بقلم: ماهر المهدي
تصطدم السيارة بشيء غير مرئي في الطريق، فترتفع عاليًا فجأة ثم تهبط، مخلفة وراءها مفاجأة مرّت بسلام. ونظرة إلى الخلف تُظهر “مطبًّا صناعيًّا” خفيًّا عن غير عمد ــ بكل تأكيد ــ فما كان أحد ليتعمد إيذاء الناس بإخفاء المطب أو تركه بلا أي تمييز. لكن أحدهم تجاهل دهان المطب بلونٍ واضح يستطيع الناس رؤيته لتهدئة السرعة، وهو الهدف المطلوب، وتفادي مصارعة المطب والقفز بالسيارة كلاعب سيرك لطيف.
أما موتوسيكلات الدليفري، فيقودها شباب أحرقتهم الشمس وأهلكهم التعب طوال النهار والليل، وعذبهم القلق من المستقبل، ومن الالتزامات المالية التي لا ترحم أحدًا. فصارت الدراجات النارية محمّلة بالأتربة، ممحوّة اللون والملامح، لا شكل لها ولا ماركة: لا محلية ولا عالمية. لكنها تزأر وتقفز فوق الأرصفة، وعبر الجزيرة الوسطى، وبين صفوف السيارات، وبعرض الطريق، معرّضة نفسها وأصحابها للموت الزؤام، بلا تأمين وبلا حق في أي تعويض. فمن يخالف قواعد المرور، ويسير عكس الاتجاه، ولا يحترم ما صُمم أصلًا لحماية حياة الناس ومصالحهم، ويعرض نفسه وغيره للخطر، فقد حرم نفسه من الحقوق، ووضع نفسه في موقع الإدانة والمسؤولية عن نفسه وعن الغير الذي تضرر.
والتاكسي ــ رغم أنه سيارة أجرة لا يملكها السائق في الغالب ــ يسابق السيارات حوله، ويقترب منها أكثر من اللازم، ويخوض مناورات مرورية خطرة وغير مبررة وغير مسموح بها. وذلك رغم أن التاكسي يحمل، إلى جانب السائق، أناسًا أبرياء لم يستقلّوه ليدخلوا سباقًا غير مشروع وغير آمن، أو ليشاركوا في مناورات خطرة على يد سائق يسمح لخياله بقيادة عقله، ولا يراعي الخطر المحدق به وبمن معه، عند خروجه على أصول القيادة المطلوبة والمتوقعة من سائق يعمل على توصيل الناس إلى مقاصدهم، لا على خوض سباقات السيارات.
أما الميكروباص فيبدو كنعش ضخم ذي محرّك وأربع عجلات، وسائق يقود بيد واحدة، ويقبض بالأخرى العملات الورقية، وينطلق بسرعة عالية، متنقّلًا بين أقصى اليسار وأقصى اليمين، دون استخدام إشارات ضوئية؛ إذ إن سيارته لا تملك إشارات أصلًا، ولا فوانيس إضاءة تعمل عند الضغط على الفرامل لتنبيه السيارات من خلفه.
وكثير من الأشخاص ــ رجالًا ونساءً وأطفالًا ــ يقودون عكس اتجاه السير، بينما يتصفحون الهاتف المحمول، ويخرجون من الشوارع الجانبية إلى الشوارع الرئيسية بلا إشارات، وبلا توقف، بل ودون محاولة تنسيق بسيطة مع السيارات القادمة، ولو بلمحة سريعة، مراعاةً لأمن الجميع وسلامتهم. كأنما يقولون: ليحدث ما يحدث، في مشهد تتدفق فيه سيارات متهالكة ومحطمة تثير الدهشة ممن يستخدمونها، وتثير عجبًا لا تفسير له.
⸻
Tags: الديليفريالمطباتالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الديليفري المطبات
إقرأ أيضاً:
صورة وغزل وأكاذيب.. كيف تحوّل منشور الدكتور محمد المغربي إلى جدل على السوشيال ميديا؟
شهدت منصّات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية حالة واسعة من الجدل بعد انتشار صورة نشرها طبيب المخ والأعصاب الشاب الدكتور محمد المغربي عبر صفحته الشخصية، لتتحول خلال وقت قصير إلى حديث السوشيال ميديا. فبين موجة من التعليقات التي امتلأت بالغزل والمبالغة، وبين اتهامات بالتجاوز والتسويق غير المهني، بدأت القصة في أخذ منحنى جديد تمامًا، بعد ظهور معلومات تكشف كواليس ما اعتبره البعض “فبركة مُحكمة” لاستغلال الترند.
