الانتخابات والمال السياسي
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
آخر تحديث: 19 شتنبر 2023 - 9:31 صبقلم:أحمد صبري مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات العراقيَّة يتصاعد الحديث عن دَوْر المال السِّياسي الذي يستخدمه الكثير من السِّياسيِّين الذين يراهنون هذه المرَّة على رجال الأعمال الذين يتمتعون بعلاقات مع نخب العراق ورموز المُجتمع العراقي في محاولة لقلب المعادلة، التي كان السِّياسيون يتصدرونها ويقودون المشهد السِّياسي بأموال ودعم رجال الأعمال.
على الرغم من أنَّ محاولة هؤلاء محفوفة بالمخاطر، إلَّا أنَّهم مصمِّمون على خوض التجربة بتشكيلة قوائم انتخابيَّة؛ عمادها رجال أعمال واقتصاديون، اتَّخذت العراق عنوانًا لحملتهم الانتخابيَّة. ولَمْ يقتصر سَعيُ أصحاب هذه الرؤية إلى تصحيح مسار المعادلة بَيْنَ السِّياسة والمال، وإنَّما تفرَّدوا بطرح نموذج جديد في مسار العمل السِّياسي، بخوض الانتخابات بقوائم نكهتها اقتصاديَّة، وقاعدتها سياسيَّة في محاولة لتوأمة طرفَي المعادلة في سابقة غير مسبوقة في الحياة السِّياسيَّة في العراق. ويراهن رجال الأعمال المقتدرون بإمكانهم على قيادة العمل السِّياسي، مستشهدين بالنموذج الإماراتي في عمليَّة التغيير والبناء والتحديث والتنمية. في محاولة لتجاوز مقولة «إنَّ رأس المال جبان» ليعيدوا صياغتها وبما يُعزِّز دَوْر رجال الأعمال في الحياة السِّياسيَّة. ويقابل هذه التجربة والمنحى هو المال السِّياسي الذي يُشكِّل أحد أكبر العوائق التي تواجهها الأحزاب الصغيرة والناشئة في مقدِّمتها مرشَّحو انتفاضة تشرين خلال انتخابات مجالس المحافظات التي يستعدُّ العراق لإجرائها في 18 كانون الأوَّل القادم. خلال العمليَّات الانتخابيَّة التي شهدها العراق منذ عام 2005، لعب المال السِّياسي دَوْرًا كبيرًا، فالأحزاب الكبيرة والمرشَّحون المدعومون مِنْها، طالما استخدموا مبالغ ماليَّة كبيرة في سبيل الحصول على أصوات الناخِبين بَيْنَما كانت حظوظ المرشَّحين المستقلِّين وعدم المدعومين من الجهات السِّياسيَّة الكبيرة قليلة في الحصول على نتائج جيِّدة في هذه الانتخابات، إلَّا أنَّ القوى الناشئة والصغيرة ما زالت متخوِّفة من المال الموجود بَيْنَ يدَي الأحزاب الكبيرة واستخدامها خلال انتخابات مجالس المحافظات المقبلة. وما يزيد من مصاعب توأمة المال والسِّياسة تأخُّر إقرار تشريع قانون الأحزاب الذي لَمْ يشرعه البرلمان العراقي حتَّى الآن، وهو الأمْرُ الذي تطالب به القوى الناشئة الذي سيضع حدًّا لتغوُّل الأحزاب الكبيرة التي تمسك بزمام أمور البلد ويرفع سِريَّة الأموال التي تتقاضاها ويجعل النظام السِّياسي أكثر توازنًا وعدالة.إنَّ المال السِّياسي أبرز عائق تواجهه الأحزاب الصغيرة والمستقلَّة في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة؛ لأنَّ أبرز الأحزاب التقليديَّة هي التي تملك المال السِّياسي؛ وبالتَّالي ستتمكَّن بسهولة من جلب المرشَّحين الذين يملكون أصواتًا كثيرة، بالتَّالي تفرغ قوائم الأحزاب الناشئة والمستقلِّين من المرشَّحين. يُشار إلى أنَّ المفوضيَّة العُليا المستقلَّة للانتخابات كشفَتْ عن أنَّ عدد الأحزاب المسجَّلة للمشاركة في العمليَّة الانتخابيَّة بلغت حتَّى الآن 300 حزب وتحالف.إنَّ تكاليف الحملات الانتخابيَّة زادت عدَّة أضعاف في الانتخابات الماضية بسبب تحويل المحافظة إلى دائرة انتخابيَّة واحدة، بعد أن كانت المحافظة تنقسم لدوائر متعدِّدة، الشيء الذي كان يُلزم المرشَّح بِنَشْرِ دعايته الانتخابيَّة في منطقته فقط وليس في عموم المحافظة.وربَّما تجربة ثنائيَّة المال والسِّياسة قَدْ تُمهِّد الطريق لِبَلْوَرة رؤية للسَّاعين من أجْل هذا الخيار وترجمته على أرض الواقع في الانتخابات البرلمانيَّة المقبلة عام 2025.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: انتخابات مجالس المحافظات رجال الأعمال
إقرأ أيضاً:
أنديتنا.. أصواتكم أمانة
أحمد السلماني
تتجه أنظار الشارع الرياضي العُماني يوم الأربعاء (25 يونيو 2025) نحو قاعة الانتخابات والتي ستستضيف اجتماع الجمعية العمومية لاختيار مجلس إدارة جديد للاتحاد العُماني لكرة القدم للفترة من 2025 إلى 2029، وسط قائمة طويلة من المُرشَّحين، يبرز منها التنافس على منصبي الرئيس ونائب الرئيس بوصفهما حجر الزاوية في مستقبل اللعبة بالبلاد.
لكن وعلى الرغم من أهمية المرحلة، تغيب الإثارة الإعلامية عن المشهد، ولم نلحظ حضورًا قويًا للمُرشَّحين عبر وسائل الإعلام أو منصات النقاش المفتوحة لعرض رؤاهم وبرامجهم الانتخابية؛ إذ إن شريحة واسعة من الوسط الرياضي والكروي تحديدًا لا تعلم عن هذا الحدث المفصلي الكثير من المعلومات، ربما لأنه وصل لمرحلة اللاشعور واليأس من إمكانية أن يأتي القادمون الجدد بجديد طالما أن الحكومة لم تقرر بعد، ما الذي تريده من الرياضة؟ في أصعب سؤال لم نجد له جوابا حتى اللحظة. وكذلك في ظل غياب الحراك الإعلامي الموازي لهذا الاستحقاق المفصلي.
وباستثناء بعض المبادرات الفردية القليلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تبدو الانتخابات محصورة في أروقة التكتلات والزيارات السرية والتفاهمات المغلقة بين المُرشَّحين وممثلي الأندية، وهي صورة لا تليق بانتخابات تقود منظومة الرياضة الأكثر جماهيرية في السلطنة.
ولا نملك للاتحاد الحالي وقبل مغادرته إلّا أن نشكره على اجتهاده ومحاولاته إنعاش الكرة العمانية؛ إذ كان مُجبرًا على خلق توازن بين ما هو متوفر ومتاح من إمكانيات والتحرك في إطار التشريعات المحلية والدولية وضغط الأندية ومتطلباتها.
هذه الانتخابات ليست مجرد تنافس على مقاعد إدارية؛ بل هي مفترق طرق لمسار كرة القدم العُمانية، التي تعاني من تراجع واضح على مستوى المسابقات المحلية، وضعف الحضور الجماهيري، وتراجع نتائج المنتخبات السنية، وغياب التوازن بين الدعم المؤسسي والاحتراف الحقيقي. ومن هنا، تأتي أهمية أن تضطلع الجمعية العمومية بدورها التاريخي، عبر اختيار الكفاءات القادرة على إحداث تغيير حقيقي، لا مجرّد تدوير أسماء ووجوه مألوفة.
المرحلة المقبلة تتطلب اتحادًا قويًا يتمتع باستقلالية القرار، ومجلس إدارة يمتلك رؤية واضحة لبناء كرة القدم العُمانية على أسس احترافية حقيقية، تشمل تطوير المسابقات، وتمكين الأندية، ودعم الفرق الأهلية، وتأمين مصادر دخل ورعايات مستقرة، وتعزيز فرص احتراف اللاعبين في الخارج، وصولًا إلى إطلاق دوري محترفين بمعايير فنية وتسويقية مستدامة.
والأهم من ذلك، أن يكون الاتحاد القادم على قدر تطلعات المستوى الرسمي والشعبي في الظهور الأول للأحمر بالمونديال، خاصة مع اقتراب منتخبنا الوطني الأول من خوض ملحق التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026، في فرصة تاريخية لتحقيق حلم طال انتظاره.
وفي مقابل كفاءة حقيقية قد تصنع مجدًا، هناك خطر كبير إن طغت المجاملات و"التربيطات" والمناطقية، ومنحت القرار لأيدٍ غير مؤهلة؛ إذ "كما تكونون يُولّى عليكم".
الاختيار اليوم مسؤولية.. وأمانة تاريخية على أعتاب حُلم وطن.
رابط مختصر