تطورات الضغوط الأمريكية على شركة «بلاك روك» بالانسحاب تدريجيًا من الصين
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
من المقرر قيام شركة بلاك روك BlackRock بالانسحاب تدريجيًا من الصين بعد ضغط شديد من حكومة الولايات المتحدة. وُعلم أنه سيتم إغلاق صندوق الأسهم المرنة الصيني التابع للشركة الأمريكية العملاقة في 7 نوفمبر المقبل، لأسباب استثمارية ارتأت الشركة- عابرة القارات- أنها قد تكون مقنعة من بينها انخفاض اهتمام المستثمرين وارتفاع التكاليف.
وتقول مصادر متابعة إن السياسة الأمريكية المتعلقة بالشأن الاقتصادي الخارجي، يدفع مبادئ النظام الاقتصادي الأمريكي المدافع عن الرأسمالية إلى التداعي، بعد اجتزاء المبادى وفق هوى ومصالح الحكومة الأمريكية التي تغافلت عن اتباع المبدأ الرأسمالي الشهير «دعه يعمل.. دعه يمر»، بل سحقته سحقًا عندما اتصل الأمر بأكبر اقتصاد منافس «التنين الصيني الشرس» وتاهت معه في براثن المصالح الخفية التي «تقوم الدنيا ولا تقعدها» بعدما ظهرت قوة اقتصادية مضارعة لها وقد تفوقها وتتفوق عليها في السنوات المقبلة، وهو ما لا تقبله الإدارة الأمريكية رغم أن اقتصادات معظم الدول منذ بداية الألفية الجديدة تعمل وفق النموذج الرأسمالي، ما يدفعها دفعًا للبحث عن تثبيط تلك القوى المنافسة بكيل الاتهامات لها ولبعض المؤسسات والشركات الأمريكية التي تعمل في الصين.
نجم بلاك روك يخفت في الصين بسبب سياسيتبدأ القصة من صناديق الاستثمار التابعة للعملاق الأمريكي عابر القارات شركة «بلاك روك» عندما أنشأت أول صندوق مشترك لها في الصين بعد أن جمعت أكثر من مليار دولار من 111 ألف مستثمر صيني وتوالى إطلاق الصناديق الاستثمارية في الصين لتصل إلى 5، حتى أصبحت أول شركة أجنبية سمحت لها الحكومة الصينية بتشغيل شركة مملوكة بالكامل في صناعة الصناديق المشتركة في الصين.
انطلقت شرارة الاتهامات حين كتب رجل الأعمال الأمريكي المثير للجدل جورج سوروس في صحيفة وول ستريت جورنال ووصف مبادرة بلاك روك في الصين بأنها «خطأ مأساوي» من شأنه أن «يضر بمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى»، مضيفًا أن تحويل بلاك روك مليارات الدولارات إلى الصين خطوة تعرض أموال العملاء وأمن الولايات المتحدة للخطر.
ورغم النمو الكبير الذي حققته تلك الصناديق الخمسة في السوق الصيني على مدى أكثر من عامين، إلا أنها واجهت تراجعًا طفيفًا خلال الأشهر الماضية بفعل القيود التي تفرضها الحكومة الأمريكية على الاقتصاد الصيني عمومًا وعلى شركة بلاك روك على وجه الخصوص بعد النجاح الهائل المحقق في الصين لتصل التهم الموجهة للشركة بأنها تساعد في تمويل الحكومة الصينية عبر الصناديق الخمسة التابعة لها هناك.
وأطلقت مجموعة أبحاث المستهلكين غير الربحية حملة إعلانية تنتقد علاقة شركة بلاك روك بالحكومة الصينية في أكتوبر 2021، وفي ديسمبر 2021 قيل إن شركة بلاك روك كانت مستثمرة في شركتين تم إدراجهما في القائمة السوداء من قبل حكومة الولايات المتحدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأويغور.
القائمة السوداء للحكومة الأمريكيةوفي أغسطس الماضي، أرسلت اللجنة المختارة بمجلس النواب الأمريكي رسائل إلى شركة الصناديق الأمريكية العملاقة في أوائل أغسطس الفائت، يطلبون فيها توضيحات بشأن ممتلكاتهم في هذه الشركات الصينية المدرجة في القائمة السوداء. وتستثمر صناديق بلاك روك في نحو 20 شركة صينية وصفها المشرعون الأمريكيون على أنها «تشكل مخاطر على الأمن القومي وتعمل ضد المصالح الأمريكية».
