يعرف رواد لندن جيدا مطعم "جيرو" الكائن في حي ماي فير الراقي في العاصمة البريطانية، الذي يضم 140 مقعدا موزعة على طابقين، ويقدم ما يدَّعي أنها قائمة مختارة من أشهى أصناف "الطعام الإسرائيلي". لكن بمجرد مطالعة قائمة الطعام، سوف تتكشف حقيقة هذا "المطعم الإسرائيلي" المزعوم: أسماك من بحيرة طبريا متبلة على الطريقة اللبنانية وأطباق من الشاورما وأصناف أخرى تغمس بالخبر اليمني مألوفة تماما لأي عربي.

يُعَدُّ "جيرو" واحدا من أكبر المطاعم الإسرائيلية في العاصمة البريطانية التي باتت تضم (2) أكثر من 30 مطعما إسرائيليا أو مطعما على "طراز تل أبيب" كما يحلو للإسرائيليين تسميتها. وتعود ملكية "جيرو" للشيف الإسرائيلي "روي نير"، وهو طاهٍ ساهم في نشر "المطبخ الإسرائيلي" في أوروبا.

فعلى مدار العقدين الماضيين، انتشرت المطاعم الإسرائيلية في معظم عواصم الغرب، إذ يمتلك مئات الطهاة الإسرائيليين مطاعم في مدن مثل نيويورك ولندن وباريس وبرلين وغيرها، ولا يقدمون فيها سوى الفلافل والحمص بوصفها أطباقا وطنية إسرائيلية، بل ويحصدون الجوائز الدولية على أطباق صنعها في الأصل الفلسطينيون قبل إنشاء دولة الاحتلال نفسها، علاوة على أطباق لبنانية وشامية وعربية عديدة.

 

"حرب الحمص".. محو الهوية الفلسطينية في المطابخ أيضا تروِّج المطاعم الإسرائيلية في أوروبا إلى أن الفلافل التي نشأت قبل وقت طويل من إنشاء تل أبيب نفسها على أنها "الوجبة الخفيفة الوطنية (الإسرائيلية)". (شترستوك)

حين انقضّت العصابات الصهيونية على كل شيء تركه الفلسطينيون عام 1948، كانت البيوت والحقول الفلسطينية على حالها، بل كان الطعام أحيانا لم يزل على المواقد. ولذا في اللحظات الأولى (3) أخضع المستوطنون الجدد ما عرفوه في بلدانهم الأصلية لقيود الثقافة الجديدة وأرضها وغذائها، لا سيما وقد كان المطبخ الفلسطيني غنيا بأصنافه (4)، وأشهرها المقلوبة التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر، وكذلك المسخَّن، علاوة على أطباق مُزجت فيها نكهات شامية ومصرية وعربية، وفقا لما ذكره (5) "سفيان مصطفى" في كتابه "الموسوعة الثقافية للمطبخ العربي".

مع أوائل الخمسينيات، التي وصل خلالها أغلب المستوطنين اليهود إلى دولة الاحتلال، تغيَّرت ثقافة الطهي لدى المحتلين الجدد جذريا، واتسع نطاق استيلائهم على كل ما هو فلسطيني إلى موروث الطهي بعناصره المختلفة من الفلافل والحمص والزعتر والكنافة وغير ذلك. وتذهب (6) مؤلفة كتب الطهي البريطانية "كلوديا رودن" للقول إن العديد من اليهود الأوروبيين الذين هاجروا إلى فلسطين "أرادوا نسيان طعامهم القديم لأنه ذكَّرهم بالاضطهاد". وقد كان الحمص أول طبق استولى عليه الإسرائيليون بعد النكبة حين وجدوه في البيوت التي هُجِّر أصحابها، فسرعان ما ادَّعى الإسرائيليون أنه طبق وطني إسرائيلي، حتى إنهم خصصوا يوما للاحتفال به.

