السيرة الذاتية للسيدة سكينة بنت الحسين
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
سكينة بنت الحسين سيدة جليلة ذات نبل ومقام رفيع، كانت تجالس الأجلة من قريش ويجتمع إليها الشعراء والأدباء، فيحتكمون إليها فيما أنتجته قرائحهم فتبين لهم الغث من السمين، وتناقش المخطئ مناقشة علمية فيقنع بخطأه ويقر لها بالفضل وقوَّة الحجة وسعة الاطلاع.
الأمير الحسين بن عبد الله ورجوة يهنئان متابعيهما بمناسبة العيد|لقطة رومانسية جمعتهما إطلاق مقرأة المسجدية المرتلة بمسجد الإمام الحسيننسب سكينة بنت الحسين سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، واسمها: آمنة، وقيل: أميمة، وقيل: أمينة، وسكينة لقب عُرِفت به، وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس الكلبي، وقدمت سكينة دمشق مع أهل بيتها بعد قتل أبيها يوم كربلاء، ثم خرجت إلى المدينة، ويقال: إنَّها عادت إلى دمشق بعد ذلك.
حدثت عن أبيها وروى عنها فايد المدني مولى عبيد الله بن أبي رافع، كما روى عنها أهل الكوفة مكانة سكينة بنت الحسين كانت سكينة بنت الحسين بمنزلة عظيمة من الجمال والأدب والفصاحة، كما كانت سيدة نساء عصرها ومن أجمل النساء أخلاقًا، وأحسنهن شَعرًا، فكانت تُصفِّف جمَّتها تصفيفًا لم يُرَ أحسن منه، والطُّرَّة السَّكينيَّة منسوبة إليها، وكانت نبيلة وكريمة وشاعرة، ومنزلها مألف الأدباء والشعراء، فكانت تجمع إليها الشعراء فيجلسون بحيث تراهم ولا يرونها، وتسمع كلامهم فتفاضل بينهم وتناقشهم وتجيزهم، قال أحد معاصريها: أتيتها، وإذا ببابها جرير والفرزدق وجميل وكثير، فأمرت لكلِّ واحدٍ بألف درهم، كما كانت سكينة من أجلِّ نساء قريش، وكانت شهمة مهيبة تُجالس الأجِلَّة من قريش، دخلت على هشام بن عبد الملك في قواعد نساء قريش فسلبته منطقته ومطرفه وعمامته فدعا هشام بثيابٍ غيرها فلبسها.
زواج سكينة بنت الحسين اختلفت الروايات في عدد زيجات السيدة سكينة بنت الحسين، فبلغت في بعض الروايات ست مرات، وتضاءلت في رواياتٍ أخرى فلم تتجاوز الواحدة أو الاثنتين. واختلفت الروايات -أيضًا- في ترتيب أزواجها؛ فقيل: إنَّ أول من تزوجها مصعب بن الزبير بن العوام وقتل عنها، وقيل -أيضًا-: إنَّ أوَّل أزواجها الحسن بن الحسن بن علي، ثم مصعب بن الزبير، ثم خلف عليها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام بن خويلد وهلك عنها، فخلف عليها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان وهلك عنها أيضًا، فتزوَّجها إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، فأقامت معه ثلاثة أشهر، وفرَّق بينهما هشام بن عبد الملك، ثم بعد ذلك خلف عليها الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان وكان والي مصر، وطلقها قبل أن يدخل بها، وقيل -أيضًا-: إنَّ أوَّل من تزوَّجها عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب وقُتِل قبل أن يدخل بها. وفاة سكينة بنت الحسين أمضت سكينة بنت الحسين عمرها فى رحاب المدن المقدَّسة، حتى توفيت بالمدينة فى الخامس من شهر ربيع الأول عام (117هـ= 735م)، وصلى عليها قاضي المدينة شيبة بن نصاح.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بنت الحسين قريش عبد الله الله بن بن عبد
إقرأ أيضاً:
الهوية الترويجية لسلطنة عُمان وأفق المستقبل
