يوجين هاسنفوس.. وفاة مُهرب الأسلحة الذي كشف إيران كونترا بعمر 84 عاما
تاريخ النشر: 5th, December 2025 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا يسلط الضوء على حياة مهرب الأسلحة الأمريكي يوجين هاسنفوس، الذي لعب دورا محوريا في فضيحة "إيران كونترا"، بعدما أُسقطت طائرته خلال مهمة سرية لإمداد المتمرّدين في نيكاراغوا بالسلاح.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن يوجين هاسنفوس توفي يوم الأربعاء في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في منزله بمدينة مينوميني بولاية ميشيغان عن عمر 84 عاما، وأكدت أسرته أنه كان يتلقى علاجًا من السرطان منذ تسع سنوات.
سقوط ومحاكمة
وذكرت الصحيفة أن جندي المارينز السابق وجد نفسه محط اهتمام الرأي العام العالمي سنة 1986 عندما أُسقطت طائرته المحمّلة بالأسلحة فوق نيكاراغوا أثناء مهمة سرية برعاية وكالة الاستخبارات المركزية، ليبدأ ما عُرف لاحقًا بفضيحة "إيران كونترا".
وكان هاسنفوس هو الناجي الوحيد من طاقم الطائرة، وقد اتهمته حكومة نيكاراغوا اليسارية بانتهاك قوانينها للأمن العام، وأكدت أنه ورفاقه عملاء لوكالة الاستخبارات المركزية.
وصرّح هاسنفوس أثناء انتظار محاكمته، لمراسل شبكة "سي بي إس نيوز" مايك والاس، في حلقة من برنامج "60 دقيقة"، بأنه عندما انضم إلى المهمة، كان يعلم أنه يعمل لصالح وكالة المخابرات المركزية. وعندما سُئل عن رأي المواطن الأمريكي العادي في إسقاط الطائرة، أجاب: "سيفهم أن الحكومة تدعم هذا الأمر تمامًا، وهذا ما أؤمن به أيضًا".
وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة الرئيس رونالد ريغان أنكرت في البداية أي تورط أمريكي في الرحلة، لكن هذا الإنكار بدأ يتلاشى عندما تبيّن أن الطائرة تعود لشركة "ساوثرن إير ترانسبورت"، وهي شركة طيران خاصة مقرها ميامي وكانت مملوكة سابقًا لوكالة المخابرات المركزية.
أدى اعتقال هاسنفوس إلى فتح تحقيقات أجراها الكونغرس والمستشار المستقل لورانس والش، وكشفت لاحقًا أن الإدارة باعت أسلحة لإيران بشكل غير قانوني، واستخدمت جزءًا من العائدات لدعم الكونترا سرًا. وقد ألقت هذه الفضيحة بظلالها على إدارة ريغان، ثم على رئاسة جورج بوش الأب الذي كان نائبًا لريغان قبل أن يخلفه عام 1989.
وقد أكد هاسنفوس في مؤتمر صحفي أجري في ماناغوا عاصمة نيكاراغوا قبل محاكمته أن رحلات الإمداد كانت تحت إشراف مباشر من عناصر وكالة المخابرات المركزية في السلفادور.
أُدين هاسنفوس وحُكم عليه بالسجن 30 عامًا، ولكن أُطلق سراحه في كانون الأول/ ديسمبر 1986 فيما وصفه دانييل أورتيغا، رئيس نيكاراغوا، بأنه "بادرة حسن نية" تجاه الولايات المتحدة.
من فيتنام إلى نيكاراغوا
ذكرت الصحيفة أن يوجين هاينز هاسنفوس وُلد في 22 كانون الثاني/ يناير 1941 في مدينة مارينيت بولاية ويسكونسن، وكان والده عامل بناء. وانضم إلى سلاح مشاة البحرية بعد تخرجه من المدرسة الثانوية عام 1960، وتدرب على مناولة البضائع على متن الرحلات العسكرية، وأكمل دورة تدريبية في مجال الطيران.
وعمل خلال حرب فيتنام مع شركة "إير أمريكا" التابعة لوكالة المخابرات المركزية، حيث كان يلقي أسلحة ومواد غذائية للقوات اللاوية التي تقاتل الفيتناميين الشماليين.
بعد الحرب، أدار مدرسة للقفز بالمظلات مع شقيقه بيل، ثم عمل في شركة إنشاءات حتى فُصل في كانون الثاني/ يناير 1986. وفي أيار/ مايو من العام نفسه، جنّده ويليام كوبر، الطيار السابق في "إير أمريكا"، في مهام نقل الأسلحة بشكل سري إلى متمردي الكونترا. وكان كوبر يقود الطائرة التي أسقطتها نيكاراغوا.
