لكي ينجح المرء في استثمار أمواله على نحو يتسم بالذكاء في الأوراق المالية، عليه أن يتسلح بقدرٍ كاف من المعرفة بأسلوب تحرك كل الأنواع المختلفة من الأسهم والسندات في ظل مختلف الظروف التي قد تتكرر في حياتهم مرة أخرى.

وما من عبارة أشد ما تنطبق على وول ستريت مثل التحذير الشهير الذي أطلقه "سانتيانا": "من لا يذكر الماضي فهو محكوم عليه بتكراره".

يختلف الذكاء في الأسواق المالية، عن ذلك المعروف لدى الناس بالعبقرية وحاصل التفكير العلمي، إذ إنه يعني بصورة أكبر التحلي بالصبر والنظام والرغبة في التعلم، كما أنه يتطلب كبح جماح عواطفك والتفكير بنفسك، ولهذا فإنه "صفة من صفات الشخصية، وليس العقل"، وفقاً لما ذكره بنيامين غراهام، مؤلف كتاب "المستثمر الذكي".

ولإثبات ذلك، فإن معدلات الذكاء المرتفعة والتعليم العالي لا يكفيان لصنع مستثمر ذكي، ففي عام 1998، خسر صندوق "لونغ تيرم كابيتال مانجمنت" – وهو صندوق حماية كانت تديره كتيبة من علماء الرياضيات والكمبيوتر واثنان من الاقتصاديين الحاصلين على جائزة نوبل، ما يزيد على ملياري دولار في غضون أسابيع فقط بسبب رهان على أن سوق السندات سوف يتعود إلى طبيعتها، ولكن ظلت سوق السندات على خلاف مع طبيعتها بل ازدادت تحركاتها شذوذاً؛ مما اضطر الصندوق لاقتراض قدر هائل من الأموال، وكاد انهياره يقوّض دعائم النظام المالي بأسره.

 وفي ربيع عام 1720 كان "إسحاق نيوتن" يمتلك أسهماً في شركة "ساوث سي" – أكثر الأسهم الإنجليزية رواجاً – ولكن لشعوره بأن حركة السوق قد بدأت تخرج عن السيطرة، وصف هذا الفيزيائي العظيم ذلك الموقف بقوله "إنني أستطيع حساب حركة الأجرام السماوية، ولكن لا يمكنني حساب جنون البشر"؛ لذلك قام نيوتن بالتخلص من أسهمه وحصل على ربح يصل إلى 100% بإجمالي 7000 جنيه إسترليني.

ولكن بعدها بعدة أشهر وبعد أن جرفه حماس السوق في تياره عاد "نيوتن" لشراء أسهم الشركة، ولكن بسعر أعلى مما جعله يخسر 20 ألف جنيه إسترليني (أي ما يعادل 3 ملايين دولار بأموال بداية الألفية)، وطوال حياته منع "نيوتن" أي شخص يتلفظ باسم "ساوث سي" في وجوده.

وبرغم الإجماع على عبقرية "نيوتن" ووصفه بأنه أكثر البشر ذكاءً في التاريخ القريب، إلا أنه لم يكن "مستثمراً ذكياً".

فعندما سمح لضجيج العامة بأن يعلو على صوت حكمته، فإن أعظم علماء العالم تصرف كالأحمق. تأسست شركة بحر الجنوب عام 1711، كانت في المقام الأول خطة لإدارة ديون الحكومة البريطانية.

وكان نيوتن من أوائل المستثمرين وحقق أرباحاً جيدة مع ارتفاع سعر أسهم بحر الجنوب على مدار العقد الأول من القرن الثامن عشر.

ومع ذلك، في عام 1720، شهدت أسهم الشركة واحدة من أكثر الارتفاعات والانخفاضات الأسطورية في التاريخ المالي.

وكان الهدف الأساسي من تأسيس شركة بحر الجنوب عام 1711 هو التعامل مع مشكلة مالية ملحة.

إذ كان لدى الحكومة البريطانية عدد كبير من الديون غير المدفوعة المتراكمة، إلى حد كبير من المقاولين الذين كانوا يزودون الجيش البريطاني خلال حرب الخلافة الإسبانية. وعرضت الحكومة على دائنيها أسهم بحر الجنوب، وهو منتج مماثل للأسهم في شركة حديثة.

ولم يعد السهم بالسداد الكامل للأموال المستحقة للدائنين، لكنه وعدهم بدفع الفوائد بشكل منتظم. تلقت شركة بحر الجنوب الأموال من الحكومة لدفع تلك الفائدة للدائنين.

كما احتكرت الشركة أيضاً التجارة البريطانية مع الساحل الغربي للأميركتين وجزء من الساحل الشرقي لأميركا الجنوبية، ومن هنا جاء اسم "شركة بحر الجنوب". واستفادت الشركة من بيع بعض البضائع البريطانية، والأهم من ذلك، من بيع الأفارقة المستعبدين.

أغرى المشروع المستثمرين بوعدهم بأن الأرباح من التجارة في البحار الجنوبية ستضيف سخاءً إلى مدفوعات الفائدة الخاصة بهم.

