د. سعيد السيابي يكتب: الجبان يموت مرتين
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
أثير – د. سعيد السيابي، كاتب وباحث أكاديمي في جامعة السلطان قابوس
الجبان من الصفات التي نبذتها كل الكتابات الأدبية وفي مقدمتها المسرح، فقد وردت في النصوص والعروض المسرحية كصفة لشخصيات تتصف بهذا السلوك في الحوارات الدائرة بينها، وكاسم ولقب حمل صاحبه هذا الاسم طوال المسرحية، وهناك عبارات مسرحية عديدة لكتاب مسرحيين كبار أمثال الكاتب المسرحي البريطاني وليم شكسبير يقول فيها: “إن الجبان يموت آلاف المرات، ولكن الشجاع لا يذوق الموت الا مرة واحدة”.
الجبان كما هو متعارف عليه حظي بتقديمه على خشبات المسرح وزادت النصوص المسرحية بتحليل الجوانب الدافعة لهذا السلوك ومبرراته كما حدث في مسرحية (الجبان) للكاتب المسرحي هنري رينيه لينورماند (من مواليد 1882 وتوفي في عام 1951 في باريس) ، وهو كاتب مسرحي فرنسي، يُعد من أهم الكتاب المسرحيين المهتمين بالدوافع اللاواعية التي ازدهرت بين الحربين العالميتين الأولى والثانية. وقد تلقى لينورماند تعليمه في جامعة باريس وقضى معظم حياته في الكتابة للمسرح الباريسي، وكان مؤلفًا لعدد من المسرحيات التراجيدية التي تستكشف الصراعات العاطفية الداخلية ومآسي مصائر الإنسان ونهايته كموته بالمرض أو الخوف أو الانتحار.
يركز الكاتب الفرنسي على تشريحه لشخصية الإنسان وعلى الغرائز والدوافع اللاواعية، والتي غالبًا ما تكون ذات طابع سلبي تقوده لاتخاذ قرارات خاطئة، فهو يعمل في نصوصه على إظهار الجوانب المختلفة والمتناقضة لشخصياته، وتقديم صراعاتهم الداخلية، وهي نماذج مسرحية ما تزال موجودة بيننا لأن القضايا التي تدور حولها ذات موضوعات إنسانية مطلقة كالحقد والكره والخيانة وعدم الصدق.
تدور أحداث مسرحية ( الجبان) في مصحة استشفاء تقع في مرتفعات سويسرا، ثم في مونترو التي تقع في مقاطعة فيفي في كانتون فود بغرب سويسرا؛ يقدم الكاتب المسرحي فيها نماذج مختلفة من المرضى من جنسيات وديانات ومعتقدات متعددة، بما فيها الشاب “الجبان” بطل المسرحية. للهروب من التجنيد الإجباري بسبب شخصيته المهزوزة وركوبه موجة السلامة بأن يكون ضحية لجبنه، فقد تظاهر بأنه مريض بالسل كي يهرب من التدريب العسكري.
استخدام المراوغة والتظاهر قاده لدخول المصحة ليخضع للعلاج، وهناك وجد نفسه في شرك أكبر من المواجهة ليكون تحت تأثير الخوف والهلع اللذين يستوليان عليه، مما يجعله لقمة سائغة بيد الأشخاص المرضى الحقيقيين فيتورط رغمًا عنه في أعمال الجاسوسية، ونقل المعلومات والفتن بين بعضهم البعض، لكنه يفشل في الخروج من هذه الدائرة التي أدخل نفسه فيها مما جعله يكون شريكا أمام الجميع والمتسبب في أعمال سيئة كان يعتقد بالتظاهر والخوف بأنه يحمي نفسه، فأوقعها في شر أعمالها وانتهى الأمر بتصفيته جسديًّا، ليكون عقابه من جنس عمله، وينطبق عليه المثل العربي “جنت على نفسها براقش”. وصدق الشاعر أحمد شوقي حين قال: وما في الشجاعة حتف الشجاع ولا مد عمر الجبان الجبن.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
بالسعودية.. تفاصيل مسرحية «الحكاية سعيدة» لـ يوسف المنصور
خطفت مسرحية “الحكاية سعيدة” الأنظار إليها فى المملكة العربية السعودية بعد عرضها، حيث أشاد بها عدد كبير من الجمهور والنقاد، وهى من تأليف وإخراج يوسف المنصور، وإنتاج وتنفيذ السعودي حسن الغانم، وهي ضمن برنامج ستار الذي تقدمه هيئة المسرح والفنون الأدائية تحت مظلة وزارة الثقافة السعودية.
وحقق العمل في أولى ليالى العرض نجاحا كبيرا، حيث رفع صناع العمل لافتة “كامل العدد”، وكان هذا النجاح حافزا كبيرا لقرار الشركة بعرض المسرحية فى عدد من الدول العربية.
وأشاد الحضور بالعرض المسرحي الذى كان ممتعا فنيا وجماهيريا.
كما أشاد الحضور بجودة النص والإخراج ومستوى التمثيل الرائع الذي جاء منسابا باحترافية ومتناغما مع الإخراج والكتابة.
وتعد مسرحية الحكاية سعيدة أول الأعمال التى يقدمها يوسف منصور بالسعودية، بينما قدمت مسرحية رحلة دولية بالقصيم، ويعتبرها يوسف المنصور خطوة إخراجه بفنانين سعودين هي محطة هامة له بعد أن قدم العديد من الأعمال التي لاقت نجاحا جماهيريا ونقديا بمصر، كمسرحية أفراح القبة للأديب العالمي نجيب محفوظ ومسرحية الحفيد للأديب عبد الحميد جودة السحار.
وقدم العديد من المسرحيات والأفلام الرؤاية القصيرة والمسلسلات.
وحصد العديد من الجوائز الدولية والمحلية كأفضل مؤلف بالهيئة العربية للمسرح جائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وفي المهرجان القومي للمسرح المصري جائزة الإخراج عامي ٢٠١٧ و٢٠٢٠ والتأليف عام ٢٠٢٠ أيضا، وفي أكاديمية الفنون حصد جائزة التمثيل أعوام ٢٠١٧ و٢٠١٨ و٢٠١٩ و٢٠٢.
ولم تكن مسرحية الحكاية سعيدة هي العمل الأول للمنتج السعودي حسن الغانم، إنما بدأ العمل المسرحي منذ عام ٢٠١٠ وقدم العديد من المسرحيات منها عذاري والعمارة ودنيا الدينار وحياة روتري والوجيه ابن الوجيه وشيخ الشيوخ ودكان سرور وسالم المطيور وخارج الصندوق والحفرة وانسو عبود من إخراج أشرف حسني.
ليكون آخرها مسرحية “الحكاية سعيدة” والتي كان أبطالها كبار فناني السعودية منهم معالم البراهيم وناصر عبد الواحد وحسن الغانم وسمر الزاكي وعبد الله الزين ورائد السنان وسلام السنان وقاسم المرهون وفاضل الحسن وآيات ونورة بنت عبد العزيز وجود وإبراهيم أبو الأمثال رفا ويوسف الغانم.