القدس المحتلة- أثار إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعيين سكرتيره العسكري الجنرال رومان غوفمان رئيسا جديدا لجهاز الاستخبارات الخارجية "الموساد"، موجة واسعة من الانتقادات في الأوساط السياسية والأمنية، وسط تحذيرات من تداعيات القرار على استقلالية الجهاز وطبيعة عمله.

وأثار سجل غوفمان المهني شبهات كثيرة، إذ سبق أن قدّم، خلال إحدى مراحل ترقيته العسكرية، تقريرا احتوى على معلومات غير دقيقة، ورأى منتقدون أن صعوده في المناصب جاء نتيجة قربه من نتنياهو أكثر من كونه تعبيرا عن كفاءته أو خبرته.

وتذهب قراءات محللين ومسؤولين سابقين في الموساد إلى أن التعيين يعكس توجها متزايدا لدى نتنياهو لترسيخ نفوذ سياسي مباشر داخل الأجهزة الاستخباراتية، في خطوة قد تمس بثقافة الجهاز القائمة على المهنية والسرية والحياد.

ويؤكدون أن غوفمان يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية المطلوبة، ولا يمتلك خبرة في الإدارة التنظيمية المعقدة أو في طبيعة العمل العملياتي الذي يشكل جوهر نشاط الجهاز.

أهداف نتنياهو

ويرى المحللون أن إدخال شخصية بلا خبرة استخباراتية قد ينعكس سلبا على الأداء الداخلي ويؤدي إلى اهتزاز ثقة العاملين بقيادتهم الجديدة.

واعتبر مسؤولون سابقون في الأجهزة الأمنية، حسب ما نقلت عنهم القناة الـ13 الإسرائيلية، أن هذه الخطوة تعبر عن رغبة واضحة لدى نتنياهو في إحكام قبضته على الموساد، في مشهد يذكّر بتعيين الجنرال ديفيد زيني على رأس جهاز الأمن الداخلي "الشاباك".

وحذر محللون من احتمال اندلاع موجة استقالات داخل الجهاز احتجاجا على التعيين، خاصة في صفوف القيادات المهنية التي تخشى أن تتحول المؤسسة إلى أداة سياسية بدلا من كونها جهازا أمنيا يعمل ضمن معايير احترافية ثابتة.

وتشير قراءات متعددة استعرضتها القناة الـ12 الإسرائيلية إلى أن التدخل المتزايد في التعيينات الحساسة داخل الأجهزة الأمنية يثير قلقا متصاعدا لدى مسؤولين سابقين.

إعلان

وتجمع على أن ما يجري يشكل محاولة لترسيخ نفوذ سياسي مباشر داخل الموساد والشاباك، بما قد يغير طبيعة عملهما وأدوارهما التقليدية القائمة على المهنية والحياد.

ويطرح هذا التعيين تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين القيادة السياسية والمؤسسة الاستخباراتية في إسرائيل، وحول تأثير ذلك على قدرة الجهاز في التعامل مع التحديات الإقليمية المتصاعدة.

الحكومة الإسرائيلية تصادق على تعيين غوفمان رئيسا للموساد (مكتب الصحافة الحكومي)قرار سياسي

يرى المحلل العسكري أمير أورين أن تعيين غوفمان ليس خطوة مهنية بقدر ما هو قرار سياسي يهدف إلى تعزيز قبضة نتنياهو على الجهاز، تماما كما حدث في تعيين ديفيد زيني لرئاسة الشاباك.

وبحسب مقاله في صحيفة "هآرتس"، فإن نتنياهو يبحث في رؤساء الأجهزة الأمنية عمن "يحيي ويمجد ولا يتدخل"، أي من يضمن الولاء المطلق أكثر من الكفاءة المهنية.

