رحب وزراء ومسؤولون بعودة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي سالماً إلى أرض الوطن، بعد أن أنجز بنجاح أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب.

وقالوا إن النيادي مصدر إلهام وفخر واعتزاز للدولة وللشباب العربي وأجيال المستقبل. وقالت سارة الأميري، وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة، رئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء «فخورون بالإنجاز الكبير لرائد الفضاء الإماراتي، سلطان النيادي، الذي يعود إلى أرض الوطن، بعد مهمة نوعية وناجحة على متن محطة الفضاء الدولية، التي تعكس بقوة إمكانات شباب الإمارات وريادتهم وقدراتهم في النهضة بهذا القطاع الحيوي وضمان استدامته، وبما يتماشى مع التزام الدولة الراسخ وتطلعاتها الاستراتيجية المستقبلية للنهضة بجميع القطاعات والتخصصات ذات الصلة، وبما يدعم رؤية الخمسين عاماً المقبلة، والخطط الوطنية للتنمية الشاملة في مسيرتنا نحو مئوية الإمارات 2071».

وتابعت «هذه المهمة جسدت بقوة رؤية دولة الإمارات وريادتها في الفضاء والمهمات البشرية والمجال العلمي والتكنولوجي، لتعبّر عن قدراتنا الكبيرة في قيادة مسيرة النهضة الفضائية في المنطقة. إن وراء كل إنجاز عظيم، جهوداً حثيثة، ودعماً لا يتوقف من قيادتنا الرشيدة في كل المجالات، خصوصاً قطاع الفضاء، ونأمل بأن يستمر التطور والتقدم في القطاع، وليكن هذا الإنجاز مسيرة مستمرة لسلسلة من الإنجازات، ومحطة ملهمة لتحقيق مسيرة الوطن وتطلعاته نحو المستقبل».

الصورة

إنجازات تاريخية

رحب الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، بعودة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي سالماً إلى أرض الوطن، بعد أن أنجز بنجاح أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب.وقال: إنه بفضل الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة، نجح سلطان النيادي وفريق العمل الإماراتي في تحقيق إنجازات تاريخية سُجلت بأحرف من نور باسم الدولة في سجلات قطاع الفضاء العالمي؛ إذ أصبح النيادي أول رائد فضاء عربي ينجز بنجاح مهمة السير في الفضاء خارج محطة الفضاء الدولية، علاوة على إكمال السلسلة التحضيرية لتركيب عدد من الألواح الشمسية على المحطة، وعزز هذا النجاح ريادة الإمارات عالمياً في قطاع الفضاء؛ إذ أصبحت الدولة العاشرة عالمياً في مهمات السير في الفضاء خارج المحطة الدولية.

وأضاف: أسهمت مهمة النيادي في تطوير المسارات العلمية والتكنولوجية في الدولة، بإجرائه نحو 200 تجربة علمية في مختلف المجالات، استغرقت نحو 585 ساعة، مشيراً إلى أن نجاح هذه المهمة، أثبت أن أبناء دولة الإمارات بإلهام ودعم القيادة الرشيدة لا يعرفون المستحيل، وعازمون على مواصلة تحقيق الإنجازات.

فصل مشرق

قال المستشار علي محمد البلوشي النائب العام لإمارة أبوظبي: «نهنئ دولة الإمارات العربية المتحدة، بتحقيق «طموح زايد 2»، الذي تمثل في الإنجاز الاستثنائي لرائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، بعد نجاح أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب لدعم البحوث العلمية في مجال الفضاء، ليسطر بذلك فصلاً جديداً مشرقاً في تاريخ الإمارات».

وأضاف:«إنجازات متوالية يحققها أبناء الوطن في ظل الدعم والرعاية من القيادة الرشيدة، التي تستشرف المستقبل برؤى حكيمة تمهد السبل لمواصلة مسيرة الريادة والتميز على المستوى العالمي، اعتماداً على العلم والمعرفة».

