تعرف على اتباع الجنازة فضله وكيفيته
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
الصلاة على الميت المسلم فرض كفاية، وقد فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بها وقال الشيخ الالباني رحمه الله إذا تم تغسيل الميت تكفينه، وجب حمله واتباعه، وفي ذلك فضل عظيم، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان ” قيل: وما القيراطان؟ قال: ” مثل الجبلين العظيمين”
وحمل الجنازة واتباعها من حق الميت على المسلمين، ويسن حمل الجنازة من جميع جوانب السرير، لما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال:”من اتبع جنازة، فليحمل بجوانب السرير كلها، فإنه من السنة، ثم إن شاء فليدع”.
ويسن الإسراع بالجنازة، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” أسرعوا بالجنازة، فإن كانت صالحة قربتموها إلى الخير، وإن كانت غير ذلك، كان شرا تضعونه عن رقابكم”.
وحمل الجنازة خاص بالرجال، وهو مفهوم من هذا الحديث، ولا يجوز للنساء اتباع الجنائز، لحديث أم عطية: ” نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا”.
ويجوز المشي خلف الجنازة وأمامها، لثبوت فعل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأفضل المشي خلفها وهو مفهوم من الحديث الذي رواه عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عودوا المريض واتبعوا الجنائز”.
ويسير الراكب خلف الجنازة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:”الراكب يسير خلف الجنازة” والأفضل المشي، لما روى ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بدابة وهو مع الجنازة، فأبى أن يركبها، فلما انصرف أتى بدابة فركب، فقيل له؟ فقال:”إن الملائكة كانت تمشي، فلم أكن لأركب وهم يمشون، فلما ذهبوا ركبت” وفي الحديث جواز الركوب بعد الانصراف دون كراهة.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا صلى على ميت، تبعه إلى المقابر ماشيا أمامه، وهذه كانت سنة خلفائه الراشدين من بعده، وسن لمن تبعها أن يكون وراءها، وإن كان ماشيا أن يكون قريبا منها، إما خلفها أو أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها، وكان يأمر بالإسراع بها، حتى إن كانوا ليرملون بها رملا، وأما دبيب الناس اليوم خطوة خطوة فبدعة مكروهة مخالفة للسنة، ومتضمنة للتشبه بأهل الكتاب اليهود.
ولا يجوز اتباع الجنازة بما يخالف السنة من رفع الصوت بالبكاء والذكر والتكبير والترحم، ولا يجوز أن تتبع بالبخور، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لا تتبع الجنازة، بصوت ولا نار”(73)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يستحب رفع الصوت مع الجنازة، لا بقراءة ولا ذكر، ولا غير ذلك، هذا مذهب الأئمة الأربعة،وهو المأثور عن السلف من الصحابة والتابعين، ولا أعلم فيه مخالفا.
ويحرم اتباعها بمنكر، كالطبل والعزف الحزين على الآلة، والنياحة والتصفيق.
ولا بأس بحمل الجنازة على سيارة ونحوها، إذا كانت المقبرة بعيدة. ويستحب لمتتبع الجنازة أن يكون متخشعا متفكرا في مآله متعظا بالموت، وبما يصير إليه الميت، ولا يتحدث بأحاديث الدنيا.
ومن البدع ما يقوله بعض الناس أثناء تشيع الجنازة مثل: (وحدوه)، فيرد عليه السامعون: لا إله إلا الله، وكقول بعضهم: (اذكروا الله)، ليس لهذا العمل أصل في السنة، ولا عند السلف رحمهم الله.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رسول الله صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
حكم عمل الولائم وبيان بعض أنواعها
الولائم.. اعتاد الناس عمل الولائم للمناسبات والأسباب المتنوعة، وقد جمعها العلماء في منظوماتٍ، وصنفوا فيها المصنفات، وتحصل الوليمة بالذبح وغيره، وكل ما يصدق عليه معنى الطعام، ولكنها باللحم أفضل عند القدرة على تحصيله.
حكم عمل الولائم:ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالمَدِينَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ، وَمَا كَانَ فِيهَا إِلَّا أَنْ أَمَرَ بِلَالًا بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْن» أخرجه البخاري.
يقول الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (5/ 2105، ط. دار الفكر): [إعلامٌ بأنَّه ما كان فيها من طعام أهل التَّنعُّم والتَّترُّف، بل من طعام أهل التَّقشُّف من التمر وَالأَقِطِ والسمن] اهـ.
