بعثة الأمم المتحدة تطلق الحوار المهيكل ومحللون يحذرون من غموض معايير المشاركة
تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT
بعثة الأمم المتحدة تطلق خطوات الحوار المهيكل وسط انتقادات لآليات الاختيار وتمثيل المكونات
ليبيا – بدأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اتخاذ خطوات عملية نحو إطلاق الحوار المهيكل، من خلال توجيه الدعوات الأولى إلى الأعضاء المحتملين للمشاركة في العملية، التي تأتي ضمن جهود إعادة إحياء المسار السياسي وتحقيق تقدم ملموس نحو تسوية شاملة، في وقت تتزايد فيه المطالب الداخلية بتوسيع المشاركة وضمان شفافية اختيار الممثلين.
الافتقار إلى الوضوح في معايير الاختيار
قال المحلل السياسي الليبي حسام الدين العبدلي إن المعايير التي اعتمدتها بعثة الأمم المتحدة في اختيار المشاركين لا تزال تفتقر إلى الوضوح رغم إعلانها نشر آلية الترشح، موضحا أن البعثة طلبت ترشيحات من البلديات والأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات الشبابية والنسائية والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، إلا أن عملية الفحص تكشف غموضا كبيرا في الآلية. وأكد أن جوهر الحوارات وأعضاؤها هو العنصر الأهم لإنهاء الجمود السياسي.
إشكاليات تمثيل الأحزاب والجامعات ومنظمات المجتمع المدني
وأشار العبدلي إلى أن عدد ممثلي الأحزاب وطبيعة عضويتهم غير واضحة، معتبرا أن الاعتماد على الأحزاب اختيار غير صائب لعدم امتلاكها حاضنة شعبية، وأن الجامعات مؤسسات حكومية لا تمتلك حركات طلابية فاعلة، ما يجعل الترشيحات بيد رؤساء الجامعات وأعضاء هيئة التدريس وينتج ممثلين ضعفاء مهنيا وسياسيا. وذكر أن منظمات الشباب والنساء والمجتمع المدني لا تختلف كثيرا عن واقع الأحزاب والجامعات، محذرا من أن الحوار حساس ويتعلق بمصير ليبيا.
مخاوف من ترشيحات قائمة على الولاء لا الكفاءة
ويرى العبدلي أن ترك عملية الاختيار للمؤسسات قد يؤدي إلى نتائج ضعيفة بسبب تداخل المصالح، خاصة إذا كان الحوار سيفضي إلى تشكيل حكومة موحدة، مؤكدا أن الجهات ستسعى لاختيار مرشحين تابعين لها، مما يدفع الحوار نحو المحاصصة. وأكد وجود معرقل مرتقب يتمثل في الجهات العسكرية، إذ قد يؤدي تعارض خطط الأعضاء مع الرؤية المدنية إلى صدام يهدد حياة المشاركين ويضعف الحوار في حال اختيار شخصيات بلا رؤية سياسية واضحة.
ضرورة اختيار أعضاء يمتلكون الكفاءة والشجاعة
وشدد العبدلي على ضرورة أن يكون الأعضاء شجعانا وذوي موقف، محذرا من أن ضعفهم سيؤدي إلى نتائج ضعيفة. وأوضح أن مشاركة ممثلين من مجلسي النواب والدولة قد تكون فقط لرفع الحرج عن مؤسسات منتهية الصلاحية، مع احتمال أن يفضي الحوار إلى إنهاء عمل هذه المؤسسات. وأكد أن مهنية البعثة ستكون على المحك في هذه المرحلة المصيرية.
المعايير النظرية المعتمدة لآلية المشاركة
من جهته أكد المحلل السياسي الليبي معتصم الشاعري أن البعثة تعتمد نظريا على الكفاءة والنزاهة والاستقلالية، وأن ليبيا تحتاج إلى شخصيات وطنية صادقة تضع وحدة البلاد فوق كل اعتبار. وأوضح أن الدعوة تشمل مختلف المكونات الجغرافية والثقافية والسياسية والاجتماعية بما يضمن تمثيلا متوازنا للفئات الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي.
الشفافية ونشر المعايير أمام الرأي العام
وأشار الشاعري إلى أن شخصيات مستقلة وفاعلة سيكون لها دور في تقريب وجهات النظر، مؤكدا ضرورة اتباع أعلى درجات الشفافية واستبعاد الشخصيات ذات الملاحظات الأمنية أو السياسية. ودعا إلى نشر قائمة واضحة بالمعايير وإتاحة أسماء المشاركين للرأي العام.
جدلية بعض الأسماء ورفض تكرار نماذج الحوارات السابقة
وأوضح الشاعري أن هناك شخصيات لن تقبلها البعثة لجدليتها وعدم قبولها شعبيا، مؤكدا ضرورة استبعاد المشاركين في حوارات برلين وجنيف والصخيرات، لعدم تحقيقها النتائج المأمولة. واعتبر أن الأمم المتحدة لم تقدم حلولا جوهرية خلال السنوات الماضية، وأن الأزمة الليبية تشبه تعثر ملفات أخرى مثل سوريا والعراق.