أطول مهمة

قال المستشار يوسف سعيد العبري، وكيل دائرة القضاء في أبوظبي: «نبارك لدولة الإمارات، الإنجاز التاريخي الذي حققه رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، عقب إتمام أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب «طموح زايد 2»، وعودته سالماً إلى أرض الوطن».

وأكد أنه إنجاز جديد يضاف إلى مسيرة دولة الإمارات وجهودها في دعم البحث العلمي واستكشاف الفضاء.

فائدة عظيمة

قال سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب، الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي: «أتقدم بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى القيادة الرشيدة، لعودة رائد الفضاء سلطان النيادي، بسلامة الله، إلى أرض الوطن بعد إتمامه مهمة «طموح زايد 2»، أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب.

وأضاف أن المهمة ستعود بالفائدة العظيمة على مجتمع البحث العلمي، على الصعيدين الإقليمي والعالمي، فضلاً عن إلهام ملايين الشباب العربي للإسهام الإيجابي في مسيرة البشرية العلمية والحضارية، وإذ نتقدم بالتهنئة لرائد الفضاء سلطان النيادي لعودته، بسلامة الله إلى أرض الوطن، فإننا نهنئ أنفسنا بقيادة تمتلك رؤية استشرافية واستراتيجية واضحة، لترسيخ مكانة الدولة في قطاع الفضاء، من خلال الاستثمار في أبناء وبنات الوطن، وتمكين الشباب من المشاركة في مهام استكشاف الفضاء، والبحث العلمي وتوفير البيئة المحفزة لشباب الوطن للإبداع والابتكار، وتحقيق الريادة والتميز.

فرحة غامرة

قال سالم بطي سالم القبيسي، مدير عام وكالة الإمارات للفضاء: بفرحة غامرة واعتزاز، نستقبل اليوم رائد الفضاء الإماراتي، سلطان النيادي، الذي أنهى مهمة عربية نوعية على متن محطة الفضاء الدولية، والتي شكلت خطوة رائدة تضاف إلى العديد من النجاحات والإنجازات لدولة الإمارات في مجال الفضاء، وتمثل نقطة تحول في التاريخ العلمي للوطن. وأضاف أن هذه المهمة التي استمرت لستة أشهر، شكلت فرصة مهمة لتبادل واكتساب الخبرات والمعرفة والتعاون مع الأمم المختلفة، لدعم مسيرة البحث العلمي والاستكشاف الفضائي، كما أظهرت للعالم مدى التقدم والابتكار الذي تحققه دولة الإمارات يوماً بعد يوم في جميع المجالات والقطاعات.

إنجاز تاريخي

هنأ محمد سيف السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، القيادة الرشيدة وحكومة وشعب دولة الإمارات، بمناسبة عودة رائد الفضاء سلطان النيادي سالماً إلى أرض الوطن، بعد قضاء أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب.

وقال: إن هذه المهمة تسجّل كإنجاز تاريخي غير مسبوق يضاف إلى سجل الإنجازات الحافلة لدولة الإمارات في مجال استكشاف الفضاء، ويؤكد هذا الإنجاز الاستثنائي، ثقة القيادة الرشيدة بقدرات شباب الوطن الذين لا يعرفون المستحيل.

مصدر فخر

أكد المهندس عويضة مرشد المرر، رئيس دائرة الطاقة بأبوظبي، أن الإنجاز الذي حققه رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، يعد تاريخياً في سجل النجاحات الإماراتية المتواصلة في عالم الفضاء، تحت ظل قيادتنا الرشيدة.

وأضاف: نحتفل اليوم بعودة ابن الإمارات سلطان النيادي إلى أرض الوطن، بعد أن حقق الإنجاز الفضائي العربي الأول من نوعه بالبقاء لستة أشهر في محطة الفضاء الدولية، كما يعد النيادي مصدر إلهام وفخر واعتزاز للدولة وللشباب العربي وأجيال المستقبل.

وهنأ القيادة الرشيدة على هذا الإنجاز التاريخي، مؤكداً أنه بسواعد أبناء الوطن، ستواصل دولة الإمارات مسيرتها الناجحة نحو المزيد من الإنجازات العالمية والنوعية في مجال الفضاء من خلال المشروع الإماراتي العظيم «طموح زايد».