ويقدم مقارنة تفصيلية بين غوفمان وقادة سابقين في الموساد جاؤوا من خلفيات عسكرية واستخباراتية عميقة، ويشير إلى أنه، ورغم كونه ضابطا مقاتلا، يفتقر للخبرة العملياتية والاستخباراتية الجوهرية التي شكّلت أساس صعود رؤساء سابقين للجهاز. ويصفه بأنه "لواء بلا مسار استخباراتي" نقل إلى المنصب بقرار سياسي ولأسباب خارجية.

ويأتي هذا التعيين -وفق أورين- ضمن نمط متكرر في عهد نتنياهو، الذي اختار في الأشهر الأخيرة رؤساء أجهزة أمنية بناء على معيار شخصي، فيما يعتبر أن الولاء يتقدم على الاحتراف.

ويرى أن رئيس الوزراء يسعى من خلال غوفمان لتهيئة بيئة داخل الموساد تسمح بتوسيع نفوذ مبعوثه رون ديرمر، الذي يتوقع أن يمنح دورا مركزيا في إدارة ملفات حساسة داخل الجهاز.

ويستعرض المحلل العسكري أمثلة تاريخية تبرز الفارق بين تقاليد الموساد التي اعتمدت سابقا على قادة ذوي تجارب استخباراتية واسعة، وبين الاتجاه الحالي الذي يضع الاعتبارات السياسية في المقدمة.

ويخلص إلى أن نتنياهو لا يفكر بمصلحة الموساد بقدر ما يفكر بالبحث عن رئيس جهاز يضمن الامتثال والطاعة، حتى وإن كان ذلك على حساب الخبرة المطلوبة.

الحكومة الإسرائيلية تعمد إلى عقد اجتماعات دورية مع قادة الأجهزة الأمنية (مكتب الصحافة الحكومي)زلزال قادم

من جانبه، يقدم المحلل السياسي المحسوب على معسكر اليمين، أمنون لورد، في مقال له في صحيفة "يسرائيل هيوم"، قراءة لما يصفه بـ"الزلزال القادم" في جهاز الموساد عقب تعيين غوفمان رئيسا له.

وبرغم أن الحديث عن مستقبل غوفمان في منصب رفيع لم يكن غائبا تماما خلال السنوات الماضية، فإن الإعلان عن تعيينه الآن بدا، في نظر لورد، خطوة مفاجئة وصادمة داخل الجهاز نفسه.

ويرى أن خلفيته الشخصية والمهنية تشكل خروجا واضحا عن المسار التقليدي لصناعة النخب الأمنية في إسرائيل، إذ لم يتدرج عبر قنوات هيئة الأركان العامة ولا وحدات النخبة الرمزية مثل "سييرت متكال"، بل برز من قلب العمل العسكري القتالي المباشر.

هذا الانتقال المباشر من ساحة المعركة إلى قمة الاستخبارات يعتبره لورد تحولا عميقا، ليس فقط في تاريخ الموساد، بل في فلسفة إدارة الأمن القومي الإسرائيلي. فغوفمان، مثل رئيس الشاباك الحالي زيني، يأتي من خلفية عسكرية صلبة لا من دوائر النخبة البيروقراطية.

إعلان

ويشير الكاتب إلى أن هذا التوجه يعكس موجة جديدة يقودها نتنياهو تقوم على اختيار قادة أمنيين يعتمد عليهم سياسيا، ويثق بقدرتهم على تنفيذ رؤيته من دون إرث "نخبوي" أو استقلالية مؤسساتية مزعجة.

ويلمح إلى أن المحكمة العليا وأنصارها قد يرون في هذا التعيين مساسا بـ"العقد غير المكتوب" حول كيفية اختيار رؤساء الأجهزة الأمنية، ما ينذر بجدل إضافي في العلاقة "المشحونة أصلا" بين السلطات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الأجهزة الأمنیة تعیین غوفمان إلى أن

إقرأ أيضاً:

قرار يشعل الغضب.. نتنياهو يعين سكرتيره لرئاسة الموساد

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عزمه تعيين سكرتيره العسكري، اللواء رومان غوفمان، رئيسا جديدا لجهاز الموساد، على أن يُعرض القرار الأربعاء على اللجنة الاستشارية للتعيينات في المناصب العليا.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن هذا القرار "أشعل" انتقادات داخل الموساد وبين كبار المسؤولين السابقين في المنظمة، مؤكدين أن غوفمان يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية ولا خبرة له في الإدارة التنظيمية.

