بوابة الوفد:
2025-06-27@11:31:47 GMT

المفتي يشارك بمؤتمر "منهجية الإفتاء في روسيا"

تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT

 

قال  الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن من أهم ما يشغل المجتمعات المسلمة اليوم هو أن تؤدي دورًا إيجابيًّا فاعلًا وشراكة حقيقية في تطور وتحضر المجتمع الإنساني المعاصر، وأن تكون مواكبة لذلك التطور الذي تخطى حواجز الزمان والمكان والثقافات المتعددة.

وأضاف خلال كلمته في مؤتمر "منهجية الإفتاء في روسيا .

. نظرات في التراث في ضوء متطلبات الواقع"، والذي تنظمه الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية بالعاصمة الروسية موسكو، أن من أبرز التحديات التي تواجه البشرية في هذا الإطار مسألة الحفاظ على الهُويَّات والخصوصيات الثقافية التي تحكم العديد من المجتمعات، والتي لا ترفض التقدم أو التطور بطبيعة الحال، إلا أنها تسعى للحفاظ على خصوصيتها، حتى لا يفقد المجتمع البشري ذلك التنوع الحضاري الذي يجعله أكثر تعايشًا واتزانًا في التعامل مع التعددية والاختلاف.

وتابع: من هذا المنطلق، فإنه لا بد من العمل على فهم الأصول والجذور التراثية التي تنبثق منها الثقافات المتعددة، تلك الأصول التي تتمثل في تراث الأمم وتاريخها، والذي لا يمكن أن تنفكَّ عنه؛ لأنه يمثِّل جزءًا أصيلًا من مكونها الفكري والاجتماعي والسلوكي، وذلك لأن التقدم والتطور الحقيقي لا يمكن أن ينشأ إلا في ظل مجتمعات لها قِيَمها التاريخية والحضارية، والتي تستمدها من جذورها التراثية التي تشكِّل وعيها.

وأشار فضيلة المفتي في كلمته إلى أن المسلمين شيَّدوا على مدى قرون عديدة تراثًا حضاريًّا يتمتع بالعديد من القيم والمبادئ ذات المرجعية الدينية الوسطية، والتي كانت تحكم سلوك الفرد المسلم شرقًا وغربًا، دون أن تنزع منه خصوصيته الثقافية وعاداته وتقاليده المجتمعية؛ مما جعل منه تراثًا متعدد الأنساق، يتواءم فيه عدد من الأنماط الثقافية المتباينة، التي تجتمع على أصول الإسلام ومبادئه، وتتحاكم في أفعالها وسلوكها إلى شريعة واحدة.


وأوضح أن ذلك قد أدَّى إلى تشييد بناء فقهيٍّ، يمثِّل ثروة تشريعية هائلة، يستعمل فيها المجتهد أدوات الفهم والاستنباط من أجل الوصول إلى الحكم الشرعي في تلك الوقائع التي لا حصر لها، فتكونت من خلال ذلك ثروة فقهية وإفتائية تراعي الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، وصار من واجبات التأهيل الفقهي والإفتائي مراعاة المستجدات التي تطرأ على الواقع، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع، وهو ما سمِّي في المذاهب الفقهية بالنوازل، وهي التي ضمنت مواكبة الاجتهاد الفقهي للمتغيرات دون إخلال بالثوابت والأصول الكلية للشريعة.

 

وفي إطار ذي شأن أكَّد المفتي أن أيَّ نقطة انطلاق لتجديد الفقه والفتوى في هذا العصر لا بدَّ أن تتأسَّس على فَهْم عميق لهذا التراث العلمي الكبير، وإدراك لأصوله ومعالمه الكلية التي كانت تحكم عقل المفتي والفقيه أثناء ممارسة عملية الاجتهاد أو الفتوى، وأنه ينبغي علينا في هذا الإطار العمل على استقراء ذلك التراث الفقهي من أجل الوصول إلى تجريد المناهج الاجتهادية التجديدية التي تعامل بها العلماء مع الوقائع المختلفة ضمن مجتمعات وثقافات وآفاق متباينة ومتعددة، وذلك دون انحصار في دائرة المسائل الجزئية التي ربما يتغير الاجتهاد فيها من عصر إلى عصر ومن واقع إلى واقع، وذلك يساعدنا بلا شك على تبنِّي مناهج علمية رصينة، تتيح لصناعة الفقه والفتوى أن تؤدي دَورها المنوط بها في حق الأفراد والمجتمعات المسلمة دون إحداث صدام أو إشكال.

وأضاف: إنه لا شك أن تلك المجتمعات تتطلع إلى وجود علماء قادرين على فهم الواقع فهمًا دقيقًا يستوعب الإشكاليات والتحديات التي تواجههم في هذا العصر، ويجتهد في حلِّ تلك المشكلات بطريقة تليق بتراثهم الفكري والفقهي، وهو أمر يتطلَّب جمع كلمة المؤسسات المنوطة بهذا الأمر من أجل صياغة مناهج إفتائية تراعي متطلبات الواقع المعاصر، وطبيعته التي تتَّسم بسرعة التأثير على الأفكار والسلوكيات البشرية، حيث يتَّسع مدى تأثيرها في عصر الذكاء الاصطناعي والتحولات الرقمية، وهو ما يحتاج إلى اجتهاد في معرفة الحكم الشرعي الذي ينبغي أن يتعبد المسلم ربه به، حتى يتعايش مع هذه المستجدات دون أن يفقد هُويته وخصوصيته، أو يمثِّل عائقًا أمام أي تقدم حضاري يخدم البشرية ويعزز أمنها وسلامها.

مظاهر التجديد


وفي نفس السياق، أكَّد المفتي أنَّ الفتوى هي أبرز مظاهر التجديد التي يتمتَّع بها الفقه الإسلامي، ولا يمكن أن تتحول إلى حالة من الجمود أو قلَّة الوعي التي تؤثر بطبيعة الحال على المجتمعات المسلمة، سواء في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، أو غيرها من المجتمعات التي تمثِّل الأقلياتُ المسلمةُ فيها جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، وإنما ينبغي أن يظهر أثر الفتوى في الحفاظ على استقرار تلك المجتمعات، وتعزيز الاندماج داخل المجتمع الإنساني برؤية فقهية مستنيرة، ومراعاة للخصائص الحضارية والعادات المجتمعية التي لا يرفضها الدين الحنيف، ولا تعارض القيم الأخلاقية المستقرة، وإذا لم تراعِ الفتوى ذلك الإطار الكليَّ تحولت إلى نافذة من نوافذ التشدد الذي يعصف بأمن وسلامة الأمم والشعوب.

وفي ختام كلمته، أشادَ فضيلة المفتي بالجهود التي تبذلها الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية لتعزيز فَهْمِ مناهج الفتوى التي تناسب العصر، وتأهيل العلماء القادرين على استعمال تلك المناهج الإفتائية الرصينة، والتعاون المثمر مع دار الإفتاء المصرية لتعميق التواصل بين المؤسسات الإفتائية المختلفة، من أجل التوصل إلى حلول مشتركة فيما يخصُّ التحديات التي تتعلَّق بمجال الفتوى، والاستفادة من التجارب والخبرات المتنوعة في التعامل مع الوقائع المتجددة في مختلف المجتمعات المسلمة.
كما ثمَّن جهودَ الشيخ راوي عين الدين رئيس مجلس شوري المفتين في روسيا الاتحادية وكل منسوبي الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، واختيارهم موضوع المؤتمر الذى يعبِّر عن الصلات الوثيقة والشراكة الحقيقية بين المؤسسات الدينية والإفتائية العالمية التي تعمل على صناعة خطاب ديني تجددي رشيد.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: شوقى علام مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء الإفتاء المجتمعات المسلمة

إقرأ أيضاً:

أمين الإفتاء: وعاشروهن بالمعروف ليست مجرد وصية بل أمر رباني

قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن قوله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" هو أمر إلهي موجه بالأساس للرجال، يلزمهم بحسن الصحبة والتعامل مع الزوجات وفقًا لتعاليم الدين وآداب الأخلاق والرحمة، حتى في أوقات النفور أو تقصير الزوجة.