ملامح جديدة

قال محمد أحمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد: «فخورون بعودة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي سالماً إلى الأرض ليسطر إنجازاً تاريخياً جديداً ويرسم بخبراته التي اكتسبها ملامح مرحلة جديدة تعكس قدرات وإمكانات الكوادر الوطنية في قيادة الطريق نحو تحقيق النهضة التنموية الشاملة خلال الخمسين عاماً المقبلة في العديد من المجالات والقطاعات، إلى جانب ترسيخ مكانة الإمارات في مصاف الدول الكبرى، وتعزيز دورها الإيجابي والبنَّاء في دعم واستدامة الحضارة الإنسانية».

وأضاف أن سلطان النيادي يجسد اليوم روح الإصرار والتفوق، ويقدم للشباب العربي النموذج والقدوة المتفردة والمثلى في الطموح والنجاح، كما يُظهر للعالم أجمع أن الحدود والقيود لا تعتبر إلا تحديا مؤقتاً يمكن تجاوزه بالإرادة والتفاني والإمكانات التي توفرها الدول لأبنائها.

سعيد الرقباني

سعيد الرقباني: نجاح لقيادة الإمارات

أكد سعيد بن محمد الرقباني المستشار الخاص لصاحب السمو حاكم الفجيرة، أن الإنجاز الكبير الذي حققه رائد الفضاء سلطان النيادي نجاح لدولة الإمارات العربية المتحدة، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهم الحكام، فلولا إيمان قيادة بلادنا بقدرات شبابنا لما ذهبوا بهم إلى الفضاء لسبر أغواره، والوقوف إلى جانب الدول المتقدمة في هذا المجال.

وقال الرقباني: اليوم تحقق طموح والدنا ومؤسس دولتنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي حلم منذ عشرات السنوات أن يكون لأبناء الإمارات بصمة في عالم الفضاء كبقية الدول الكبيرة، واليوم ليس لنا بصمة فحسب، بل أبناء قادرون بعلمهم وعملهم على مجاراة العالم في هذا المجال. وهنّأ الرقباني قيادة الدولة على إنجاز هذه المهمة المشرفة التي ستكون بلا شك، موئل نجاح لشباب الإمارات والعرب أجمعين، وأنهم قادرون على فعل المستحيل لأجل قيادتهم وشعوبهم.

الصورة

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات سلطان النيادي الإمارات مسؤولون رائد الفضاء الإماراتی سلطان النیادی أطول مهمة فضائیة فی تاریخ العرب رائد الفضاء سلطان النیادی سلطان النیادی سالما محطة الفضاء الدولیة القیادة الرشیدة لدولة الإمارات دولة الإمارات إلى أرض الوطن قطاع الفضاء هذه المهمة طموح زاید فی مجال

إقرأ أيضاً:

حروب المستقبل: الدرونز والمعضلة الأمنية في أفريقيا

يُظهِر هجوم “شبكة العنكبوت” الأوكراني في الأول من يونيو 2025 بطائرات مسيّرة على قواعد جوية روسية مدى فعالية الطائرات المسيّرة المسلحة، سواءً داخل ساحة المعركة أو خارجها. هذا التحول في طبيعة الحروب الحديثة لم يقتصر على أوروبا الشرقية، بل امتد تأثيره إلى القارة الأفريقية، حيث باتت الطائرات المسيّرة تلعب دورًا متزايدًا في النزاعات المسلحة. فقد أصبحت ساحات القتال الأفريقية، من ليبيا إلى منطقة الساحل وقرن أفريقيا، مسرحًا لتجارب جديدة في استخدام هذه التكنولوجيا، سواء من قبل الجيوش النظامية أو الجماعات المسلحة غير الحكومية. ولم تعد الطائرات المسيّرة مجرد أداة استطلاع، بل تحولت إلى عنصر حاسم في تغيير موازين القوى، وإعادة تشكيل المشهد الأمني في القارة، ما يفرض تحديات جديدة على الدول الأفريقية ويثير تساؤلات حول مستقبل الأمن والاستقرار في ظل تصاعد سباق التسلح التكنولوجي .
تطور تكنولوجيا المسيرات: الحرب عن بعد

