فُجع الوسط الثقافي والأدبي السوداني بخبر وفاة الشاعرة والناشطة في مجال أدب الطفل والعمل النسوي هاجر عبد الكريم مكاوي، التي رحلت بعد مسيرة حافلة بالعطاء الإنساني والإبداعي داخل السودان وخارجه.

القاهرة _ التغيير


وأثار نبأ رحيلها حزنًا واسعًا بين الأدباء والمثقفين، لما كانت تمثله من حضور مميز ووعي متقدم وقيم إنسانية راسخة.

وُلدت الراحلة في مدينة كوستي، وسط بيت عرف بالصلاح والكرم والروحانيات. فهي ابنة عبد الكريم مكاوي، ونشأت في دار جدها مكاوي حامد الركابي، الدار المعروفة باحتضان الذاكرين والمريدين والضيوف، مما أسهم في تشكيل شخصيتها الهادئة والنبيلة. وفي هذه البيئة المشبعة بالقيم الإنسانية، تفتحت موهبتها وبرز وعيها المبكر، إذ امتلكت نزعة واضحة نحو التعبير والكتابة منذ سنواتها الأولى، قبل أن تصبح لاحقاً إحدى الأصوات النسائية المضيئة في الوعي الثقافي السوداني.
مسيرة إبداعية وإنسانية

تميّزت هاجر مكاوي بقدرة فريدة على الجمع بين الأنساق الأدبية والفكرية والثقافية، واستخدمت لغتها الشعرية للتعبير عن قيم الحب والعدل والسلام. كما عُرفت بدورها الفاعل في العمل النسوي، مسهمةً في تعزيز صوت المرأة ومكانتها في المجتمع عبر كتاباتها ومبادراتها.

وفي مجال أدب الطفل، قدمت الراحلة نموذجاً تربوياً وإنسانياً متقدماً. فقد أسست مدرستين مخصصتين للأطفال، واعتمدت في عملها التعليمي على خطاب تربوي يعزز الانتماء والوعي ويغرس القيم الوطنية في نفوس الناشئة. وتمكنت من بناء رؤية تجعل من التعليم مساحة لتشكيل شخصية الطفل ودفعه نحو آفاق جديدة من المعرفة والخيال.
أقامت الراحلة في جمهورية مصر العربية لسنوات طويلة، حيث واصلت نشاطها الإبداعي والفكري دون انقطاع. ونجحت في بناء حضور مؤثر داخل الجاليات الثقافية، مستمدةً تجربتها من إحساس عميق بالغربة والبحث عن الكينونة، ومن ارتباطها الوجداني بالوطن وقضاياه.

الدرامية منى عبد الرحيم

و قالت منى عبد الرحيم، قريبة الراحلة، أن خبر وفاة هاجر كان «دهشةً صادمة للجميع»، ووصفتها بأنها كانت امرأة مدهشة، تتقد إنسانية ووعيًا وموهبةً لا تخطئها العين.

وقالت إن هاجر نشأت في «دار عامرة بالروحانيات وبالوجوه الطيبة»، وإن تلك البيئة «منحتها صفاءً داخليًا ظل ملازمًا لها طوال حياتها». وأضافت أن الراحلة كانت تحمل ملامح نضج مبكر ورغبة قوية في التعبير عن ذاتها، وأن «بذرة الإبداع كانت واضحة فيها منذ طفولتها، لكنها كانت تخفيها برفق حتى تنضج».

وأوضحت منى أن شخصية هاجر كانت «ممتلئة بالإنسانية، عميقة في إحساسها بالآخرين، وقادرة على تحويل المحبة إلى فعل وقيمة». كما كشفت أن هاجر كانت تؤمن بأن الأدب والفكر «نافذة نحو عالم أكثر عدلاً وسلامًا»، وأن كتاباتها النسوية والصوت الذي منحته للمرأة «كانا امتدادًا لطبيعتها المتسامحة والقوية في آن».

وأضافت أن تجارب الراحلة مع الأطفال، من خلال تأسيسها للمدرستين، كشفت عن «قدرة استثنائية على مخاطبة الطفل بلغته، ورفع وعيه، وربط خياله بالوطن والتاريخ». وأشارت إلى أن مغادرتها السودان للإقامة في مصر «لم تُطفئ جذوة الإبداع فيها»، بل وسّعت أفقها وعمّقت إحساسها بالغربة والانتماء معًا.

وختمت منى حديثها بقولها: «رحلت هاجر مبكرًا… لكنها تركت أثرًا لا يزول. ستظل حاضرة في الذاكرة وفي ما قدمته من إبداع وإنسانية. رحم الله هاجر، فقد كانت جوهرًا نادرًا وجمالًا لا يتكرر».