"الطعام يتعلق بالذاكرة والهوية، إن ادعاء امتلاك طعام بوصفه طعاما محليا طريقة لتأكيد رواية أُمة ما عن نفسها. لقد صنع اليهود الإسرائيليون من الحمص طعاما خاصا بهم".

جيل هوفاف.. مؤلف كتب طهي إسرائيلي

نسب الإسرائيليون الشكشوكة التونسية والكبة العراقية إلى دولتهم وعدُّوها جزءا من المطبخ الإسرائيلي، الذي سرعان ما انتشرت مطاعمه في عواصم الغرب ومُدنه الكبرى. (شترستوك)

استخدمت (7) إسرائيل الحمص تحديدا أداة من أدواتها لاصطناع هوية وطنية على حساب الفلسطينيين، ولا يزال ذلك قائما إلى اليوم. على سبيل المثال، يقدم مطعم "بافل" (8) الإسرائيلي الأشهر في لوس أنجلوس أطباقا عديدة على رأسها طبق "حمص المَسابَحة" (Masabacha) الذي تعود أصوله إلى الفعل العربي "سَبَح"، وتروِّج المطاعم الإسرائيلية في أوروبا أن الفلافل التي نشأت قبل وقت طويل من دولة الاحتلال نفسها هي "الوجبة الخفيفة الوطنية (الإسرائيلية)". أما داخل الأراضي المحتلة فيشتري (9) السياح بطاقات بريدية على شكل خبز "بيتا" محشو بالفلافل مُرفق بعلم دولة الاحتلال وكأنه جزء من الرموز القومية، كما تُبتكَر طرق عديدة لتقديم "الفلافل الإسرائيلية" في الخارج، مثلما يفعل مطعم "مينت كيتشِن" (10) في مقاطعة مانهاتن الشهيرة بنيويورك، إذ يُقدَّم "سمك السلمون في قشرة الفلافل" المخبوزة في الطابون.

لم تقف مسيرة السطو الإسرائيلي على تراث المطبخ الفلسطيني والعربي عند هذا الحد، فبحلول الثمانينيات، دفعت الأزمة المصرفية التي مرَّت بها دولة الاحتلال نحو اتخاذ خطوات عدة من أجل تحرير اقتصادها، ومن ضمن ذلك الاستعانة بالعمال الفلسطينيين للعمل داخل الأراضي المحتلة. وقد خلق هذا الاحتكاك مع الفلسطينيين فرصة جديدة للمحتلين للتعرُّف على المزيد من الأكلات الفلسطينية، ومن ثمَّ اتخذ الاستيلاء على الطعام الفلسطيني بُعدا جديدا، بل وعُدَّ ثمرة للامتزاج بين "الشعبَيْن" وفقا للسردية الليبرالية داخل دولة الاحتلال. وقد نشأ المطبخ الإسرائيلي الجديد إذن على أنقاض أنواع مختلفة من المطبخ العربي الشرقي في العموم، وسرعان ما اعتمد أصنافا عديدة فلسطينية وعربية بوصفها طعاما إسرائيليا أصيلا طيلة العقود الأربعة الماضية. وعلى سبيل المثال، نسب الإسرائيليون الشكشوكة التونسية والكبة العراقية إلى دولتهم وعَدُّوها جزءا من "المطبخ الإسرائيلي"، الذي سرعان ما انتشرت مطاعمه في عواصم الغرب ومُدنه الكبرى.

لتبرير هذه السرقات الثقافية (11)، تُصِر دولة الاحتلال على أن الطعام الفلسطيني الذي تسميه في بعض الأحيان طعاما شرق أوسطي جاء مع اليهود الشرقيين قبل تأسيس دولة الاحتلال بقرون، بمعنى آخر ادعت تل أبيب أن الأطباق الفلسطينية صنعها يهود في الماضي البعيد بسبب تقاطع الثقافات بين المهاجرين اليهود والعرب في طريقة للتحايل على العُمر القصير لدولة الاحتلال، رغم أنها ادعاءات يسهُل تفنيدها بسهولة.