تم تطوير الطائرات المسيّرة في البداية لأغراض الاستطلاع العسكري والمراقبة وجمع المعلومات الاستخباراتية في أوائل القرن العشرين، حيث ظهرت أولى النماذج في إنجلترا عام 1917، ثم تطورت لاحقًا في الولايات المتحدة وألمانيا، واستخدمت في البداية كأهداف تدريبية للمدفعية وأغراض المراقبة الجوية. وخلال الحرب العالمية الثانية، زُوِّدت بعض هذه الطائرات بالقنابل والصواريخ، واستخدمتها الولايات المتحدة في الأغراض التدريبية وكصواريخ موجهة، لكنها لم تكن مخصصة بشكل مباشر لمواجهة اليابانيين، بل كان استخدامها العسكري في تلك الفترة يتركز على التدريب وبعض المهام الهجومية المحدودة.

بيد أن دور الطائرات المسيرة برز واضحًا في جمع المعلومات الاستخباراتية بعد حرب فيتنام، ومع مطلع الثمانينيات، بدأت القوات الجوية الأمريكية والإسرائيلية في دمج هذه الطائرات ضمن خططها القتالية، ما أدى إلى توسع استخدامها في العمليات العسكرية وعمليات الاستهداف الدقيق، خاصة من قِبل إسرائيل والولايات المتحدة. ومع هجمات 11 سبتمبر 2001، أصبحت الطائرات المسيرة أداة مركزية في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية لشن الحروب الخارجية وتنفيذ عمليات القتل المستهدف.

وجدير بالذكر أن فعالية الطائرات المسيرة تعتمد على بنية تحتية بشرية ومادية متكاملة، تشمل أنظمة القيادة والتحكم، ومرافق الصيانة والتدريب، إضافة إلى منصات الإطلاق ومراكز جمع البيانات الاستخباراتية. وقد تتنوع هذه البنية التحتية بين حاويات شحن متنقلة يمكن نشرها وتشغيلها بسرعة، أو بنى تحتية ضخمة شبيهة بالمطارات تُستخدم لصيانة الطائرات وتخزينها وتوفير مرافق القيادة والتحكم والتدريب. ويلاحظ أن التحول المحوري هنا والذي يؤثر على مستقبل الحروب الحديثة يتمثل في أن هذه “التقنيات” تُمكّن مُشغّليها من البقاء بعيدًا عن ساحات القتال، حيث يُمكنهم اتخاذ قرار القتل أو إنقاذ الأرواح، مما يُقوّض أخلاقيات الحرب من خلال تمكين عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والمخاطرة بأرواح المدنيين، وتقويض المساءلة والكرامة الإنسانية من خلال القتال عن بعد.
أفريقيا وحرب المسيّرات

تشهد أفريقيا توسّعًا سريعًا في مجال الطائرات المسيّرة من حيث التصنيع والنشر والاستخدام من قبل أطراف حكومية وغير حكومية، مما يُبرز مجموعةً مُعقّدةً من الجهات الفاعلة والوكلاء. ومن المعروف أن الطائرات المسيّرة لا تُوفّر أثناء القتال معلوماتٍ استخباراتيةً وقوةً فتّاكةً فحسب، بل تُمكّن الجماعات المسلحة غير الحكومية من نشر الدعاية والسرديات المضادة على نطاقٍ واسعٍ وسريع.

من الشائع في التقارير الإعلامية القول بأن الولايات المتحدة ليس لها وجود يُذكر في أفريقيا، وأن لديها قاعدة عسكرية واحدة فقط، وهي معسكر ليمونيه في جيبوتي. إلا أن الحقيقة هي أن الجيش الأمريكي يحتفظ بحوالي 52 قاعدة عسكرية في أفريقيا؛ من بينها 10 قواعد تُستخدم كقواعد للطائرات المسيرة. ولا يشمل هذا العدد القواعد التي كانت موجودة في النيجر. ويبدو أن الإدارة الأمريكية في طريقها للحصول على قاعدة في كوت ديفوار بعد خروجها من النيجر العام الماضي. وقد استمر الاستخدام العسكري للطائرات المسيّرة في التزايد في السنوات الأخيرة، سواءً للتجسس على الناس أو لتفجيرهم. وغالبًا ما تُطلق هذه الطائرات من قواعد قريبة نسبيًا من أهدافها، ولكن يتم توجيهها من قواعد أخرى أبعد بكثير، عادةً في الولايات المتحدة.