وعمل الولائم له أسباب متعددة من نحو الشكر على النعمة في كل عام، أو ما بعد الخامس عشر من رمضان، أو عيد الأضحى، أو شهر رجب، أو الزواج، أو الإنجاب -ذكرًا أو أنثى- أو شراء بيت جديد، أو الرجوع من السفر الطويل، أو الشفاء من المرض، وحكم كل منها على النحو الآتي:
حكم عمل وليمة شكرًا لله على دوام النعم
والوليمة في كل عام شكرًا لله على النعمة فالأصل فيها أنها جائزة شرعًا؛ لما فيها من إطعامٍ للطعام، وشكر الله تعالى على تجدد النعم، وإدخال السرور على قلوب الناس.
وقد دلت نصوص الشرع الشريف على استحباب إطعام الطعام شرعًا، قال تعالى في شأن الأبرار مادحًا صفاتهم: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [الإنسان: 8].
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أي الإسلام خير؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» متفق عليه.
وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه، قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، وقيل: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت في الناس لأنظر إليه، فلما استبنت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب وكان أول شيء تكلم به أن قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلَامٍ» أخرجه الأئمة: أحمد، والترمذي، وابن ماجه.
الولائم بالشرع
وعن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ». أخرجه الأئمة أحمد، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، والطبراني في "مكارم الأخلاق"، وغيرهم.
وعن أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا»، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» أخرجه الأئمة أحمد، والطبراني في "مكارم الأخلاق"، والبيهقي في "البعث والنشور"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وقد ذكر الإمام أبو حامد الغزالي بعض ما جاء عن الصحابة مما يبين أن إطعام الطعام من أجلِّ القربات عند الله تعالى، فقال في "إحياء علوم الدين" (2/ 9، ط. دار المعرفة): [وقال عليٌّ رضي الله عنه: لأن أجمع إخواني على صاع من طعام أحب إليَّ من أن أعتق رقبة، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: من كرم المرء طيب زاده في سفره وبذله لأصحابه، وكان الصحابة رضي الله عنهم يقولون: الاجتماع على الطعام من مكارم الأخلاق، وكانوا رضي الله عنهم يجتمعون على قراءة القرآن ولا يتفرقون إلا عن ذواق] اهـ.
وهذا ما قرره الأئمة والعلماء، حيث نصوا على أن هذه العبادة من خصال الأبرار، قال الإمام ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (18/ 196، ط. دار الغرب الإسلامي): [في إطعام الطعام قال مالك: كان ابن عمر لا يكاد يوصل إلى طعامه، فقيل له يا أبا عبد الله لم؟ قال: لتضايق الناس عليه وكثرة من يغشاه، ولقد نزل يوما بالجحفة فأتى صبي أسود أغلف عريان سائل فسأله، فقال اقعد فكل، قال فدار فلم يجد موضعا لتضايق الناس على الطعام، فلما رأى ذلك منه ابن عمر دعاه فألصقه إلى صدره، فقال له كل، قال فزعم الذي حدث قال فلقد رأيته ولقد لصق إلى بطنه. قال محمد بن رشد: إطعام الطعام من أفعال الأبرار] اهـ.
حكم الولائم
وقال الشيخ الحسن اليوسي في "المحاضرات في اللغة والأدب" (ص: 320-321، ط. دار الغرب الإسلامي): [ويحكى عن الشيخ أبي محمد عبد الخالق بن ياسين الدغوغي أنه كان يقول: "طلبنا التوفيق زمانًا فأخطأناه، فإذا هو في إطعام الطعام"] اهـ.
كما حثت نصوص الكتاب والسنة على شكر الله تعالى وحمده على نعمه الجديدة والمتجددة، فقال تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد﴾ [إبراهيم: 7]، والمعنى: لئن شكرتم نعمتي وأفضالي عليكم لأزيدن من تفضلي عليكم.
قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (9/ 343، ط. دار الكتب المصرية، القاهرة): [(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)؛ أي: لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي] اهـ.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ ليَرضى عَن العبدِ أن يأكُلَ الأَكلَةَ فيحمَدَهُ عليها ويشرَبَ الشَّربَةَ فيحمَدَهُ علَيها» أخرجه الإمام مسلم.
وإذا قيَّدَ الإنسان فعله بشكر الله تعالى كان ذلك أمرًا مستحبًّا، ولفاعلها الأجر والثواب على ذلك.