وتقول اللجنة إن شركة بلاك روك كانت تستفيد من الاستثمارات التي تساعد الجيش الصيني، أعقبها تدفقات كبيرة إلى الخارج في أربعة من الصناديق، حسبما تظهر بيانات مورنينج ستار Morningstar لشهر أغسطس.
وشهدت 4 من صناديق بلاك روك الخمسة التي أبرزتها اللجنة تدفقات خارجة في أغسطس، ثلاثة منها سجلت انخفاضًا كبيرًا بصافي التدفقات في أغسطس الماضي بنسبة 4.27% و 7.97% و 5.4%على الترتيب صندوق iShares MSCI للأسواق الناشئة المتداول بقيمة 21.6 مليار دولار أكبر تدفقات خارجة بـ 1.9 مليار دولار في أغسطس الماضي فقط، يليه تدفقات خارجة بقيمة 89 مليون دولار من صندوق iShares MSCI China ETF الذي تبلغ قيمته 7.6 مليار دولار وفقًا لـ «مورنينج ستار».
وأدى التقلب المستمر في سوق الأسهم وضعف أداء صناديق الأسهم في السوق إلى انخفاض كبير في شهية المستثمرين للمخاطر بالنسبة لاستراتيجيات الأسهم التي تركز على الصين من مختلف الأسواق. وشهدت الصناديق المشتركة التي تركز على الصين تدفقات خارجية بقيمة 647 مليون دولار في الربع الثاني من هذا العام، مقارنة بتدفقات صافية داخلة قدرها مليار دولار إلى الأسواق الناشئة، وشهدت أكبر 10 صناديق استثمار مشتركة تركز على الصين تقلص أصولها بنسبة 40% منذ عام 2021.
من هي بلاك روك؟هي أكبر شركة في العالم لإدارة المخاطروالأصول المؤسسية ذات الدخل الثابت في العالم تأسست عام 1988 في مدينة نيويورك الأمريكية، وتدير أصولاً بنحو 15 تريليون دولار ولديها عملاء في أكثر من 100 دولة، وتعد من كبار المساهمين في قطاعات صناعة الطيران بوينغ وإيرباص، والنفط، شركات التعدين، المياه الغازية كوكاكولا وبيبسي، صناعة الصلب، الطاقة المتجددة، شركات الأدوية، التبغ، مواقع التجارة الإلكترونية، صناعات السيارات والسلاح وكبار شركات التأمين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أمريكا الصين حكومة الولايات المتحدة السياسة الأمريكية أمريكا والصين أخبار الصين بلاك روك النظام الاقتصادي القائمة السوداء شرکة بلاک روک ملیار دولار بلاک روک فی فی الصین فی أغسطس
إقرأ أيضاً:
1800 شركة أمريكية تضخ 47 مليار دولار في السوق المصرية.. خبير يوضح هذه الشراكة الإستراتيجية
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والسعي المتواصل من الحكومة المصرية لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التبادل التجاري، جاءت تصريحات المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، لتسلط الضوء على سلسلة من الإجراءات الجادة التي تتخذها الدولة لدعم الصناعة الوطنية وتوطيد العلاقات الاقتصادية مع الشركاء الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية. المنتدى الأخير لقادة الأعمال المصري الأمريكي لم يكن مجرد فعالية رسمية، بل منصة فاعلة اتخذت فيها قرارات عملية لتعزيز بيئة الاستثمار ورفع تنافسية السوق المصرية.
مراجعة الإجراءات الجمركية لتيسير حركة التجارةأوضح المستشار الحمصاني خلال مداخلته الهاتفية مع الإعلامي أحمد موسى، في برنامج "على مسئوليتي"، أن الحكومة تراجع كافة الإجراءات التي قد تمثل عبئًا على المستوردين، في خطوة تهدف إلى تسهيل حركة التجارة، لاسيما مع الولايات المتحدة، أحد أكبر الشركاء التجاريين لمصر. وشدد على أهمية تقليص مدة الإفراج الجمركي في الموانئ لتصل إلى يومين فقط، بهدف تسريع وتيرة التداول وتسهيل دخول السلع الأساسية إلى السوق المحلي.
شهادات الحلال على طاولة الإصلاحوفي إطار تحسين مناخ التجارة والاستيراد، أشار الحمصاني إلى أن الحكومة بصدد إعادة النظر في الرسوم المفروضة على شهادات الحلال، خصوصًا فيما يتعلق باللحوم الواردة من الخارج. كما أعلن عن إلغاء شرط شهادات الحلال على منتجات الألبان ومشتقاتها، مؤكدًا أن وزارة الزراعة تعمل على تنويع وزيادة عدد الجهات المخولة بإصدار هذه الشهادات، بما يساهم في تخفيف الأعباء وتقليل التكاليف على المستوردين دون الإخلال بالمعايير الدينية.
فتح السوق أمام السيارات الأمريكيةوفي ملف الصناعة، كشف الحمصاني عن مراجعة القيود السابقة التي كانت تعوق دخول السيارات الأمريكية ذات مواصفات خاصة إلى السوق المصرية. وأكد أن الحكومة أزالت هذه العوائق بهدف دعم صناعة السيارات الكهربائية وجذب الاستثمارات الأمريكية في هذا القطاع الحيوي، مشيرًا إلى أن السوق المصرية باتت مفتوحة أمام المركبات الأمريكية، وهو ما يعكس توجه الدولة لتوطين صناعات تكنولوجية مستقبلية تواكب التحولات العالمية.
أرقام تعكس الثقة الدوليةبحسب الحمصاني، تعمل نحو 1800 شركة أمريكية في مصر بإجمالي استثمارات تبلغ 47 مليار دولار، موزعة على قطاعات استراتيجية مثل الصناعة، والطاقة، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي. هذا الرقم ليس مجرد إحصاء، بل شهادة حقيقية على الثقة التي تحظى بها السوق المصرية لدى المستثمر الأمريكي، والفرص الواعدة التي تتيحها بيئة الأعمال في البلاد.
ثقة عالمية في الاقتصاد المصري
اعتبر الدكتور هاني الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، أن هذه الأرقام تعكس ثقة متزايدة من قبل المستثمرين الأمريكيين في الاقتصاد المصري، لاسيما في ظل الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة التي نفذتها الحكومة. وأوضح أن هذه الشركات تسهم في دفع عجلة الاقتصاد من خلال ضخ رؤوس أموال جديدة وتوسيع الأنشطة الإنتاجية.
فرص عمل ونقل تكنولوجياوجود الشركات الأمريكية في السوق المصري لا يقتصر على ضخ الأموال فقط، بل يشمل أيضًا نقل الخبرات والتكنولوجيا الحديثة، مما يرفع من كفاءة القوى العاملة المحلية، ويُحدث نقلة نوعية في بيئة الأعمال. كما تسهم هذه الشركات في خلق آلاف فرص العمل، مما يساعد في تقليل معدلات البطالة وتحسين مستوى المعيشة للمواطن المصري.
دعم الصادرات وتعزيز التنافسيةأشار الشامي إلى أن هذه الاستثمارات تُسهم في تعزيز القدرة التصديرية لمصر، لاسيما في ظل اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط مصر بعدة تكتلات دولية. وقد ارتفعت صادرات مصر إلى الولايات المتحدة بنسبة 12.8% خلال عام 2024، في دلالة واضحة على تحسن جودة وتنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
محفز للنمو وتحقيق رؤية مصر 2030أكد الشامي أن الاستثمارات الأمريكية تلعب دورًا رئيسيًا في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز أهداف التنمية المستدامة ضمن رؤية مصر 2030. فهي ترفع من الناتج المحلي الإجمالي، وتُدخل عملات أجنبية إلى السوق المحلي، وتقلل الضغط على احتياطات النقد الأجنبي، مما يعزز من استقرار العملة الوطنية ويزيد من جاذبية السوق المصرية أمام المستثمرين الدوليين.
زيارة أمريكية تؤكد عمق الشراكةزيارة الوفد الأمريكي الأخيرة إلى القاهرة جاءت بمثابة رسالة سياسية واقتصادية مزدوجة، بحسب الشامي، إذ تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وتعزز فرص التعاون في المستقبل، خاصة في ظل وجود أرضية استثمارية قوية متمثلة في الشركات الأمريكية الـ1800 العاملة بمصر.
مستقبل واعد لشراكة اقتصادية متناميةالاستثمارات الأمريكية في مصر لم تعد فقط مؤشرًا اقتصاديًا، بل أصبحت عنصرًا فعالًا في تعزيز التنمية ودفع عجلة الاقتصاد الوطني. ومع استمرار هذه الشراكة وفتح آفاق جديدة للتعاون، تبقى مصر وجهة واعدة للاستثمارات العالمية، ومستفيدة من علاقاتها الاستراتيجية مع قوى اقتصادية كبرى كالولايات المتحدة. ومع التزام الجانبين بتعميق التعاون، يبدو المستقبل أكثر إشراقًا لاقتصاد مصري يعيد رسم خريطته الاستثمارية بثقة.