صورة عادية تتحول إلى جدل كبيربدأت القصة حين نشر الدكتور محمد المغربي صورة شخصية على حسابه في فيسبوك، ليتفاجأ بكم هائل من التعليقات، أغلبها من متابعات أشدن بمظهره ووصفنه بكلمات غزل مبالغ فيها. هذا المشهد أثار استياء عدد من المستخدمين الذين رأوا في التعليقات تجاوزًا لأدب الحوار وحدود اللياقة، خاصة أن المنشور نُشر من حساب طبيب يفترض أنه شخصية مهنية.
ومع توسع الجدل، بدأ البعض يوجه اللوم للطبيب نفسه، معتبرين أن الصورة جاءت ضمن إطار إعلان ترويجي لعيادته، مما دفع البعض لاتهامه بالاعتماد على “التسويق عبر الجاذبية” أكثر من إبراز خبراته الطبية.
ظهور ادعاءات عن خطوبة مفبركة.. لكن الحقيقة مختلفةمع ارتفاع موجة الاهتمام بالمنشور، ظهرت حسابات تدّعي أن الطبيب تسبب في “انفصال” شاب يُدعى عمرو موسى عن خطيبته، بعد أن شاهد تعليقات الغزل على منشوره. هذه الرواية انتشرت بسرعة، وبدأ كثيرون يتعاملون معها كحقيقة.
لكن المفاجأة كانت في نفي الشاب عمرو موسى نفسه، الذي نشر توضيحًا مقتضبًا قال فيه:
“فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانْ عَلَى مَا تَصِفُونَ… للتوضيح فقط: الإيميل اللي في الصورة قديم ومسروق بقالي أكتر من 5 سنين، وماعرفش مين بيفتحه. مليش علاقة بيه، ومعنديش غير الحساب ده فقط.”
بهذا التصريح، نفى عمرو تمامًا أي علاقة له بالقصة المتداولة أو بما يُنشر عبر الحسابات القديمة المنسوبة إليه.
شهادة مقرب تكشف خيوط قصة محبوكة بهدف جذب التفاعلالمفاجأة الأكبر جاءت على لسان شخص قال إنه صديق لشقيق عمرو، وروى تفاصيل ما وصفه بأنه “مخطط مدروس” قام به مجهول لاستغلال حساب قديم ومسروق من أجل خلق قصة كاملة من لا شيء.
وأوضح أن شقيق عمرو تواصل معه مؤكدًا أن الحساب القديم تم اختراقه، وأن الشخص المجهول صنع حسابًا آخر باسم فتاة وربط بين الحسابين ليبدو الأمر وكأن هناك علاقة حقيقية بينهما.
وأضاف أن المجهول دخل من الحساب المزيف ليترك تعليقًا غزليًا على منشور الطبيب، في محاولة لجذب الأنظار ثم دفع المتابعين للبحث عن هوية أصحاب الحسابات. وبعد ذلك نشر منشورًا آخر يوحي بانفصال مزعوم لجذب مزيد من التفاعل.
ورجّح المقرب أن القصة برمتها قد تكون جزءًا من حملة دعائية من إحدى الشركات، خاصة مع تكرار ظهور مواقف مشابهة حول الطبيب نفسه وفقًا لمصادر يقول إنها مطلعة.
أجمع كثيرون بعد انكشاف تفاصيل القصة على ضرورة عدم تصديق كل ما يُنشر عبر شبكات التواصل، خصوصًا في ظل بحث البعض عن الترند والانتشار بأي طريقة، حتى لو كان ذلك على حساب سمعة الآخرين أو مشاعر الجمهور.
وحذّر المصدر ذاته من الانجرار وراء عبارات مثل “أنت راجل قدوة.. أنت كينج”، مؤكدًا أن مثل هذه الحملات تستغل تفاعل الجمهور كسلعة لتحقيق انتشار مجاني عبر “بوستات مفبركة ودعاية رخيصة”.
تعيد هذه الواقعة التأكيد على هشاشة المعلومات عبر السوشيال ميديا، وكيف يمكن لصورة واحدة أن تتحول إلى حملة جدل واسعة، وأن تُنسج حولها قصص كاملة لا تمتّ للحقيقة بصلة.
وبين التأثير السريع للمنصات وتلهّف البعض للانتشار، يبقى على المستخدمين دور مهم في التحقق قبل التصديق، وعدم الانسياق وراء الشائعات التي تُبنى على حسابات مسروقة ونيات غير واضحة.