 

لندن المجنونة بالطعام الإسرائيلي لم يكتف الإسرائيليون بالاستيلاء على المطبخ الفلسطيني ونشره باسمهم في الغرب، بل وتوجَّهت مجموعة من الطهاة في السنوات الأخيرة نحو مدن عالمية أخرى امتزجت فيها الثقافات الشرقية والغربية. (شترستوك)

ضمن موجة "السطو" الإسرائيلية في أواخر الثمانينيات، ظهر الطاهي الإسرائيلي "إيال شاني" الذي بدأ مسيرته بتأسيس (12) مطعم "نورث ميزنون" في القدس المُحتلة عام 1989، ثم أصبح اسما مألوفا في دولة الاحتلال منذ ظهر في لجنة تحكيم النسخة الإسرائيلية من البرنامج التلفزيوني الشهير "ماستر شِف". وكغيره من الطهاة الإسرائيليين، حين أثبت شاني نفسه في الداخل، وسَّع سلسلة مطاعمه، وبدأ بباريس التي افتتح فيها مطعما عام 2013، ثم فيينا عام 2016، تليهما سنغافورة ومِلبورن، وأخيرا نيويورك، حتى صارت سلسلة مطاعمه إمبراطورية بأكثر من خمسين فرعا في كبرى مدن الغرب.

لم يكتفِ الإسرائيليون بالاستيلاء على المطبخ الفلسطيني ونشره باسمهم في الغرب، بل توجَّهت مجموعة من الطهاة في السنوات الأخيرة (13) نحو مدن عالمية أخرى امتزجت فيها الثقافات الشرقية والغربية، إذ توغَّل الطهاة الإسرائيليون بمطبخهم "الشرق الأوسطي" المزعوم من إسطنبول وموسكو إلى ليماسول ودبي. ولذا، في عام 2011، قررت حكومة (14) الاحتلال تكثيف جهودها من أجل تحسين صورتها عن طريق الثقافة، فبدأت بإرسال الفنانين والمغنين والرسامين وصانعي الأفلام، ثم جاءت فكرة إرسال الطهاة أيضا بُغية نيل الاعتراف بـ"المطبخ الإسرائيلي" المزعوم، رغم إصرار تل أبيب في الوقت نفسه على رفض توقيع الاتفاقية الدولية التي تحمي تسميات الجُبن وفقا للمناطق التي يُنتَج فيها.

أضحت هناك قائمة (15) طويلة من الطهاة الإسرائيليين الذين يمتلكون مطاعم ناجحة في مختلف عواصم العالم، ويحصدون الجوائز الدولية في الطهي الواحدة تلو الأخرى، مثل "عساف جرانيت" و"يوسي إلعاد" و"أوري نافون" وغيرهم، الذين أنشأوا سلاسل متنوعة من المطاعم مثل مطعم "بالومار" الذي فاز قبل أربع سنوات بلقب أفضل مطعم في لندن من قِبَل مجلة "جي كيو" الأميركية، وكذلك الطاهي "نير ميسيكا" القادم من مستوطنة "كريات موتسكين" (قرب مدينة حيفا)، الذي فاز مطعمه بلقب "أفضل مطعم جديد" في أميركا، وأيضا الطاهي "مايك سولومونوف"، صاحب سلسلة الفلافل "جولدي" ومطعم "زهف" (ذهب)، الذي فاز بجائزة "جيمس بيرد" للطعام الأميركي، ثم فاز عام 2017 بلقب "الشيف الاستثنائي".

