سودانيون في إيران: أنهكتنا الحروب في الوطن وفي دولة النزوح
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
بينما تشتد حدة المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، يجد عدد من السودانيين المقيمين في مدن إيران أنفسهم محاصرين بتداعيات نزاع متصاعد، تختلط فيه مشاعر الغربة والقلق على المستقبل، مع واقع الحرب الذي يطاردهم في وطنهم المضطرب، وزحف ورائهم إلى دولة لجوئهم للدراسة أو العمل.
في مدينة أصفهان وسط إيران، إحدى المدن التي استهدفت مؤخراً بسلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية، يعيش الطالب السوداني سليم محمود حالةً من القلق المتزايد.
يروي سليم محمود، وهو اسم مستعار للطالب الذي فضل عدم ذكر اسمه خوفا من أن يصاب بأذى، لـ “بي بي سي” كيف تحول ليل المدينة، الذي اعتاد أن يكون هادئاً طوال خمس سنوات، إلى سماء مضطربة يعكر صفوها أزيز الطائرات المسيرة، والانفجارات التي تُسمع بين فينةٍ وأخرى.
يقول محمود إن الهجوم الأول على أصفهان لم يثر ذعره كثيرا، لكن تسارع وتيرة الأحداث غيَّر حساباته. فمع كل قصف جديد كان الخوف يتصاعد ومعه خيار الخروج من المدينة، حسب الطالب السوداني الذي يوضح: “أصبحت أحمل همين، وطني السودان الذي أنهكته الحرب، وإيران التي احتضنتني والتي كذلك أصبحت ساحة حرب جديدة”.
ويضيف الطالب السوداني الذي يدرس الهندسة الميكانيكية، أنه كان شاهداً على الانفجار الأول، “دوى صوته في أرجاء المدينة، وعرفنا لاحقا أن ضربة استهدفت موقعا استراتيجياً”.
في اليوم الثاني من الهجمات، قرر محمود الانتقال مؤقتاً إلى مدينة كاشان، التي تبعد نحو 210 كيلومترا عن أصفهان، هربا من احتمالات التصعيد والاضطراب.
أما الآن، فيقول إنه يدرس خياراً أكثر جذرية يتمثل في مغادرة إيران كليا إلى ماليزيا لمواصلة دراسته، ويرى أن العودة إلى السودان في ظل الحرب الحالية “ليست خيارا مطروحاً”.
وفي وقت سابق، أعلنت السفارة السودانية في طهران عن فتح باب الإجلاء للراغبين من أفراد الجالية السودانية، إذ صرح السفير السوداني لدى إيران، عبد العزيز صالح، أن أول فوج في عملية الإجلاء سيشمل نحو 25 شخصا من أصل قرابة 200 سوداني مسجلين لدى السفارة في عموم إيران، بينما يُعتقد أن عدد السودانيين في إيران أضعاف ذلك.
وتعرضت محافظة أصفهان لهجمات جوية متفرقة من قبل سلاح الجو الإسرائيلي منذ الجمعة 13 يونيو/حزيران، الذي استهدف مواقع عسكرية ومرافق نووية من بينها منشآت لتحويل اليورانيوم ومنصات لإطلاق صواريخ باليستية.
ورغم قوة الهجمات، لم تعلن السلطات الإيرانية عن عمليات إخلاء جماعية، لكن تم تسجيل نزوح واضح من بعض المناطق القريبة من المنشآت العسكرية نحو مدن أكثر هدوءً، مثل كاشان ويزد.
وأدانت الحكومة السودانية المُشكلة من قبل مجلس السيادة الانتقالي – وقامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل قبل نحو خمس سنوات – الهجوم الإسرائيلي ضد الأراضي الإيرانية، مؤكدةً على أن موقفها ثابت في دعم سيادة الدول ورفض الاعتداءات العسكرية على أي دولة.
