كشفت تقارير صحفية أميركية نقلا عن مسؤولين أميركيين أن الرئيس جو باين أبلغ نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن واشنطن ستقدم عددا محدودا من صواريخ أتاكمز (ATACMS) أرض–أرض بعيدة المدى للمساعدة في الحرب مع روسيا. لكن البيت الأبيض لم يؤكد تلك التقارير. في غضون ذلك أعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتل جندي روسي جراء هجوم أوكراني بصواريخ مجنحة على مقر أسطولها في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم.

وأضافت الوزارة أن مقر أسطول البحر الأسود التاريخي تضرر جراء الهجوم، وأن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 5 صواريخ.

ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أن واشنطن ستزود الصواريخ المخصصة لأوكرانيا بقنابل عنقودية بدلا من رأس حربي واحد. وهذا إن تم فسيمنح أوكرانيا القدرة على استهداف مواقع القيادة ومخازن الذخيرة خلف الخطوط الأمامية الروسية. لكن المسؤولين الأميركيين أوضحوا أن هناك نقاشا بشأن نوع وعدد الصواريخ التي سيتم إرسالها إلى أوكرانيا.

ودأبت كييف على طلب صواريخ أتاكمز من حكومة بايدن للمساعدة في مهاجمة خطوط الإمداد والقواعد الجوية وشبكات القطارات وتعطيلها في الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا.

لكن البيت الأبيض لم يفصح عن أي قرار بخصوص صواريخ أتاكمز على الرغم من إعلانه تقديم حزمة مساعدة عسكرية لكييف بقيمة 325 مليون دولار والاستمرار في دعم كييف.

فما هي تلك الصواريخ التي تطالب بها أوكرانيا؟:

اسم أتاكمز هو اختصار لعبارة "نظام الصواريخ التكتيكية للجيش". هو نوع من صواريخ أرض-أرض موجهة وبعيدة المدى وشديدة الدقة. يبلغ طول صاروخ أتاكمز 3.98 أمتار. تقارب تكلفته 1.5 مليون دولار أميركي. تعد الذخائر المستخدمة في أتاكمز فعالة في تدمير المنشآت مثل المطارات ومنشآت الدعم، وبعض معدات الاتصال ومعدات الإطلاق. يبلغ نطاق استخدامها 300 كيلومتر، وتتجاوز سرعتها القصوى 3675 كيلومترا في الساعة توجه عن طريق الملاحة وبمساعدة نظام تحديد المواقع العالمي.

وفي كندا قال رئيس الوزراء جاستن ترودو الجمعة إن كندا ستقدم مساعدات عسكرية إضافية إلى أوكرانيا بقيمة 650 مليون دولار كندي (482 مليون دولار أميركي) على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، وذلك في كلمة أمام البرلمان الكندي خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للبلاد.


هجوم القرم

وفي التطورات الميدانية قال الناطق باسم قيادة القوات البحرية الأوكرانية دميترو بليتينتشوك للجزيرة إن الهجوم على مقر أسطول البحر الأسود الروسي لا يحمل أي رسائل رمزية وإن الهدف منه هو تدمير قدرات "العدو". وأكد أن "الهدف من هجماتنا هو تحرير أراضينا وليس تدمير روسيا".

من جانبها شددت المتحدثة باسم قيادة الجنوب بالجيش الأوكراني في تصريح للجزيرة أن ما تحتاجه كييف قدرات عسكرية تسمح لها بشن هجمات بعيدة المدى. وأكدت الاستمرار في تدمير "كل ما هو غير قانوني على أراضينا".

في المقابل قال فيكتور ليتوفكين -وهو ضابط احتياط بالبحرية الروسية- للجزيرة إن أوكرانيا ضربت ما وصفه برمز مهم بهجومها على مقر أسطول البحر الأسود بالقرم.

وفي بيان عبر تطبيق تليغرام، تبنى الجيش الأوكراني الهجوم الصاروخي على المقر الروسي ووصفه بالناجح.

من جهته، قال ميخائيل رازفوغاييف حاكم مدينة سيفاستوبول -حيث يقع مقر أسطول البحر الأسود الروسي- إن صاروخا أصاب المبنى، مما أدى لاندلاع حريق فيه، وبالتزامن تحدثت السلطات الموالية لموسكو في القرم عن 6 إصابات أخرى جراء القصف.

وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا للحريق الذي اندلع في المبنى، وتدخلت فرق الإطفاء للسيطرة على النيران.

وقال مسؤول روسي إن الهجوم الصاروخي على مقر أسطول البحر الأسود في شبه جزيرة القرم أعقبه هجوم إلكتروني "غير مسبوق" على المنطقة التي ضمتها روسيا إليها عام 2014.

وكثفت أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة ضرباتها على شبه جزيرة القرم بطائرات مسيّرة وصواريخ، معلنةً تدمير أنظمة دفاع جوي وحوض لبناء السفن وسفينتين هناك.

وترغب القوات الأوكرانية بتعطيل خطوط الإمداد الروسية ووضع حد للسيطرة العسكرية الروسية على البحر الأسود.


أهمية إستراتيجية

ويتمركز أسطول البحر الأسود الروسي في ميناء سيفاستوبول، وهو أحد مراكز قيادة العمليات الروسية ضد أوكرانيا.

وبالنظر إلى الأهمية الإستراتيجية لشبه جزيرة القرم للطرفين الروسي والأوكراني، فقد أصبحت قبلة الهجمات الأوكرانية الأشهر القليلة الماضية.

وتبلغ مساحة القرم 27 ألف كيلومتر مربع، ويعد موقعها متميزا، إذ يمتد عبر البحر الأسود وبحر آزوف ومضيق كيرتش، وتمتلك مدخلا نحو مضيقي البوسفور والدردنيل مرورا ببحري مرمرة وإيجه، وصولا إلى البحر المتوسط.

كما تشكل شبه جزيرة القرم أهمية إستراتيجية بالنسبة لروسيا، إذ تعد بوابتها الوحيدة للمياه الدافئة على البحر الأسود.

وتسمح موانئها للأسطول الحربي الروسي بتعزيز مكانته وقدراته العسكرية في قلب البحر الأسود، كما يسمح موقعها للصواريخ الروسية بتغطية الجزء الشرقي من أوروبا كاملا.

جبهات أخرى

يأتي هجوم القرم بينما تتواصل المعارك على عدة جبهات في أوكرانيا.

وقال الجيش الأوكراني إن قواته خاضت 26 اشتباكا مسلحا مع القوات الروسية في مختلف جبهات القتال الساعات الـ24 الماضية. وأضاف أن القوات الروسية أطلقت 59 صاروخا تجاه الأراضي الأوكرانية، في حين تصدت الدفاعات الجوية لـ38 منها.

وأكد الجيش الأوكراني تصديَه لهجمات روسية في محور باخموت. كما أكد استمرار تقدمه على محور زاباروجيا.

وفي تطور ميداني آخر، قالت وكالة الأنباء الأوكرانية إن 21 شخصا أصيبوا بجروح في قصف روسي استهدف مدينة كوراخوف في مقاطعة دونيتسك.

كما نشرت وسائل إعلام أوكرانية مقطع فيديو وصورا نقلتها عن جهاز الأمن الأوكراني، تظهر اشتعال النيران وآثار الدمار في مبان سكنية استهدفتها القوات الروسية في مقاطعة أوديسا جنوبي البلاد الليلة الماضية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مقر أسطول البحر الأسود صواریخ أتاکمز على مقر أسطول جزیرة القرم ملیون دولار

إقرأ أيضاً:

بين 'غدير' و'معراج'.. تفكيك محتويات الصندوق الأسود للحوثيين

في مؤتمر صحفي استثنائي عُقد بالساحل الغربي، كشفت المقاومة الوطنية اليمنية عن تفاصيل شحنة أسلحة إيرانية تم ضبطها في 27 يونيو الماضي، وُصفت بأنها "الأخطر" منذ اندلاع الحرب في اليمن. وقد سلطت الشحنة، بما تحويه من تقنيات متقدمة وصواريخ استراتيجية وطائرات مسيرة انتحارية، الضوء على مرحلة تصعيدية جديدة في الدعم الإيراني المباشر للحوثيين، مع ما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على الملاحة الدولية واستقرار الإقليم.

تضمنت الشحنة صواريخ بحرية من طراز "غدير"، ذات مدى يصل إلى 300 كيلومتر، وقادرة على حمل رؤوس متفجرة تزن نصف طن، وهو ما يعني قدرتها على استهداف السفن التجارية وناقلات النفط في عمق البحر الأحمر. كما شملت صواريخ "قدر 380" الموجهة بالرادار، والتي يصعب تشويشها، إلى جانب صواريخ "صقر 358" المحمولة جوًا والمخصصة لمواجهة الطيران العسكري على ارتفاعات متوسطة.

