خطابات الحرب.. والتقسيم الوهمي
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
manasathuraa@gmail.com
منصة حرة
التسجيل الصوتي الأخير لقائد ومالك الدعم السريع حميدتي (المختفي).. لا يعدو كونه مجرد خطاب حرب.. والتهديد بإعلان عاصمة للدعم السريع في الخرطوم هو تهديد حرب، لأنه بكل بساطة الدعم السريع ليس له ذراع سياسي أو كوادر سياسية ليقودوا دولة عمليًا.. فقط هناك بضع مستشارين على شاشات القنوات يعيدون تكرار ذات الأحاديث، ولو فرضنا جدلًا أن حميدتي أعلن نفسه رئيسًا، فهو ليس له إمكانيات دولة أو قدرات حاكم أو حتى شرعية للحكم.
من جانب آخر الجيش يواصل عملياته العسكرية ولا يخطط لأي عمليات تفاوض، بل اليوم البرهان يسجل زيارته الدولية السادسة ليثبت للعالم أن هناك دولة وجهاز دولة وجيش قومي، وأن الدعم السريع وحدة من وحدات الجيش تمردت على القيادة وخرقت قانون تكوينها وخالفت التعليمات.. كما ينتظر انهيار معنويات قوات الدعم بعد نفاذ المؤن والذخيرة.. فالدول التي تدعم الدعم السريع لن تواصل دعمها من أجل معركة خاسرة، وكان هدفها ومخططها الانتصار السريع والخاطف على جيش ضعيف ومنهار، ولكن قد تنتظر هذه الدول انتصارًا قد يطول لسنوات.. وحروب دارفور وجنوب السودان تشهد.. أما الجيش فهو يستخدم إمكانيات دولة كاملة ويمثل الشرعية حتى اللحظة.. وهذا يسجل نقطة تفوق كبيرة في موازين الحرب.
الخلاصة.. واقعيًا اليوم هناك دولة واحدة، وبأي حال من الأحوال حتى لو سيطر الدعم على القيادة العامة وسلاح المدرعات.. ستصبح الخرطوم هدفًا للعمليات العسكرية وستستمر الحرب، إلى أن يجلس الطرفان في عملية تفاوضية؛ نرى أنها بدأت تفقد منطقها وأهدافها.. فالدعم السريع لن يقبل بمفاوضات تلغي وجوده كقوات تتبع لآل دقلو، والجيش قطعًا لن يرضخ لوحدة مشاة عسكرية تمردت على قيادته وخرقت قانونها، وفي المقابل القوى السياسية لن تقبل بانتصار أي طرف باعتبار هذا الانتصار هو بداية لحكم جديد يقصي القوى السياسية، وهناك طرف مهم جدًا هو الشعب السوداني الذي فقد الثقة في الجيش والدعم وبدأ يفقد ثقته بقدرة الأحزاب في الحكم.. فهو لا يريد انتصارًا يؤسس لحكم عسكري أو مفاوضات تعيد الأحزاب المتشاكسة للحكم.. ولكن في ذات الوقت سكان الخرطوم يريدون العودة إلى منازلهم المحتلة واستعادة أموالهم المنهوبة، وقد يسأل سائل أين "الفلول"، وهنا أقول إنهم مجرد أدوات يتم تحريكها لإثراء الخطابات وإضفاء شرعية للحرب، فالفلول اليوم لا وجود فعلي لهم سوى بين الأجندة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال شرعنة الحرب للقضاء عليهم، وستظل الشرعية الوحيدة للنضال ضدهم هي "السلمية".
أما قصص الاحتلال والدولة الأجنبية التي تريد تأسيس دولة جديدة في السودان على أنقاض سودان 56، فهذه قصص من وحي الخيال، نعم هناك أجانب وهناك تدخل أجنبي، ولكن ليس لهم تأثير يذكر، فالسودان سيظل هو السودان، والشعب السوداني سيظل هو الشعب السوداني الذي سيناضل من أجل سودان حر ديمقراطي يسع الجميع، وسيواصل في إسقاط الدكتاتوريات ويقبر الفاسدين والمتجبرين في مقبرة التاريخ.. وسيستمر في طريقه وذاكرته تذخر بكل هؤلاء الذين عطلوا التنمية ونهبوا الأموال وكذبوا على الشعب وقتلوا الأبرياء وأشعلوا الحروب العبثية.. وقريبًا سينفذ صبره، وحينها جميعهم سيسقطون كما سقط البشير ومن قبله نميري وعبود.
وعن قصص التقسيم وما أدراك، نقول؛ إن التقسيم الحقيقي للسودان ليس بإعلان الجيش عاصمة في بورتسودان أو الخرطوم أو إعلان الدعم السريع عاصمة في الخرطوم أو الجنينة.. فالتقسيم الحقيقي موجود أصلًا ومتجذر في تعاملنا وسلوكنا وأحاسيسنا تجاه بعضنا.. وما يحدث ما هو إلا تجليات لهذا الواقع.. جنوب السودان انفصل ليس لأنه حمل السلاح ضد الأنظمة في الخرطوم فجيش التحرير لم ينتصر.. لا.. بل انفصل الجنوب لأننا أردنا له أن ينفصل، واجتهد بعضنا وناضل من أجل هذا الانفصال، وبعضنا هذه تشملنا جنوبًا و"شمالا".
ولنعلم جيدًا.. السودان دولة فاشلة والنخب الحاكمة فاسدة منذ ما عرف بالاستقلال.. وسبب الفشل والفساد، لكونها دولة تابعة لا تملك قرارها ولا تملك ثرواتها، وشعبها لا يحكمها. ويجب أن تكون هناك دولة في الأول قبل أن نتحدث عن تقسيمها..
#حبا_وودا
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع فی الخرطوم
إقرأ أيضاً:
بالتزامن مع تجديد البعثة الأممية في السودان .. اتهامات لمصر بدعم الجيش و الإسلاميين
كشفت مسؤولة بمركز «العدالة الجندرية وتمكين المرأة» د. أميرة هالبرين، أثناء مخاطبتها جلسة مجلس حقوق الإنسان، عن دعم عسكري كبير تقدمه مصر للجيش السوداني وللإسلاميين في البلاد.
الخرطوم ـــ التغيير
وأكدت د. هالبرين وجود دعم عسكري كبير تقدمه مصر للجيش السوداني وللإسلاميين في السودان، و أعتبرت أن هذا الدور «المصري» المباشر يعد انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان، خاصة مع إثبات تقارير سابقة استخدام الجيش للأسلحة الكيماوية.
و جدد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسته أمس، ولاية بعثة تقصي الحقائق في السودان لعام إضافي، في قرار اعتمد وأثار اعتراضاً من حكومة بورتسودان التي اعتبرته «تعدّياً على سيادة الدولة». وكان قد أيدت القرار، الذي أيّدته دولة ورفضته 11 دولة (من بينها السودان)، و صدر التمديد للبعثة وسط اتهامات دولية بـ«جرائم حرب» ارتكبها طرفا النزاع.
إدراج الإنتهاكات ضمن البند العاشرووفقاً للتصريحات المتداولة، أكدت د. هالبرين أن مصر قامت بنقل السلاح الكيماوي الإيراني إلى الجيش وللإسلاميين، وساهمت في تسليح جماعة «البراء بن مالك» المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات مؤخراً. وقالت هالبرين إن ما يقارب 8 مليارات دولار من ذهب السودان تم تهريبها إلى مصر خلال العامين الماضيين، إضافة إلى اقتطاع 6 مليارات متر مكعب من مياه نهر النيل من حصة السودان المائية، مشددة على ضرورة إدراج هذه الانتهاكات تحت البند العاشر لحماية حقوق الإنسان، وموضحة أن مدينة بورتسودان قد تحولت اليوم إلى مصدر للسلاح والإرهاب. ورغم اعتراض ممثل حكومة بورتسودان على ما ورد في هذا التقرير، سمحت رئيسة الجلسة باستمراره.
وكانت قيادات قوات الدعم السريع قد وجهت مراراً اتهامات لمصر بدعم الجيش السوداني بالطائرات والأسلحة، وهو ما نفته الخارجية المصرية بشكل قاطع.
يُذكر أن القرار الأممي أدان بشكل قاطع استمرار النزاع، وأعرب عن قلق المجلس إزاء استنتاجات البعثة التي أفادت بوجود «أسباب معقولة للاعتقاد» بأن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ارتكبا انتهاكات للقانون الدولي «قد ترقى إلى جرائم حرب»، وبأن قوات الدعم السريع ارتكبت أيضاً «جرائم ضد الإنسانية».
طالب القرار بـ«وقف فوري لإطلاق النار»، وإنشاء آلية مستقلة لمراقبته، وإصلاح البنية التحتية، والتوصل إلى حل تفاوضي للنزاع. كما أدان القرار جميع أشكال التدخل الخارجي التي تؤجج النزاع، مطالباً بضرورة احترام سيادة السودان وسلامة أراضيه ووقف الدعم المادي لطرفي الحرب. في المقابل، رحبت قوى سودانية معارضة لسيطرة الجيش، مثل «التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة – صمود» و«محامو الطوارئ»، بقرار تمديد ولاية البعثة.
الوسوماتهامات لمصر الأمم المتحدة الإسلاميين بعثة تقصي الحقائق بشأن السودان تهريب الذهب د. أميرة هالبرين دعم الجيش