وكانت العاصمة طهران الأقل تأثرا بالضربات، بحسب شهادات سودانيين مقيمين في المدينة، إذ يقول علي نور – وهو سوداني مقيم في طهران استخدمنا له أيضا اسما مستعارا – لبي بي سي نيوز عربي إن الهجمات الإسرائيلية تركزت على مناطق محددة، ولم تشمل كل أرجاء العاصمة.
ويضيف أن ما ينقل عن الوضع الأمني في إيران فيه قدر عالٍ من التهويل، مؤكدا أنه “لا يفكر حاليا في مغادرة البلاد”.
ويشير إلى أنه رغم قلة عدد الجالية السودانية إلا أنهم منتشرون في مختلف المدن الإيرانية، وليس فقط في طهران.
وأشار إلى أنه يحاول فقط البقاء حياً إلى حين أن يتمكن من تدبير أموره في أحد دول الجوار، مختتماً حديثه بقوله: لا معنى للخروج من إيران والعودة للسودان الذي كذلك يعاني من فظائع الحرب”.
السودانيون بين حربين
بالنسبة لكثير من السودانيين في إيران، فإنهم عالقون بين حربين؛ واحدة في وطنهم الذي فروا منه بسبب الصراع الدائر منذ أكثر من عام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وأخرى تندلع نيرانها أمام أعينهم في البلد المضيف.
وبينما تنفتح التكهنات بشأن مسار الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط، لا يبدو أن خيارات السودانيين العالقين بين الخرطوم وأصفهان ستكون سهلة، في ظل القيود السياسية والظروف الاقتصادية والتحديات التعليمية.
يقول الشاب السوداني، أنور عبده، الذي يقيم في إيران منذ ثلاث سنوات، ويعمل في مجال الترجمة والتعليم للوافدين في طهران: “كل شيء تغير في الأسبوع الماضي، لم نعد نسمع في طهران إلا صفارات الإنذار، ونداءات التحذير، بجانب أصوات الانفجارات المتتالية.”
ويضيف عبده: “لم أكن أتوقع أن أعيش لحظة اضطر فيها إلى الهروب داخل بلد لجأت إليه أصلاً بحثاً عن الاستقرار”.
وذكر أنه بعد ثلاثة أيام من اندلاع الحرب كان موجودا في حي نارمك شرقي طهران حين سمع دوي غارات جوية تبعتها انفجارات عنيفة، ثم انتشرت أنباء عن استهداف منشآت تابعة للحرس الثوري.
واسترسل في حديثه: “خلال الساعات التالية، بدأت الأخبار تتحدث عن موجة ثانية من القصف الإسرائيلي، وردود إيرانية بالصواريخ في اتجاهات مختلفة. أما بالنسبة لنا كأجانب، أصبح الوضع أكثر تعقيداً. الاتصالات كانت مقطوعة أحياناً، وهنالك ازدحام مروري خانق”.
في اليوم التالي، قرر أنور أن يغادر إلى مدينة كرج التي تبعد حوالي 50 كيلومتراً غرب طهران، وهي مدينة آمنة نسبياً، ولا تحتوي على قواعد عسكرية ولا مقرات أمنية.
ويواصل: “استأجرتُ شقة صغيرة مؤقتة لدى عائلة إيرانية أعرفها من قبل، وكانوا متعاونين ومرحبين بي جدا. ورغم استقراري الحالي إلا أن الحياة هنا لا تخلو من التوتر، لكن على الأقل لا صافرات إنذار ولا طائرات مسيرة.”
وأفاد بأن الوضع الإنساني في طهران كان صعباً عند خروجه، موضحاً أن خدمات الاتصالات غير مستقرة، والمستشفيات مكتظة، والمواصلات العامة تعمل بشكل متقطع.
تُقدر أعداد السودانيين المقيمين في إيران بحوالي ألف شخص، بحسب ما أفاد به الباحث والكاتب الصحفي عاطف حسن لبي بي سي.
ويقول حسن إن الغالبية يقيمون في مدينة قم التي تعد مركزاً دينياً وثقافياً شيعياً بارزاً. ويتابع: “معظمهم يدرسون في جامعة المصطفى العالمية، ويتخصصون في مجالات إنسانية ودينية، بجانب علوم دينية شيعية”.
وتعرف مدينة قم بأنها من أبرز معاقل التعليم الديني في إيران، وتستقطب طلاباً من مختلف الجنسيات، خاصة ًمن أفريقيا وآسيا، لدراسة الفقه، والفكر الإسلامي الشيعي واللغة الفارسية.
وكانت العلاقات بين السودان وإيران قد شهدت تقارباً ملحوظاً في تسعينيات القرن الماضي، خاصة في عهد الرئيس السابق عمر البشير، حيث قويت الروابط الدبلوماسية والعسكرية، وافتتحت طهران مركزاً ثقافيا في الخرطوم، ونشطت برامج التبادل الطلابي والديني، ولا سيما مع مؤسسات شيعية في مدن مثل قم وطهران.
وفي عام 2016، قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران على إثر إحراق السفارة السعودية في طهران، ما أدى إلى إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية وتقليص التمثيل الدبلوماسي.
لكن رغم ذلك، لا يزال يقيم عدد من السودانيين في إيران لأسباب دراسية أو عقدية.
وأشارت تقارير صحفية عدة إلى أن طهران زودت الخرطوم بطائرات مسيّرة استخدمتها في معارك ضد قوات الدعم السريع. ورغم نفي الجيش السوداني ذلك، تؤكد تقارير غربية أن هذا الدعم غيّر ميزان القوة ميدانيًا.
ولم تكن إيران تاريخياً وجهة مفضلة للطلاب السودانيين، لكن بعد التقارب بين البلدين في عهد البشير قُبل كثير من الطلاب في منح دراسية بالجامعات الإيرانية، خاصة العلوم الشرعية والعلوم التطبيقية.
مصطفى السعيد – بي بي سي عربي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی طهران فی إیران بی بی سی
إقرأ أيضاً:
بعد هدنة الحرب مع إسرائيل.. طهران تعلن عن تغييرات أمنية وإستراتيجية
طهران- بعد 6 أسابيع من الهدنة التي أنهت الحرب الإسرائيلية على إيران، أعلنت السلطات الإيرانية عن تغييرات هيكلية غير مسبوقة في المنظومة الأمنية، شملت تأسيس "مجلس دفاع" بمهام إستراتيجية، وعودة السياسي المخضرم علي لاريجاني إلى موقعه كأمين للمجلس الأعلى للأمن القومي، فيما اعتبره مراقبون خطوة استباقية تحضيرا لجولة جديدة من التصعيد.
وإثر خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي -الذي ألقاه الأسبوع الماضي واقفا دون أن يتكئ على عصاه التي لازمته لعقود- وإصداره الأوامر السبعة من أجل "إيران قوية" وحديثه في سياق إعادة هيكلة الأمن الوطني، كشفت وكالة فارس -المقربة من الحرس الثوري الإيراني– أن التغييرات الهيكلية في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد أُقرت بالفعل، وأن مجلس الدفاع سيتولى مهام إستراتيجية في مجال السياسات الدفاعية للدولة.
وأضافت الوكالة، الجمعة الماضية، نقلا عن مصادر مطلعة أنه إثر مزاولة لاريجاني مهامه الجديدة خلال الأيام القليلة المقبلة سيتولى الأمين الحالي للمجلس علي أكبر أحمديان مسؤولية مهام إستراتيجية وخاصة تتطلب إدارة وتنسيقا على أعلى المستويات.
ويرى الناشط السياسي عبد الرضا داوري أن التغييرات التي طالت قيادة المؤسسات الأمنية العليا تأتي في إطار مراجعة شاملة تجريها السلطات الإيرانية لإستراتيجياتها الكبرى، وذلك في أعقاب العدوان الإسرائيلي الذي استمر 12 يوما، معتبرا أن آثار هذا العدوان تمهد لتحول جذري في الخطاب الذي يحكم دوائر صنع القرار في طهران.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح داوري أن تيارا سياسيا قد هيمن على مفاصل مؤسسات اتخاذ القرار بإيران خلال العقدين الماضيين وأن تطورات الحرب الأخيرة أثبتت فشل حوكمته وخطابه وتقديراته على المستويين الإقليمي والدولي، معتبرا أن التحول الهيكلي في منظومة الأمن القومي الإيراني يأتي لهندسة القوة على صعيد الأشخاص -وليس المؤسسات- وفق مصالح الأمن القومي.
إعلانوأوضح أن مرتكزات القوة الوطنية في إيران تقتصر على رباعي المؤسسة الدينية بمدينة قم والقوى الثورية وشبكة القوى التكنوقراطية والأوساط الشعبية، معتبرا التغييرات في مجلس الأمن القومي الإيراني تصب في صالح كفة المؤسسة الدينية وتيار التكنوقراط، وذلك لأن لاريجاني يعتبر متحدثا غير رسمي باسم المؤسسة الدينية ولديه علاقات جيدة مع تكنوقراط إيران.
وتابع المتحدث نفسه، أن تشكيل مجلس الدفاع قد ورد في المادة 176 من الدستور الإيراني المعدل عام 1989 عقب الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) لكنه تم تأجيل إنشاء المجلس لعدم وجود الضرورة.
وأضاف، أنه مع عودة لاريجاني إلى أمانة المجلس -وهو المعروف بأنه "مُهندس السياسة الأمنية الخارجية" للجهورية الإسلامية- بأمر من الرئيس مسعود بزشكيان وتزكية المرشد الأعلى، سيترأس الأمين الحالي للمجلس علي أكبر أحمديان مجلس الدفاع الجديد ممثلا عن مكتب المرشد، وبذلك سيكون سعيد جليلي المرشح الخاسر في الرئاسيات السابقة والممثل الحالي للمرشد خارج نطاق هيكلية القوة في المجلس.
الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي: #إيران تريد تنظيم الميدان للمرحلة المقبلة وتصفير المشاكل، وهي بحاجة شديدة لعلاقات أمان على الحدود لحمايتها من إسرائيل#الأخبار pic.twitter.com/RcXPMkGAGA
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 3, 2025
عودة العقلانيةمن ناحيته، يؤيد منصور حقيقت بور، المستشار السياسي لمكتب علي لاريجاني -بشكل ضمني- التقارير بشأن عودة لاريجاني إلى أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، معتبرا التحولات في منظومة بلاده الأمنية تمثل إستراتيجية جديدة في خطط طهران السياسية والأمنية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير حقيقت بور إلى سجل لاريجاني السياسي والثقافي خلال العقود الأربعة الماضية بدءا من رئاسة هيئة الإذاعة والتلفزيون، ثم تقلده منصب وزير الثقافة وأمانه المجلس الأعلى للأمن القومي ورئاسة البرلمان وكذلك مشاركته في المفاوضات النووية وعمله مستشارا للمرشد الأعلى، معربا عن أمله بضخ العقلانية في سلوكيات البلاد الأمنية والسياسية مع عودته إلى المشهد السياسي.
أما على الصعيد الدولي، حيث تواجه المصالح الوطنية الإيرانية تحديات جدية، فيعتقد حقيقت بور أن التغييرات الأخيرة ستسهم في تعزيز قدرات البلاد، خصوصا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والبرنامج النووي، ويرى أن إعادة ترتيب المشهد الأمني والدبلوماسي تمثل تصحيحا للتعيينات السابقة في المناصب العليا بالدولة.