التحول الأخطر تمثل في إدخال طائرات "معراج 532" الانتحارية، ذات القدرة على تنفيذ هجمات جماعية متزامنة، اعتمادًا على نظام توجيه مزدوج عبر الأقمار الصناعية، وهي ذات التقنية المستخدمة سابقًا في استهداف منشآت نفطية سعودية.

جانب آخر من الخطورة تمثل في المضبوطات الإلكترونية، والتي شملت معدات تنصت وتجسس من نوع "سايفون"، إسرائيلية الصنع، وأجهزة حرب إلكترونية معقدة تشمل أنظمة تشويش واختراق وتحكم عن بعد، بالإضافة إلى أجهزة تضليل ملاحي (GPS spoofing) تستخدم للتشويش على الطائرات والسفن.

ظهور هذه المعدات في شحنة واحدة يكشف عن حجم التعقيد والتنوع في شبكة التهريب الإيرانية، ومدى اختراقها للعقوبات الدولية، بل وتعاونها مع وسطاء خارجيين – بمن فيهم شركات ومعدات من دول لا ترتبط رسميًا بطهران.

وفق ما أكد العميد صادق دويد، المتحدث الرسمي باسم المقاومة الوطنية، فإن هذه الأسلحة ليست موجهة ضد المقاتلين، بل هدفها "ذبح المدنيين وشل الاقتصاد العالمي"، مضيفًا أن إيران تكشف من خلال هذه الشحنة عن وجهها الحقيقي كمصدر تهديد مباشر للملاحة الدولية وأمن الطاقة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

ورأى محللون عسكريون أن إدخال صواريخ "غدير" إلى مسرح العمليات يعني تهديدًا صريحًا لحركة التجارة في باب المندب، إذ يمكن لهذه الصواريخ إغلاق المضيق الحيوي لأسابيع في حال استخدامها بشكل مكثف.

تمثل هذه الشحنة دليلًا ماديًا جديدًا على انتهاك طهران لقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 2231 المتعلق بحظر تصدير الأسلحة. وفي الوقت الذي تحاول فيه إيران تبرئة نفسها عبر التصريحات الدبلوماسية، فإن المعدات المضبوطة – ومنها صواريخ تحمل علامات إيرانية ومكونات إلكترونية ذات منشأ واضح – تقوّض تلك الادعاءات.

دعت المقاومة الوطنية، من خلال مؤتمرها، المجتمع الدولي إلى التعامل بجدية مع هذه التهديدات، عبر توسيع عمليات الاعتراض البحري في بحر العرب والبحر الأحمر، وفرض عقوبات "ذكية" على شبكات التهريب، خصوصًا تلك النشطة عبر سلطنة عُمان والسواحل اليمنية. كما طالب الخبراء بتسليح القوات الوطنية، وفي مقدمتها المقاومة، لتمكينها من التصدي لهذا النوع من التهديدات.

وتكشف هذه العملية عن تغير جوهري في طبيعة الحرب في اليمن، حيث تسعى إيران لنقل معركتها الإقليمية إلى السواحل اليمنية، مهددة الأمن البحري العالمي من خلال وكلائها الحوثيين. وإذا لم يُواجه هذا التصعيد بتحرك دولي حازم، فإن المنطقة قد تكون على أعتاب فوضى جديدة تتجاوز حدود اليمن، وتطال عمق التجارة العالمية وأمن الطاقة الدولي.

مقالات مشابهة

  • الحرب الروسية الأوكرانية: كتاب لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات يفوز بجائزة ثقافية لعام 2025
  • تدمير آلية وقصف تجمعات إسرائيلية بحي الشجاعية وجباليا
  • قائد أخمات الروسية: كييف ترمي بكل ثقلها لوقف التقدم الروسي باتجاه مقاطعة سومي
  • المعركة الأكثر دموية.. كيف صمدت أوكرانيا في وجه الزحف الروسي نحو بوكروفسك؟
  • فيينا تنتقد ترامب: قدّم القرم للرئيس بوتين «على طبق من فضة»!
  • محنةُ غزة... عيبٌ عربي
  • ترامب يدرس تقليص مهلة التوصل لوقف الحرب الروسية الأوكرانية
  • أسطول الحرية يؤكد استمرار محاولات كسر الحصار على غزة رغم اعتداءات الاحتلال
  • بين 'غدير' و'معراج'.. تفكيك محتويات الصندوق الأسود للحوثيين
  • الاحتلال يستعد لترحيل عدد من نشطاء أسطول حنظلة خلال الساعات القادمة