هل تتأثر ساعتك البيولوجية عند السفر الطويل؟.. الحل في خطوة ووجبة
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
أظهرت دراسة جديدة أن هناك خطوات بسيطة يمكن أن يقوم بها الفرد، لتقليل المشكلات الناجمة عن تغير "الساعة البيولوجية" للجسم، أثناء السفر إلى مناطق بعيدة من العالم.
ودرس باحثون من إلينوي ونيو مكسيكو، دور الضوء والغذاء في إيقاع الساعة البيولوجية، وهي الساعة الداخلية للجسم، لمعرفة كيفية تجنب التأثيرات الناجمة عن الرحلات الطويلة.
وفي الدراسة الجديد التي نشرت بمجلة "كايوس"، الثلاثاء، قام فريق من العلماء من جامعة "نورث وسترن" ومعهد "سانتا في"، بتطوير نموذج نظري لدراسة التفاعلات بين ساعات داخلية متعددة، وهي تحت تأثير الشيخوخة والاضطرابات، مثل اضطراب الرحلات الجوية الطويلة.
ويحدث اضطراب الرحلات الجوية الطويلة بسبب الاختلاف بين النظام اليومي – الساعة الداخلية للجسم – والبيئة المحيطة.
وفي مطلع القرن العشرين، بدأ العلماء يدركون أن الجسم لديه ساعات داخلية متعددة، يتم معايرتها بطرق مختلفة، وأن الأعراض الشبيهة باضطراب الرحلات الجوية الطويلة يمكن أن تنتج عندما تنحرف هذه الساعات عن التزامن مع بعضها البعض.
ما هو الحل؟وجد الباحثون أن تناول المزيد من الطعام خلال وقت مبكر من اليوم (وجبة الإفطار) والتعرض للكثير من الضوء الطبيعي خلال النهار (أشعة الشمس)، يؤدي إلى تسريع مقدار الوقت الذي يستغرقه الجسم للتعافي من تغير المناطق الزمنية.
وقال مؤلف الدراسة من جامعة "نورث وسترن" في إلينوي، ييتونغ هوانغ: "إن تناول وجبة أكبر في الصباح الباكر بالمنطقة الزمنية الجديدة، يمكن أن يساعد في التغلب على اضطراب الرحلات الجوية الطويلة".
وأضاف أنه "لا يُنصح بتغيير جداول الوجبات باستمرار، أو تناول وجبة في الليل؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى عدم التوافق بين الساعات الداخلية".
ويخطط المؤلفون لإجراء أبحاث إضافية حول اضطراب الرحلات الجوية الطويلة، وتحديد العوامل التي تؤدي إلى إيجاد ساعات داخلية "أكثر مرونة".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
الكمبيوترات البيولوجية.. هل تصنع الإنسان المثالي؟
مؤيد الزعبي
لا تزال فكرة أن يوجد إنسان خارق فكرة حاضرةً في أذهاننا كبشرية منذ قديم الأزل، رسمناها على معابدنا إنسانًا بأجنحة تطير، وتصورنا في رسوماتنا إنسانًا يقذف اللهب حتى وصلنا للقرن التاسع عشر وعبرنا عن أمنيتنا تلك بأفلام وقصص مصورة فأوجدنا سوبرمان وسبايدرمان والكثير من الشخصيات الخارقة.
ونظرًا لأن حلمنا البشري يتطور ها، نحاول إيجاده بطريقة فعلية، وذلك من خلال الكمبيوترات البيولوجية أو الذكاء العضوي Organoid intelligence، أو ما يُعرف بالحوسبة باستخدام الحمض النووي DNA computing، ولهذا أدعوك عزيزي القارئ لأن تخرج من إطار أن الكمبيوترات هي مجرد أجهزة معدنية مزودة بالشرائح، فنحن على أبواب الكمبيوترات الحية، شرائحها خلايا وأحماض نووية، قادرة على التفكير والتحليل واتخاذ القرار، ولك أن تتخيل كم سنحقق من أمور عندما ندمج أطراف اصطناعية مدعومة بيولوجيًا بأجسادنا، فحينها يمكن أن نطير ونحلق ونسابق الريح إن أردنا ذلك.
قد تكون الفكرة معقدة ولهذا يجب أولًا أن نعرف الكمبيوتر البيولوجي والذي هو جهاز حوسبة يعتمد على مكونات حيوية بدلًا من أو إلى جانب المكونات الإلكترونية التقليدية التي نعرفها، وقد يكون الحمض النووي ((DNA أو خلايا حية أو حتى بروتينات خاصة هي المكون الرئيسي لهذه الحواسيب، والتي تقوم بعمليات معقدة للغاية داخل بيئات دقيقة، مثل داخل جسم الإنسان، وتستخدم الكمبيوترات البيولوجية تفاعلات كيميائية داخل الحمض النووي أو الخلية لمعالجة المعلومات، وبدلًا من الأوامر "0-1" في الحاسوب التقليدي، تقوم الكمبيوترات البيولوجية بتشفير المعلومات عبر تسلسلات جينية أو إشارات بيوكيميائية.
تخيَّل- على سبيل المثال- بكتيريا مُبرمَجَة جينيًا للتفاعل مع مواد كيميائية محددة، وإذا اكتشفت هذه المواد تبدأ بتنفيذ "برنامجها الداخلي"، والذي قد يتضمن إرسال إشارة، أو إفراز دواء معين أو تدمير الخلية المستهدفة، ويُمكن برمجة هذه الخلايا الحية لتشخيص الأمراض مثل اكتشاف الخلايا السرطانية في مراحلها المبكرة، أو إفراز الأدوية تلقائيًا عند الحاجة، دون تدخل خارجي، فهذه التكنولوجيا قادرة على التشخيص والعلاج في آن واحد من خلال تعديل تسلسل (DNA) وتفعيله داخل الخلية والجسم.
في بعض التجارب، وُجِدَ أن الحواسيب البيولوجية قادرة على حل معادلات رياضية ضخمة باستخدام الحمض النووي بسرعة هائلة وبكفاءة طاقة أعلى بمراحل من الحواسيب التقليدية مما سيفتح الباب على مصرعيه لإيجاد حواسيب أكثر كفاءة وأقل استهلاكًا للطاقة، وهذا هو السحر الذي ننتظره لحل مشكلة الطاقة والذكاء الاصطناعي، وحتى عندما يتم دمج الخلايا العصبية الحية مع الدوائر الإلكترونية، فتظهر نماذج هجينة تحاكي طريقة عمل الدماغ البشري وتقترب أكثر من الحوسبة الإدراكية، والتي معها سننتقل بالذكاء الاصطناعي لما هو أبعد من مجرد ذكاء بل إدراك ووعي كما لو كان عقلًا بشريًا لكن بقدرات أكبر بملايين المرات.
هل تخيَّلت يومًا أن تُزوَّد أجسامنا بمعالِجات بيولوجية حاسوبية تعمل، من جانب، على تحسين حياتنا الصحية وتكتشف أمراضنا وتعالجها دون أن نتدخل بها، ونصل للإنسان الأكثر صحة والأطول عمرًا "بيولوجيًا". ومن جانب آخر تُزوِّد أدمغتنا بحواسيب بيولوجية فتجعل مِنَّا أكثر قدرة على التفكير والتحليل والذكاء وحتى تخزين المعلومات واستحضارها، وهنا يمكننا القول بأننا قد وصلنا للطبقة الجديدة من الإنسان؛ الإنسان المثالي وخلقنا فجوة بيولوجية جديدة ستتغير معها حياتنا كبشر إلى الأبد.
رغم أني استفضتُ في تجميل الصورة عن الكمبيوترات البيولوجية، إلّا أننا يجب أن نعرف تمامًا أن الإمكانات هائلة ومفتوحة في هذا الجانب، غير أنه في المستقبل القريب لن تكون الكمبيوترات البيولوجية بديلنا عن الحواسيب التقليدية؛ فما زال أمامنا الكثير من التحديات؛ أهمها: ما هو مرتبط بكيفية التحكم بها والأمان، الذي يشكل تحديًا يصعب السيطرة عليه، وأيضًا مسألة نقل المعلومات البيولوجية المعقدة والتي لم نجد لها الكثير من الحلول حتى يومنا هذا، إضافة إلى الموثوقية والتي تتطلب سنوات من البحث لنحققها ونتأكد من نتائجها. ولهذا يمكننا القول إن مثل هذه التكنولوجيا هي خيارنا المُتقدِّم لا الحالي.
بعد كل ما تقدمت به فيما سبق، ألا تشعر معي- عزيزي القارئ- بأن هذا سيخلق لنا مشكلة، وهي أن من هُم قادرون على الوصول لهذه التكنولوجيا واستخدامها سيكونون هم الطبقة المُحسَّنة من البشر، فمن يملك تقنيات تعزيز البشر سيكونون أكثر تفوقًا، وبهذا أكثر نفوذًا وقدرة، أما من لا يستطيع امتلاك هذه التقنيات سيكونون عرضة للانقراض فما لدى غيرهم هو الأبقى والأصلح للتكاثر.
في النهاية.. تذكَّر- عزيزي القارئ- أن الكمبيوتر لم يعد مجرد آلة؛ بل قد يكون كائنًا بيولوجيًا يتنفس ويستجيب، وفي المستقبل يتعلَّم ويتطوَّر ويُطوِّر، ومع كل خلية تُبرمَج، ومع كل جين يُعاد ترتيبه لأداء مهمة محددة، نقترب أكثر من زمن تتحول فيه أجسادنا إلى شبكات حوسبة داخلية، قادرة على معالجة المعلومات والتفاعل معها..
ويبقى السؤال: هل نحن مستعدون لعصر الحوسبة الحيَّة؟ ولماذا نريد كبشرٍ أن نصبح أقوى وأسرع وأذكى؟ هذا ما سوف أتناوله معك في طرحي المقبل.
رابط مختصر