ووفق البيان الرسمي، شغل غوفمان عددا من المناصب العملياتية والقيادية في الجيش الإسرائيلي، من بينها مقاتل وقائد في سلاح المدرعات، وقائد كتيبة في الكتيبة 75 باللواء السابع، وضابط عمليات خاصة في تشكيل "غاش" (الفرقة 36)، كما تولّى قيادة لواء "عتصيون"، واللواء السابع، وقاد فرقة "هاباشين" (210)، إضافة إلى رئاسته المركز الوطني للتدريب البري، ومنصب رئيس مقر العمليات الحكومية في الأراضي، وصولا إلى منصبه الحالي سكرتيرا عسكريا لرئيس الوزراء.

وقال نتنياهو إن اللواء غوفمان "ضابط ذو كفاءة عالية، وأثبت خلال توليه منصب السكرتير العسكري، في خضم الحرب، قدرات مهنية استثنائية، وكان على اتصال دائم بجميع أجهزة الاستخبارات، ولا سيما الموساد". وأضاف أن غوفمان أظهر "إبداعا ومبادرة وحنكة ومعرفة عميقة بالعدو، إلى جانب تكتم مطلق"، مشيراً إلى إصابته بجروح بالغة خلال اشتباك مباشر مع مسلحين من حركة حماس شرق غزة.

وفي حال صادقت اللجنة الاستشارية، برئاسة رئيس المحكمة العليا المتقاعد آشر غرونيس، على التعيين، فسيكون ذلك ثاني تعيين لضابط عسكري على رأس أحد أجهزة الاستخبارات في عهد نتنياهو، بعد تعيين اللواء الاحتياط ديفيد زيني رئيساً لجهاز الشاباك، وهو التعيين الذي أثار جدلا سياسياً واسعاً وأُحيل إلى المحكمة العليا.

وسيخلف غوفمان في حال إقرار تعيينه رئيس الموساد الحالي ديدي برنياع، الذي تولّى المنصب في يونيو 2021. وتنتهي الولاية القانونية لرئيس الموساد بعد 4 سنوات قابلة للتمديد عاما إضافيا بقرار من رئيس الوزراء، وقد تجاوز برنياع بالفعل مدة ولايته الأساسية ويمارس مهامه حالياً ضمن تمديد فعلي بانتظار قرار حكومي نهائي.

وتشير تقديرات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى أن نتنياهو يثمّن أداء برنياع، ولا سيما في ملفات لبنان وإيران، لكنه يتجه في الوقت نفسه إلى إحداث تغيير على رأس الجهاز مع اقتراب انتهاء ولايته الممددة.

مقالات مشابهة

  • خطر على الأمن القومي.. جدل في إسرائيل بعد تعيين غوفمان على رأس الموساد
  • نتنياهو يعين سكرتيره العسكري رئيسا للموساد
  • نتنياهو يعين سكرتيره العسكري رومان جوفمان رئيسًا للموساد
  • نتنياهو يقرر تعيين سكرتيره العسكري رئيسا جديدا لجهاز الموساد
  • وزير الدفاع الإسرائيلي يُدافع عن تعيين جوفمان رئيسا للموساد
  • تقارير عبرية: تعيين اللواء رومان جوفمان رئيسا جديدا للموساد
  • نتنياهو يصدر قرارا بتعيين سكرتيره العسكري رومان هوفمان رئيسا للموساد
  • قرار يشعل الغضب.. نتنياهو يعين سكرتيره لرئاسة الموساد
  • نتنياهو يُعين مستشاره العسكري رئيسا جديدا للموساد