وفي حين أن بعض القواعد العسكرية، مثل مطار شابيلي في جيبوتي، تُستخدم كمنصات لنشر الطائرات المسيرة، فإن بعض البنى التحتية مخصصة حصريًا لعمليات الطائرات المسيرة. وقد بُنيت هذه القواعد واستخدمت في دول أفريقية مختلفة من قبل دول غربية مثل الولايات المتحدة وفرنسا. ومع ذلك، وعلى الرغم من عدم امتلاكها لقواعد طائرات المسيرة، فإن دولًا أخرى، مثل تركيا، تُنفذ ضربات بطائرات مسيرة في بعض الدول الأفريقية، على سبيل المثال، لتوفير الدعم الجوي للقوات الحكومية الصومالية. ومن أبرز الأمثلة الأخرى على تنامي استخدام مفهوم الحرب عنن بعد من قبل القوى الدولية في أفريقيا أن أكثر من 40% من الضربات الجوية لعملية برخان في بوركينافاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر نُفذت في مرحلة ما باستخدام طائرات مسيّرة؛ ومن الجدير بالذكر أن قواعد الطائرات المسيّرة في النيجر كانت حاسمة للعملية .
أفريقيا والكابوس الأمني الجديد

على أن للقصة وجهًا آخر قد يغير من قواعد اللعبة في الصراعات الأفريقية. لقد حصلت حتى الآن حوالي تسع جماعاتٍ مسلحة في أفريقيا على طائراتٍ مسيّرةٍ عسكريةٍ – في بوركينافاسو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وكينيا، وليبيا، ومالي، وموزمبيق، ونيجيريا، والصومال، والسودان. وهذا يُشير إلى اتساع نطاق استخدام الطائرات المسيّرة لمهامٍ مُتعددة من قبل أطراف غير حكومية. ولا يخفى أن هذه التقنيات الحديثة تمكن الجهات الفاعلة من إبراز قوتها جوًا وبرًا. كما أن رخص أسعار الطائرات المسيرة ونقل الخبرة بين الجماعات المسلحة وفروعها يزيد من احتمالية دمجها في ترساناتها العسكرية. وجدير بالذكر أن هذه الجماعات، بما فيها تنظيم داعش، كانت من أوائل الجهات التي اعتمدت تكنولوجيا الطائرات المسيّرة في الشرق الأوسط.

وتُظهر الطائرات المسيّرة بوضوح سهولة نقل وامتلاك هذه التكنولوجيا. إذ تستخدم الجيوش الأفريقية والجماعات المسلحة غير الحكومية سواء بسواء الحكومية نماذج من هذه المسيّرات – مما يُسهم في سد الفجوة بين قدرات كل منهما (الحقيقية أو المُتصورة). وإلى جانب الضرر المادي الذي تُلحقه الطائرات المسيّرة، هناك قيمتها الدعائية – وهو مجال جذب اهتمامًا إعلاميًا وأكاديميًا أقل بكثير من مهام الضربات الجوية التي تقودها الطائرات المسيّرة. في حين أن الحكومات تمتلك آلتها الدعائية المجهزة جيدًا، هناك طريقتان تستخدمهما الجماعات المسلحة غير الحكومية للطائرات المسيّرة للتأثير.