ثروة نيوتن وعلى الرغم من خسائر "نيوتن" الفادحة بسبب استثماره في شركة "ساوث سي"، والتي قدّرت بنحو 20 ألف جنيه إسترليني، إلا أنه عندما مات عام 1727، كانت ثروته تقدر بـ 30 ألف جنيه إسترليني، فضلاً عن دخله السنوي البالغ 3000 جنيه إسترليني والناتج عن راتبه كمدير صك العملة، ورئيس الجماعة الملكية البريطانية، واستثماراته في الأوراق المالية.

وكان عمر "نيوتن" في عام 1720 عندما انفجرت فقاعة "ساوث سي" 80 عاماً، ويعزو البعض خسائره إلى أنه كان قد تقدم في العمر بشكل كبير وحتى أن اكتشافاته العلمية كان قد مر عليها عقود، ولم تكن له أي أبحاث للعديد من السنوات بعد استقالته من جامعة "كامبريدج".

وباختصار، إذا كنت قد أخفقت في الاستثمار حتى الآن فليس السبب هو أنك غبي، ولكنك في ذلك، شأنك شأن "نيوتن" لم تكتسب الانضباط العاطفي الذي يتطلبه الاستثمار الناجح

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

اكتشاف لوحة فسيفساء ضخمة شمال غربي دمشق أثناء أعمال زراعية

عثر فلاح في مدينة قارة بريف دمشق على لوحة فسيفساء أثرية ضخمة، وذلك أثناء عمله في زراعة أرضه، وهو اكتشاف جديد يسلّط الضوء على الغنى الأثري للمنطقة الواقعة شمال غربي العاصمة السورية.

وقالت المديرية العامة للآثار والمتاحف إن معلومات وردت إليها حول وجود معالم أثرية غير اعتيادية في الموقع، مما دفعها إلى تشكيل فريق مختص أجرى أعمال كشف وتنقيب أولية في المكان، الذي يبعد نحو 15 كيلومترًا شمال غربي مدينة قارة، بالقرب من الحدود السورية اللبنانية، في منطقة تُعرف محليا باسم "القبو."

المديرية العامة للآثار والمتاحف في منشور لها عبر فيس بوك:

????بناء على معلومات وردت حول العثور على لوحة فسيفسائية أثناء قيام أحد المواطنين بالعمل في الأراضي الزراعية في محيط مدينة قارة في ريف دمشق

????تم تشكيل فريق أثري خاص للقيام بأعمال التنقيب الطارئة في الموقع الذي يبعد حوالي… pic.twitter.com/5eCpPVrvLq

— الإخبارية السورية (@AlekhbariahSY) December 13, 2025

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حارسة صينية تخطف الأنظار خلال زيارة السيدة الأولى الفرنسية في بكينlist 2 of 2إنقاذ طفل سوري "مدفون" تحت الصخور في تركياend of list

وبحسب المديرية كشفت أعمال التنقيب أن جزءا من اللوحة المكتشفة هي أرضية فسيفساء تحوي زخارف هندسية بألوان الأبيض والأسود والقرميدي، كما ظهرت على الجدار الجنوبي آثار طينة كلسية وبقايا رسوم فريسكو، كما تشير المعطيات الأولية إلى أن اللوحة وبقايا البناء تعود إلى الحقبة البيزنطية.

أهمية الموقع أثريا

وحسب وكالة الأنباء السورية فإن مدينة قارة والمناطق المحيطة بها تعد من المواقع الغنية بالآثار، إذ تضم شواهد تعود إلى عصور متعددة، مستفيدة من موقعها الجغرافي القريب من طرق التجارة القديمة، التي كانت تربط الداخل السوري بالساحل وبلاد لبنان.

كما أن هذا الاكتشاف دليل جديد على غنى المنطقة بالآثار التي تعود للعصور الكلاسيكية والرومانية والبيزنطية والإسلامية، بما يعكس عمق التاريخ الحضاري الذي تزخر به قارة ومحيطها.

إعلان

كما يأتي هذا الاكتشاف بعد أشهر قليلة من إعلان المديرية، في شهر مايو/أيار الماضي، العثور على لوحة فسيفساء أخرى في قرية مريمين بريف حمص الشمالي الغربي، بحيث ظهرت اللوحة أثناء حفر بئر، وجسدت نساء يعزفن على آلات موسيقية، وبلغ طولها أربعة أمتار و30 سنتيمترا وعرضها مترين.

مقالات مشابهة

  • اكتشاف لوحة فسيفساء ضخمة شمال غربي دمشق أثناء أعمال زراعية
  • أسعار الدولار تعاود الهبوط بأسواق بغداد وأربيل مع إغلاق البورصة
  • البورصة: شركة بلاك كاسبيان لوجيستكس هولدنج الإماراتية تتقدم بعرض استحواذ على أسهم «الإسكندرية لتداول الحاويات»
  • ديلي ميل: 100 مليون إسترليني من السعودية لخطف محمد صلاح
  • العراق ضمن “عمالقة الموارد” والسادس عالميا وشعبه فقير بسبب الفشل والفساد والخيانة
  • سباق نحو ثروة السماء.. من يملك كنوز القمر في عصر التعدين الفضائي؟
  • ارتفاع أرباح شركة القاهرة للأدوية بنسبة 93.2% خلال 3 أشهر
  • مجموعة مصر .. تعرف علي قوائم المجموعة الثانية فى أمم إفريقيا
  • صفقة غاز ضخمة.. تقرير إسرائيلي يتحدث عن زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى مصر
  • هبوط طفيف للجنيه الإسترليني أمام الدولار واليورو في الأسواق البريطانية