أمين الفتوى يوضح معنى المعاشرة بالمعروف 

وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن هذا التوجيه لا يُفهم فقط كاستحباب، بل يحمل دلالة الوجوب في الحفاظ على الأسرة واستقرارها، مشيرًا إلى أن الآية الكريمة تأتي في سياق بناء المجتمع من داخله، من خلال ترسيخ قيم المودة والتغافل والاحترام في العلاقة الزوجية.

أمين الإفتاء يحذر: الحياة الزوجية ليست شهوة عابرةهل يجوز صيام شهر المحرَّم كاملًا؟.. دار الإفتاء تجيبرأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع غدا هلال المحرم لعام 1447أول المحرم الخميس أم الجمعة؟ ..نتيجة استطلاعه تحددها الإفتاءهل تصح صلاة المرأة إذا انكشفت قدماها؟ دار الإفتاء توضحهل أقضي الصلاة الجهرية سرا ؟.. الإفتاء توضح أسهل طريقة لقضاء الفوائت

وتابع أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية "المعاشرة بالمعروف معناها أن تتحمل الزوجة عند تقصيرها، وأن تتعامل معها بحب ورحمة حتى لو لم تكن في أفضل حالاتها، بل وحتى إذا شعرت ببعض الكراهة، لا ينبغي أن تظلمها أو تقصر في حقها، بل أحسن إليها وتغافل عما يضايقك".

وأشار إلى أن المعاني المستخلصة من كلام العلماء حول هذه الآية تتضمن: التحلي بالأخلاق الحميدة في التعامل، التغافل عن الزلات الصغيرة، عدم تحميل الزوجة ما لا تطيق، وتفادي الإحراج والتجريح أمام الآخرين أو الأبناء.

كما أكد أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن النبي ﷺ قال في الحديث الشريف: "إخوانكم خولكم، أطعموهم مما تطعمون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلّفوهم ما لا يطيقون، فإن كلّفتموهم فأعينوهم".

وشدد الشيخ عويضة على أن المعاشرة بالمعروف تشمل الكلمة الطيبة، النظرة الحنونة، الاحترام المتبادل، وستر العيوب، قائلًا: "لو شفت منها حاجة تحرجها أو تخجلها، تغافل عنها، وعديها. مش كل حاجة تتحسب وتتقال. الحياة الزوجية مش خصومة ولا تحقيق".

عويضة عثمان: من أكثر الأخطاء اختزال الحياة الزوجية في الإشباع الغريزي فقط

قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن من أكثر الأخطاء الشائعة اليوم أن تُختَزل الحياة الزوجية في الإشباع الغريزي فقط، مؤكدًا أن "هذا الجانب جزء بسيط جدًا من العلاقة، وليس هو جوهر الزواج أو أساسه".

وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء: "الحياة الزوجية لها أبعاد أعمق وأبقى، وعند مرض الزوج أو مرض الزوجة، أو مع التقدُّم في العمر، قد يتلاشى هذا الجانب الجسدي، ولكن ما يبقى هو الحب، والكلمة الطيبة، والابتسامة، والمودة، والدعم المعنوي".

طباعة شارك الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى دار الإفتاء الإفتاء وعاشروهن بالمعروف بناء المجتمع العلاقة الزوجية المعاشرة بالمعروف الزوجة

مقالات مشابهة

  • ما حكم لبس السلاسل الفضة للرجال؟.. أمين الفتوى يُجيب
  • المفتي حجازي: وثيقة دار الفتوى في راشيا نموذج يحتذى به على مستوى الوطن
  • ما حكم الزواج العرفي في العصر الحالي؟.. الإفتاء تحسم الجدل
  • دار الإفتاء توضح طريقة حساب زكاة المحاصيل الزراعية والنصاب الشرعي
  • ما الفرق بين الرهن والرهان؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • تعرف على السن القانوني لإصدار الفتوى في مصر
  • وزير الكهرباء يشارك بمؤتمر شنغهاي لدعم الطاقة المتجددة مع الصين
  • أمين الإفتاء يكشف أعظم حقوق الزوجة على الرجل
  • أمين الإفتاء: وعاشروهن بالمعروف ليست مجرد وصية بل أمر رباني
  • أمين الإفتاء يحذر: الحياة الزوجية ليست شهوة عابرة