 

مقاومة الطهاة الفلسطينيين

قبل أكثر (16) من خمسة عشر عاما، تحمَّست الطاهية الفلسطينية "ريم قسيس" لاستكشاف مدينة فيلادلفيا في الولايات المتحدة بعد أن قدمت لدراسة إدارة الأعمال في جامعة "بنسلفانيا" من القدس المحتلة. وعلى مدار رحلة اكتشافها للمدينة، ذهبت في أحد الأيام مع زملائها لتناول الطعام في مطعم افتُتح للتو، وبينما هي منبهرة بالأجواء من حولها، فوجئت بأن قائمة الطعام تضم الحمص والتبولة والفريكة (القمح الأخضر)، وهي أطعمة حملتها من أمها قبل أيام وهي تجهزها للسفر. ثم أتت المفاجأة الأكبر حين علمت ريم أن المطعم "إسرائيلي"، وأن الأطعمة التي تُقدَّم فيه تُنسَب للإسرائيليين، ومن ثمَّ قررت تغيير وجهتها المهنية في ذلك اليوم. كغيره من المطاعم الإسرائيلية التي سرعان ما وجدت قسيس نفسها محاطة بكمٍّ هائل منها، يُقدم المطعم الأطباق الفلسطينية والعربية لا أكثر ولا أقل.

انطلقت قسيس لمقاومة تلك "السرقة الإسرائيلية" الواضحة للتراث الفلسطيني، فأصبحت واحدة من أبرز الطهاة الفلسطينيين الذين حملوا على عاتقهم حماية المطبخ الفلسطيني، وإظهار حقيقة أن الطعام الذي تربَّى عليه الفلسطينيون لقرون قبل أن تنشأ "دولة إسرائيل" المزعومة شأنه شأن كل شيء سُلِب من الفلسطينيين بعد النكبة، وهي جهود تلقى صدى متزايدا في السنوات الأخيرة بسبب انفتاح اليسار الديمقراطي النسبي على القضية الفلسطينية وتزايُد داعميها في صفوف الديمقراطيين والليبراليين في الدول الغربية.

وقد قالت قسيس في مقال لها نُشِر في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية (17): "في محاولة لإنشاء دولة للشعب اليهودي وهوية يهودية جديدة في فلسطين التاريخية منذ أوائل إلى منتصف القرن العشرين، كان الطعام أحد العناصر المستخدمة لتحقيق الشعور بالقومية الإسرائيلية. لا يزال العديد من الإسرائيليين يعتبرون كلمة فلسطيني تهديدا لوجودهم". ولدعم قضيتها، تحرَّكت قسيس نحو تأليف كتب الطبخ، وكان باكورة أعمالها كتاب (18) "الطاولة الفلسطينية" الصادر عام 2017، ثم توسَّعت (19) بعد ذلك نحو تناول تاريخ الطهي متعدد الثقافات في العالم العربي، فأتى كتابها "مائدة الأرابيسك" توثيقا لجهودها.

كانت هذه المؤلفات جزءا من جملة (20) كتب طبخ شهيرة ألّفها طهاة فلسطينيون بالأساس لاستهداف الجمهور العالمي الذي أغرقته إسرائيل بالتزييف، إذ حرص هؤلاء على إظهار الطعام الفلسطيني الأصلي، مثلما ورد في كتاب "فلسطين على طبق"، وكتاب (21) "بلدي فلسطين: احتفالية طعام من الأرض إلى البحر" من تأليف "جودي كالا"، وكتاب "مطبخ غزة" للطاهية "ليلى الحداد"، وكتاب "زيتون" (22) لمؤلفته ياسمين خان.

في المجمل، يرى الطهاة (23) الفلسطينيون بوضوح محاولة إسرائيل الاستيلاء على الطعام الفلسطيني جزءا لا يتجزأ من المشروع الاستيطاني، ومن ثمَّ يشعرون أن من واجبهم مقاومة هذه الحملة الثقافية بالانخراط في جهود لاستعادة ملكية تلك الأطباق القديمة في قلب المدن الغربية الكُبرى التي نجح الاحتلال الإسرائيلي في اختراقها. وبالفعل عملت مجموعة (24) من الطهاة الفلسطينيين في أوروبا على نشر وصفات فلسطينية مثل المقلوبة أو المنسف لنشر ثقافة الطهي الفلسطينية إلى جمهور أوسع، ومواجهة دعاية تصنيفها أطباقا إسرائيلية.

رغم كل ذلك، يدرك الطهاة (25) الفلسطينيون أن هناك جملة من التحديات تعوق مسعاهم. ولا تقتصر هذه التحديات على تزايد شعبية الأطباق التي تحمل علامة إسرائيلية في الغرب، لا سيما مع الفروق الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة بين اليهود والفلسطينيين في الخارج، وإنما تشمل التحديات التي يواجهها كل ما هو فلسطيني في الغرب (26) إلى درجة أن الفلسطينيين يتعرضون للمضايقات أحيانا إذا فتحوا مطاعم تقدم المأكولات الفلسطينية في أوروبا وأميركا أو نشرا كتبا حولها، حتى إن بعض دور النشر البريطانية طلبت من الطاهية الفلسطينية "جودي كالا" تغيير اسم كتابها "فلسطين على طبق"، على اعتبار أنه بنظرهم لا وجود لفلسطين دون "إسرائيل".

بعد كل شيء بذله الطهاة الفلسطينيون، لا مفر من الوقوف أمام الواقع المرير الذي يتمثَّل في محدودية الإمكانيات التي يملكها الفلسطينيون عموما في أوروبا وأميركا وغيرها من مدن عالمية، إذ تظل محاولاتهم فردية في المقام الأول، في مقابل جهود دولة كاملة تسخرها تل أبيب دون عراقيل تُذكَر لسرقة الأرض الفلسطينية والطعام الذي عرفه أهلها، وهو تباين إنما يعكس معادلة التوازن الفلسطينية-الإسرائيلية بشكل أوسع.

لحُسن الحظ، ثمَّة وعي متنامٍ بالقضية الفلسطينية لدى تيارات ليبرالية ويسارية عديدة في الدول الغربية، ومن ثمَّ يمكن للجهود الفردية إن جرى تنسيقها أن تُحدِث أثرا ملحوظا لمقاومة إصرار الطهاة الإسرائيليين على "استعمار التذوق" بحسب وصف الطاهي (27) المقدسي "عز الدين بخاري"، وقد تستفيد تلك الجهود بالطبع من أي دعم مؤسسي وأهلي داخل فلسطين، وهي قضية يسهُل حشد الفلسطينيين وحكومتهم في الداخل والخارج من أجلها دون الانخراط في الخلافات السياسية المعتادة.

—————————————————–

المصادر:

(1) Israeli Cuisine Is a Big Hit in Europe. What’s Its Secret?

(2) المصدر نفسه

(3) How Shakshuka and Other Middle Eastern Dishes Turned Into Iconic ‘Jewish Food’

(4) Meet the chefs reinventing Palestinian cuisine

(5) المصدر نفسه

(6) The Rise of Palestinian Food

(7) Can a Jew cook Palestinian food without getting all political?

(8) Can a Jew cook Palestinian food without getting all political?

(9) Whose Falafel Is It Anyway?

(10) השגרירים של המטבח הישראלי בעולם

(11) المصدر نفسه

(12) Israeli celebrity chef Eyal Shani to open 150 eateries in Europe

(13) Israeli Cuisine Is a Big Hit in Europe. What’s Its Secret?

(14) Israel’s obsession with hummus is about more than stealing Palestine’s food

(15) השגרירים של המטבח הישראלי בעולם

(16) Here’s why Palestinians object to the term ‘Israeli food’: It erases us from history

(17) المصدر نفسه

(18) The Palestinian Table

(19) For This Palestinian Cook, The Kitchen Is A ‘Powerful Place’ — Not A ‘Life Sentence’

(20) ‘Palestine Is Not Just Geography, It’s How We Cook and Eat and Talk’

(21) How ‘Baladi’ Became the Star of Israeli Cuisine and a Key to Palestinian Identity and Resistance

(22) ZAITOUN

(23) The art of Palestinian cuisine: A journey from tradition to modernity

(24) The Palestinian and Levantine cuisine that Israel tries to appropriate

(25) The Rise of Palestinian Food

(26) Cultural plagiarism and food burglary.. How did Palestinian cuisine become a target for the Israeli colonial invasion?

(27) How ‘Baladi’ Became the Star of Israeli Cuisine and a Key to Palestinian Identity and Resistance

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دولة الاحتلال فی أوروبا فی الغرب تل أبیب ومن ثم التی ی

إقرأ أيضاً:

ضربة إسرائيل القوية التي وحّدت إيران

أصبح الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر على إيران أحد أبرز الضربات العابرة للحدود في تاريخ المنطقة الحديث. فالعملية، التي تجاوزت كونها استهدافًا لمنصات صواريخ أو منشآت نووية، شملت اغتيالات بارزة وهجمات إلكترونية معقدة. من أبرز تطوراتها اغتيال عدد من كبار القادة الإيرانيين، بينهم اللواء محمد باقري، وفي الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس القوة الجوفضائية أمير علي حاجي زاده.

هذه الاغتيالات تشكل أقسى ضربة تتعرض لها القيادة العسكرية الإيرانية منذ الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). ومع ذلك، فإن الهجوم يتجاوز كونه عملية عسكرية بحتة؛ فهو تجسيد لعقيدة سياسية بُنِيَت على مدى عقود.

رغم التصريحات الإسرائيلية التي تصف العملية بأنها إجراء استباقي لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، فإن المنطق الإستراتيجي العميق يبدو أكثر وضوحًا: زعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية وصولًا إلى انهيارها.

فلطالما اعتبر بعض الإستراتيجيين الإسرائيليين والأميركيين أن الحل الوحيد لاحتواء الطموحات النووية الإيرانية يكمن في تغيير النظام. وهذه الحملة تندرج في هذا التوجه القديم، لا فقط عبر الوسائل العسكرية، بل من خلال ضغوط نفسية وسياسية واجتماعية داخل إيران.

تُظهر التطورات الأخيرة أن العملية ربما صُمِمَت لإشعال شرارة انتفاضة داخلية. فالخطة مألوفة: اغتيال القادة، حرب نفسية، حملات تضليل، واستهداف رمزي لمؤسسات الدولة.

في طهران، أفادت التقارير بأن الهجمات الإلكترونية المدعومة إسرائيليًا والغارات الدقيقة أصابت مباني حكومية ووزارات، وعطلت مؤقتًا البث التلفزيوني الوطني؛ أحد أركان البنية الإعلامية للجمهورية الإسلامية.

في المقابل، تعكس التصريحات السياسية الإسرائيلية هذا المسار. ففي لقاءات مغلقة وتصريحات صحفية محددة، أقر المسؤولون بأن المنشآت النووية الإيرانية المحصنة عميقًا- بعضها مدفون لأكثر من 500 متر تحت جبال زاغروس والبرز- لا يمكن تدميرها دون تدخل أميركي مباشر باستخدام قنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات، التي لا تستطيع حملها سوى قاذفات B-2 أو B-52 الأميركية. وغياب هذه الإمكانات جعل القادة الإسرائيليين يقتنعون بأن وقف البرنامج النووي الإيراني لن يتحقق إلا بتغيير النظام.

إعلان

هذا السياق يمنح الأفعال العسكرية والسياسية الإسرائيلية بعدًا جديدًا. فبعد الهجمات، كثفت إسرائيل رسائلها الموجهة إلى الشعب الإيراني، ووصفت الحرس الثوري ليس كمدافع عن الوطن، بل كأداة قمع ضد الشعب.

وكانت الرسالة: "هذه ليست حرب إيران، بل حرب النظام." وقد ردد شخصيات من المعارضة الإيرانية في الخارج- كرضا بهلوي نجل شاه إيران السابق، ولاعب كرة القدم السابق علي كريمي- هذا الخطاب، مؤيدين الهجمات، وداعين إلى إسقاط النظام.

لكن يبدو أن الإستراتيجية حققت عكس ما كانت ترجوه. فعوضًا عن إشعال ثورة جماهيرية أو تفكيك الوحدة الوطنية، عززت الهجمات شعورًا عامًا بالتماسك الوطني عبر مختلف التيارات. حتى بعض المنتقدين التقليديين للنظام عبّروا عن غضبهم مما اعتبروه اعتداءً أجنبيًا على السيادة الوطنية. وتجددت في الوعي الجماعي ذكريات التدخلات الخارجية- من انقلاب 1953 بدعم الـCIA، إلى حرب العراق- مفجّرة ردة فعل دفاعية متأصلة.

حتى بين نشطاء حركة "المرأة، الحياة، الحرية"- التي أشعلت احتجاجات وطنية إثر مقتل مهسا أميني عام 2022 أثناء احتجازها- برز تردد واضح في دعم أي تدخل عسكري أجنبي. ومع انتشار صور المباني المدمرة وجثث الجنود الإيرانيين، تراجعت مطالب التغيير السياسي لصالح خطاب الدفاع عن الوطن.

وبرزت شخصيات عامة ومعارضون سابقون للجمهورية الإسلامية يدافعون عن إيران ويُدينون الهجمات الإسرائيلية. فقد صرح أسطورة كرة القدم علي دائي: "أفضل الموت على أن أكون خائنًا"، رافضًا أي تعاون مع الهجوم الأجنبي. أما القاضي السابق والمعتقل السياسي محسن برهاني فكتب: "أُقبّل أيادي جميع المدافعين عن الوطن"، في إشارة إلى الحرس الثوري وبقية القوات المسلحة.

ما بدأ كضربة عسكرية محسوبة ضد أهداف محددة، قد ينتهي بتعزيز النظام لا بإضعافه؛ عبر حشد وحدة وطنية وتكميم الأصوات المعارضة. فمحاولة صنع ثورة من الخارج قد لا تفشل فقط، بل قد تنقلب ضد من خطط لها.

وإذا كان الهدف النهائي لإسرائيل هو تحفيز انهيار النظام، فقد تكون قد قللت من شأن الصلابة التاريخية للنظام السياسي الإيراني، ومن قوة التماسك الذي يولده الألم الوطني.

وبينما تسقط القنابل ويُقتل القادة، يبدو أن النسيج الاجتماعي الإيراني لا يتفكك، بل يعيد نسج نفسه من جديد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • من هو سعيد إيزادي الذي أعلن الاحتلال الإسرائيلي اغتياله في طهران؟
  • ضربة إسرائيل القوية التي وحّدت إيران
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من الاستغلال الإسرائيلي للحرب لتعميق جرائم الاحتلال
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من تصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني
  • إسرائيل "تستعد" لخوض معركة طويلة ضد إيران
  • الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن “المنسق الرئيسي بين إيران وحركة الفصائل الفلسطينية الذي اغتيل في طهران
  • استشهاد (70) غزاويا من قبل إسرائيل أثناء محاولة حصولهم على الطعام
  • استشهاد (70) غزاويا من قبل إسرائيل أثناء حصولهم على الطعام
  • ‏وزير الدفاع الإسرائيلي: الجيش قتل قائد الوحدة الفلسطينية في الحرس الثوري سعيد إيزادي في غارة بإيران
  • وزير الاقتصاد الفلسطيني: عدوان إسرائيل يستهدف الإنسان والهوية والاقتصاد الوطني(فيديو)