دعيتُ في الأيام الفائتة إلى جلسة نقاشية تناولت موضوع تعزيز الارتباط بين الهوية الترويجية الموحدة لسلطنة عُمان وبين التعليم المدرسي، حيث ناقشت الآليات التي يمكن من خلالها أن تسهم مؤسسة التعليم عبر عملياتها وأنشطتها وفعل الدارسين والمسيرين فيها في دعم مشروع الهوية الترويجية لسلطنة عُمان وترسيخها، وزيادة مستويات الوعي بها، وتمثلها في مختلف أنشطة وأوجه الحياة والفعل التنموي. هذه الهوية التي باركها تدشين جلالة السلطان هيثم بن طارق - أيده الله - لها في يناير المنصرم، تشكل خطوة مهمة في سبيل تعزيز الجهود الترويجية لسلطنة عُمان بوصفها ملاذًا واعدًا للاستثمار، ومقصدًا متنوعًا وجاذبًا للسياحة والزيارة، وبيئة مناسبة بجودة حياة عالية للعيش والاستقرار والنمو واستقطاب المواهب. وحاول القيمون على مشروع تطويرها عكس ذلك في مقاصدها وفي خطتها التنفيذية والاستراتيجية، وكذلك من خلال الرسائل الأساسية التي تنطلق منها، عوضًا عن الشعار البصري المعبر عنها. والواقع أن أهمية مثل هذه الهويات في تقديرنا تتشكل من خلال ثلاث فوائد: أولًا في كونها ركيزة معرفية: فهي إن نجحت في توحيد الرسائل وتنسيقها وتعزيز المعلومات المهمة للجمهور المستهدف، وإعطاء الجمهور العالمي الرسائل التي تجعله حقًا مهتمًا بما يحدث في سلطنة عُمان، فهي ستشكل على المدى البعيد رمزًا يستدل به بشكل مباشر على ما يحدث في السياق العُماني. وهي كذلك اختصار استدلالي؛ حيث ترتبط الدول التي اعتمدت هويات ترويجية موحدة إما على المستوى الوطني أو على مستوى قطاعات معينة بتلك الاختصارات، التي في العادة إما تكون شعارات لفظية في صيغة عبارات دالة، أو تكون شعارات بصرية تُعرف من خلالها البلاد وما تمتاز به اختصارًا بطريقة مباشرة، مثل شعار «Creative Korea» و»e-Estonia». والفائدة الثالثة لمثل هذه الهويات هو في كونها أداة سردية؛ أي أنها قادرة بشكل مباشر على أن تقول عن تلك البلاد ما تمتاز به وتقفز إلى ذهن الجمهور العالمي سردية الدولة والمجتمع ونمط الإنتاج وطبيعة الثقافة والمحركات الأساسية التي تجعل ذلك البلد معروفًا ومميزًا في سياقه العالمي.
وقدرة الهوية الترويجية الموحدة على السرد في تقديرنا محكومة بخمسة اشتراطات رئيسية: أولها وجود منتجات وطنية (متوافق عليها) تستطيع تلك الهوية أن تعبر عنها وتكون ملازمة لمسار سردية تلك الهوية؛ وتلك المنتجات قد تكون في صيغة منتجات مادية للاستهلاك، أو خدمات تمتاز بها الدولة دون غيرها في سياقها، أو مزارات سياحية متفردة أو تجربة سياحية متكاملة تتفرد بها الدولة، وقد تكون في صيغة سمة وطنية عامة يمتاز بها المجتمع أو الدولة ولا تتوافر للسياق من حول تلك الدولة. الشرط الأساس في ذلك هو التوافق على تلك المنتجات ووجود استراتيجية واضحة لدعمها من قبل الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني وعموم المجتمع لإبرازها وتحويلها إلى منتج يتحدث باسم البلاد عبر هويتها كصناعات السيارات في ألمانيا أو عالم الموضة في إيطاليا أو صناعة السينما في الولايات المتحدة الأمريكية مثالًا، وهنا كنا نأمل أن يسبق استصدار الهوية وجود استراتيجية للمنتجات التنافسية أو المنتجات الاستراتيجية (والفكرة منها تحديد مجموعة من المنتجات أو الصناعات أو الخدمات التي تركز عليها الدولة بالدعم الاستراتيجي للتصدير والاستقطاب وتخصص لها تسهيلات لتحقيق تنافسيتها، بالإضافة إلى استراتيجيات لترويجها والإعلام العالمي حولها).
