منتدى الاستراتيجيات يوصي بتوافق سياسة التعيين مع خارطة تحديث القطاع العام
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
تحديث القطاع العام هو شرط أساسي لنجاح رؤية التحديث الاقتصادي
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة موقف بعنوان "تطوير القطاع العام في ضوء عام على التحديث" تتضمن بعض الملاحظات والتوصيات المتعلقة بمكون الموارد البشرية ضمن محور المؤسسات لخارطة طريق تحديث القطاع العام.
اقرأ أيضاً : ديوان الخدمة: 80 بالمئة من طلبة التوجيهي في الأردن يتجهون نحو التعليم الجامعي
وبحسب بيان وصل "رؤيا" نسخة عه، تم إعداد هذه الورقة بالتوافق مع عدد من أعضاء المنتدى، وأصحاب الخبرة والاختصاص في تحديث الإدارة العامة، بهدف تسليط الضوء على بعض المبادرات ضمن خارطة تحديث القطاع العام التي يجب أن تكون على سلم أولويات الحكومة خلال الفترة القادمة.
وفي الورقة بين المنتدى أن تحديث القطاع العام هو شرط أساسي لنجاح رؤية التحديث الاقتصادي؛ إذ لا يمكن توفير بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات، وتحقيق نمو شامل ومستدام، دون وجود قطاع عام كفء ومُمَكِّن لعمل القطاع الخاص، يضع المواطن محور اهتمامه، وقادر على تقديم الخدمة له بمهنية عالية، مشيراً إلى أن خارطة طريق تحديث القطاع العام تعتبر مشروعاً إصلاحياً يهدف الى احداث أثر ملموس وتحويلي بمستوى كفاءة وفاعلية الأداء، وإنتاجية الموظف الحكومي، وترشيد الانفاق الحكومي مع الاستدامة في الخدمات والارتقاء بمستوى تقديمها بما يساهم بتعزيز ثقة المواطن ورضاه.
وقال المنتدى في بيانه، إنه وفي ضوء الفعالية التي عقدتها الحكومة "ملتقى عام على التحديث" في 25 و 26 من شهر آب الماضي، لاستعراض ما تمّ تحقيقه في التحديثين الاقتصادي والإداري والتحاور حول التحديات والفرص، فإنه يرى ضرورة التوافق على أولويات توجهات الحكومة للمرحلة المقبلة بعد هذه المراجعة، لضمان توافقها مع نهج التحديث المعتمد بخارطة طريق تحديث القطاع العام.
مؤشر تحديث القطاع العاموحول التوصيات التي خرج بها منتدى الاستراتيجيات الأردني بعد عام على التحديث، فقد شدد المنتدى في ورقته على ضرورة الإسراع في إطلاق مؤشر تحديث القطاع العام (Public Sector Index) كآلية تمكّن الحكومة من إجراء التقييم الذاتي لأثر المبادرات التي يتم العمل عليها. إضافة إلى تصميم وإطلاق لوحة للمؤشرات التفاعلية (Dashboard)، لتعزيز الشفافية والمساءلة، وتمكين جهات الرصد من التعرف على مستوى الإنجاز المتحقق على مستوى النتائج والأثر، ومساندة موظفي القطاع العام ومتخذي القرار في تتبع الأداء، وتقييم النتائج، وتصويب الإجراءات. وذلك باعتماد إطار المتابعة والتقييم، ومصفوفة مؤشرات الأداء التي تم إعدادها من قبل لجنة تحديث القطاع العام.
كما أوصى المنتدى بأهمية قيام الحكومة بتحديد التوجه الاستراتيجي لدورها المستقبلي في القطاعات المختلفة، وذلك من أجل الانتقال التدريجي في دورها من تقديم الخدمات إلى التمكين لتقديم الخدمات تحت اشراف مباشر من قبلها، وفقاً لمستوى النضوج في كل قطاع، وجاهزيته لذلك. حيث تركز الحكومة على تنمية القطاعات وتنظيمها وتوفير البيئة التشريعية والبنية التحتية والتقنية المناسبة لها لتعزيز ميزة الأردن التنافسية محلياً وإقليمياً وبما يساهم في تشجيع الاستثمار.
هيكلة ديوان الخدمة المدنيةوفي هذا السياق بين المنتدى أن هذا التحول يعتبر مدخلاً أساسياً من أجل اتخاذ التدابير الاستباقية للإصلاح في مجال الموارد البشرية. حيث إن هذا الانتقال التدريجي في دور الحكومة المستقبلي كممكِّن لعمل القطاع الخاص لن يتحقق دون وجود خارطة واضحة للموارد البشرية تستند بشكل أساسي على الدور المخطط للحكومة مستقبلا على مستوى القطاعات، وبالتالي تحديد الموارد البشرية المطلوبة، لتكون جاهزة لتولي مسؤوليتها، وقادرة على القيام بمهامها بشكل استباقي، وبالتالي، فإن أي جهد يتم حاليا على تطوير الاوصاف الوظيفية والتصنيف والمسارات لا يستند على تحديد الأدوار المستقبلية، لا يعتبر جهداً إصلاحياً، وانما توثيق لما يجري حالياً، كما انه لن يكون له تأثير عل شكل خارطة الموارد البشرية الحكومية، خاصة وأن لجنة تحديث القطاع العام في تقريرها حول الموارد البشرية قد وضعت تشخيصاً واضحاً للتشوهات بخارطة الموارد البشرية الحالية في الحكومة والتي تحتاج لمعالجة في المرحلة القادمة.
وحول هيكلة ديوان الخدمة المدنية إلى هيئة الخدمة والإدارة العامة، أكد المنتدى على أهمية التحول التدريجي في الدور التنفيذي الحالي لديوان الخدمة المدنية، إلى الدور التنظيمي والرقابي والاشرافي لضمان الامتثال من خلال هيئة الخدمة والإدارة العامة، بحيث يكون التنفيذ من مسؤوليات الدوائر والمؤسسات الحكومية. مشيراً أنه ولإنجاح هذه العملية الانتقالية، لا بد من الإسراع في بناء قدرات الدوائر والمؤسسات لتكون جاهزة للقيام بالمهام والمسؤوليات الجديدة المناطة بها، من خلال رفع كفاءة موظفي الدوائر، وخاصة العاملين في وحدات الموارد البشرية والخدمات الحكومية؛ بما يسهم في الانتقال بدور تلك الوحدات من الدور التقليدي الاجرائي الى دور ذو بعد استراتيجي؛ مع ضرورة التركيز على الدوائر الكبيرة مثل التربية، والصحة، والعدل، والتنمية الاجتماعية، وغيرها، علاوة على بناء قدرات موظفي ديوان الخدمة المدنية ليتمكنوا من القيام بالدور المطلوب من هيئة الخدمة والإدارة العامة والمتمثل بالرقابة على الدوائر والمؤسسات، وضمان امتثالها للأسس والتعليمات، وتقديم الدعم الفني لها، ورصد وتقييم أدائها وفق المجالات التي تشرف عليها الهيئة. حيث شدد المنتدى في هذا السياق على أهمية الإسراع في تفعيل النظام الالكتروني الموحد للموارد البشرية والذي تعمل عليه منذ سنوات، لتمكين الهيئة من القيام بمهامها بكفاءة وفاعلية.
وفي سياق متصل، أوصى المنتدى بإعادة النظر بالطرح الحالي للحكومة بإنشاء مركز تقييم الكفايات الحكومية ضمن الهيكل التنظيمي لهيئة الخدمة والإدارة العامة، مع إمكانية إتباعه إدارياً لرئيس هيئة الخدمة والإدارة العامة (مثل معهد الإدارة العامة). وذلك من أجل ضمان استقلالية المركز في اتخاذ قراراته، وتمكينه من تقديم الخدمة المشتركة(shared services) للدوائر في مجال تقييم الكفايات الحكومية، وذلك لتفادي الحالات التي يكون فيها تضارباً للمصالح؛ حيث لا يجوز أن تقوم الهيئة بالدور الرقابي على الأداء والامتثال، وتقديم الدعم الفني، ورصد وتقييم الأداء الحكومي، وأن تكون في ذات الوقت جزءاً من عملية اتخاذ قرارات التعيين والترقية الصادرة عن الدوائر، والتي ستستند بنسبة (80%) على نتائج الامتحانات والمقابلات الشخصية المنفذة من قبل مركز تقييم الكفايات. علاوة على أنه لا يجوز أن تكون الجهة المشتكى عليها، هي ذات الجهة المكلفة بالدور الرقابي والنظر في الشكاوى. علما بأن معظم الشكاوى والاعتراضات المقدمة على عمليات الاختيار والتعيين والترقية تكون عادةً على نتائج الامتحانات والمقابلات التي ستتم من خلال المركز، نظراً لتأثيرها الكبير على ترتيب المتنافسين للحصول على الوظيفة.
كما أوصى المنتدى أن يكون إنشاء هيئة الخدمة والإدارة العامة بموجب قانون وليس نظام، لتتمتع بالقوة القانونية من أجل القيام بدورها الأساسي في مجال الرقابة والامتثال، والبت في الشكاوى من خلال التصعيد التدريجي لها قبل تحويلها لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد. علما بأن الديوان يمتلك حاليا صلاحيات إيقاف القرارات الإدارية وطلب تصويبها وفقاً للإجراءات التصحيحية، الا انه لا يمتلك القوة القانونية اللازمة لإبطال القرارات والتعامل مع حالات عدم الالتزام بالإجراءات التصحيحية.
وحول مجلس الخدمة المدنية، ينص مقترح الحكومة الحالي على إلغاء هذا المجلس ونقل صلاحياته لمجلس الوزراء، حيث أكد المنتدى في هذا السياق ضرورة إعادة النظر بهذا التوجه، لأن ذلك يعني زيادة العبء على مجلس الوزراء، وتغييب لمشاركة الجهات المؤثرة والمتأثرة بمجال الخدمة والإدارة العامة في عملية صنع القرار. وأوصى المنتدى باستبدال مجلس الخدمة المدنية بمجلس التطوير والتحديث، وذلك من أجل تعزيز مبادئ الحوكمة القائمة على الفصل بين المهام: رسم السياسات والتقييم (مجلس التطوير والتحديث)، والمهام التنظيمية والرقابية والتمكين (هيئة الخدمة والإدارة العامة)، والمهام التنفيذية (دوائر ومؤسسات القطاع العام)، مشيراً إلى أن التحول بدور ديوان الخدمة المدنية من الدور التنفيذي الى الدور التنظيمي والرقابي وتقديم الدعم الفني، يتطلب ان تكون هيكلية هيئة الخدمة والإدارة العامة وفق خصوصية معينة تراعي طبيعة المهام الاشرافية المناطة بها.
وفي سياق آخر، بين المنتدى أنه من الملاحظ عدم توافق سياسة التعيين خلال العام الماضي مع السياسة المقرة بموجب خارطة طريق تحديث القطاع العام، مشدداً على ضرورة توافق سياسة التعيين مع التوجهات المقرة في خارطة تحديث القطاع العام، آخذين بعين الاعتبار ضرورة إعداد جدول التشكيلات للعام 2024، بالتركيز على تلبية الاحتياجات اللازمة لتمكين الحكومة من تنفيذ مهامها ومسؤولياتها المستقبلية على مستوى القطاعات، وان يتم إيقاف التعيين على الفئة الثالثة والوظائف المتأثرة بعملية التحول الرقمي، بالإضافة إلى تلبية احتياجات الدوائر من خلال إعادة التأهيل (Redeployment policy)، أو استخدام مفهوم تعهيد الموارد البشرية (outsourcing)، علاوة على التركيز على تعيين المتخصصين من ذوي الكفايات الاستراتيجية والابتكارية، خاصة في مجالات إدارة الموارد البشرية، وتطوير الخدمات، والرصد والتحليل، وتنظيم القطاعات، وتعزيز البيئة التنافسية، والإدارة الاستراتيجية، وإدارة الأداء الحكومي، وتنظيم وإدارة عقود التعهيد، والاتفاقيات الإطارية، وسد الثغرات في القدرة الرقمية، وإدارة المشاريع.
كما أكد المنتدى على ضرورة الالتزام بسياسة التعيين في الوظائف القيادية، بموجب عقود شاملة (وإبرام اتفاقيات أداء مرتبطة بنتائج محددة) وليس وفق الفئة والدرجة، انسجاماً مع سياسة تقييم الأداء والتحفيز للأمناء العامين ومن في رتبتهم، والتي وردت في خارطة طريق تحديث القطاع العام.
وشدد المنتدى على أهمية تنفيذ قرار الحكومة بوقف استقبال طلبات التوظيف للحد من النمو في مخزون قاعدة بيانات الطلبات في ديوان الخدمة المدنية. مع ضرورة اتخاذ خطوات عملية من أجل تمكين مقدمي الطلبات (الموجودين حاليا) من الوصول لفرص العمل المتاحة من قبل القطاع الخاص داخل المملكة وخارجها، إضافة إلى إعادة النظر بمقترح الحكومة الحالي بوجود نظامين للموظفين يشمل كافة الوظائف. مشيراً إلى أن هذا المقترح سيتسبب بتشوهات كبيرة على ارض الواقع ناتجة عن إشغال الوظيفة الواحدة من قبل نوعين من الموظفين أحدهما لا يزال على نظام الخدمة المدنية، بينما الآخر تم تعيينه على نظام الموارد البشرية الجديد، وهذا يعني أن الموظفين يقومان بنفس المهام، ولكن بشروط تعيين مختلفة ورواتب مختلفة، وهو ما قد يؤدي إلى خلق بيئة عمل غير صحية، علاوة على ان تبني مثل هذه السياسة يحتاج لأكثر من (20) عام على الأقل، للانتقال الى النظام الجديد وجني ثمارها على أرض الواقع.
القيادات الحكوميةوفي هذا السياق أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بالإبقاء على نظام الخدمة المدنية ليشمل وظائف الفئة الثالثة وبعض وظائف الفئة الأولى والثانية النمطية، على أن يكون نظام الموارد البشرية الجديد موجهاً للوظائف المتخصصة والحرجة والوظائف المتوقع أن ترفع من سوية العمل في الحكومة وتمكينها من القيام بمهامها المستقبلية. بحيث توفر الحكومة فرص التدريب لرفع جاهزية الموظفين الحاليين شاغلي الوظائف المشمولة بالنظام الجديد وامهالهم مدة سنة بحد أقصى ليمتلكوا الكفايات المطلوبة للانتقال للنظام الجديد.
وللمضي قدماً في التنفيذ خلال السنوات القادمة، شدد المنتدى على ضرورة إدماج وإشراك القيادات بعملية التحديث في مرحلة التنفيذ، إذ كان من الملاحظ عدم وجود إشراك كافٍ للقيادات الحكومية في عملية التحديث وفق المبادرة التي وضعت في خارطة طريق تحديث القطاع العام. حيث أشار المنتدى إلى أن إشراك القيادات سيساهم في بناء فهم وإدراك موحد لديها حول مرتكزات وتوجهات الخارطة وكيفية تبني المبادرات التي جاءت بها، والبدء بمواءمتها مع خصوصية قطاعاتهم، وفهم دورهم بقيادة التغيير، وتحديد مسؤولياتهم في نقل المعارف للموظفين المسؤولين عنهم.
وأكد المنتدى في هذا الإطار على أن النجاح في التنفيذ يعتمد بشكل أساسي على التواصل المستمر مع مختلف أصحاب العلاقة المعنيين بخارطة تحديث القطاع العام، وهي مهمة تتطلب تكاتف جميع الشركاء من القطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، وتعزيز دورهم في عملية التواصل مع المواطنين (المجتمع المحلي)، لتوعيتهم حول أهداف رؤى التحديث، واطلاعهم على سير أداء البرامج التنفيذية الخاصة بها، وأخذ تغذيتهم الراجعة عليها، لتعزيز مبدأ التشارك في المسؤولية لإنجاح هذه البرامج الاصلاحية.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: الحكومة وظائف القطاع العام الأردن
إقرأ أيضاً:
إعلاميون عرب: منتدى دول منظمة شنغهاي جسر للحوار والتقارب وتعزيز التعددية
أجمع إعلاميون عرب على أن منتدى التعاون الإعلامي لدول منظمة شنغهاي 2025 يعد جسرا للحوار والتقارب الإعلامي وتعزيز التعددية في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد الإعلامي العالمي.
وأكدوا، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الجمعة، أن هذا الحدث يشكل فرصة نادرة لإعادة التوازن في تدفق المعلومات، بعيدًا عن الهيمنة الإعلامية التقليدية، مشيرين إلى أهمية بناء شراكات إعلامية قائمة على الاحترام المتبادل وتبادل الخبرات، خاصة في مجالات التغطية متعددة اللغات، والتقنيات الرقمية، ومكافحة المعلومات المضللة.