صعوبات بعد الفضيحة
وذكرت الصحيفة أن هاسنفوس وزوجته سالي انضما عام 1987 إلى عائلة والاس ب. سوير الابن، مساعد طيار الطائرة، في دعوى قضائية يطالبون فيها بأجور متأخرة من شركة "ساوثرن إير ترانسبورت" وتعويضات أخرى على أساس أن الشركة لم تقم بصيانة الطائرة بشكل صحيح. وخلصت هيئة محلفين في محكمة اتحادية إلى أن أفراد الطاقم قد تلقوا كل مستحقاتهم.
وأضافت الصحيفة أن هاسنفوس وزوجته واجها صعوبات كبيرة في أعقاب الفضيحة، حيث احترق منزلهما، وعمل هاسنفوس بشكل متقطع في مجال البناء، وتراكمت عليهما الديون بسبب الدعوى القضائية، وانتهى زواجهما بالطلاق.
وأكد هاسنفوس في فيلم وثائقي عام 1991 بعنوان "قصة يوجين هاسنفوس" فخره بخدمته العسكرية ودوره في دعم الكونترا، وظهر في أحد المشاهد وهو يعرض القميص الذي كان يرتديه يوم إسقاط الطائرة. وقال إنه شعر بالغدر من الحكومة الأمريكية التي أنكرت علاقتها بالرحلات عند محاكمته، مشيرًا إلى أنهم كانوا يتمنون موته بدلا من اعتقاله.
"إيران كونترا"
أوضحت الصحيفة أن جذور "إيران كونترا" تعود إلى أوائل الثمانينيات، حين باعت إدارة ريغان أسلحة لإيران سرًا رغم الحظر الذي فرضه الكونغرس، على أمل أن تستخدم إيران نفوذها لإطلاق سراح رهائن أمريكيين محتجزين في لبنان لدى حزب الله المدعوم من طهران.
وقد استُخدم جزء من عائدات تلك الصفقات لتمويل عمليات إنزال سرية للأسلحة إلى متمردي الكونترا عبر شبكة خاصة مرتبطة بالإدارة الأمريكية، بدعم لوجستي وتكتيكي من وكالة المخابرات المركزية، وذلك للتحايل على الحظر الذي فرضه الكونغرس عام 1984 على تمويل الكونترا.
وواجه 14 مسؤولًا من إدارة ريغان والشبكة الخاصة التي مولت الكونترا اتهامات جنائية بسبب الفضيحة، بينهم مستشارا الأمن القومي روبرت ماكفرلين وخلفه جون بويندكستر، إضافة إلى أوليفر نورث، الضابط في مجلس الأمن القومي المكلف بشؤون أمريكا اللاتينية.
والوحيد الذي دخل السجن، لمدة 16 شهراً بتهمة التهرب الضريبي، كان توماس جي كلاينز، وهو ضابط متقاعد من وكالة الاستخبارات المركزية، وقد تورط في العملية بصفته تاجراً دولياً للأسلحة.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 1992، أصدر الرئيس بوش الأب ستة قرارات عفو بحق متهمين في القضية بعد خسارته الانتخابات أمام بيل كلينتون.
ولم يجد تقرير صادر عام 1994 عن المستشار المستقل لورانس والش، أي دليل على أن الرئيس ريغان أو الرئيس بوش قد انتهكا أي قوانين جنائية، لكنه أكد أن بوش كان "على علم تام ببيع الأسلحة لإيران".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية إيران الولايات المتحدة إيران الولايات المتحدة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وکالة المخابرات المرکزیة الصحیفة أن
إقرأ أيضاً:
مستشفى يــاس كلينك تنقذ حياة طفلة بعمر شهرين عبر زراعة نخاع عظم عاجلة
أنقذ مستشفى ياس كلينك حياة طفلة لا يتجاوز عمرها شهرين بعد أن خضعت لزراعة نخاع عظم عاجلة في لحظة كان فيها الوقت ينفد والوسائل العلاجية تكاد تنعدم.
وصلت الطفلة الباكستانية آيرا (Ayra) إلى أبوظبي في حالة حرجة، عاجزة تمامًا عن مقاومة أبسط أنواع العدوى، فيما كانت صحتها تتدهور بسرعة مقلقة.
قبل وصولها إلى المستشفى، أمضت آيرا أسابيع في أحد مستشفيات دبي، موصولة بجهاز التنفس الاصطناعي وتعاني من التهابات حادة في الصدر والدم. ورغم كل جهود الرعاية المركزة، لم تتحسن حالتها، وبدأ الأطباء يشكون بوجود مشكلة أعمق. جاءت الفحوصات المتقدمة لتكشف الحقيقة المؤلمة: آيرا تعاني من نقص مناعي شديد، وهو اضطراب نادر يولد به الطفل دون قدرة حقيقية على محاربة أي عدوى.
وازداد الموقف ألمًا عندما أوضح الوالدان أن طفلتهما الأكبر كانت قد توفيت بعمر سنة ونصف نتيجة مشكلة مشابهة لم تُشخّص في حينها. هذه المعلومة كانت المفتاح الذي قاد الأطباء في مستشفى ياس كلينك إلى التشخيص الصحيح وإلى الأمل الوحيد لإنقاذ آيرا.
عندما وصلت إلى مستشفى ياس كلينك مدينة خليفة، كانت آيرا تقاوم ثلاثة فيروسات خطيرة في الوقت نفسهCMV، وفيروس الأدينو، وفيروس الـPCP ، بينما تعمل رئتاها ومستويات ضغط دمها بصعوبة شديدة، وجهازها المناعي شبه غائب تمامًا.
وفي خضم هذا السباق مع الزمن، جاءت مفاجأة غير متوقعة حملت بصيص أمل: أظهرت الفحوصات أن والدها متطابق معها تطابقًا كاملاً في فحوصات" HLA"التي تثبت مدى تطابق عينات الدم لزراعة نخاع العظم، وهو أمر نادر للغاية في مثل هذه الحالات العاجلة. لكن آيرا كانت ضعيفة جدًا بحيث لا يمكن إعطاؤها العلاج الكيماوي أو التهيئة المعتادة قبل الزراعة ، إذ كان ذلك سيشكل خطرًا كبيرًا على حياتها.
لم يكن أمام الفريق الطبي سوى قرار واحد وهو زراعة نخاع عظم إسعافية، مباشرة ودون تهيئة، باستخدام خلايا والدها السليمة على أمل أن تعيد لجسدها القدرة على مواجهة الفيروسات العنيفة.
تحت قيادة الدكتورة مانسي ساشديف، استشارية أمراض الدم والأورام وزراعة النخاع للأطفال، تحرك فريق الزراعة بسرعة، مدركين أن كل دقيقة يمكن أن تصنع الفارق. وقالت الدكتورة مانسي:
"لم يكن أمامنا خيار آخر لإنقاذ حياتها. كانت ضعيفة للغاية ولا تحتمل العلاج الكيماوي. اعتمدنا على خلايا والدها لتعيد لجسدها القدرة على مقاومة العدوى." كان القرار محفوفًا بالمخاطر لكنه كان الأمل الوحيد.
واليوم، وبعد مرور شهرين فقط على الزراعة، تعيش آيرا تحولًا مذهلًا. تخلصت من جهاز التنفس منذ أكثر من شهر، وأصبحت تتنفس بشكل طبيعي دون أي دعم. اختفت الفيروسات الثلاثة من جسدها تمامًا، وأصبحت تتغذى جيدًا وتستعيد قوتها تدريجيًا. ومن المتوقع خروجها من المستشفى قريبًا جدًا.
قصة آيرا، التي كانت على حافة الحياة، أصبحت اليوم قصة شفاء وأمل وطفولة تعود لتبتسم. وهي شهادة على مستوى التخصص والجاهزية التي يقدمها فريق زراعة النخاع في مستشفى ياس كلينك.
وفي هذا الصدد صرحت الدكتورة ميسون آل كرم، المدير التنفيذي للشؤون الطبية في مستشفى ياس كلينك، بقولها:
"تجسّد هذه العملية المستوى المتقدم من التميّز الطبي في مستشفى ياس كلينك. التعامل مع طفلة بهذا العمر وبهذه الضعف العام دون تهيئة قبل الزراعة يتطلب خبرة استثنائية وتنسيقًا دقيقًا. كما إن تعافي آيرا يؤكد التزامنا بتقديم رعاية عالمية المستوى وتعزيز مكانة أبوظبي كمركز رائد للرعاية التخصصية."
قصة آيرا لا تُبرز فقط أهمية التشخيص والتدخل المبكر، بل تؤكد أيضًا الدور الجوهري للتطابق العائلي وجاهزية الفرق المتخصصة. وبفضل هذا التكامل، مُنحت هذه الطفلة فرصة جديدة للحياة.
جدير باللذكر أن مستشفى ياس كلينك يواصل التزامه بتقديم رعاية متقدمة في زراعة النخاع للأطفال والبالغين، بما يوفر الأمل والشفاء للمرضى وعائلاتهم في دولة الإمارات والمنطقة.