مجلس دفاع
من ناحيته، يعتبر الباحث السياسي علي رضا تقوي نيا، قرار سلطات بلاده بتشكيل مجلس وطني للدفاع مؤشرا على وجود تقديرات ترجح عودة شبح الحرب بل إن البلاد لا تزال تخوض حربا بشكل من الأشكال، مؤكدا أن تولي لاريجاني منصبه الجديد سيردم الهوة التي ظهرت خلال عدوان يونيو/تموز حيث سجل سلفه أداء رائعا على الصعيد العسكري دون معالجة الحرب الناعمة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يؤكد تقوي أن مجلس الأمن القومي تناط به عشرات المهام المختلفة وأن قيادته للحرب قد تقوض تركيزه على الملفات الأخرى مما يحفز القيادات الإيرانية على تشكيل مجلس للدفاع يأخذ مهمة إدارة أية حرب محتملة على عاتقه.
إعلانوبرأيه، فإن التطورات الأخيرة، خاصة ما شهدته المنطقة خلال العام الماضي، شكلت مبررا كافيا لتشكيل مجلس الدفاع حتى قبل الهجوم الإسرائيلي على إيران، ويضيف أن تفعيل الدول الغربية لآلية الزناد بات شبه مؤكد، الأمر الذي ستقابله طهران بخطوات مؤلمة، من شأنها أن تصعد التوتر وتفتح الباب أمام جولة جديدة من المواجهة.
في المقابل، تنتقد شريحة من الإيرانيين التحول الجاري في معادلة صنع القرار الإيراني وتدوير الشخصيات في مؤسسة إستراتيجية مكلفة دستوريا بربط السياسة الخارجية بالأمن القومي والعسكري وحصر التغيير في هيكلية الأمن القومي في استحداث دوائر لا تتجاوز صلاحياتها دور التنسيق بدلا من القيادة الإستراتيجية.
مهام غامضةفي غضون ذلك، يشير الباحث السياسي أستاذ الجغرافيا السياسية، عطا تقوي أصل، إلى أن انتظار نتائج مختلفة جراء تكرار سياسات مماثلة ليس سوى ضرب من الجنون، موضحا أن التغييرات المزمعة تحيط بها نسبة كبيرة من الغموض بشأن مهام مجلس الدفاع وفروقه عن المؤسسات الرديفة مثل مقر خاتم الأنبياء المركزي وتناقض صلاحياته الدستورية مع القيادات العسكرية الأخرى.
وفي حديثه للجزيرة نت، لفت تقوي أصل إلى حالة الغموض التي تحيط بمهام مجلس الدفاع، مشيرا إلى أن بنيته التنظيمية وعضوية عدد من أفراده في مؤسسات إستراتيجية أخرى قد تؤدي إلى تداخل صلاحياته مع الجهات الأمنية والعسكرية الرسمية.
ورأى أن الشعب الإيراني كان يتطلع إلى تحول إستراتيجي جراء مشاركة جيل الشباب في قيادة المؤسسات الإستراتيجية، معتبرا إعادة تعيين لاريجاني على رأس مجلس الأمن القومي استمرارية للسياسات المحافظة التي سبق أن مارسها في المناصب التي تولاها خلال مسيرته السياسية والعسكرية لكونه عضوا سابقا في الحرس الثوري.
وبرأيه فإن إنشاء مجلس دفاع وتعيين شخصيات أمنية فيه يظهر سيطرة النهج الأمني على إدارة الأزمات في بلاده، بينما تحتاج المشاكل الجذرية إلى حلول سياسية وأمنية واقتصادية بديعة، مؤكدا أن استمرارية هيمنة النزعة الأمنية المحافظة على إدارة الدولة لا تحل المشكلات الهيكلية، بل قد تزيدها تعقيدا عبر مؤسسات متوازية.
وتشير عودة علي لاريجاني إلى صدارة المشهد الأمني في إيران إلى ما هو أبعد من مجرد تغيير في المناصب، إذ تُعد خطوة تعكس توجها لإعادة تشكيل الدبلوماسية الإيرانية المتعددة المسارات في مرحلة حساسة تتسم بتحولات جيوسياسية كبرى، ويرى مراقبون إيرانيون أن نجاح هذه الخطوة سيعتمد على مدى قدرة لاريجاني على التوفيق بين ضرورات الانفتاح الدولي وتفادي معارضة التيارات المتشددة داخل النظام الإيراني.