الحل يبدأ من الشارع الليبي
وختم الشاعري بالتأكيد على أن الحل الحقيقي يبدأ من الشارع الليبي عبر مطالبة المواطنين بإجراء انتخابات شاملة تنهي المرحلة الانتقالية، محذرا من أن غياب الضغط الشعبي سيجعل أي حلول أممية مجرد خطوات تؤجل الأزمة دون علاج جذورها.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: بعثة الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
قادة قطاع الأعمال والصناعة يحذرون من التأثير العكسي لرسوم ترامب على التوظيف
حذر عدد من كبار المديرين التنفيذيين وخبراء الاقتصاد من أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهدف إعادة توطين الوظائف الصناعية داخل الولايات المتحدة قد تؤدي في النهاية إلى خفض عدد العاملين المحليين، بدلا من زيادته، وذلك في ظل مناخ اقتصادي يتسم بالجمود شبه الكامل لعمليات التوظيف.
تقليص قوائم التوظيف
ووفقًا لمسح أجراه المعهد الأمريكي لإدارة التوريد خلال نوفمبر المنصرم، فإن سوق العمل الأمريكية دخلت مرحلة ضعف واضح، بالتزامن مع ارتفاع المخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى زيادة تكاليف التشغيل، ما يدفع الشركات إلى تقليص قوائم التوظيف.
والمعهد الأمريكي لإدارة التوريد هو أقدم وأكبر جمعية متخصصة في إدارة سلاسل الإمداد على مستوى العالم، وتأسس عام 1915 كجمعية تعليمية غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، ويقدّم خدماته للمهنيين والمؤسسات المهتمة بإدارة التوريدات، من خلال توفير التعليم والتدريب والمؤهلات المهنية والمنشورات والمعلومات والأبحاث.
الرسوم الجمركية
وبحسب تقرير المعهد، كتب مسؤول في قطاع معدات النقل: "بدأنا في إجراء تغييرات دائمة بسبب بيئة الرسوم الجمركية، بما في ذلك خفض أعداد الموظفين، وإصدار توجيهات جديدة للمساهمين، وتطوير عمليات تصنيع جديدة خارج البلاد كانت ستُخصص في الأصل للتصدير من الولايات المتحدة".
وأظهر التقرير أن مؤشر التصنيع لدى المعهد تراجع إلى 48.2%، وهو مستوى يشير إلى انكماش في النشاط الصناعي، فيما هبط مؤشر التوظيف إلى 44%، وهو أدنى مستوى منذ أغسطس، بما يعكس اتجاهًا متواصلًا لضعف سوق العمل.
وكشفت تقارير أخرى عن إشارات إضافية على تدهور أوضاع التوظيف في الولايات المتحدة مع الاقتراب من عام 2026، ففي قطاع البترول والفحم، قال أحد المشاركين في المسح: "لا تغييرات كبيرة حتى الآن، لكن مع دخول 2026 نتوقع تغييرات ضخمة في التدفقات النقدية وعدد الموظفين"، موضحا أن شركته "باعت جزءًا كبيرًا من الأعمال التي كانت تحقق سيولة، وتعرض الآن حزم مغادرة طوعية للموظفين".
كما قال مدير في قطاع المعدات الكهربائية والأجهزة إن الرسوم الجمركية خلقت بيئة أعمال أصعب من تلك التي شهدتها البلاد خلال جائحة كورونا، مضيفًا: "الظروف الحالية أكثر صعوبة من فترة الجائحة من حيث حالة عدم اليقين في سلاسل الإمداد".
المؤشرات الاقتصادية
ورغم هذه المخاوف، لا تزال المؤشرات الاقتصادية العامة مستقرة نسبيًا؛ إذ يتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث بمعدل سنوي يبلغ 3.9%، كما جاءت بيانات التوظيف في سبتمبر الماضي أعلى من المتوقع، بزيادة بلغت 119 ألف وظيفة، على الرغم من إعلان شركات كبرى، مثل أمازون، خططًا لتسريح عشرات الآلاف من العاملين.
وفي تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، شددت المنظمة على أن تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد العالمي لم يظهر بالكامل بعد، محذرة من أن الآثار الحقيقية قد تظهر خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى انخفاض حاد في قيمة السلع الأمريكية المستوردة الخاضعة للرسوم.
كما أشار تقرير حديث لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى أن مستوى التوظيف "تراجع قليلًا" خلال الأسابيع السبعة الماضية، فيما أكد المصنعون أن "الرسوم الجمركية وعدم اليقين حولها ما زالا يمثلان عائقًا".
وفي المقابل، أوضح فرع الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند أن تأثير الرسوم يختلف من شركة لأخرى؛ حيث قال أحد كبار تجار التجزئة إن متوسط تكاليفه ارتفع بنحو 20% على أساس سنوي بسبب الرسوم، بينما أكد آخر أنه لا يتوقع زيادات إضافية في التكاليف، مشيرًا إلى أن تأثير الرسوم قد استقر.