الوسومالعمل النسوي الوسط الثقافي والأدبي السوداني مجال أدب الطفل هاجر عبد الكريم مكاوي وفاة الشاعرة والناشطة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: العمل النسوي مجال أدب الطفل

إقرأ أيضاً:

الطفيلة محافظة تصارع الموت..

#الطفيلة محافظة تصارع الموت..

د. #فلاح_العريني

الطفيلة ليست تعاني فقط…
الطفيلة تُستهدف بالإهمال، ويُدار واقعها بطريقة تُبقيها تحت #الفقر عمداً أو تجاهلاً لا يمكن تبريره.
الطفيلة اليوم تُداس… ولا أحد يجرؤ أن يقولها بصوتٍ صريح.
ما يحدث في الطفيلة ليس نتيجة صدفة ولا سوء حظ.
إنه نتيجة منظومة كاملة قررت أن تتعامل مع المحافظة باعتبارها ملفاً ثانوياً، لا قيمة لخدماتها ولا كرامة لأهلها.
الطفيلة تُدار اليوم بعقلية “إسكات لا إصلاح”… “تجميل لا معالجة”… “ستر لا مواجهة”.
نعم، هناك جهات تنفيذية وأمنية وإدارية تتحمل مسؤولية مباشرة عن عزل صوت الطفيلة عن أصحاب القرار، وتقديم صورة مختلفة تماماً عن الواقع.
يُخفون الحقائق، يحجبون سوء الأوضاع، ويتعاملون مع #معاناة_الناس وكأنها عبء يجب التخلص منه— وليس حلّه.
والأخطر؟؟
أن هذه الجهات تصنع ممثلين مزيفين للشارع:
أشخاص يُمنحون ألقاب “وجيه” و“شيخ” فقط لأنهم يقبلون لعب الدور المطلوب دور تضليل المركز عن حقيقة ما يجري، وتقديم الطفيلة كأنها بخير، بينما أهلها يواجهون الفقر والبطالة والضياع بلا سند.
هذا ليس مجرد تقصير… هذا تعمّد لعزل الصوت الحقيقي.
تعمّد لدفن الحقائق.
تعمّد لتغليف المأساة بورق هدايا.
أهل الطفيلة يعرفون تماماً من يقف وراء هذا المشهد:
من يخفون الواقع، من يصنعون وجهاء للتغطية، من يغلقون الطريق على وصول شكوى الناس إلى أعلى المستويات.

الطفيلة اليوم تدفع ثمن شبكة مصالح صغيرة تتحكم بمصير محافظة كاملة.
ولذلك…
على أحرار الطفيلة أن يرفعوا الصوت، ليس احتجاجاً فقط، بل اتهاماً صريحاً للمنظومة التي حولت المحافظة إلى مساحة صبرٍ لا نهاية له.
صوت الطفيلة يجب أن يصل إلى عمان مباشراً، لا عبر السماسرة ولا عبر زوّار الطقوس ولا عبر من ترتديهم المؤسسات ألقاباً زائفة.
لقد صمتنا سنوات…
والمشهد ازداد سوءاً…
والإهانات أصبحت يومية…
آن الأوان أن نقولها بوضوح:
الطفيلة تُظلَم… ومن يزوّر صوتها شريك في الظلم.
لقد صبرنا بما يكفي…
والإذلال الذي نعيشه لم يعد يحتمل دقيقة إضافية.
الطفيلة تُختنق… ومن يخفي الحقيقة شريك في هذا الاختناق.

مقالات ذات صلة الديمقراطية العربية بين واقع مأزوم ومستقبل ينتظر التشكل 2025/12/06 #فلتسقط_كل_المحاسن_ياحسان

مقالات مشابهة

  • الطفيلة محافظة تصارع الموت..
  • الشاعرة أميمة إسماعيل: ثقافة شرم الشيخ حكاية شغف وإبداع
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: الشتم الثقافي
  • جنات تكشف كواليس أغنية وحشتينا إهداء للراحلة سميحة أيوب .. خاص
  • والدة الطفل يوسف تكشف كواليس اللحظات الاخيرة قبل الموت
  • طارق الشناوي: من حق أم شيماء جمال مقاضاة صناع ورد وشوكولاتة
  • معرض العراق الدولي للكتاب يحتفي بالنساء في دورته السادسة
  • نبوءة للعرافة الراحلة بابا فانغا تطل من جديد مع اقتراب قرعة كأس العالم
  • والدة شيماء جمال تتحولت إلى تريند.. ورضوى الشربيني تسخر