ثانيًا، توافر مسألة التوافق القطاعي، وقدرة القطاعات المختلفة على تضمين سردية الهوية الموحدة ضمن منظوماتها؛ فكيف يمكن لقطاع اللوجستيات مثلًا أن يحكي سردية متناغمة مع قطاع السياحة مثلًا، وكيف تتناغم تلك السرديات مع الرسائل التي يبثها قطاع التعليم، والرسائل التي توجهها وحدات الإعلام الحكومي المختلفة. الرهان هو كيف تمكن هذه الهوية من خلق خيط واصل بين سرديات كافة القطاعات، ليس في ظهور الشعار البصري وحده، أو الكلمات المباشرة المعبرة عنه، وإنما من خلال جعل المتلقي قادرًا بطريقة ذكية على فهم أن كافة القطاعات تتحدث بلغة واحدة هي لغة الهوية الترويجية الموحدة. وهذا يقودنا إلى النقطة الثالثة والمرتبطة بمركزية الرسائل الأساسية، وضرورة توحيدها والتوافق عليها ومركزية إدارة الهوية الترويجية الموحدة، والذي يعد في تقديرنا عنصرًا مهمًا من عناصر نجاحها.
أما في المنطلق الرابع، فنركز على المحتوى الرقمي المنشور والمتداول والمستهلك حول سلطنة عُمان بكافة أوجه الحياة فيها والنشاط التنموي، والذي لا يزال في تقديرنا يعاني من ثلاثة إشكالات: المحدودية، الآنية، ضعف الابتكار، وبالتالي فإن أحد الاستحقاقات المهمة على مشروع الهوية الترويجية الموحدة هو مضاعفة ذلك المحتوى في سياقات مختلفة، كيف يعيش العُمانيون؟ وكيف تنافس عُمان بقطاعاتها الاقتصادية الحيوية عالميًا؟ كيف تزدهر الفنون والثقافة في عُمان؟ وكيف تستعد عُمان لتكون لاعبًا عالميًا في صناعة واقتصاد الفضاء؟ كيف استطعنا أن نكون شريكًا دبلوماسيًا موثوقًا؟ وكيف تقود صناعات الهيدروجين مستقبل التنمية والاقتصاد والشراكات الدولية؟ مثل هذه الأسئلة وغيرها جديرة أن يراكم حولها محتوى رقمي موسع ومبتكر، وبطريقة قادرة على الانتشار الدولي ومرتبطة بهذه الهوية، وهذا يقودنا إلى النقطة الخامسة والتي نركز فيها على أن رسائل هذه الهوية وإن كان تنسيقها يحتاج قدرًا من المركزية، فإن من يتحدث عنها يجب أن يكون على قدر واسع من التنوع في الشرائح والفئات والفاعلين، فالهوية يستوجب أن يتحدث عنها صانع القرار الحكومي كما يتحدث عنها ويتمثلها الرياضي والفنان ورجل الأعمال والناشط الرقمي والفرد الطبيعي في المجتمع، وهنا تكمن قوة هذه الهوية وقوة الإيمان بها والقناعة بكونها وسيلة وطنية جامعة للترويج لسلطنة عُمان.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان