مؤسسة بحثية أميركية: انتفاضة السويداء ستستمر حتى يتغير نظام الأسد
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
توقع تقرير نشرته المؤسسة البحثية الأميركية "المجلس الأطلسي" على موقعها الإلكتروني أن تستمر الانتفاضة الشعبية في محافظة السويداء السورية حتى يتغير نظام الرئيس بشار الأسد.
وتطالب الاحتجاجات الجماهيرية، التي تواصلت على مدار الأسبوعين الماضيين في المحافظة الواقعة جنوبي البلاد، بتنحي الأسد والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254)، الذي وضع خريطة طريق لعملية سلام في سوريا تتضمن تشكيل هيئة حكم انتقالية بكامل الصلاحيات.
وجاء في تقرير المجلس الأطلسي -وهو مؤسسة بحثية أميركية- أن النظام السوري تبنى سياسات اقتصادية "فاشلة"، وعجز عن تأمين احتياجات مواطنيه. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد الشعب السوري أن النظام الحاكم غير مهتم بإنفاذ حل سياسي يفضي إلى واقع جديد للسوريين، "واقع يسمح بإعادة الإعمار ورفع العقوبات".
وتعززت هذه القناعة بعدما تبين أن النظام يمنح عقودا تتيح لروسيا وإيران الوصول إلى موارد البلاد، في حين أن الشعب السوري يعاني.
أموال منهوبة
ووفقا لتقرير المؤسسة البحثية، فإن نظام الأسد والطبقة الحاكمة "غارقون في الأموال المنهوبة من الشعب من خلال شبكة عميقة من الفساد، الذي زاد طينه بلة تدمير البنى التحتية منذ اندلاع القمع العسكري الشديد في 2011".
وأعاد التقرير إلى الأذهان ممارسات النظام تجاه شعبه، مشيرا بوجه خاص إلى تهجيره ما يقرب من نصف سكان البلاد، وقتله مئات الآلاف، واعتقاله أكثر من 100 ألف.
ووقعت احتجاجات مماثلة في أجزاء أخرى من سوريا، لا سيما في درعا وإدلب والرقة ودير الزور وحلب. بل إن أصوات المعارضة من الساحل السوري -معقل النظام الرئيسي- تتعالى وتطالب علنا بالتغيير ورحيل الأسد.
تحريض
وأوضح المجلس الأطلسي في تقريره أن انتفاضة السويداء -التي ظلت تحت سيطرة الحكومة طوال سنوات ما بعد الثورة- قوبلت بتحريض من إعلام النظام على أهالي المحافظة، واتهامهم بالخيانة والتربح، "واستخدم النظام هذا التحريض على المتظاهرين لغرس الفرقة بين السوريين، وخلق ذريعة لاعتقالهم وربما الاعتداء عليهم مستقبلا".
وحسب التقرير، يخشى أهالي السويداء من أن يستخدم النظام المليشيات أو الجماعات التابعة له -مثل حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني- لقمع حركة الاحتجاجات مثلما فعلت سابقا في محافظات أخرى.
وتأتي الاحتجاجات الحالية في السويداء في مرحلة حساسة وحرجة بعد أن تبددت آمال السوريين في الغرب والدول العربية في إيجاد مخرج من الأزمة، بحيث من الواضح أن الأسد لم يبد اهتماما بالانخراط في المبادرة العربية أو أي حل سياسي، على الرغم من تطبيع علاقاته مع دول عربية مايو/أيار الماضي.
النظام غير مكترث
ولم يتخذ النظام أي خطوات لبناء الثقة، ولم يكترث لتداعيات قرار مجلس الأمن رقم 2254، ولم يلتزم بالعملية السياسية. بل على العكس من ذلك -في مقابلته الأخيرة مع سكاي نيوز عربية في التاسع من أغسطس/آب- بدا الأسد غير مبال بالسياسات المتهورة التي أدت بالبلاد إلى التفكك والانهيار الاقتصادي والاجتماعي.
ويمضي التقرير إلى القول إن الدول العربية تتحمل اليوم مسؤولية تاريخية لإعادة النظر في حساباتها، "كما عليها أن تتذكر أن دعم النظام السوري لن يجلب استقرارا للمنطقة، بل بالعكس ستستمر الأزمة وسيدفع الشعب السوري الثمن من دمه ورزقه".
وانتقد المجلس الأميركي المجتمع الدولي وحمّله مسؤولية الوضع الراهن في سوريا، لافتا إلى أنه لم يتعامل بجدية مع جرائم النظام، ولم ينجح في فرض حل سياسي أو وضع قرارات الأمم المتحدة موضع التنفيذ.
واعتبر الاحتجاجات "آخر بارقة أمل" للشعب السوري، و"اختبارا أخلاقيا للعالم".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
رئيس بعثة مفوضية شؤون اللاجئين في سوريا: 500 ألف لاجئ عادوا إلى البلاد منذ سقوط نظام الأسد
سوريا – أعلن رئيس بعثة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، غونزالو فارغاس يوسا، أن عدد اللاجئين الذين عادوا إلى البلاد منذ سقوط نظام الأسد بلغ نصف مليون شخص.
وأوضح فارغاس يوسا في لقاء خاص مع وكالة “سانا” أن سقوط نظام الأسد شكل فرصة تاريخية لمعالجة قضية اللاجئين والنازحين التي امتدت آثارها المؤلمة لأكثر من 14 عاما.
ولفت إلى وجود رغبة كبيرة لدى هؤلاء بالعودة إلى ديارهم بعد زوال السبب الرئيسي لابتعادهم، والمتمثل بالخوف من نظام الأسد وممارساته القمعية، مثل الاعتقال والتعذيب والتجنيد الإجباري، مشيرا إلى أن عدد العائدين بلغ حاليا نصف مليون لاجئ معظمهم من الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر.
وبين فارغاس يوسا أن المفوضية دعت منذ سقوط نظام الأسد إلى رفع العقوبات عن سوريا وأن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفعها إن تم تنفيذه بسرعة سيكون له أثر إيجابي كبير في دعم العودة الطوعية المستدامة والواسعة لملايين اللاجئين والنازحين السوريين الذين عانوا طويلا في الشتات.
وأوضح أن التحدي الأكبر حاليا أمام عودة اللاجئين هو الجانب الاقتصادي نظرا لحجم الدمار الذي طال مختلف مناحي الحياة خلال السنوات الأربع عشرة الماضية.
برامج المفوضية لدعم العائدينوأشار رئيس البعثة إلى أن البنية التحتية في سوريا تضررت بشكل كبير، وأن المفوضية تحاول أداء دورها في تقديم الدعم الأساسي وخصوصا للعائدين من اللاجئين والنازحين، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، مبينا أن المساعدات تشمل تقديم الدعم في مجال النقل للاجئين والنازحين من الفئات الأكثر ضعفا، حيث توجد فئة كبيرة منهم ولا سيما في الأردن ولبنان، ترغب بالعودة لكنها لا تملك حتى تكلفة السفر.
ولفت إلى أن المساعدات تتضمن برامج صغيرة لإصلاح أجزاء من المنازل المتضررة في ظل غياب الموارد المالية الكافية لإعادة إعمارها بالكامل، إضافة إلى برنامج جديد لتقديم مبالغ نقدية بسيطة للعائدين، لتغطية احتياجاتهم الأساسية خلال الأشهر الأولى من العودة، مع تقديم الدعم القانوني للحصول على الوثائق الرسمية، وهو أمر بالغ الأهمية من الناحية الأمنية والخدمية حيث تمكن تلك الوثائق العائدين من إثبات هويتهم، والوصول إلى الخدمات الأساسية.
ورأى فارغاس يوسا أن ما تقوم به المفوضية وحده لا يكفي، فما يضمن عودة الملايين من اللاجئين والنازحين واستقرارهم هو رفع العقوبات، وبدء مشاريع استثمارية واسعة النطاق، وتوفير البيئة القانونية التي تتيح للقطاع الخاص العمل داخل سوريا، موضحا أن هذه الإجراءات تتجاوز اختصاص المفوضية، وأن المانحين والمؤسسات المالية والحكومات يجب أن يسرّعوا بتقديم مساهماتهم في هذا المسار.
علاقات المفوضية مع الحكومة السوريةوأكد فارغاس يوسا أن العلاقة مع الحكومة السورية الحالية شهدت تطورا إيجابيا، وأن التعاون قائم بشكل جيد جدا مع وجود لقاءات ثنائية عديدة مع المحافظين في جميع أنحاء البلاد تهدف لتلبية الاحتياجات العاجلة للفئات الأكثر ضعفا، مشيرا إلى استعداد هيئات الأمم المتحدة لتقديم الدعم للحكومة في تطوير قدراتها المؤسسية مستفيدة من خبراتها الدولية.
واعتبر فارغاس يوسا أن للمجتمع الدولي دورا محوريا في دعم جهود الحكومة السورية لبناء مجتمع متماسك وشامل، مؤكدا أن العملية السياسية وإعادة الاندماج المجتمعي لا يمكن أن تنجح في ظل تدهور اقتصادي، فكلما زادت الاستثمارات، ووتيرة إعادة الإعمار، وتوفرت فرص العمل، يكون المجتمع أكثر قوة وتماسكا.
مخاطر الألغام وتراجع التمويل الدوليوحذر رئيس البعثة من أن الذخائر غير المنفجرة والألغام تشكل أحد أكبر العوائق أمام عودة اللاجئين والنازحين داخليا، مشيرا إلى ضرورة أن يحرز المجتمع الدولي بالتعاون مع السلطات السورية تقدما ملموسا في هذا الملف، إذ يقتل أو يصاب سوريون يوميا بسبب هذه المخاطر.
وحول عمل البعثة داخل سوريا، أوضح فارغاس يوسا أن الكثير من القيود التي فرضها نظام الأسد البائد أزيلت الآن، وهناك تحسن نسبي، حيث توفر المفوضية المأوى وتقوم بإصلاح بعض المنازل.
وصرح بأن الانخفاض الحاد في تمويل المانحين هذا العام سيجبر المفوضية على إغلاق 44% من أصل 122 مركزا مجتمعيا وتقليص عدد الموظفين بنسبة تقارب 30%، مشيرا إلى أن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تعاني من الظروف نفسها ما يعني أن عددا أقل من السوريين سيحصل على مساعدات إنسانية في عام 2025.
وحذر من أن انخفاض الدعم الدولي ستكون له آثار مدمرة على حياة السوريين حيث يرى موظفو المفوضية يوميا الآثار الإنسانية لهذا التراجع، وقد تكون له تداعيات سياسية، وخاصة أن التغيير السياسي الأخير خلق أملا كبيرا لدى السوريين.
الاعتداءات الإسرائيليةوفيما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية، قال رئيس البعثة “إن أي عمل من شأنه خلق حالة من عدم الاستقرار والخوف والقلق بين السوريين هو أمر سلبي للغاية وقد يسهم في تثبيط رغبتهم في العودة، سواء أكانوا لاجئين أم نازحين”.
هذا، وأوضح رئيس البعثة أن سقوط نظام الأسد وتولي جهة جديدة إدارة البلاد قوبل بترحيب واسع من قبل غالبية السوريين في الداخل والخارج، مبينا أن المفوضية أجرت مسحا بين ممثلي اللاجئين السوريين في المنطقة بعد الثامن من يناير حول نواياهم بشأن العودة، وكانت النتيجة أن نحو 80% منهم عبروا عن رغبتهم في العودة إلى بلدهم.
وأضاف أن عددا كبيرا من السوريين يمكن أن يعودوا خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يعكس مؤشرا قويا على التفاؤل الشعبي بالتغيير السياسي الذي شهدته البلاد، مشددا على أهمية أن تواصل الحكومة السورية جهودها لتطبيق رؤيتها في بناء مجتمع يحظى فيه الجميع بالاحترام والمساواة.
المصدر: سانا