قررت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، التي اجتمعت في الرياض مؤخرًا، إدراج مواقع ذات حساسية سياسية في قائمة التراث العالمي. 

وتم اختيار موقع "مدرسة الميكانيكا" السابقة، التابعة للبحرية الأرجنتينية (ESMA)، التي تحولت الآن إلى متحف للذاكرة في بوينس آيرس.

معتقل للتعذيب

ووفقًا لصحيفة "آرت نيوز"، كان المتحف سابقًا مركزًا سريًا للاحتجاز والتعذيب والإبادة خلال فترة الديكتاتورية العسكرية في الأرجنتين من عام 1976 إلى عام 1983، وكان واحدًا من مئات المراكز السرية المستخدمة للاحتجاز والتعذيب في البلاد.

كونك امرأة 

أصبحت قصة آنا ماريا سوفيانتيني جزءًا من معرض المتحف الحالي بعنوان "كونك امرأة"، الذي بدأ عام 2019 ولا يزال يتوسع بإضافة المزيد من شهادات الناجين. يتضمن المعرض أفلامًا وصورًا فوتوغرافية وأرشيفًا للشهادات القضائية التي تم جمعها من أكثر من 130 ناجيًا في عام 1985، ويروي قصصًا عن حالات الاغتصاب والانتهاكات الأخرى التي تعرضوا لها.

تعبر سوفيانتيني، التي أدلت بشهادتها لأول مرة خلال محاكمة في عام 1985، عن أهمية الحديث عن ما حدث والدفاع عن الحقيقة والذاكرة والعدالة،وتشير إلى أن المتحف الآن يستقبل زوارًا وشبابًا ومنظمات حقوق الإنسان والفنون، وأن بعض الناجين وأفراد عائلات المفقودين قد عادوا للعمل في المتحف، وأن الحياة تبدأ في التعافي والتقدم بعد مرحلة الموت.

ذكرى صلاح السقا | رائد فن تحريك العرائس.. ومبدع الليلة الكبيرة أمسية ثقافية بالمتحف القبطى احتفالًا بالمولد النبوي 27 سبتمبر قائمة التراث العالمي

إدراج المتحف في قائمة التراث العالمي لليونسكو يعطيه حماية رمزية ومادية. ويعني ذلك أن الحكومة ستتحمل مسؤولية التأكيد على وقوع هذه الأحداث، وسيكون لدى العالم وعي أكبر بأهمية الحفاظ على الذاكرة الجماعية لمنع تكرار تلك الأحداث.

على الرغم من التوتر السياسي المحيط بهذا الموضوع، فإن هناك اتفاقًا اعلى أن المتحف يجب أن يكون جزءًا من التراث العالمي، مما يعزز الجهود الدولية للتذكير بما حدث في الماضي والعمل على تعزيز حقوق الإنسان والعدالة في المستقبل.

من الجدير بالذكر أن قائمة التراث العالمي لليونسكو تضم مواقع ثقافية وطبيعية ذات قيمة عالمية، وتهدف إلى حماية والحفاظ على تلك المواقع للأجيال الحالية والمستقبلية. يتم اختيار المواقع المدرجة في القائمة بناءً على معايير محددة تتعلق بالقيمة الثقافية والتاريخية والعلمية للموقع.

إدراج موقع مدرسة الميكانيكا في قائمة التراث العالمي يعني أنه سيتم تعزيز الوعي العالمي بأهمية الحفاظ على الذاكرة ومنع تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المستقبل. كما يعطي الناجين وأفراد عائلات المفقودين والضحايا إحساسًا بالعز والاعتراف بمعاناتهم وبذلك يساعد في عملية التآلف والشفاء.

من المهم أيضًا أن تتعاون الحكومة المحلية والمجتمع المحلي والمنظمات غير الحكومية للحفاظ على الموقع وتوفير الدعم اللازم للمتحف وبرامجه المختلفة. يجب أن يكون هناك جهود مستمرة لتوثيق الشهادات والأدلة والحفاظ على التاريخ المؤلم للموقع وتوثيقه للأجيال القادمة.

تعد إدارة وحماية المواقع التي تحمل تاريخًا حساسًا سياسيًا تحديًا، ولكنها ضرورية للحفاظ على الذاكرة الجماعية وتعزيز العدالة وحقوق الإنسان. من خلال استمرار الحوار والتعاون، يمكن للمجتمع الدولي أن يساهم في تحقيق هذه الأهداف.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: يونسكو التراث العالمي لليونسكو التراث العالمى قائمة التراث العالمى منظمة الأمم المتحدة للتربية قائمة التراث العالمی

إقرأ أيضاً:

رحلة عبر الزمن

لم يكن صباح ذلك اليوم عاديًا، فقد كنت على موعد مع تجربة طالما انتظرتها: زيارة المتحف المصرى الكبير، هذا الصرح المهيب الذى يحمل بين جدرانه عبق الحضارة المصرية وروعة التاريخ الإنسانى. ما إن اقتربت من بوابته الضخمة حتى شعرت بأننى على أعتاب عالم آخر، عالم يربط الماضى بالحاضر فى لوحة بصرية ومعرفية مذهلة.

بدأت رحلتى من الساحة الواسعة أمام المبنى، حيث يسيطر تمثال رمسيس الثانى على المشهد بوقاره وهيبته. كان المشهد مهيبًا لدرجة تدفع الزائر إلى التوقف والتأمل قبل الدخول. وبعد تجاوز بوابة الاستقبال، وجدت نفسى داخل بهو ضخم تتدفق فيه الإضاءة الطبيعية عبر التصميم الهندسى المبتكر، فى مزيج رائع بين الحداثة وروح الحضارة المصرية القديمة.

اتجهت أولًا نحو سلم الدَرّج العظيم (أو سلم الملوك كما أسميته فى مخيلتي) والذى يرتفع عبر ستة طوابق مهيبة، ويعمل كمعرض عمودى يربط بهو الدخول والقاعات العُليا. زخرفته رائعة: تتوزّع على جانبيه تماثيل ضخمة لملوك وملكات عبر العصور، بالإضافة إلى أعمدة ومعابد حجرية، فى أعماق عرضه، وتظهر تحف قبرية وسرادقات تعكس رحلة الحياة والموت فى مصر القديمة. من أعلى السلم، ينفتح مشهد مذهل على أهرامات الجيزة يربط الماضى العريق مباشرة بهندسة المكان الحديثة.

واصلت جولتى نحو قاعة الملك توت عنخ آمون، تلك القاعة التى تُعد قلب المتحف وأكثر أجنحته جذبًا للزوّار. لا يمكن وصف شعورى لحظة الوقوف أمام قناع الفرعون الذهبي؛ فقد بدا وكأنه يروى، بصمته الخاص، قصة شاب حكم مصر قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام. تتوزع مقتنيات المقبرة داخل القاعة بطريقة تسمح للزائر بفهم حياة الملك ومكانته، مستعينة بتقنيات عرض حديثة وشاشات تفاعلية تُثرى التجربة وتُقرّب المعلومات بطريقة ممتعة.

بعد ذلك، انتقلت إلى متحف مراكب الملك خوفو، حيث يُعرض مركب خوفو — أقدم وأضخم أثر خشبى عضوى محفوظ فى العالم، عرضه يُظهر تفاصيل مذهلة من خشب الأرز القديم، مجدّدة بعناية، تُجسد مهارة المصريين القدماء فى الحرف، وقد تم تصميم المكان خصيصًا ليستوعب حجم المركب الضخم، ما يمنح الزائر إحساسًا حيًّا بعظمة تاريخ مصر وعراقتها.

مع اقتراب الظهيرة، جلست فى إحدى الشرفات المطلة على أهرامات الجيزة، حيث اندمج التاريخ بجلاله مع الأفق المفتوح، فكانت لحظة تجمع بين الراحة والتأمل. ثم مررت بالمكتبة ومتاجر الهدايا التى تضم كتبًا ومجسمات فنية تعكس روح المتحف.

وفى النهاية؛ انتهى اليوم ولكنه ترك فى نفسى أثرًا لا يُنسى، ولم تكن تفاصيل الرحلة تكتمل إلا بالإشراف المميز للدكتورة شيماء لاشين التى حرصت على أن يعيش طلاب برنامج اللغة الفرنسية التخصصية بكلية الآداب جامعة المنصورة هذه الرحلة التاريخية العريقة فى إطار ربط مقررات البرنامج بالواقع العملى، والتنظيم الدقيق والسندوتشات اللذيذة للدكتورة داليا، وكان للإرشاد السياحى الذى قدمه الصديق دكتور محمد عبد المولى رونقه الخاص من خلال شرح مبسط مترابط لكل أجنحة المتحف وقطعه الأثرية، وكانت نظرات الفخر والإعجاب بحضارة امتدت لآلاف السنين، والتى ظهرت فى عيون مروان وأحمد وآية وداليا وميرنا وحنين وغيرهم من طلاب البرنامج، ما يثبت أن التاريخ لا يزال حيًا ينبض بالحكايات.

أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • لجنة أممية تؤكد ارتكاب الاحتلال للتعذيب المنظم ضد الأسرى الفلسطينيين
  • شهادة تكشف عن اغتصاب وتعذيب جنسي بحق صحفي فلسطيني داخل معتقل إسرائيلي
  • «الأحساء تستاهل».. 38 متطوعاً دولياً يحيون حرف الواحة ويوثقون تراثها العالمي
  • رحلة عبر الزمن
  • التراث وآفاق الاقتصاد
  • ترامب يعيد فتح ملف إدراج جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب داخل الولايات المتحدة
  • جيش الاحتلال يُحول منازل بطوباس إلى ثكنات للتعذيب
  • سعود بن صقر يستقبل مدير متحف القصر الإمبراطوري في الصين
  • رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام: الإعمار مشروع لإحياء الإنسان
  • وزارة الثقافة تتعاون مع الأمم المتحدة لـ«حماية التراث»