليمية والعالمية على حد سواء لتحقيق مصالحهاالخاصة، مما يُنتج تشابكا في التحالفات المتغيرة.
وقد دعمت موسكو في البداية متمردي قوات الدعم السريع التابعة لدقلو، واستخدمت علاقاتها للوصول إلى مناجم الذهب السودانية فيما حاولت أوكرانيا دعم الجيش السوداني وسرعان ما انقلبت هذه الولاءات ووجد المتمردون أن الدعم الروسي غير كاف، فبدأوا اتصالات مع أوكرانيا.
وقال مسؤولون سودانيون ومتمردون إن ذلك دفع روسيا إلى التوجه نحو حكومة الخرطوم فيما علق مسؤولونحاليون وسابقون معنيون بالشأن السوداني إن إيران ومصر وتركيا زودت الجيش السوداني بطائرات بدون طيار.
لكن الخرطوم رفضت العام الماضي مقترحًا بإنشاء قاعدة بحرية تسيطر عليها طهران لتجنب نفور الولايات المتحدة وإسرائيل، وفقا لمسؤولين سودانيين.
وفي غضون ذلك، اتهمت الولايات المتحدة والأمم المتحدة الإمارات بتسليح المتمردين السودانيين، وهي اتهامات ينفيها المسؤولون الإماراتيون.
ويعكس حرص النظام السوداني على إبرام صفقة معموسكو تدهور وضعه في ساحة المعركة.
وعلى الرغم من سيطرتها على الخرطوم، سيطرت قوات الدعم السريع في تشرين الأول/أكتوبر على كامل إقليم دارفور، المنطقة الواقعة غرب السودان حيث ترتكب الجماعة مجازر بحق المدنيين، في تكرار للإبادة الجماعية المزعومة التي ارتكبتها أسلاف الدعم السريع في أوائل القرن الحادي والعشرين، وفقا لمنظمات حقوق الإنسان.