يُثار جدل واسع في الأوساط السياسية اليمنية حول حقيقة وجود تنسيق كامل بين السعودية والإمارات بشأن التطورات المتسارعة في محافظة حضرموت، في ظل تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي، مقابل تحركات سعودية وُصفت بالمستقلة أمنيًا.

 

حقيقة أن ما يجري على الأرض لا يعكس تنسيقًا كاملًا بقدر ما يكشف عن تفاهم محدود لتجنب الصدام المباشر، يقابله تنافس صامت على النفوذ الاستراتيجي في واحدة من أهم المحافظات اليمنية ذات الموقع الجغرافي الحساس.

 

يمثل اختلاف الرؤية بين الرياض وأبوظبي تجاه حضرموت جوهر التباين، إذ تنظر السعودية إلى المحافظة باعتبارها عمقًا أمنيًا مرتبطًا مباشرة بأمنها القومي وبوابة بحرية مهمة على بحر العرب، في حين ترى الإمارات حضرموت ضمن مشروعها الأوسع للنفوذ البحري ودعم تمدد المجلس الانتقالي في الجنوب.

 

ويعزز هذا التوصيف إقدام السعودية على إرسال موفد أمني رفيع هو رئيس اللجنة الخاصة اللواء الدكتور محمد القحطاني إلى حضرموت، بدلًا من السفير محمد آل جابر المسؤول عن الملف السياسي والاقتصادي اليمني، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها تعكس أولوية المعالجة الأمنية على السياسية في المرحلة الراهنة.

 

القارئ لتاريخ يجد أن حضرموت تختلف في حساسيتها عن كل المحافظات الجنوبية الأخرى، فهي تمثل “خطًا أحمر” استراتيجيًا للرياض، ما يجعل من غير المرجح قبولها بسيطرة أمنية كاملة وتحديدا للمجلس الانتقالي دون ترتيبات صارمة.

 

وبحسب هذه القراءة، فإن العلاقة السعودية–الإماراتية في حضرموت تقوم حاليًا على توازن هش بين التنسيق الاضطراري والتنافس المؤجل، وسط مساعٍ لضبط الإيقاع ومنع انفجار الوضع عسكريًا في الوقت الراهن.

 

أعتقد أن هذا التوازن قد يظل مؤقتًا، وأن أي محاولة لتغيير المعادلة الأمنية في حضرموت بشكل جذري قد يعيد التوتر إلى الواجهة بين الحليفين الإقليميين، في واحدة من أكثر الملفات اليمنية تعقيدًا وحساسية.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

المحافظات المحتلة بين فوضى المليشيات وصراع النفوذ السعودي الإماراتي

الثورة نت /..

تعيش المحافظات الجنوبية والشرقية الواقعة تحت الاحتلال، حالة من الفوضى والصراعات المسلحة بين المليشيات الموالية للسعودية والإمارات، في مشهد يُجسّد حجم التدخلات الخارجية التي تعبث بمناطق يمنية استراتيجية تزخر بالثروات الطبيعية والمواقع البحرية والبرية الحيوية.

وتشهد محافظة حضرموت، الأكبر مساحة والأغنى بالثروات النفطية، ذروة الصراع بعد وصول تعزيزات عسكرية لمليشيات الانتقالي المسيطرة على عدن ومعظم المحافظات الجنوبية، في وقت يتواصل فيه التنافس وصراع النفوذ بين الرياض وأبو ظبي في المحافظات المحتلة، وإشعال الصراعات بين أبناء تلك المحافظات.

وبعد أن احتفل الشعب اليمني بذكرى الاستقلال في الـ 30 من نوفمبر، ذكرى جلاء آخر جندي بريطاني من اليمن، تتجدّد اليوم قناعة اليمنيين بقدرتهم على إفشال مخططات المحتلين الجدد، ورفض أي وصاية أو انتقاص من السيادة الوطنية على كامل التراب اليمني.

وقد أظهرت الحشود الجماهيرية التي ملأت ميدان السبعين وساحات المحافظات، وهي ترفع علم الجمهورية اليمنية، وتردد شعارات الأحرار والمناضلين، تصميم اليمنيين على مواصلة درب الثوار والشهداء، في امتداد لمسيرة النضال الوطني التي تُوجت بيوم الاستقلال المجيد في 30 نوفمبر 1967م.

وفي المقابل، أقامت مليشيات الانتقالي عرضًا عسكريًا بساحة العروض في عدن تحت مسمى “القوات المسلحة الجنوبية”، رافعة العلم الشطري وشعارات الانفصال، في خطوة تخدّم الأجندة الإماراتية السعودية المدعومة بغطاء بريطاني واضح، لتمزيق وحدة الوطن.

ومع انتهاء احتفالاتها التشطيرية في عدن، اتجهت مليشيات الانتقالي نحو مدينة سيئون في إطار مخطط تنفذه أبو ظبي بتنسيق مع أجهزة الاستخبارات البريطانية والأمريكية، في امتداد لسلسلة مؤامرات تسعى لإعادة إنتاج الماضي الاستعماري الذي غادره البريطانيون مهزومين قبل 58 عامًا من جنوب اليمن.

تمثل تلك التحركات جزءًا من الصراع السعودي الإماراتي في المحافظات الجنوبية والشرقية لفرض معادلة نفوذ جديدة، خاصة في حضرموت التي تُعد مركز ثقل اقتصادي وتجاري بفضل مواردها النفطية وموقعها الحيوي على بحر العرب، ما يجعل السيطرة عليها هدفًا مباشرًا للغزاة والمحتلين الجدد.

تتكشف الحقائق أكثر فأكثر، ويتضح أن واشنطن ولندن ترعيان مساعي القوى الإقليمية لفرض الهيمنة على اليمن ونهب ثرواته النفطية والسيطرة على موانئه وممراته البحرية، في محاولة لإعادة رسم خارطة المنطقة بما يخدم مصالح الاحتلال الجديد.

وفي ظل هذه التطورات، تبرز مسؤولية القوى الوطنية في شمال الوطن وجنوبه وشرقه وغربه، للوقوف صفًا واحدًا أمام مخططات تمزيق اليمن، وصون وحدته وسيادته التي قدّم اليمنيون من أجلها تضحيات كبيرة في مسيرة التحرر ورفض التشطير بكل أشكاله ومسمياته.

سبأ

مقالات مشابهة

  • بضوء أخضر من الإمارات.. الانتقالي الإنفصالي يتحدى السعودية وينقلب على اتفاق التهدئة
  • بعد ساعات من اتفاق تهدئة رعته السعودية.. الانتقالي يهاجم مواقع حلف قبائل حضرموت ويعلن سيطرته على الشركات النفطية
  • المحافظات المحتلة بين فوضى المليشيات وصراع النفوذ السعودي الإماراتي
  • السعودية تؤكد رفضها لسيطرة الانتقالي على سيئون وتطالب بخروج القوات القادمة من خارج حضرموت
  • الحكومة اليمنية: وصول وفد سعودي إلى حضرموت يهدف لتهدئة الأوضاع
  • عاجل: السعودية تعلن رفضها لتحركات الانتقالي في حضرموت وتلوّح بالتصعيد عبر القنوات الدولية
  • قوات المجلس الانتقالي تسيطر على مساحات واسعة من حضرموت اليمنية
  • صراع النفوذ السعودي الإماراتي يطفئ مدن حضرموت
  • صراع النفوذ والنفط يهدد استقرار حضرموت اليمنية