وقال عبدالعزيز درويش المذيع في تلفزيون دولة الكويت إن منتدى التعاون الإعلامي لمنظمة شنغهاي للتعاون 2025 مهم جدا لتبادل الخبرات الإعلامية بين الشعوب المختلفة، خاصة في ظل مشاركة خصوصا نحو 26 دولة وحضور أكثر من 200 شخص.
وأضاف درويش أن المنتدى يركز على التقنيات الحديثة في الإعلام وخاصة موضوع الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في مجال الإعلام وتطوير عملية الإنتاج الإعلامي والمحتوى الخبري.
ولفت إلى أن الحلقات النقاشية بالمنتدى مثمرة جدا لأنها تتطرق إلى موضوع صناعة المحتوى الإعلامي في البلدان المختلفة واحتياجات كل منطقة ، و ما هي التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي التي تساعد في نشر الخبر مع ذكر نماذج وأمثلة وقصص حية.
وذكر أن التجارب الإعلامية في دول منظمة شنغهاي، خصوصًا في مجال الإعلام الرقمي والتلفزيون العابر للحدود، يمكن أن تتعاطى إيجابيا عبر التعاون مع المؤسسات العربية لتطوير الأدوات والأساليب في مخاطبة الجمهور المحلي والدولي.
من جهتها، قالت يارا إبراهيم، المسؤول الإعلامي لمجموعة بيت الحكمة للصناعات الثقافية إن هناك حاجة ملحة إلى الحوار الثقافي والتفاهم بين الشعوب أكثر من أي وقت مضى، في ظل عالم يتسم بتسارع وتيرة العولمة وتزايد التحديات العابرة للحدود.
وأضافت أنه من هذا المنطلق، يبرز المنتدى الإعلامي لدول منظمة شنغهاي للتعاون كمنصة استراتيجية تلعب دوراً محورياً في تعزيز التفاهم المتبادل، وبناء جسور التواصل بين مختلف الثقافات والشعوب في المنطقة.
ولفتت إلى دور المنتدى في تعزيز التعددية الثقافية والاحترام المتبادل، حيث يضم ممثلين إعلاميين من دول تتميز بتنوع عرقي وديني وثقافي واسع، مثل الصين، روسيا، الهند، باكستان، ودول آسيا الوسطى.. ومن خلال الحوار الإعلامي وتبادل التجارب، يسهم المنتدى في كسر الصور النمطية وتعزيز قيم التسامح والتعايش، وهو ما يعد أساساً لبناء مجتمع إقليمي متفاهم ومتماسك.
وأبرزت دور المنتدى في دعم الإعلام كشريك في التنمية والسلم، حيث يلعب الإعلام دوراً محورياً في صياغة الوعي الجماهيري وتوجيه الرأي العام، ومن خلال المنتدى، يتم تبادل الخبرات في كيفية توظيف الإعلام لخدمة أهداف التنمية المستدامة، ومواجهة خطاب الكراهية والتطرف، وترويج ثقافة السلام والتعاون.
وأشارت إلى أن المنتدى يشكل مساحة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية لتبادل وجهات النظر حول التحديات المشتركة مثل التضليل الإعلامي والأخبار الزائفة، كما يسهم في تعزيز التعاون الإعلامي بين الدول الأعضاء عبر توقيع اتفاقيات شراكة، وتنظيم برامج تدريبية مشتركة، وإطلاق مشاريع إعلامية عابرة للحدود.
وخلصت إلى أن المنتدى الإعلامي لدول منظمة شنغهاي للتعاون ليس مجرد مناسبة رسمية، بل هو منصة استراتيجية لإعادة صياغة العلاقة بين الإعلام والثقافة والسياسة، متابعة أنه في ظل عالم تتشابك فيه المصالح وتتقاطع الثقافات، تبقى مثل هذه المنتديات ضرورة ملحّة لتعزيز الحوار البنّاء، وتحقيق التفاهم بين الشعوب، وترسيخ السلام والتنمية في المنطقة والعالم.
في السياق ذاته ، قال الإعلامي اللبناني شربل بركات رئيس قسم الأخبار الدولية في صحيفة الجريدة الكويتية؛ إن المنتدى ينعقد في لحظة مفصلية يشهد فيها الإعلام العالمي تحولات تقنية ويتأثر بمتغيرات جيوسياسية متسارعة.
وأضاف بركات أنه بات واضحاً أن التقنيات الرقمية وتطورات الذكاء الاصطناعي تعيد رسم مشهد الإعلام الدولي، وتطرح تحديات على صعيد إنتاج المحتوى وتوزيعه ومصداقيته، ولم تعد السيطرة على المعلومة حكراً على مراكز القوة التقليدية، بل باتت الدول التي تمتلك البنية التحتية الرقمية والقدرة على الاستثمار في التقنيات الحديثة، مثل الصين، أكثر قدرة على التأثير في الرأي العام العالمي.
وتابع: "في موازاة ذلك، نشهد تراجعاً ملموساً في الحضور الدبلوماسي والاقتصادي للولايات المتحدة على الساحة الدولية، وقد ساهمت في ذلك السياسات الحمائية التي انتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي حفّزت السعي إلى تأسيس نظام دولي متعدد الأقطاب.
وأبرز أنه من هذه المنطلقات، تسعى الصين في ظل رئاستها الدورية لمنظمة شنغهاي واستضافتها قمة المنظمة في تيانجين في الخريف المقبل، إلى الدفع باتجاه نظام إعلامي دولي جديد أكثر توازناً يكسر احتكار المنظومات الغربية التي لطالما سيطرت على تدفق المعلومات وتأطير السرديات حول العالم، وقد برز هذا التوجه بوضوح في أعمال المنتدى، حيث روّجت بكين لرؤية إعلامية تقوم على “التعددية في السرد” و”الاحترام المتبادل للخصوصيات الوطنية”.
ولفت إلى أنه لا يمكن إغفال أن الصين، بما تمتلكه من قدرات مالية وتجارية، تُعد الطرف الأوفر حظاً لقيادة التحول نحو نظام إعلامي دولي أكثر توازناً خصوصاً أن الهدف السياسي الذي تطرحه والمتمثل في كسر احتكار الخطاب الإعلامي الغربي.
وأشار إلى أن هذا التوجه الصيني يتقاطع بشكل طبيعي مع تطلعات العديد من الدول العربية التي لطالما عانت من هيمنة الإعلام الغربي، والذي كثيراً ما استُخدم كأداة ضغط سياسي ، وبالتالي فإن هذه المبادرة الصينية فرصة حقيقية للدول العربية كي تكون شريكاً فاعلاً في صياغة إعلام عالمي جديد وانعكس ذلك في المشاركة الواسعة في المنتدى من قبل الدول العربية الأعضاء في منظمة شنغهاي كشركاء حوار.
بدورها، قالت إيناس عوض مسؤولة الشؤون البلدية في صحيفتي السياسة و"أرب تايمز" الكويتيتين أن "روح شنغهاي" هو العنوان العريض الذي كرسه منتدى التعاون الإعلامي لدول منظمة شنغهاي في نسخته الـ 25 لعام 2025 التي تقام في مدينة أورموتشي ذات الخصوصية الاستثنائية من حيث المكان والأهمية على طريق الحرير.
وأضافت أن المشاركة العربية تعكس الاعتراف بالأهمية العربية والدور المحوري المؤثر على المستويين الإقليمي والدولي، فضلا عن تأكيدها على دور الإعلام في تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين بالتوازي مع دعم النمو الاقتصادي المستدام الذي يشكل حاجز الصد المنيع ضد التحديات المتنوعة لاسيما الجيوسياسية منها التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط عموما والمنطقة العربية خصوصا .
وذكرت عوض أنه بعيدا عن أهداف منظمة دول شنغهاي التي تركز على العديد من القيم المحورية والتي من أبرزها تعزيز سياسات الثقة المتبادلة وحسن الجوار بين دول الأعضاء، ومحاربة الإرهاب وتدعيم الأمن ومكافحة الجريمة وتجارة المخدرات ومواجهة حركات الانفصال والتطرف الديني أو العرقي. والتعاون في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية، يشكل منتدى التعاون الإعلامي للدول العربية تحديدا استراتيجية متكاملة تستهدف في مضمونها العميق دعم التمازج الثقافي وتوظيفه لصالح الحوار البناء بغية خلق فرص جديدة ترتقي بحياة الشعوب وتنهض بها.