أولًا، التأثير النفسي، إذ أن مجرد الادعاء باستخدام الطائرات المسيّرة يُرسل رسالة نفسية مهمة. وينطبق هذا بشكل خاص على “سباق التسلح”، حيث يُزود الوكلاء الجماعات المسلحة بطائرات مسيّرة، مما يُمكّنهم من إبراز قوتهم بما يتجاوز قدراتهم الحقيقية. وعليه فإن المكانة والهيبة المرتبطتين بامتلاك الطائرات المسيّرة يمكن أن تصبح في حد ذاتها هدفًا رئيسيًا، وفقًا لمقتضيات الحرب النفسية.

ثانيًا، تُستخدم الطائرات المسيرة كأدوات لجمع المعلومات، حيث توفر مقاطع فيديو وصورًا ثابتة وصوتية لمشاركتها عبر الإنترنت وعبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتوجد أمثلة على كلا النوعين في أفريقيا. فقد قادت ميليشيا الدعم السريع في السودان، حربًا بالطائرات المسيرة كانت لها آثار مدمرة. وقد منحتهم هذه التكنولوجيا نجاحات تكتيكية ورمزية، مما قد يشجع بعض الجماعات الأخرى في القرن الأفريقي أو الساحل على التوسع في استخدام هذه التقنية العسكرية. ومع نجاح الحوثيين في استخدام حرب المسيرات فقد تتوسع دعاية حركة الشباب باستخدام الطائرات المسيرة مع تعميق علاقاتها مع جماعات مسلحة أخرى، ولا سيما الحوثيين.
المسيّرات وتنامي خطر الإرهاب

ليس بخافٍ أن لأدوات الاتصال والصور المرئية قيمة رمزية كبيرة. في حالة داعش وأخواتها من الجماعات التابعة لها، وجد الباحثون أن صور الطائرات المسيّرة تُشكل عنصرًا مهمًا في آلة الدعاية الإعلامية الخاصة بها. وبينما احتكرت الدول تقليديًا السيطرة على المجال الجوي، فإنهم يجادلون بأن الطائرات المسيّرة التي تُشغلها جهات مسلحة غير حكومية يمكن أن تُقوّض رمزيًا السلطة السيادية للدولة. وبالمثل استغلت حركة الشباب في الصومال هذه التكنولوجيا. ففي عام 2016 قدمت صور طائرة مسيّرة عسكرية تم إسقاطها، عُرضت على قنوات أخبار الجماعة، مؤشرًا على إمكانات الطائرات المُسيّرة في الدعاية – إما بامتلاكها أو باختطاف الأصول الجوية للعدو والتباهي بذلك علنًا. وبالطبع تستخدم الجيوش الحكومية النظامية نفس التكتيك. علاوة على ذلك، أظهرت لقطات فيديو لهجوم خليج ماندا المميت في يناير 2020 في كينيا أن الجهاز الإعلامي لحركة الشباب ماهر بشكل خاص في عمليات الحرب النفسية، وفقًا لمركز مكافحة الإرهاب. في الواقع، قد يتوسع برنامج الدعاية للطائرات المسيّرة التابع لحركة الشباب مع تعميق علاقاتها مع جهات أخرى.

أما في منطقة الساحل، تُجري جماعات مثل بوكو حرام وداعش (ولاية غرب أفريقيا) تجارب أيضًا على مقاطع فيديو دعائية تُنشر عبر الطائرات المسيرة. ولا تُستخدم هذه المقاطع فقط كأداة للتجنيد، بل أيضًا لإظهار البراعة التكنولوجية، مما يُعزز شرعية الجماعة وقوتها. كما قد تُساعد في جمع الأموال من خلال تصوير الجماعة على أنها متقدمة تكنولوجيًا. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجد معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح عام 2024 أن قوات التحالف الديمقراطي استخدمت الطائرات المسيّرة لتسجيل مقاطع فيديو والتقاط صور لمعسكراتها لأغراض دعائية. واستند هذا التقييم إلى مقابلات مع مقاتلين سابقين ومختطفين سابقين من خلال فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بجمهورية الكونغو الديمقراطية.

بالإضافة إلى جمع مقاطع فيديو أو صور ثابتة عبر الطائرات المسيّرة لأغراض التأثير أو تحديد المواقع الاستراتيجية، يُمكّن الذكاء الاصطناعي من مضاعفة مكاسب الدعاية بشكل كبير. إذ أن إدخال الصور إلى الإنترنت يساعد على ترشيد إنتاجهم الدعائي ونشره على نطاق واسع.

ختامًا، يمكننا القول إن المنظمات الإرهابية في أفريقيا تتجه نحو توسيع نطاق استخدام الطائرات المسيّرة في سيناريوهات متعددة، مدفوعة بتطورات تكنولوجية وتكتيكات مستوحاة من النزاعات العالمية مثل الحرب الأوكرانية-الروسية. وتشير التوقعات إلى أن هذه الجماعات سوف تطور اعتمادها على الطائرات المسيّرة في الهجمات المنسقة واسعة النطاق، مستفيدة من تقنيات “الأسْراب الذكية” القادرة على تجاوز أنظمة الدفاع الجوي عبر الهجمات المتزامنة، كما ظهر في هجوم “شبكة العنكبوت” الأوكراني الذي استهدف قواعد جوية في العمق الروسي. ومن المتوقع أيضًا أن تُدمج الجماعات الإرهابية تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين دقة الاستهداف، خاصة في الهجمات على البنى التحتية الحيوية مثل محطات الطاقة وخطوط الأنابيب، وهو ما تم توثيقه في هجمات سابقة في أفريقيا.

ومن المرجح أن تستمر الجماعات في توظيف الطائرات المسيّرة لأغراض الدعاية، حيث تُستخدم لتصوير الهجمات وتحركات القوات لنشر الرعب وجذب المزيد من الأنصار، كما فعلت حركة الشباب في الصومال والحوثيون في اليمن. وفي السياق الأفريقي، قد تشهد الفترة المقبلة تصاعدًا في استخدام الطائرات المسيّرة المحلية الصنع، التي تُطورها الجماعات بالتعاون مع شبكات إقليمية، مما يزيد من صعوبة تعقبها نظرًا لانخفاض تكلفتها وعدم احتياجها لبنى تحتية معقدة.

وقد اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العديد من القرارات التي تُعالج إساءة استخدام الطائرات المسيّرة، ولكن ينبغي أن تُركّز الإجراءات المستقبلية على الرصد والتوعية بالمخاطر، مع مراعاة الفوائد التنموية لتكنولوجيا الطائرات المسيّرة.

وقد تضمنت مبادرةٌ لإطلاق مذكرة برلين بشأن الممارسات الجيدة لمكافحة استخدام الإرهابيين للطائرات المسيّرة ندواتٍ إلكترونيةً وتوعيةً عامةً أوسع. ولكن في أفريقيا، حيث ينتشر تهريب الأسلحة، قد يكون الاتجار غير المشروع بأجزاء الطائرات المسيرة جديرًا بمزيدٍ من الدراسة.

إنّ صعوبة كشف أو اعتراض الطائرات المسيّرة المهربة، مثل تلك التي نشرتها أوكرانيا مؤخرًا، تُذكّر بمدى فعالية الطائرات المسيّرة المُسلّحة.

أ. د. حمدي عبد الرحمن حسن – بوابة الأهرام
أستاذ العلوم السياسية في جامعتي زايد والقاهرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هاتف رائد بسعر منافس.. إليك أهم مواصفات Nothing Phone (3) قبل انطلاقه
  • فريق بجامعة الإمارات إلى نهائي (Asian Try Zero)
  • الرئيس الإماراتي لـ «بزشكيان»: نتضامن مع إيران وشعبها خلال هذه الظروف
  • وزير الخارجية الإماراتي: نحذر من خطوات متهورة قد تتعدى حدود إيران وإسرائيل
  • ملتقى "استشراف المستقبل" يعزز توجهات التخطيط الاستراتيجي
  • السعودية رائد عالمي في مجال القطاع الدوائي
  • رائد إسماعيل يعلن عدم استمراره مع النصر الموسم المقبل
  • الندوة العالمية: المملكة نموذج رائد في رعاية كبار السن
  • حروب المستقبل: الدرونز والمعضلة الأمنية في أفريقيا
  • ولي العهد يترأس اجتماع المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل